عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 07-03-2013, 05:02 PM
 
مي نو ري ..

فتحتُ عينــيّ بهدوء .. ونظرتُ من حولي إلى أن ثبت بصري على رين التي تنظُـر إليّ بابتسامة واسعة

- تبدين مُذهلــة ..

- هاه ؟

أبعدت نظري عنهــا ووقفتُ لأنظر إلى المرآة من أمامي ..

لقد جعّدت شعري بشكل جميــل جدًا وبسيط لا تعقيد فيه .. أما غرتي فبقيت مُنسدلة على جبينــي بنعومة ..

كما أنها وضعت أساور بسيطة بيضآء وفضية بيدي ..

بقيتُ أنظر بدهشة إلى نفسي ..

- هل هذه أنا ؟ أم أنني أحلُم

- تبدين رآئعــة ..

قُلت بفرح

- كثيــرًا .. ! هل يُمكنكِ أن تقرصيني ؟

صرخت بألم عندمــا قرصتني بقوة في يدي .. هيَ لم تفهم أنها كانت مُجرد مُزحـــة !

- بقي شيءٌ واحد ..

قُلت لها بتعجُب

- ماذا ؟ ماذا غير هذا كُــله !

- الحذآء يابلهاء !

ضحكت من جملتها تلك مع أنها كانت إهانة لي .. لكنها كانت مُضحكة نوعًا ما

- ريـــــــــن ألم تنتهـــ . . . .

رفعتُ رأسي لأنظُـــر لصآحب الصوت الذي عرفتـُه على الفور

- ريـــو

كان يقف خلف الباب مُمسكًا بالمقبض .. كان بابًا مُختلفًا غير الذي دخلتُ منه .. نظر إلي قليلًا بذهول ثم أُغلق الباب فجأةً وبقـــوة وكأنهُ قد رأىَ وحشًــا بشعًــا أراد الهروب منه .. مابه ذاك الغبيّ !

- لا تكترثي له يا مينــوري ... هيا سآخذُكِ إلى حيثُ القآعة

أمسكتُ يدها بتوتر وقُلت بقلق

- أنا خائفة .. لم يسبق لي أن فعلتُ ذلك وذهبتُ إلى حفلة كبيــرة !!

- مي نو ري .. مي نو ري ، لا تصبحي هكذا .. تحليّ ببعض الشجآعة

أومأت بالإيجاب .. وها نحنُ ذآ نتقدم سويةً وقلبي الخائف يدق بعُنف ..

أخذتُ أربت على صدري لتهدئة نفسي مع بعض كلمات التشجيع

- كفى كفى .. أنتِ قوية .. كوني هادئة ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


وصلنــآ أخيرًا .. ها نحنُ ذا نقف أمام بآب كبيـــر بُني قد نُقشت عليه زخآرف نبآتيـة بطريقة جميلـة

كان البآب مفتوحًــا قليلًا بحيثُ يُمكنني أن أنظر من خلاله إلى بعض الحضــور ..

أمسكت رين بيدي وجذبتنــي معهآ بعدمـا فتحت البآب كُلــه

ثم دخلنــا تلك القآعة الكبيـــرة جدًا ذات السقف الشآهق والأرضية الذهبيــة اللآمعـة ..

قد أثارت إعجآبي فعلاً بحيثُ أطلقت شهقـة لا إرادية تدُل على دهشتــي من مسآحة ذاك المكآن ..

وكأنه ... كأنه إحدى قصور الأمرآء !

بدون شعور مني أصبحتُ أقف وسط تلك القآعة بجانب رين .. هل أتخيل أم أنني ألفتُ النظر ؟ لــِمَ الجميعُ يحدق بي !

- ريــن .. هل الجميع يُحدق بي عليّ ؟

- نعم ..

آه يآرين ، تمنيتُ أن تقولي لا .. فأنا أكره ذلك .. ألا تستطيعين فهم ما أمُر به من خلال يدي التي ترتجف خوفًــا ورهبة ؟

ضغطت بيدها على يدي بقوة وراحت تسحبُنــي إلى حيثُ ... لا أعلم حقيقةً !

إلا أنني فجأة أصبحت أرىَ شخصًــا أعرفه من بعيد ... شخصًا نقترب منه خطوةً خطوة

وصلنآ إليه .. !

كان ريو قد صفف خُصلات شعره الذهبيــه إلى الورآء وإرتدى بزة رسميــة مع ربطة عُنق حمرآء .. بدى وسيمًــا جدًا بها !

ظللتْ وقتًــا طويلًا واقفة أمامه أنظُر إليهِ بشرود كالبلهاء .. ويبدو أنه كان في مثل حالتــي هذه .. فلقد كان فاغرًا فاهه وينظُر إليّ مُباشرة بنظرة غريبة مُندهشة كادت تخترقني !

- آحم ..

إلتفتُ إلى ذلك الصوت الرجولـي العميق ..

كان صوت رجل طويل بعض الشيء .. يُشبه ريو إلى حدٍ ما .. ذو عينين بُنيتين ضيقتين .. وشعرٍ بُني نآعم تخللته بعض الخُصلات البيضآء .. وبشرة قمحية

نظرتُ إلى رين ببلاهة التي بآدرت بمُبادلة نظراتي بالبرود .. لكنها سُرعان ماقالت وهي تمُد يدها لتُقدم لي ذاك الرجل

- مينوري .. إنه والدي ! ، والدي .. هذه هي مينوري التي حدثناك عنها ..

