العدل والظلم ( 2 ) العدل والظلم في ميزان الإسلام ( 34 )
( بين العدل والظلم ) الحسبة ، الاحتساب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بين العدل والظلم
( بين العدل والظلم ) الحسبة ، الاحتساب ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بين العدل والظلم ( 9 )
من سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ودراسات وبحوث إسلاميّة أخرى ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان
وقد ذكرت من الحوادث التاريخية المتواترة ما يؤكد مدى قدرة الاحتلال على توظيف بعض فقهاء الطائفتين ( السنة والشيعة ) في مشاريعه الاستعمارية من خلال وكلائه وموظفيه ( من الحكّام ) الذين يستغلون بعض الفقهاء في استصدار الفتاوى لما يحقق غرض العدو المحتل لبلدان المسلمين .
وقد صارت هذه الشعارات ، ( كشعار : مذهب أهل السنة وسلف الأمة ، والتقيّة ، وعدم الخروج قبل ظهور الإمام المهدي ) تستغل اليوم أسوأ استغلال وأبشعه وأشنعه وأفظعه وأخنعه لترسيخ هذا الواقع الاستعماري الذي تورطت فيه بعض الحكومات فتورط معها فقهاؤها فاضطروا إلى تسويق الكفر البواح والفجور والزور وما يبرأ منه سلف الأمة وأئمة السنة بل وأئمة جميع المذاهب والطوائف الإسلاميّة !
ويقول : ومع أن تقريظ ذلك الشيخ الفقيه لشبهات صاحب الشبهات لم يتجاوز بضعة أسطر فقد تضمن من الشبه المصادمة لنصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة ما لا يخفى على من له أدنى اطلاع على أقوال ومذاهب الأئمة وسلف الأمة !
فقد جاء في التقريظ المذكور : فقد قرأت الردّ على الكاتب في أفكاره المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة في حثّه على الثورة على الحكام بحجة ما عندهم من المخالفات التي لا تصل إلى حدّ الكفر ، وأيضا حتى لو وصلت حدّ الكفر وليس عند المسلمين قوة يستطيعون بها إزالتهم دون مفاسد وسفك دماء وحدوث فساد أكبر كما رسم لنا النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المنهج الذي سار عليه علماء المسلمين في علاج هذه القضية عملا بسنة نبيهم وتجنبا لمنهج الخوارج والمعتزلة ، فوجدت هذا الردّ حسنا متمشيا على الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة وأئمتها .
فقد تضمن هذا التقريظ ما يلي :
أولا : تحريم الدعوة إلى الخروج على الحكومات الظالمة بدعوى أن ذلك مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة وأنه مذهب المعتزلة والخوارج .
ثانيا : أنه حتى لو كفرت هذه الحكومات وخرجت من الملة فإن الدعوة إلى الخروج والثورة عليها لا تجوز في حال عجز المسلمين وحدوث المفاسد وأن ذلك هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة وأهل السنة خلافا لمنهج المعتزلة والخوارج .
ثالثا : أن ما كتبه صاحب الشبهة والضلالة والمنكر من دعوة إلى الشرك والوثنية وتحكيم الطاغوت والرضا بحكمه وموالاته ونصرته .. كلّ ذلك وجده الشيخ متمشيا مع الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة ! كما في قول صاحب الشبهة والضلالة والمنكر : الكاتب جاء بما يضادّ الدين ودعوة المرسلين فكتابه كله يدعو إلى نزع يد الطاعة .
فصارت طاعة الطواغيت - الملحدين الذين يحكمون بغير شرع الله والطغاة اللادينيين والدهريين والماديين والمنافقين والإباحيين الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ممن يحاربون الله ورسوله وأولياءه وممن يصدق فيهم قوله تعالى : ( اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا ) ، بالإضافة إلى كونهم من الحكام المستبدين ( والظالمين الجائرين أو الفاسدين أو المستأثرين أو الفاسقين أو الغالّين أو السارقين أو المعتدين على دماء أو أموال أو أعراض أو حقوق المسلمين ) - هي الدين ودعوة المرسلين عند صاحب هذه الشبهات والضلالات والمنكرات وعند شيخه الذي قرظ شبهاته وضلالاته ومنكراته !
