عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 07-03-2013, 05:03 PM
 
[ بدآية النهــاية ]


- أنتِ ماذا ؟

- أكرهُـــك !!

قالت تلك الكلمــة التي اخترقت قلبـي بعُنف لتُحدث فجوة كبيرة فيه .. أو رُبما جُرح عميق أخذ ينزف !

أغمضت عينيهـا العسليتين الواسعتيــن وأبعدت نظرها عني .. أما أنا فبقيت أنظُر بصدمة وعدم تصديق

حتى إن كانت لا تكن مشاعر الحُب نفسها التي أكنها لها ، سأتحمل ... لكن أن تكرهنــي هذا آخر ما كان سيخطر على البال !!

لم أشعُــر بما حولي سوى عندمـا ربت كين على كتفي وطبطب عليه .. كُنت أنظر إلى مكان وقوفهـا أمامي فترة طويلة

لقد أحببتُ فتاة في السـابق ، وتصرفاتي الخرقاء أدت إلى كُرههـا لي .. فحزنت كثيرًا لكنني في النهاية استطعت النسيان !

أما مينــوري .. مينـــوري !!

تلك الفتاة .. مُختلفة كثيرًا .. لو أن الجميـع قد كرهنــي .. فلا بأس ، لكن .. إلا هي ! لا أستطيع تحمل ذلك ولن أستطيع أبدًا !

خجلهــا وعفويتها يُميزانها ، حُمرة خديهــا تزيدها جمالاً .. وجهها الغاضب وعيونها اللامعـة التي أبحر في داخلهــا ..

صوتها الناعم عندمـا تُحدثني .. كل ذلك يجذبني إليها !

هل يُعقل أنها ... أنها فعلاً مازالت مُعجبة بأخي أكيرآ ؟

- ريــو ... ريو يا أخي !

- همم ؟

نظرتُ إليـه بعينين دامعتين تُحــاولان إخفاء ضعفــي ، هه .. لقد كُنت أتوقع دائمًــا إجابةً إيجابية ..

كُنت دائمًــا ما أحصل على الفتاة التي أريد .. أو أي شيء أريد

لكن هذه المرة ... لــِمَ هذه المرة عندمـا أحببتُ بصدق .. ؟

- خُــذ !

مد إلي عُلبة المعكرونة سريعة التحضير فرفضتهُــا بهزي لرأسي نفيًــا

- لستُ جائعًــا ..

ابتسم كين ووضعهــا جانبًا ثُم مشى بعيدًا عني وجلس على طاولـة المطبخ الصغيـرة ثُم قال رافعًـا حاجبيـه

- إذًا .. أحببتهــا فعلاً !

إلتفتْ للوراء بسُرعة ورفعت رأسي لأنظر إليه مُباشرة وقُلت بثقة

- أنا مُتــأكد من مشاعري ... أنا أحبهـا ، كثيرًا !!

إبتسم كين بثقة وأغمض عينيه ثُم قال ببرود

- من كان سيتوقع هذا .. كُنت تُريد إيقاعها في شباكك إلا أنك انت من وقع فيها !

فتح عينيه من جديد ونظر إلي و توسعت إبتسامتُه ثُم أردف

- حسنًا ... أنا أرى ذلك في عينيك .. لقد كُنت أشعر أن تلك الفتاة بالذات ستستطيع إمتلاكــك !

- ولـِمَ هي بالذات ؟

- لا أعلم .. لكن شيئًــا ما أنا ايضًــا يجذبني إليهـا

اتسعت عيناي دهشة وقُلت بصوتٍ مُرتفع

- كين .. هل تُحبهــا ؟

ضحك كين ببساطة وقال مُحركًــا يديه في الهواء نافيًا ذلك

- لا أقصد ذلك ، فهي كأختي الصغيـرة فقط

شعرتُ بالراحة فزفرتُ بعدمـا هدأ قلبي .. لقد أخذ يدق كقرع الطبول خوفًـا من أن يكون كين أيضًا واقعًا في حُبها !!

أخذت أجول بعينيّ في المكان حتى تركزتا في النهاية على كين المُبتسم وقُلت بهدوء غريب

- لن أترُكهــا .. ستكون لــيّ فقط ولن يحصل عليهـا غيري !