سرت قشعريرة جعلت جسدي كُله يهتز .. لا أعلم لـِمَ لكنه أثآر الرعب في قلبي ، رُبما بسبب نظراته الباردة المتفحصة التي تُشبه كثيرًا نظرات إبنته !

حآولت الإبتسآم بشدة إلا أن إبتسامتي كانت مُتوتره وبلهاء ..

وجّه نظرة مُتفاخرة ينظر بها إلي من أعلاي حتى أسفلي ثُم قآل بعدما إرتشف قليلًا من كأس العصير الذي يحتضنه بين يده

- تشرفتُ بمعرفتك ..

قُلت بهدوء

- أنا أيضًــا ..

- مينـ ... ـوري

نظرت إلى الصوت الذي تحدث مُناديًا إسمي .. فلم يكن سوى ريو المُحمر بالكآمل !!

حدقتُ بوجهه دون أن أرمش حتى ..

دُفعت فجأةً إلى الأمام لأواجهه فأصبح قريبًا جدًا مني

إلتفتُ للورآء فوجدتُ رين تبتسم بشرٍ مُبعدة نظرآتها البآردة عني

عُدت للنظر إلى ريـو المُبتسم بهدوء فشعرت بإحراجٍ شديد وطأطأت رأسي خجلاً عابثة بأصابع يديّ بتوتر

أجبتُـه ببلاهه

- هاه !

ضحـِك بخـِفة وأمسك بعكازيه اللذان كان يُسندهُمـا عند حافة الطاولة الدائرية بجانبه

- تعآليّ معي ..

رفعتُ رأسي وقُلت لهُ بفضول

- أين ؟

هَز رأسه بمعنى أن ألحقه

- لا تتأخرآ

وُجّهت نظراتنا المُتعجبة إلى والد ريو آلذي تحدث قائلاً تلك الكلمة البسيطة بلهجة آمره

أومأنا بالإيجاب وإنطلق ريو مُسرعًا وأنا ألحقه بهدوء

وقفنآ أخيرًا أمام المكان المقصود ، أمام ستآرة حمرآء مُسدلة أمام نافذة طوييلة

وقف أمامهــا ثُم أزاح الستارة بهدوء وفتحهــا ثُم ترك الستارة لتُغطيها من جديد .. أما أنا فـوقفت أمامها دون حراك

- تعالــي يا مُهرجتــي

عقدتُ حاجباي بغضب فأسرعتُ إليه وفتحتُ فمي لأصرُخ قائلة " لا تقل مُهرجة أيها المتخلف " .. إلا أن كل تلك الحروف تبخرت !

فغرت فاهي بدهشـة عندما رأيت ذلك المنظر العجيب ..

كان ريو يستند على حافة السور الذي كان يُحيط الشرفة من الخارج مُرخيًا ساعديه عليه .. ومُميلاً رأسه إلى الخلف ينظر إلى القمر المُكتمل الذي سلّط ضوءه الأبيض على شعره الذهبي

كان المنظر جميلاً جدًا .. لقد راودتني فكرة أنه أمير في احدى القصص الخيآلية لوهلــة !

إقتربت بهدوء إليه .. وفي كُل خطوة كان قلبي يدق معها بقوة لدرجة شعوري به يكاد يخرج ... كما هي العآدة !!

- مينـــوري

توقفتُ .. توقفتُ لألتقط أنفاسي التي تكاد تختفي شيئًا فشيئًا .. أشعُر بالإختناق ، وشعورٍ غريب جدًا ... أريد أن أبكي ، فهذا غريبٌ حتى أني لا أعرف لـِمَ أشعر بذلك

- نـ ... نعم !

رفع رأسه ونظر إليّ مُبآشرة .. كان يُحدق فيّ بجدية

كانت عينآه تلمعآن ببريق مُذهل .. لذلك بقيت فترة طويلـة أحدق فيهما دون أن ألتفت لغيرهمــا

أخذت أقترب منه بهدوء حتى توقفت عندما قآل

- أنا أُحبـــكِ

لـ ... لـحظــة !

لقد توقف قلبــي .. نعم توقف ، هذه المرة أنا أتكلم بجديّــة .. أو أنه قد خرج فعلاً وهرب .. فأنا لا أحس به

ها أنا ذا أضع يدي عليه .. لا نبض !!

حسنًا هذا الشعور فعلاً يكاد يقتلنــي ..

- وأنتِ ؟

- ماذا ؟

هذا ما استطعت قولـه .. حتى إني بالكاد قُلت تلك الكلمة .. صوتي لا أستطيع إخراجه .. هل فقدتُ صوتي أيضًا مع قلبي ؟ أشعر بأني أغبى الفتيات في هذا العالم بهذه اللحظة !!

أخفض ريو رأسه وأخذ يعبث بشعره الأشقر لتتجمع خصلاته المُبعثرة على وجهه بنعومة فتُغطي عينيــه الساحرتين

ثُم أطلق ضحكة مستهتره وقآل بتوتر

- لا شيء .. تجاهلي ماقُلته توًا !