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ، و : ( كُنْتُمْ خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرَهُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، و : ( لُعِنَ الَّذينَ كَفَرُوا مِن بَني إسرائيلَ عَلى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِما عَصَوا وَّكَانُوا يَعتدُونَ * كَانُوا لا يَتَناهَونَ عَن مُّنكَرٍ فَعلَوهُ لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ ) ، و : ( فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ) ، و : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، و : ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) ، و : ( فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ، و : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، و : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، و : ( وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ) ، و : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) ، و : ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) .
الحسبة ، الاحتساب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، العدل والظلم ، العدل والظلم في ميزان الإسلام .
من : سلسلة العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ( ك : حقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعية ، والدماء ، والأموال العامّة والخاصّة ، والأعراض ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمعارضة ، والمقاومة ، والخروج ، والتغيير ، والثورة ، والحكم ، والسلطات ( التشريعية ، والتنفيذية ، والرقابية ، والقضائية ) ، والشورى ، والديمقراطية ، والاستئثار ، والاستبداد ، والطاعة ، والموالاة ، والفساد ، والفقر ، والبطالة ، والتشرّد ، وغيرها . ( دراسات وبحوث إسلامية ، ومقارنة ) . تأليف : عبدالله سعد اللحيدان . وهي غير خاصّة بوقت أو أحد أو حالة أو جهة ، مع إيراد أمثلة - حسب الحاجة - من التاريخ والواقع .
وحرصا على أن يبقى خيط هذه السلسلة العلمية متّصلا وطريق سيرها واضحا ، وأن أزوّد من يتابعها بكلّ ما يستجدّ فيها - إن شاء الله تعالى - أذكر التالي :
الجزء الأول من هذه السلسلة العلمية بدأته ب : آيات الظلم في القرآن الكريم ، وفي الجزء الثاني أضفت : الدعاء ، دعوة المظلوم ، الدعاء للمظلومين ، الدعاء على الظالمين .
وتقع هذه السلسلة في دائرة الهمّ الأساسي لمؤلفاتي السابقة ، وغيرها من الكتابات والنشاطات الثقافية والإعلامية ، وإن كان لكلّ منها مجاله ، أو تخصّصه ، الذي قد يختلف - في الشكل - عن الآخر .
والهدف : إبراء الذمّة ، ومساهمة بسيطة في استنتاج معيار واضح للعدل والظلم ، ونشر فكر وثقافة العدل واجتناب الظلم .
ولابد للعدل والظلم من معيار ، وإلّا كانت الأهواء والأغراض هي المعيار !
قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) .
وأوجز ما قلت في مقدّمات الأجزاء السابقة بالتالي :
سلسلة : العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .
القرآن الكريم ثمّ السنّة هما الأساس والمنطلق الأوّل ، والتأكيد على العلم الشرعي والدعوة والوعظ والتبليغ والاحتساب والإصلاح والدعاء وحثّ المظلوم على اللجوء إلى الله تعالى والتمسّك بأسباب زوال الظلم عنه .
وهذه الدراسات والبحوث ليست في علوم الدين فقط ، التي هي المصدر والمورد ، بل تشمل علوم اللغة والاقتصاد والاجتماع والطبيعة وغيرها .
وما تمّ نشره من هذه السلسلة - حتى الآن ، في أكثر من ألف وخمسمائة ( 1500 ) حلقة ( في اثنين وستين - 62 - مجموعة ) ، مع نشر الجزء الخامس - هو كتابات مبدئية موجزة وعرض تليه مناقشات لاحقة .
وبعد استيفاء ما يستجدّ ويرد من إضافات وملاحظات ، والتحقيق والمناقشة والتحرير والمراجعة ، واكتمال السلسلة ، سأقوم بتصنيفها وطباعتها إن شاء الله تعالى .
وأعترف بأنّ المواضيع كثيرة والقضايا كبيرة ، وأنّها تحتاج إلى بحوث ودراسات أشمل وأعمق ممّا نشرت حتى الآن ، لكن ذلك لا يمنع من محاولة الوصول إلى بعض الحقائق وتبيينها . قال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) .
وهذه السلسلة ، أعتمد فيها - بعد الله سبحانه وتعالى - على عشرات المصادر والمراجع ، وأبذل وسعي ، و ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) . ( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) .
سلسلة العدل والظلم ، ومواضيع وقضايا ذات صلة ، تأليف : عبدالله سعد اللحيدان .