[ أكرهـــــــــك ]
توقفتُ للحظـة فـتوقف معيّ .. أخرجتُ ورقة أعطاني إياها ريو لـوصف المنزل من حقيبتــي السودآء الصغيـرة
- حآولت معرفة الطريق .. إلا أنني فآشلة بذآلك !!
أخذ الورقة منــي بفضول ثُم قآل بإبتسآمة وآسعة
- هكذآ إذًا !! .. هذا جيّد .. فنحنُ ذاهبان إلى نفس الوجهة !
تطآيرت علامات الإستفهام حول رأسي .. فأنا لم أفهم مايعنيـه هذآ فسألتُـه
- هل ستذهب لتلك الحفلـة ؟ أتعرف ريــو ؟
إلتفت إليّ وقآل مُتعجبًــا
- ريــو ؟ لآ إطلاقًــا !
أومأتُ بالإيجاب وعآد ليُحيطنــي بذرآعة كي يُصبغ وجهي بحُمرة الخجــل ، صرختُ مُتحاشية النظر إليه
- إبتعد قليلًا .. هذا مُزعج
- ألم تتمنــي قُربي في الســابق !
إلتفتُ إليه فرأيتهُ ينظر إلى عيني مُباشرة ويبتسم ، فقُلت بتحدٍ ونظراتٍ حادة
- أنت قُلتها .. في الســابق !
- لقد أصبحتِ عنيفةً جدًا .. مالذي غيّــركِ ؟
- لا شأن لكْ ..
- حسنًــا ..
صرخت فجأة صرخة ألم أفزعت آكيرا عندمــا ضغطت بقوة على قدمي المُصآبة من غير قصد .. فاغرورقت عينآي بالدموع وتوقفت عن المشيّ
- مابكِ ؟ تؤلمكِ ! هل ضغطتــي عليها بقوة ؟
- لا تسأل أسئلة كثيرة .. أنت مُزعج وثرثآر !
صمت آكيرا وهو ينظُــر إليّ بقلق .. تلك النظرآت لو أنها كانت في السآبق لجعلتنــي أطير فرحًا ، هه حسنًا هذا لا يُهم الآن !
فجأة شعرتُ أنني مُرتفعة عن الأرض .. كيف ذلك ؟
كُنت أنظر للأرض دون أن أستوعب مالذي يحُدث هنا وكيف إرتفعت !!
نظرتُ للأعلى لأرى وجه آكيرا قريبٌ جدًا من وجهي .. وينظُر لي بعينيه الواسعتين مُباشرة ..
صرخت مُعترضة أشد إعتراضٍ على ذلك .. كُنت أتحرك بعنف ودون هُدىَ
- إتركنــي ايها المُنحرف ... إتركــ ...
لم أُكمل صرآخي عندما أخذ يركض بسرعة جنونيــة وهو يقودنـي إلى الحفلة .. كما أعتقد !!
فلقد كُنت مُغمـِضةً عيناي ومُتشبثة به بقوة ، إنني ... خآئفة
شعرتُ بإن الهواء الذي كان يصطدم بوجهــي منذ قليل قد هدأ .. ففتحتُ عينآي لأنظر لما حولي
كُــنا نقـِف أمام بيت .. آه أقصد قصـــر كبير جدًا تتقدمه بوآبة عملآقـة يقف أمامهــا شخص .. لآبد أنه الحآرس !!
كان صوت المُوسيقـى الكلآسيكيـة يصدُر من دآخلـة .. لآبُد أنني قد وصلتُ للمكان المطلوب إذًا ..
نظرتُ إلى أكيرا ببرآءة وقُلت
- ألن تُنزلنــي ..
إبتسم وقآل بهدوء
- بلىَ ..
أنزلنــي آكيرآ بالقُرب من البوآبة أمام الحآرس الذي كان ينظُـر إلينآ باستغراب شديد ..
قآل أكيرآ بـجمود وفي نبرة صوته بعض الجديّة
- ألن تُدخلنا يا هذا ؟
- حـ .. حـاضر سيدي !!
- لكن ، ألا يجب أن أٌعطيه بطاقة الدعوة ؟ هكذا فقط !! أ ..