رفع رأسه وابتسم إبتسامة واسعـة ثم أخذ عكازيـه وإبتعد عنيّ .. ذهب دون أن أشعُر .. لقد كُنت أنظر إلى نفس المكان الذي كان مُستندًا عليه قبل قليل

أتجاهل ماقاله ؟ أتجاهله هكذا فقط ....

إلتفتُ إليه فإذ به رحل .. إختفى في غمضة عين ،

إغرورقت عينآي بالدموع .. حاولت التماسُك حتى لا أفسد زينتــي إلا أنني لم أستطع !

لن أخفي على نفسي ذلك .. لقد تمنيتُ سماعها منذ فترة .. لقد تمنيتُ فعلاً أن لا أكون وحدي ضحية الحُب هنا .. وأن أتألم وحدي !

عندمــا أوشكت هذه الأُمنية على التحقق .. أٌفسدت بنفس اللحظــة ... حمآقة ، فعلاً حمآقـــــة

سقطت أرضًا .. قدماي لم تعودا قادرتان على حملي .. نعم أنا مُنهاره .. !!

كنت لدقائق كالوردة الذابلة .. وعندما كُنت سأروى بالماء أخيرًا .. عُدت للذبول من جديد ... بل أصبحتُ ميتةً الآن !

- إنهضي ...

رفعتُ رأسي لأعلىَ فصُدمت بشدة

- آكيـ ... ـرآ

إقترب مني بخطواتٍ واثقة ثابتة وجلس على رُكبته قريبًا جدًا مني ثم رفع منديلاً كان بيده اليُمنى ومسح وجهي

- أنا آسف لمُرآقبتي لكما .. إلا أنني شعرتُ بإن شيئًا غير جيد سيحصل

ضحـِكتُ باستهزاء

- اوه حقًا ، تُريد أن تقنعنـي بإنه لم يكن فضولك من دفعك لتتبعنا !!

إبتسم ونظر للأعلى ثم قال مازحًا

- حسنًا ، رُبما

عقدتُ حاجباي بإنزعاج وعندما هممت بالصراخ في وجهه وضع سبابته على فمي ليمنعني ثم قال

- أنا لم أتتبعكِ بدافع الفضول ، لقد أُبهرت بكِ .. أنتِ تُشبهين ساندريلا ، كُنتِ بمظهر المتُشردة .. والآن أصبحتي كالأميـــرة الجميلة !

أصبح وجهي أحمر اللون بالكامل ويشتعل خجلاً وحاولت قول شيئًا إلا أني كنت أتلعثم كثيرًا حتى إستطعت قول كلمة واحدة

- أحمق

ضحــِك بقوة وساعدني على النهوض ..

قُلت بعصبية دون النظر إليه

- هـ ... هل أبدو .. كالباندا ؟

- كلا ..

- هذآ جيد

فوجئنا بوقوف ريو أمام الستارة ينظُــر إلينا بذهول

نظر إليّ بعينين يملؤهما الفضول ثُم قآل

- مينــوري !

لا أعلم لكنني شعرتُ بتأنيب الضمير .. وكأنني قد إقترفتُ خطأً كبيرًا .. كالخيانة مثلاً !!

قآل أكيرآ بابتسآمة واسعــة

- أنظر ريو .. لقد إلتقيت بإحدى مُعجباتي السابقات ، لقد كانت تعشقنــي .. وربما مازال قلبها معلقًا بيّ ..

جذبني إليه بقوة وأحاطني بذرآعه ثُم قآل بنبرة تحدٍ لريو

- وأظن أنني بدأت أعجب بها ..

نظرتُ إلى ريو وعندما حاولت إنكار كُل ماقاله هذا الخبيث لم أستطع ، شعرتُ بألم شديد في قدمي

طأطأت رأسي فإذ بذاك الأكيرآ يضغط بقدمه بقوة على قدمــي المُصابة ..

في كُل لحظه كان الألم يشتد بسبب قوة الضغط ..

فأخذت أتشبث به وأنا أغمض عينيّ بقوة

- فهـِمت ..

رفعتُ بصري إلى ريو لكنه إختفىَ ..

حملنــي اكيرآ وأنا أتأوه ألمًا وأبكي .. فالألم لا يُحتمل ، أردت توبيخــه إلا أن ذلك ليس بالوقت المُناسب أبدًا ..

سمعت همسه في أٌذني وهو يقول

- أنا آسف .. آسف جدًا

ضربت كتفه بقبضتي بقوة .. فقط آسف ؟ لن أسامحه أبدًا !!

خرجنآ بسُرعة من الشرفة ، لقد كان يحملنـي ويركض بي مُسرعًا جدًا إلى حيث لا أدري ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

رجعنــا إلى الحفلة مُجددًا .. لقد أخذني إلى المشفى ،وضربتــه كثيرًا حتى شعرتُ بالراحة .. لم أرحمه بصُرآخي وتوبيخــي بالطبع

حمدًا لله أنني لم أصب بكسر .. هذا ماكُنت خائفة منه كثيرًا ّ!

إلا أن هذا لا يعني بإن إصابتي سهلة .. وهذا بفضله ذاك الحقير طبعًا .. ومن غيره ؟ أكيرآ !