ضحـِك كين بقوة مما جعلنـي أستشيط غضبًـا وأقطب حاجباي إنزعاجًــا .. مالمُضحك بكلامي ؟

- حقًــا أنت شاب عجيب ، وتلك فتاة غريبة ... ثُنــائي أحمق !

تحولت نظراتي إلى الاستغراب والبلاهة فأنا لم أفهم مايعنيه كلام هذا الرجُل .. هو بحد ذاته لــُغز عجيب !

رُغم صداقتنا التي دامت فترة طويلـة .. إلا أنه مازال غامضًــا بشكلٍ كبير .. ولا أستطيع فهمه أحيانًا ،، ذلك يُشعرني بالتناقض .. لا أعلم كيف ؟

على كُلٍ ..

أنا لن أسمح لأحدٍ أبدًا أن يمتلك مينــوري ، لن تكون لأحدٍ سواي ... أنا أقسم على هذا !!

هي الوحيـدة التي يُمكنني تصور العيش معهـا طيلة حياتي .. لا أحد غيرهُــا


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

مرّت عدة شهورٍ طويلــة .. من بعد تلك الحفلة بأيام نُقلت إلى مدرسة للعامة ، مدرسة جيــن الخرقآء .. إنها كطفلة في الخامسة من عُمرها .

لم أُعد أبالي بأي شيء ... لا شيء يجذبني أو يُثير اهتمامي كالسابق ، ولا حتى الفتيات اللاتي كان جُـل اهتمامي بهُن فقط !

لقد اشتقت إليهــا .... اشتقتُ إلى شقاوتهـا ورؤية وجههـا الخجول !

مُن بعد ذلك اليوم الطويل .. تغيبت مينوري عن المدرسة عدة أيام حتى نُقلت إلى المدرسة الأخرى دون توديعهـا .. لم تسنح لي الفرصة لمُلاقاتها

مازالت كلمة ( أكرهُــك ) ترن في أذني .. مازلت أسمع صداهـا قبل نومـي ... والفجوة مازالت موجودة !

- ريــو !

لم أنتبه للكـُرة التي رُميت باتجـاهي حتى اصطدمت برأسي وسقطت أرضًــا

- سُحقـًا هذا مؤلم ..

ابتسمتُ رُغمًـا عني عندمـا قُلت كلمتها التي لطالما قالتهـا عند غضبـِها .. سُحقًــا !

إقترب " سانو " ضاحـِكًا ومد يده ليُساعدنـي على النهوض ..

كان هذا الشاب الطويل ذو العينين السوداوتين والشعر البُـني القصير مُجعد الأطراف صديقي المُقرب في هذه المدرسة ..

أصبحنا أصدقاء في فترة وجيزة وكان هذا جيدًا !

مَــد يدهُ للمُساعدة فأمسكتها ببرود دون أن أقول شيئًـا فبادر هو بالسؤال

- أنت بخير ؟

أومأت إيجابًــا وأنا ابتسم بهدوء

- ريــو .. لا تبدو بخير يُمكنك الإنصراف

إلتفتُ إلى المُدرب الذي كان يجلس على كُرسي كان موضوعًا أمام كراسي الجمهــور فرأيته ينظُر إليّ بجدية

أطرقتُ رأسي بمعنى الخضوع واتجهتُ إلى إحدى الكراسي التي وُضعت عليها منشفة بيضاء صغيرة خاصة بي .. أخذتها ومسحتُ بها وجهي المُتعرق ورقبتي

فعلاً أنا لستُ بخير .. تفكيري المتواصل بهـا سيقودني إلى الجنون !!

أطلقت تنهيدة تعب ونظرت خلفـي عندما شعرت بأنفاس أحدهم السريعة

- تبدو متعبًــا .. لنذهب معًـا

- كلا سانو .. أكمل التدريب ، فأنا بخير ... أحتاج لبعض الراحة فقط

نظر إليّ بعدم تصديق ثُم قال بصوتٍ مُرتفع مُحدثًــا المدرب

- سأرافق ريو إلى المنزل .. يُمكنني ذلك صحيح !

ابتسم المُدرب ببســاطة وهز رأسه بمعنى الموافقة فابتسمت أنا الآخر أيضًــا عندما رأيتُ سانو يحمل حقيبته الرياضية ويضعها على كتفـه

لم يكُن أي شخص في مدرسة جدي سيفعل هذآ .. فالكُــل يتمنى أن يُصبح الأفضل وأن لا يُضيع الفرصة .. فقط للتباهي ولفت الأنظآر !