قآطعنــي أكيرا بإحاطتـه لخاصرتي مُجددًا وجذبي معه للمشي إلى الدآخل
نظرتُ من حولــي
كُنا نمشي في ممر يتوسط حديقـة وآسعة مُـلئت بالورود الحمرآء بشكل جذآب مما يدُب الرآحة في النفس .. كانت مُرتبة بشكل هآدئ وجميل جدًا
وكان يوجد شجــرة كبيــرة جدًا كثيرة الأغصآن في إحدى الزوايا عُلقت أُرجوحـة من الخشب بحبلٍ قوي على إحدى غصونها الكبيرة .. ظللتُ أنظُــر إليها لفترة .. أُعجبت بها كثيرًا
- مي نو ري !
سَرت القشعريرة المعتادة في جسدي عندما سمعت صوتهــا ..
نظرتُ إليها .. كانت تبدو مُختلفــة .. وجميلـــة جدًا !!
جعلت غرتها الشقراء تنسدل بنعومة على جانب وجهها الأيمن .. بينما جمعت شعرها كُلـه ليكون على كتفها الأيمن أيضًا .. وبعض المسآحيق أضفت نعومة وجمالاً على وجهها
كانت ترتدي فُستانًا بلونٍ وردي زُخرف بالأسود على جانبه الأيســر ..
إبتسمتُ رغمًــا عني وقُلت لها
- ريـــن .. تبدين مُختلفة ، وجميلة جدًا
أجابتني ببرود مُتوقع
- شُــكرًا .. لكنكِ تبدين
حَكت ذقنها بتفكيـر وهي تقترب مــني
- مُتشــردة
غضبت جدًا عندما سمعتُ ضحكة آكيرآ الواقف بجآنبي فدفعتُه بقووة عنـي إلا أنني أرجعتُه مرة أخرى بجآنبي بحركة لا إرادية خشية أن أسقُط
قُلت بإنكار
- هذا ليس مُضحكًـا
- أكيرآ .. مالذي فعلتــه بها ؟
نظرتُ إلى رين بتعجُب .. هل تعرفُــه ؟ كيف !!
- هل تعرفينــه ؟
- إنه أخي .. !
" هـــــــاه " !!! ... هل قالت لتوها أنه أخاها .. أم أنه خيّــل إلي ذلك
- تمزحين ؟
نظرتُ إليه من الأعلى إلى الأسفل بعدم تصديق وقُلت من جديد
- أنتِ حقًا تمزحين ، إذا كان هذا أخوكِ .. فهو أيضًا .. أخ ريو !
كيف لم ألحظ الشبـه بينهُمــا .. عينان بُنيتان .. وشعرٌ أشقر ، كما أنهُمـا مُتعجرفان ومغرورين .. آه ربآه !!
أردتُ أن أبتعد فجأة عنه .. أن أركُلـه فيطير بعيدًا جدًا عني .. إلا أنني لا أستطيع ذلك حاليًــا
- مي نو ري !! إن ريو متوتر جدًا بالدآخل .. فلقد تأخرتي ساعة كاملة ونصف أيضًا .. إن والدي غاضبٌ جدًا
إقتربت أكثر مني وأخذت تلتف حــولي وتنظر بعدم رضى
- هل ستُقابلينه وتدخلين الحفلة هكذا ؟
هزت رأسها نافية وقآلت تنظُــر إلى أكيرآ ببرود
- خُذها إلى غرفتــي يا أخي
كما حدث سابقًا .. إرتفعتُ للأعلى فجأة مما أثآر فزعــي .. إلا أنني هذه المرة لم أقاوم .. مع أنني أردتُ أن أوجه بعض الضربآت الموجعة إليه إلا أن ذلك لن ينفع الآن ولن يكون في صآلحي أيضًا
لهذا بقيت هادئــة .. حآولت قدر إستطاعتي أن أبقى صامتة لكنني تكلمتُ بعدوانية
- أنت كريه .. أنا أكرهُــك .. أكره من يقوم بتمثيل دور البطل الطيّــب الذي .... الذي ..