كُنت أستند عليه ويلفني بذراعه .. أود أن أحطم وجهه

كُنــا نقف في مكانٍ بعيد جدًا عن مكان جلوس ريو وعائلتـه .. كُنا نقف في إحدى زوايا تلك القاعة الواسعة المليئة بالحضور والخدم في كل مكان

إرتميتُ بكسلٍ على كُرسي إحدى الطاولات الموضوعة في تلك الزاوية وقُلت وأنا أنظر إلى الفراغ

- لــِمَ فعلت ذلك ؟

جلس هو الآخر على الكُرسي الذي يواجهنـي ثم قال مُلاعبًا وردة حمرآء بين يديه

- هكذآ .. سيكون أفضل للجميع

نظرتُ إليه بحقد وقُلت بعصبيـة

- إنني أُحبـــه .. كُنت سأقولها !!

قآل بلا مُبالاة

- لكنكِ لم تقوليهــا .. وأنا مُتأكد أنكِ لن تقوليهــا أبدًا

رفعتُ حاجبي بإستغراب شديد .. هذا الأكيرآ ، من يظن نفسه ؟

قآل بعد فترة صمت

- كفىَ .. هذا الشجار لن ينفع ، يجب أن تعودي إلى هُناك .. خلصي أخي من تلك البلهاء جين .. ! أنا فعلاً أشفق عليه

- إذًا .. إسمها جين هاه ؟

أومأ بالايجآب ووقف ليُساعدني على النهوض

كُنت أحاول قدر المستطاع أن أقف بثبات دون أن ألفت إنتباه الجميع بمشيتــي .. لكن لابد أن البعض قد لاحظ !

إقتربنــا كثيرًا منهم وعندمـا وقفت بالقُرب من ريو الذي كان جالسًا على كُرسي يواجهنــي .. أشاح ببصره عني بعيدًا

هذه الحركـة آلمتني كثيرًا !!

زفرت بقوة ثُم قلت بابتسامة مُزيفــة ..

- أنا آسفة على التأخير .. لقد طرأ أمر ما إضطرني على الذهاب .. لكن ها أنا ذا قد عُدت !

رأيت فتاة فائقة الجمــال تقف لتُحييني بابتسامة بسيطــة ..

ذآت شعرٍ أسود ناعم قصير وعينين جميلتيــن واسعتين بلونٍ رمادي جذآب

كانت ترتدي فُستانًا قصير ذو لون أسود ناسبها كثيرًا

إنها فعلاً جميلــة جدًا .. ويبدو أنها رقيقة أيضًا

- أنا جين .. سُررت بلقائك !

- مينــوري .. أنا أيضًــا

كانت الطاولة مليئة بالشباب .. أما والد ريو وجين فقد كانا يتحدثان بعيدًا عنّــا

كانت جين تجلس يسآر ريو .. وآكيرآ بيمينه .. ثُم أنا أجلس بجانب أكيرا بحيث أكون مواجهة لريو .. أما بجانبي فكانت رين ثُم بعدها شخص لا أعرفه ، لكن لا بد أنه أخوها .. فلديه نفس تلك النظرآت الثاقبة !

قال أكيرا بابتسآمة وهو ينظر إليّ

- بالمُناسبة ...

أشار نحو ذلك الشاب الذي يبدو أنه لم يتجاوز الخامسة والعشرين ثم قال

- لم أعرفك بهذا الشاب ، إنه أخي الكبيــر كيم ..

كان كيم ذو عينين بُنيتين داكنتين بعكس إخوته ، وذو شعرٍ بُني وبشرة قمحيـة كوالده .. و ملامح حادة وسيمــة كثيرًا

نظرتُ إليه وابتسمت بينما قال بإحترام

- سُعدت بلقائك

- أنا أيضًــا ..

فجأةً سمعتُ صوتًا أنثويًا قال بمرح وفرح غامر

- بالله عليكم ! ، أكره الرسميــة ، فلتتحدثوا عن شيء ما .. شيء يُضفي بعض المرح إلى هذه الحفلة المُملة !

رقيقة ؟ رُبما كُنت مخطئة بهذه .. !

قال أكيرآ بحماس

- مثل ماذا ؟

قالت جين بتفكيــر

- لنرقُص .. لكن ، أنا أكره الموسيقى الكلاسيكيـة .. لنجعلها موسيقى مثيــرة !!

وقف أكيرا وأمسك بيدها الممدودة ثم قالا سويةً بمرح

- لنذهب إذًا ..

إلتفتت جين إلى الورآء ونظرت إلى كيم بنظرة غريبة ثم قالت

- هيآ ، تعال معنا !

هز رأسه نفيًا وقآل ببرود

- شكرًا ..

وضع سيجارة مابين شفتيــه ثم وقف ليهُم بالذهاب

- سأكون بالخآرج !!

تركت جين يد أكيرا وذهبت ناحية كيم وأمسكت بذراعــه وجذبته معهــا مُرغمًا

- ستأتي معي .. لن أتركك تذهب بسهولــة

- أنتِ مُزعجــة يافتاة !

- لا بأس ، لست أول من يقول لي هذآ ..

- وهذه هي المُصيبـــة .. !!

ضحكت جين بقوة ورآحت مع الشابان اللذان توسطتهما .. كانت ترقص بينهما بسرور وكأنها طفلة بالثامنــة من عمرها

- سأذهب أنا أيضًا .. يجب عليّ الترحيب ببعض الضيوف ..

نظرتُ إليها بخوفٍ وترجي وقُلت

- كلا .. لا تتركينــي رين

نظرت إلي بهدوء وذهبت هي الأخرى دون أن تنبس ببنت شفة ... تلك المآكرة !!

نظرتُ إلى ريو الذي كان يُحدق بجين من بعيــد ثُم تكلم هامسًا

- لا أصدق أن هذه هي زوجة المستقبــل !!!!

زوجة المُستقبل ؟ .. آه ، غبية وكيف أنسى ! ..... سيكونان لبعضهما في النهاية ، لا أظن وجودي سيكون ذا معنى هُــنا

دمعت عيناي ألمًــا .. الآن فعلاً .. لقد شعرتُ بنفس ذاك الشعور الذي يتحدثون عنه ، عندما يُجرح قلبُــك وينزف دمًا ..

أبعدت وجهي بسُرعة عندما نظر ريو إليّ ببرود فجأة

ثُم سمعته وهو يتنهد بضجر وقال

- لا تجعلــي ماحدث يؤثر على علاقتنا .. أعني صداقتنا ، لازلنا أصدقاء .. صحيح ؟

" لا !!! .. لسنا أصدقاء ، لا أريد أن أكون صديقتك وحسب !! "

أردت أن أقول ذلك بصوتٍ عالٍ .. لكني لم أقوى على فعل ذلك واكتفيت بهز رأسي بالإيجاب

- هذا جيد ..

صمتنا فترة طويلــة .. وكنت طوال تلك الفترة ألعب بإصابع يدي بتوتر .. إلى أن سمعت صوته يقول

- ما علاقتكِ بأخي ... أكيرا ؟ كيف تعرفينـه

رفعتُ رأسي إلا أنني لم أنظر إليه .. لم أعد أستطيع فعل ذلك ، بمجرد أن تلتقي عينانا أحس بإنني أُبحر بداخلها .. ثُم أشعر بالخجل الشديد !!

- أنا .. أنا كُنت مُعجبــة به منذ آخر سنة لي في الإعدآدية .. عندما كان في الثانوية .. بالسنة الثانيـة ..

صمتْ قليلًا ثم عدت أقول

- ثم تشجعت لأعترف له .. في السنة المآضية .. إلا أنه قد رفضنـــي ، لم أكُن مميزة كما إعتقدت ..

- كما إعتقدتي ؟

أومأت بالإيجاب وقلت

- كُنا نقصد دائمًا متجرًا للحلويات عند الانتهاء من الدوام المدرسي .. ونلتقي هُناك ثم نذهب للحديقة سويةً ونتحدث .. كان يفهمُــني .. ويُساعدني في حل مُشكلاتي

إبتسمت بعدها رُغمًا عني .. تلك كانت ذكرياتٍ جميلة جدًا .. إلا أنني قد نسيتها تمامًا وقد تذكرتُها لتوي !

- فهمت .. وهل مازلتِ مُعجبــة به ؟

رفعتُ رأسي بسُرعة ونظرتُ إليه بذهول .. لقد كانت عيناه تحملان نفس تلك النظرآت الجدية التي رأيتها سابقًا ..

لكنه فجأة ضحك وقآل بـِمرَح

- لا عليكِ .. هذا لا يُهم ، يبدو بإنكِ فعلاً تُحبينــه .. كيف لي أن اسأل ، لا شأن لي .. صحيح ؟

أردت الإنكار والصُراخ بقولي ( كلا ليس كذلك !! ) إلا أنه قد قاطعني من جديد وقآل

- إنه محظوظ .. كون غبيــة مثلكِ قد أحبته ..

عقدتُ حاجباي بانزعاج وقُلت معترضة

- لستُ غبيــة

أمال ظهره للأمام وحمل ثقل وجهه بيده التي كان مُسندًا إياها بكوعه على الطاولة وقال مُبتسمًا

- بلى أنتِ كذلك ..

رفعتُ رأسي لأعلى وأغمضتُ عينــي وقلت بغضب

- أنت مُزعج

- رؤية وجهك المُنزعج يُعجبنــي ..

فتحتُ عيني ونظرت إليــه .. كان مُبتسمًا بهدوء ، كانت تلك إبتسامة إستثنائية .. مُختلفة ، حسنًا لا يمكنني وصفها !!

إبتسمتُ بخجل وقُلت بغير شعورٍ مني

- تُعجبنــي إبتسامتك

فتح عينيه ونظر إلي باستغراب شديد بينما قد إحمر وجهــي بشدة

- آه .. شكرًا ياصديقتــي !!

صديقتــي ؟ لــِمَ أشعر أن هذه الكلمـة كالطعنـة ؟ لم تُعجبنــي !!

- بالمُناسبة مينــوري .. مارأيُــكِ بجين ؟ هل أتزوجها

- كلا ..

قُلتها بتلقائية .. إندفعت رُغمًا عني .. لا يُمكننــي تركُه هكذا

عاد للنظر إلي بتعجُب وقال بفضول

- لــِمَ ؟

قُلت بتردد وأنا أبحث بعقلي عن أي عذر

- أ .. لأنها ... لأنها لا تُناسبك ، وتبدوا خرقاء كثيرًا .. كالأطفال !

حك ريو ذقنـه وقال بعد تفكير لفترة بسيطة

- أظن ذلك .. لكنها إلى حدٍ ما ... تُشبهـكِ

- كلا لا تُشبهنــي ..