رُبمــا .. حصلت الآن على صدآقة حقيقيـــة !!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

كُنــا نقود دراجاتنــا الهوائية قاصدين منزلــي .. أو منزل جين في الحقيقــة !

نعم ، فقد انتقلت للعيش معهــا ومع والديهــا مؤخرًا بما أن منزلـي بعيد عن هذه المدرسة .. هه أحد أوامــر والدي التي لا تُطــاق ..

أثنــاء حديثي مع سانو بشأن المُبــاراة التي سنخوضها ضد فريق إحدى المدارس قريبًـا ، مرت فتاة ذات شعرٍ أسود طويل بعض الشيء تركض بجانبي ..

لا أعلم لـِمَ .. لكنْ قلبي أخذ يدُق فجأةً بعُــنف ..

أوقفت دراجتي بسُــرعة ونظرتُ إليهــا فتوقف سانو أيضًا بجانبــي وقال مُتعجبًا

- ريو ... مابك لـِمَ توقفت فجأةً هكذا ؟

لم أُعره أدنى اهتمام بل أخذتُ أصرخ بصوتٍ عالٍ لمُناداة تلك الفتــاة

- مينــــوري !

توقفت تلك الفتــاة فجأة فناديتها ثانية .. إلا أنها بعد ذلك ركضت مُبتعدة مرة أخرى

قُدت دراجتي من جديد وأسرعت للوصول إليهــا ..

- مينُوري توقفــي .. أرجوكِ .. !

أوقفت دراجتــي أمامها بصعوبـة .. فسُرعتها خارقة !!

رفعت وجههـا لتنظُر إليّ مُقطبة حاجبيهــا بإنزعاج ، أزالت سماعات الأذن الموصولة بجهاز الموسيقى الخاص بها بانفعال وصرخت غاضبة

- مابــِك ؟ لـِم تعترض طريقي يا هذا ؟

طأطأت رأسي خجلاً .. وتحاشيت النظر إليهــا

مابــِك ياريو ؟ هل ستُلاحق جميع الفتيات ذوات الشعر الأسود فقط لأن مينوري تمتلك مثلـه ؟

أشعُــر بأني مُثير للشفقـة حقًــا ...

- أنا آسف ... ظننتُكِ فتاة أعرفها ..

أخذت السماعات البيضــاء التي أحتضنتها بين يديها وعاودت وضعها داخل أذنها دون أن تبالي .. وانطلقت تركُض من جديد !!

نظرتُ خلفـي .. بالتحديد إلى سانو الذي كان يبتسم بهدوء عندمـا وضع يدهُ على كتفـي

- هي بالتأكيد استحوذت على عقلك بالكامل !!

أطلقت تنهيدة تعب صاحبتهـا ابتسامة باهتة على شفتي فأطرقت رأسي بحزن .. لكنيّ مالبثت أن رفعتُه من جديد وفي عينيّ نظرة تفاؤل وحماس

- سأذهب إليهــا !

نظر إليّ سانو بنظرات مُندهشة ثُم مالبثت أن تحولت إلى مُشجعة تحُثني على ذلك

- فكرة جيّــدة ..

ضحكت بقوة وانطلقت مُسرعًــا إلى المنزل والهواء يصطدم بشعري الأشقــر بقوة ليجعل خصلاته تتطاير بعشوائية

- اعلم !!

ضحك سانو هو الآخر وقال مُحاولاً مُضاهاتي في سُرعتي

- مغــرور

زدت من سُرعتــي وصرخت بمرح

- لستُ كذلك !!!


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


- ريــو .. الغدآء !

- لا أريد ..

كان هذا صوت والدة جين الحنونة .. إن والديهــا يتعاملان معي بلطف بالغ .. كم هي محظوظة تلك الفتاة لإمتلاكها مثلهما !

كُنت أنزل الدرج بخطوات مسُــرعة لأستعد للخروج .. إنه يوم عُطلـة ، سأذهب بصُـحبة سانو وأصدقاءه إلى مدينة الملاهي

كُنت دائمًــا ما أرفض الخروج لكن إلى متى سأبقى على هذه الحال ؟ إلى متى سأظل كئيبًــا وأجلب التعاسة لمن حولي !