إحمر وجهــي بكامله عندما قآل بسُرعة
- يُنقذ حبيبتــه من الموت في آخر لحظة
قُلت وبالكاد أستطيع إخراج الحروف لأنطقها
- ها ها الموت .. مُضحك جدًا !!
إبتسم أكيرآ دون أن يُعلق بشيء بينما هو يأخذني إلى الجآنب الأيمن من ذلك القصــر الكبير ..
كان يوجد درج طويل بعض الشيء أعلاه باب خشبــي يقود إلى الداخل
فتحه بهدوء ودخلنــا ..
شهقت بدهشة عندمــا رأيت ذلك المكان الوآسع الأشبه بمطابخ المطاعم التي أراها في التلفاز عادة .. كان مليئًــا بالطباخين الذين يتحركون بسُرعة هُنا وهناك ..
إلتف الجميع حولنــا فجأة والبعض ينظُر بإستغراب والآخر بمـرح
- سيدي .. هل أنت بخير ؟ ومن هذه الآنسة ؟
- هل أنتما بخير
لم يُجبهم بشيء فقط إكتفى أكيرآ بهز رأسه إيجابًــا مع إبتسامة بسيطة على ثغره ثُم التوجه إلى إحدى الأبواب الخشبية الأخرى للخروج
أغلق البآب خلـفه ..
كان المكان حالك الظلآم وبآلكاد يُمكننـي الرؤيـة من الشموع المُعلقة على الجدآر .. كانت تُضفـي الى الممر الطويل الذي نمشي فيه بعض الرُعب الذي جعلني أشعر بالخوف الشديد
ها أنا ذا مع أكيرآ لوحدنــا .. وحدنــا ؟
شعرتُ بقلبــي يرتجف من بين ضلوعــي .. يدُق بسرعة جنونيـــة !!!
- يُمكننــي أن أسمع صوت قلبكِ الخآئف الآن .. لذلك توقفـي
- كآذب !
صرختُ بفزع وأنا أُمسك بمكان قلبي بقوة
ضحــِك ضحكة مُجلجلة أغضبتني كثيرًا ثم قال
- كُنت أمزح ، لكنكِ ترتجفين .. هل الجو بآرد أم أنكِ خائفة مني ؟ أنا لا أعُض .. كما أنني لستُ وحشًا !
- بلىَ .. أنت وحشٌ بهيئة بشــَر !
إبتسم دون تعليق ، هاهي عادتُه .. دائمًــا مايكتفي بالإبتسام كتعليق لطيف .. إلا أن ذلك يجعلنـي أتوتر وأشعر بالريبة والغرآبة ..
توقفنا فجأة فقُلت باستغراب
- ماذا ؟ لماذا توقفــت ؟
أنزلنــي بهدوء ثُم دفعنــي نحو الجدآر بقوة .. كانت توجد شمعة معلقة على الجدار فوقي .. وكان ضوؤها مسلطًا عليّ تمامًا
نظرتُ إليه إذ به يقف قريبًا جدًا مني .. حتى كاد يلتصق بي .. كان يضع يديه على الجدار ليمنعنـي من الحرآك .. وكأنني سأستطيع الهروب بتلك الحآلة !
قرّب وجهه مني كثيــرًا .. وكانت عيناه لا تنظرآن سـِوى لعينآي ..
قآل بهــدوء وصوتٍ مُخيف
- أشعر برغبــة في ...
أغمضتُ عينــي بقوة بحركة لا إرادية .. قلبــي ، هذا الصغير المسكين .. لقد تعــِب من هؤلاء الأغبياء الذين يجعلونه يخآف كثيرًا حتى يكاد يخرج لأراه مُلقى أمامي مُحاولاً الهروب .. لن ألومه لو حدث ذلك ! ..
إنتظرت كثيرًا .. مابه ؟ مالذي سيفعلُــه !!
فتحتُ عينــي لأراه واقفًــا أمامي يبتسم .. وأخذت إبتسامته في الاتساع شيئًا فشيئًا .. حتى أطلق ضحكةً قويــــة جدًا أجزم أن كُــل من بهذا البيت قد سمعها
نظرتُ إليه بغضب وقد إحمر وجهــي وأصبح كشُعلة من نآر فعلاً .. أشعُر بالإحراج الشديد .. إحراجٍ لم أشعُــر بمثله من قبل أبدًا .. !!!