- أمم حسنًا ، رُبما ! .. فأنتِ ذات شخصية غريبة .. مُتناقضة نوعًا ما .. وبصفاتٍ مُختلطـة ..

حككتُ خدي بغباء وقُلت وأنا أنظر إلى كأس الماء الموضوع بجانب يده

- رُبما ..

- بالمُناسبــة ..

رفعتُ رأسي لأواجه نظراتـه المُتعجبة وهو يقول

- لــِم لم تذهبي للرقص مع الحمقى ؟ مع أكيرا !

- لا أريد .. لا أعرف كيف أرقُص

ضحـِك ريو بخفة ثم عاد ليقول بجديّة

- كاذبة .. أنتِ لم تريدي ذلك لتبقي معي .. حتى لا أكون بمفردي ، أليس كذلك ؟ إن كان الأمر هكذا فاذهبي .. فلا بأس بالنسبة لي أن أجلس وحدي

هززت رأسي نفيًــا وقُلت بهدوء

- كلا .. أنا فعلاً لا أعرف كيف أرقص ، وأيضًا .. عندما كنت في طريقي إلى هُنا .. سقطت بقوة وأصبت بقدمي

صرخ ريو مذعورًا ووقف بمساعدة عكاز واحد وسحب إحدى الكرآسي وجلس بجانبي ثم أمسك بيديّ

- أصبتي ؟ حقًــا ؟ والآن .. هل قدمكِ بخير ؟ أتريدين الذهاب الى المشفى ؟ هل تؤلمــكِ ؟

نظرتُ إلى عينيــه اللتان بان فيهما الخوف والقلق الشديديــن .. هُو يُحبنــي بحق ... !

- أنا ....

- احم

نظرنا إلى صاحب ذلك الصوت الذي لم يكن سـِوى والد ريو وبجانبه والد جين أيضًا ..

حاولت إفلات يدي إلا أنه كان يُمسك بها بقوة وينظُر إلى والده بنظراتٍ ثاقبة غريبـة

إبتسم والد ريو وقال بهدوء

- ستُنقــل إلى مدرسة جيــن يا ريو !

وقفتُ بسرعة مذهولـة .. مصعوقة .. متفاجئــة ، سينقــل ؟

نظر إليّ والد جين مُبتسمًا ومد يده ليصافحني قائلاً

- لابد أنكِ مينــوري .. أنتِ جميلة جدًا كما قيل عنكِ !

نظرتُ إليه باشمئزآز وقرف .. لا أعرف لــِمَ فعلتُ ذلك .. حتى أنني فعلتُ هذا مع والد ريو أيضًا ثُم ركضتُ مبتعدة من بين صرخات ريو الذي كان يُناديني

هذا يكفــي .. لا أُريد تلقي صدماتٍ جديدة في هذا اليوم .. هذا يكفــــي !!!!

كانت دموعــي المحبوسة داخل عيني تحجب عني الرؤية .. لم أستطع رؤية أي شيء بوضوح أمامي ..

لقد كُنت أركض .. وأركض .. وأركض ، حتى أني لم أهتم بإصابتي .. ما أصاب قلبــي كان أعظم

لم أتوقف لحظة واحدة .. أحاول الهَرب .. الهرب من ماذا ؟ هه من الواقع !!

خرجتُ من حديقة منزلهم الكبيــرة ووصلت إلى الشآرع .. لقد كُنت أركض بغير هُدىَ .. ولا أعلم حتى أين أتجه ..

أتمنىَ فقط لو أن هذا مُجرد كابوس .. سأستيقظ منه بعد قليل .. أتمنى !!!!

وصلتُ إلى أحد الشوارع المهجورة .. كان الظلام حالكًا جدًا ولم يوجد بالمكان إلا عمود إنارة واحد إجتمعت حوله الحشرات يكاد ينطفئ

دخلتُ إحدى الأزقة وجلست .. أسندتُ ظهري على الجدار ثم أغمضت عيني

سمحتُ لدموعــي الآن بالنزول والبكاء بحرقــة ..

- عندما تعلقتُ به هكذا بسهولـة سيذهب ؟ هذا الشعور مؤلــــم ...

ضربتُ صدري بقوة وضممت رجليّ ثم وضعت رأسي بينهما

شعرتُ بشيء يسقط علي من الأعلى .. قطرة ماء !!

- مطر ؟ هل ستبكــي السماء مثلما أفعل الآن ..

أتمنىَ ذلك ... على الأقل هُنــالك من سيُشاركني الحُزن هنا ..

أخذ المطر يتساقط بغزارة بعدما كان لتوه عدة قطرات صغيــرة من المآء

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

فتحتُ عيني بهدوء .. شعرتُ بالفرح .. لابد أنه كان حُلمًا فقط !!

حككت عيني بقوة ثم نظرت حولــي .. لم يكُن حُلمًا أبدًا .. فها أنا ذا في هذا المكان القذر المُظلم عينــه ..

والساعة لم تتجاوز الواحدة فجرًا حتى ..

لكني أشعُر بشيء ما غريب فوقي .. ماهذا ؟

كان فوق رأسي معطف أسود إبتل قليلًا بماء المطر ..

إلتفتُ إلى تلك القدم الطويلة الممدودة لتصل إلى الجدار الآخر المواجه لي ..

رفعتُ رأسي لأرى وجهه البريء النائم بهدوء .. كانت خُصلاته الشقرآء قد إلتصقت به بنعومــة

كان يحتضنني بقوة وكأني شيء ثمين كالكنز لا يريد فقدانه .. كما خيّــل لي أنا ،، ويده التي أحاطني بهآ مُمسكة بمظلـة تُغطــي رأسي ..

أحطتُـه بذرآعي وتشبثت به بقــوة ..

لن أتركه أبدًا .. لن تأخذه فتاة غيـــري !!

بقيت فترة لم أعلم طولها أنظر إلى وجهه .. فتح عينيه فجأة ونظر إليّ

إعتدل بجلسته بسُرعة وقآل وهو يحتضن وجهي بيديه ويتحسسـه بخوف

- مينوري .. أنتِ بخير ؟ أنتِ على مايرام ! هل حدث شيء ؟ هل تأذيتي ؟ سقطتـي ؟ أ أ .. هـ

أبعدت يديه عني وقُلت ضاحكـة

- توقف .. أنا بخير

قال بقلق

- فعلاً ؟

أومأت بالإيجاب مُبتسمــة وقُلت ..

- لم أتوقع أنك ستلحق بي ..

تنهد بارتياح وأسند رأسه على الجدار وأغمض عينيه

- آه .. حمدًا لله

عاد للنظر إلي وقآل بهدوء

- كيف لي ألا ألحق بكِ .. لقد بحثت في كل مكانٍ حتى وجدتُك هنا .. لقد آلمنــي ذهابكِ بهذا الشكل .. حتى أن رجلاي قد تحركتا بتلقائية ..

إبتسمتُ دون أن أعلق بشيء .. أشعر بفرحــة كبيــرة .. جدًا !!!

قال ريو بتساؤل وهو ينظر إلى إبتسامتي العريضة

- مابكِ .. مالذي يجعلكِ تبتسمين هكذا كالمجانين ؟ لا تقولي لي أنكِ قد أصبتِ برأسك وجُننتــي

نظرتُ إليه بشر وقُلت وأنا أقترب منه

- رُبما ..

أخذ يبتعد عني بسُرعة يُمثل دور الخائف المرعوب وأنا أضحك بشدة

أخذ عكّازه الذي كان موضوعًا بجانبه .. ووقف فوقفت أنا أيضًا بمُساعدة الجدآر ..

- أعرف منزلًا لأحد أصدقائي هُنا .. لنذهب إليه !

قُلت له بتعجب

- حقًا ؟ هل يعيش أحد هنا ! .. يبدو لي المكان مهجورًا منذ فترة طويلــة

- إنه مهجور فعلاً إلا من شخصٍ مجنون وآحد

أحاطت علامات الإستفهام رأسي لكنني بقيت صامتة .. سأعرف قريبًا من يكون ذاك المجنون !


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

وقفنا أنا وريو أمام عمارة طويلــة مُظلمة بدت لي مهجورة فعلاً .. من المستحيل أن يعيش أحد فيها ..

- هل تمزح ريو ؟ لن يعيش أحد هنا سـِوى الجـِن

- نعم فصديقــي جنيّ ..

نظرتُ إليه بصدمـة وأخذ قلبي يدُق بعنف

- حقًا ؟

- غبيــة !!

رآح يمشي إلى داخل تلك العمآرة وهو يضحك بشدة تاركًا إياي خلفـة ..

تبعتُـه بهدوء وأنا أرفع فُستاني عن الأرض الرطبـة المُتسخة ..

- آه قذارة قذارة قذارة في كل مكان !!

- كُفي عن التذمر يا فتاة .. إقتربنا

وقف ريو أمام إحدى الأبواب الموجودة في داخل تلك العمارة .. طرق البآب بقوة حتى كاد يكسره

- كين .. كيــــــن إنه أنا ريو !! افتح الباب وإلا كسرتُه يا هذا !

فُــتح الباب بعد فترة قصيرة .. فإذ بي أرى كين فعلاً مما جعلني أصاب بدهشة كبيرة

نظر إليّ ببرود ثم إلى ريو ثم أغلق البآب بقوة ..

فتحــه من جديد ونظر إلينا بتعجب وقآل ببلاهة

- ريو ومينــوري ؟

دفعـه ريو جانبًا ودخل مُسرعًا ليرمي بكامل ثقلـه على إحدى الأرآئك الموجودة بالداخل

دخلتُ أنا الأخرى وجلست بجواره

أغلق كين البآب وأقفله ثُم قال وهو يشرب كوب قهـوة

كان شكله مُضحكًا جدًا .. شعرٌ مُبعثر أكثر من العادة .. ووجه شبه نائم وملابس رثـة غير مُنظمة أبدًا

- مالذي جاء بكُما إلى هُنا هكذا ... وأيضًا ، هل تزوجتُــما وحدث إنفجار ما أثناء زواجكما ؟ هل وقعت الحَرب ؟

نظرنا إلى بعضنــا .. نعم فهو يرتدي بزة رسمية سوداء وأنا فُستان أبيض .. وكلانا قد إتسخ وتلطخ وكأننا خرجنا من أحد المعارك للتو

ضحك ريو وقآل

- قـِصة طويلة .. سأحكيها لك ريثما تُعطي مينــوري ملابس ترتديها لكي تستحم

إكتفيت بالنظر إليه بإنزعاج دون تعليق .. فقال لي ببراءة

- ماذا ؟ أنتِ تحتاجين إلى ذلك .. وجهُك أصبح كوجه دُب الباندا !!

قال كين مُهدئًا للوضع بعدما وضع كوب القهوة أعلى التلفاز الذي كان أمامنا

- حسنًا حسنًا .. توقفا ..

نظر إلي ببرود وقال وهو يحك شعـره من الخلف

- إتبعينــي ..

وقفتُ وتبعته بهدوء إلى غُرفته ..

كانت شقته صغيــرة لا بأس بها كشقة لشاب عازب ..

ألقى قميصًا رمادي اللون يبدو واسعًا جدًا على سريره الكبيـر نوعًا ما وبنطال أسود طويل و واسع أيضًا

أشار إلى باب أبيض اللون ثم قال وهو يرمي منشفة بيضاء علي

- ذاك هو الحمام ..

ثُم نظر إليّ بنظرة خُبث مُرعبة

- لا يوجد مفآتيح .. لذلك كونــي حذِره !

قال جُملته الأخيرة تلك وخرَج بسُرعة بعدما أغلق الباب خلفـه

أخذتُ ملابسه بسرعة ودخلت إلى الحمآم ..

لقد كان يكذب .. هاهي ذا المفآتيح موجودة وقد أقفلت الباب بإحكام .. ذاك المُنحرف !!

نظرت إلى المرآة المعلقة فوق المغسلـة .. كُل مايمكنني قولة هو " ياللهـــول ! "

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

خرجتُ أخيرًا وأنا أشعُر بالإنتعاش .. لقد كان الأمس يومًا مُرعبًا جدًا ...

أزحت المنشفة عن شعري لأجعلها على كتفي فقط ..

ووقفت بشرود أمام باب الحمام لفترة إلى أن شعرتُ بأحدٍ ما يدخل الغرفة بهدوء

- إنتهيتِ إذًا ؟ هذا جيد .. لقد تأخرتِ فشعرت بالقلق عليكِ !

إبتسمتُ بهدوء وهززت رأسي بالايجاب

إقترب مني وقآل واضعًا يديه على كتفي

- أنتِ بخير ؟

- نعم ..

- جيــد .. هيا أخرجي حان دوري الآن !

نظرتُ إليه نظرة خاطفة وخرجت ُبسرعة بعدما تركتُ منشفة كين على سريره

رأيتُ كين جالسًا على الأريكة يقلب قنوات التلفاز بتملل ويشرب كوب القهوة

رفع بصره إلي ثُم عاد للنظر إلى التلفاز بعدما جلست بالآريكة التي على يمينه

- هل أخبرك ؟

هززت رأسي بالإيجاب كما فعل هو إجابةً على سؤالي

نظرت من حولي .. كانت شقة عادية جدًا .. وشبه فارغة .. جدار أبيض وأرآئك رمادية .. وساعة سوداء مُعلقة بالأعلى

لا أعلم لـِمَ .. لكني أشعر بإن كُــل ماحول كين مُظلم !!

سمعتُ صوت زقزقات عصافير بطنــي التي سببت إحراجًا شديدًا لي .. فنظرت إلى كين الذي رفع حاجبيه تعجبًا وهو يشرب قهوته ثُم انفجر ضاحكًا بينما وجهي قد إحمر بالكامل

- أنا لم آكل شيئًا منذ الأمس ..

ترك كين قهوته على الطاولة الشفافة التي كانت موضوعة أمامه ووقف مع إبتسامة بسيطة على فمه

- يُمكنكِ أن تتبعيني إن شئتِ ..

وقفت لأتبعــه إلى المطبخ ..

- حسنًا أنا لا أملك شيئًا في الحقيقة غير معكرونة سريعة التحضير .. ولحُسن الحظ لم يتبقى منها إلا على عددنا !

إبتسمت وقلت بسعادة

- مُصادفة جميلـة

قال لي مُمازحًا وهو يخرج العُلب من الدولاب المعلق بالأعلى

- ليس بالنسبة لي !

فترة بسيطة جدًا مرت وهو يُعده لنا .. حآول كسر الصمت الذي بيننا فقال بهدوء وهو ينظر إلى سخان الماء

- هل تُحبين ريـــو ؟

نظرتُ إليه بصدمــة .. لم أستطع النُطق بشيء .. لكنني حآولت أن أبذل جهدي

- أنا ...

إلتفتُ إلى الورآء فجأة فرأيت ريــو يقف واضعًا منشفة كين البيضاء على رأسه أمام باب المطبخ ينظر إلينا بجديّه ..

- أنا ...

عاد ذلك النبض العنيف من جديد .. عاد ذلك الشعور الغريب والمخيف إليّ .. كم أكره هذه الحآلة التي أمر بها !

أصبح التنفس صعبًــا .. وصورتــه وهو يقولها لي .. تلك الكلمة ، تُشوش على عقلــي ..

- أنا ...

إقترب ريو كثيــرًا مني حتى كاد يلتصق بي .. كانت نظراته غاضبة مُرعبة جدًا .. لأول مرة أراهــا !

- أنتِ ماذا ؟

- أكرهُــك !!

رد مع اقتباس