سأُبعد هذا الجوّ عنــي .. على الأقل ليوم وآحد .. لن أفكر فيها !

فُتح باب غرفـة جين فجأة وأخرجت منه رأسها المائل باستغراب

- إلى أين ؟

نظرتُ إليهــا بتعجُب وقلت بلا مُبالاة لوجود والديهــا

- ما شأنُــكِ ؟

رأيتُ ملامح الإنزعاج رُسمت على وجهها البريء ثُــم قلت وأنا أفتح الباب للخروج

- سأخرج مع أصدقائي ... سنذهب إلى الملاهي

فتحت باب غرفتهـا بقوة وأخذت تركض مُسرعة باتجـاهي وأمسكت باب الخروج الذي كُنت للتو أمسك مقبضه

- خُذنــي

صُدمت .. ، ليس لمُجرد سُرعتها الخارقة .. بل أيضًا لإمساكها ذراعـي فجأة ..

نظرتُ إلى عينيهــا الرماديتين اللتين كانتا تلمعان بحماس فقُلت بفضول

- لــِمَ ؟

- سأموت .. فعلاً ! لا أحد من صديقاتي سيقيم حفلـة .. ولن يخرجن ، لا أريد أن أحبس في المنزل أرجوك !

قلت لها ببرود بعدمـا أبعدت يدها عن ذراعي ومشيت

- اذهبـي لوحدِك

أوقفني بُكــاؤها الذي أزعجنـي وجعلني أتراجع خطوتين للوراء ثُم قلت بغضب

- هذا مُخجـِل .. خمسة شباب معهم فتاة واحدة !

مسحت دموعهــا وقالت بنبرة طفولية

- لا يُهمنــي .. أريد الخروج !

تنهدتُ باستيــاء .. دائمًــا ما أتراجع عن قراري بسبب هذه الدموع ... مع علمـي أنها كاذبة ، إلا أنه لا يُمكنني تركُهـا هكذا !


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


- ريو بالله عليك ! ألا يُمكنك أن تنتظرني قليلًا ريثما أنهي ربط خيوط حذائي .. لـِمَ العجلة ؟

أدخلتُ يداي داخل جيبيّ بنطالي ثُم زفرت بعُمق ووقفت ..

تُرىَ .. كيف سيكون الوضع إن كُنت بصُحبة مينــوري ؟ سيكون الجو صاخـِبًا بالتأكيد .. والشجار قائمًا طوال طريقنا !

- لـِمَ هذه الابتسامةُ الشاردة ؟

رفعتُ رأسي بسُرعة وأنا أنظر إليها بخجل وقد احمرت وجنتاي .. كم أنا أحمق ! ألم أقُل أنني سأكُف عن التفكير ؟!

- لا ، لا شيء .. هيا تحركي فقط !

- بالمُناسبـة .. ما أخبار مينــوري ؟ تلك الفتاة الجميلـة في الحفلة ... لا تزال صورتها محفوظة في ذهني

- أوه حقًا ؟ ... حقيقةً ، أنا لا أعلم

شهقت باندهاش وهي تنظُر إلي وقد توسعت عيناها تعجُبًــا

- كاذب ! ألا تُراسلها ، أو تُكلمها عبر الهاتِف ؟

هززت رأسي نفيًــا وأجبتُ بغضب

- كفىَ .. لا تسأليني عنها أبدًا .. لا تذكُريها إطلاقًـا !!

هَمت لقول شيءٍ ما .. لكن إستوقفها توقفي أمام مجموعة من الشبان والفتيات .. كُل شابٍ وفتاته !!

اقتربتُ منهم كثيرًا وقُلت باستغرابٍ شديد وتساؤل

- ماهذا ؟ ألم تُخبروني أنها رحلة لنا نحنُ الشُبان فقط .. لـِمَ كُل منكم أحضر فتاته معه ؟

تلونت وجوههُم بالحُمرة خجلاً فقال كُل منهم بعبارة موجزة .. أن فتاته أجبرته على حضورها ..

آه الفتيات !! يستطعن السيطرة علينــا بإسلوب ظالم .. لا نستطيع تحمُله ، فقط رؤية عيونهن تدمع تكسر فؤادنا .. فعلاً دموع المرأة سلاحٌ قويّ !!

رد مع اقتباس