تحدثَ صاحب الشمعدان أولاً :" سيدي ، كيف يجري الأمر ؟ " .
شبكَ [ السيد ] أصابعه أمامَ وجهه وابتسمَ بِهدوء :" جيد .. " واستطردَ قائلاً بينما امتدت يدُه تسحبُ الستة بطاقات الأولى من مجموعة الأوراق الموضوعة جانباً ، صفهم أمامهُ على المكتب وأخذَ يقلبهم واحدة تلوَ الأُخرى فيما يتحدث :" بطاقة الأحمق ، بطاقة الشيطان ، بطاقة الحظ ، بطاقة المشاعر ، بطاقة العبقري وأخيراً .. بطاقة الموت ! " .
إهتز الشمعدان أثرَ إرتجاف يده :" هذا .. لا أصدق ! .. مستحيل ! " .
وعلى أثرِ كلِماتِه إتسعت إبتسامة ذاكَ الرجُل بريبة وبللَ شفتيه بلسانه :" هذا يبدوا مُثيراً .. " ودخلَ في نوبةٍ مِن الضحك التي تبثُّ الرُعب في القلب . . .
بعيداً عن تلك البقعة الموحشة ، تحديداً في مبنىً ضخم حمل إسم " فيلفيسكو " ، تجول ذلك الرجُل حامِلاً بينَ يديه ملفاً مُتخماً بالأوراق ، وبين كُل ثانية وأُخرى كانَ يتوقف للحديث مع أحد العمال الأخرين ، العديد من الألآت إنتشرت في الداخل ، وَعند كُل آلة هُناكَ عددٌ لا بأسَ بهِ مِن العمال ذوي الزي الخاص بالمنظمة ، بنطالٌ رمادي ومعطفٌ طويلٌ أبيض ببضعةِ خطوطَ رمادية ، .. وصلَ الرجُل الثلاثيني ذو الشعر الأسود المثبت إلى الخلف ، والعينين الزمرديتين الواسعتين إلى مكتبِه ، كانَ بشوشَ الوجهِ باسم الثغر !
فتح الباب الباب ليتقدمَ ويغلقهُ مِن خلفه ، خطى بضعَ خطواتٍ حتى وصلَ إلى مكتبِه ، وضعَ الأوراق بشكلٍ منظم على المكتب وجلسَ ليراجعها مُجدداً , .. سُرعانَ ما فُتِحَ بابٌ آخر كانَ عن يمين المكتب ويبعد عنهُ بضعَ خطواتٍ وَحسب ! ..
أطلَّ مِنهُ شابٌ في منتصف العشرينات وهو يحُكُّ بيده النحيلة ؛ شعره الأسود القصير والمموج ، فيما أطلَّ النُعاس من عينيه البحريتين الناعستين ، وهو يتثاءب بِكسل .. :" [ لوبرتو ] ! لقد عدت ؟ هل جمعت .. " توقف ليتثاءب ثُمَ إستطردَ قائِلاً " .. الأوراق ؟ " .
تنهد [ لوبرتو ] ونهضَ حامِلاً الأوراق بينَ يديه ، تقدمَ وهوَ يُرتبها :" تقريباً .. بقيَ إثنتان أو ثلاث تقريباً ، سيد [ أرثر ] " .
إبتسمَ [ أرثر ] ليستلم الأوراق :" أشكُرك [ لوبرتو ] ! كُنتُ سأموت لولاك ! " أردف بعدَ تفكيرٍ أشعره بالإحباط " فعلاً .. سأموت ! " .
وضعَ [ لوبرتو ] يدهُ على كتِف سيده صغير السن ليقول بابتِسامة محاوِلاً مواساته :" لا بأس عليك ! لا بأ.. " .
قاطعهُ الرنين المُفاجئ لهاتف [ أرثر ] ذو النغمة الصاخِبة :" أوه ! عذراً ! " . أخرجَ الهاتف مِن جيبه تفقد الإسم [ لويس المنحوس ] ! ، أطلَّ [ لوبرتو ] برأسه ليقراء الإسم ، لحظتها شعر بشيءٍ مِن الإحباط ، والأسف وهو يقول :" سيدي ، لا يجعلك أن تسمي شقيقك الأصغر بمثل هذه الأسماء .. أنتَ تعرف .. " .
قاطعهُ [ أرثر ] بِملل :" بلآ بلآ " . إستطردَ وهوَ يضعُ الهاتف على أُذنِه :" لسَ وكأنهُ يُمانع ! إنهُ منحوسٌ بالكامِل .. " . أجابَ على الهاتف مازِحاً :" مرحباً [ لويس ] ! لا تقُل لي بأنكَ في المشفى ! " .
:" [ أ .. أرثر ] ! س..ساعدني ! " .
انتفضَ قلبُ [ أرثر ] وشعرَ بقشعريرةٍ تسري في جسدِه :" ما الخطب ؟ هل كُلُ شيءٍ بخير ؟! " .
بدى صوتهُ مُرتعِشاً لحظتها :" [ أر .. أرثر ] ! ساعدني أرجوك! هُناكَ أشخاصٌ مُريبون تسللوا إلى المنزِل عبرَ النافِذة وَ .. " . توقفَ عن الحديثِ فجأةً ، ووصلت بعضُ أصواتُ الرِجال إلى مسامِع [ أرثر ] الذي قالَ فوراً :" لا بأس .. إهدئ وأختبئ جيداً [ لويس ] ! سأتي حالاً !! " .
أغلقَ الخط ليُلقي بالأوراق على [ لوبرتو ] :" إهتمَ بِها لحينِ عودتي ، ولا تنسى أن تُدعوا أولئِكَ الخمسة إلى هُنا ! " .
نادى عليه [ لوبرتو ] محاولاً إستيقافه ليفهمَ ما الذي يجري فهوَ المسؤول عن هذين الشابين ، لكِن [ أرثر ] كانَ قد غادرَ قبلَ ذلِك ..
وضعَ [ لوبرتو ] الأوراقَ على المكتب " هل وقعت الخزانة فوقَ [ لويس ] مُجدداً ؟ .. لا أعتقد ذلِك " تذكرَ كلِماتِ [ أرثر ] ( إهدئ وأختبئ جيداً [ لويس ] ! سأتي حالاً !! ) . ليسَ كذلِك .. ليست الخِزانة! ، أحكم قبضتيه وضربَ المكتب بَقوة :" سُحقاً ! ما الذي يجري !!؟ " .
*الرجاء عدم الرد (: !