أمسكتُ حقيبتــي السوداء ورميتُهــا عليه فأصابت صدره .. لابد أنها كانت كالدغدغة بالنسبة إليه !
- سُحقــًا لك أيها الحقيــر .. أيها الصرصـــور الطائر !
- ماذا .. ؟
كان يُمسك بطنــه ويبدو أنه عاجزٌ عن الكلام .. ذلك أفضل حقًا فلست مُستعدة لتلقـي الإهانات والتعليقــات السخيفة
تحاشيتُ النظر إليه بينما هو يُصوب سبابته إليّ ويضحك بشدة حتى دمعت عينآه ..
إنتظرتُــه حتى هدأ .. فقآل وفي نبرة صوته ضحكـة يُحاول كتمها
- إهه .. غُرفتها ، إنها خلفــي ..
إبتعد قليلًا فرأيت بابًا خشبــيًا كبآقي الأبواب السآبقة ..
نظرتُ إليه بعدوآنية .. وإقتربتُ من البآب ثم أمسكت بالمقبض وفتحتُــه ..
كانت الغُرفة واسعـــة جدًا مصبوغة باللون الأسود والبنفسجــي .. والأرضية باللونين نفسيهُمــا !!
لمـِحتُ رين تجلسُ على سريرهــا الكبيــر المُغطى بغطاءٍ أبيض بسيــط .. ما إن رأتني حتى وقفت بهدوء وقآلت مُشيرة بيدها إلى كُرسي موضوع أمام مرآة كبيرة
- آجلسي
تمثلتُ لأمرها وجلست على ذلك الكُرسي ..
رآحت تمشي بهدوء حيثُ توجد خزانة ملابس كبيــرة سوداء مُلصقة بالجدار
فتحتهــا فرأيتُ فسآتين كثيـــرة لا تُعد ولا تُحصى .. وكأنها خزانة إحدى المشآهير .. !!
كُنت فاغرة فآهي مذهولة .. هذا الكُم الهائل فقط لفتاة صغيرة واحدة !
أخذت تبحثُ وهي تُدندن بألحان أغنية لا أعرفها .. إلا أنها أعجبتني ..
- وجدتُـــه ! هيا ستلبسينــه دون إعتراض !
قُلت لها بتساؤل
- رين .. مقآسك يختلف عني .. فكيف ستُلبسيني إياه
قآلت ببرود وهي تنظُــر إلي بعينين واثقتين
- لقد إشتريتُه خصيصًا لكِ .. سيكون مُناسبًا تمامًا .. أنا واثقة !!
وقفتُ وابتسمتُ بخجل .. لم أعرف ماذا يمكنني أن أقول ، لذلك قد صمتْ وأخذتُه منها وإتجهتُ به إلى الحمآم ..
عــدة دقآئق قصيرة مرّت ثُم خرجت ..
كان فُستانًا أبيض طويـــل بدون أكمام .. رُغم بساطتـه في شكلـه وزخرفته إلا أنه كان مُذهلا .. بالنسبة لي !
إبتسمت رين بسرور .. إبتسامتها تلك كانت مُفاجأة بالنسبة لي .. لم تكُن مُرعبة كما هي العادة ، بل هي إبتسامةُ رِضى
أقبلت ناحيتــي بفرح وقآلت
- جيد جدًا .. بل مُمتــاز ! ، حسنًا .. الآن عودي من جديد إلى الكُرسي ..
فعلتُ كما قآلت وأصبحتُ مواجهة للمرآة الكبيـرة المُعلقة على الجدار ..
قُلت بفضول شديد وأنا أنظر إليها من خلال المرآة وهي تقف ورآئي
- ماذا الآن ؟ هل إنتهينا
- تمزحين ؟ نحنُ لم نبدأ بعد !
أمسكت بشعــري المُنسدل على كتفيّ بنعومة .. ثُم لا أعلم ! فلقد إستسلمتُ للنوم دون إدراكِ منيّ .. هكذآ فجأة !!
~
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ |