عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 07-03-2013, 05:05 PM
 
- 17 -




( ريــو )


- آوه ، تقابلنا مُجددًا !

- منْ ؟ من أنت ... ثُم ماهذا الشيء الذي تضعُه بجانب رأسي ؟! أبعده يا هذا لم أدخُل للعب أريد البحث عن صديقتي !

ضربنـي المجهول بذاك الشيء الصُلب بقوة آلمتني جدًا مما جعلني أصرخ إلا أن يده قد كتمت صرختي

- ريو ، هل تذكُر حادثة المتجــر ؟ هه هل تذكُر " الأرنب " الذي وقفت أمامه كالبطَــل ؟

أخذ شريط الذكريات يلف داخل رأسي حتى وصل إلى ذلك الحدَث .. تذكرتُ تفاصيله كُلها ، عندما كُنت داخل غُرفة أشبه بالمخزَن مع مينوري !

توسعت عيناي إندهاشًا وصدمة .. أيعقل أن يكون هو ذاته ؟

- لا تقُل لي !

- بلىَ .. إنه أنا !!

كيف له أن يعرف إسمي ؟ بل بمكاني .. أيضًــا .. ماهذه الصدفة الغريبة ؟ كلا .. من غير المعقول أن تكون صدفة أصلاً !

قُلت بحدة وتساؤل

- هل .. بحثت عني ؟

- كلا .. أنا أعرِفك منذ أول لقاء ...

هممت بسؤاله عدة أسئلة حيّرتنـي كثيرًا .. لكـِن جوابه كان الضحِك فقط ! مما جعلني أستشيط غضبًا وأحاول مواجهته .. لكن المكان مُظلمٌ جدًا ، لا توجد سـِوى أنوار حمراء لا تُجدي نفعًا .. لا يُمكنني رؤيته !

شعرتُ بيده القويـة تُمسك بمعصمي وتلفني ليُصبح ظهري مُقابل ذاك الرجُل مرة أخرىَ ! ..

لف ذراعه بقوة حول رقبتــي وصوّب فوهة المسدس بجانب رأسي من جديد وقال بهمس

- إن نطقت بحرفٍ واحد .. أقسم أني سأقتُلك ، لن أتردد بهذا !

أخذت أختنق مما جعل الرّد عليهِ صعبًا .. ثُم شعرتُ بمنشفة تُغطي أنفــي وفمـي وكانت هي آخر ما أذكُره .. فمن بعد ذلك لم أشعُر أو أرى أي شيء على الإطلاق !!!






كانت الرؤية مُشوشَة بعض الشيء .. وعلى مسامعي يرن صوت هامس يُناديني باسمي

- ريو ... ريو أجبني ، إستفق أرجوك .. !

أغمضتُ عينيّ بقوة ثُم عاودت فتحهُما من جديد .. أردتُ أن أرفع يداي إلا أنني فوجئت بأنهما قد قُيدتا بحبال تمنعُني من ذلك !

كُنت أنظر حولي بدهشة .. ثُم نظرتُ إلى تلك الفتاة التي كانت على مايبدو مُقيدة أيضًا .. لم أستطِع رؤية وجهها فالمكان مُظلم .. لا تُنيره سـِوى شمعة مُتوسطة الحجم قريبة مني

كانت غُرفة ضيقة نوعًا ما .. كُنا أنا وتلك الفتاة نُقابل بعضنا البعض .. أي أنها كانت أمامي مُباشرة لكن مسافة طويلة تفصل بيننا

ميّزتُ أنها فتاة من حذائها الذي ترتديــه !

- ريو .. أَستيقظت ؟

هززتُ رأسي بالموافقة ثُم قلت بفضول

- جين ؟

- مـ .. مينوري !!

كلا ! ... مينوري ؟ ومالذي أتى بها إلى هُنا ؟

- أنتِ تمزحين !

- لستُ كذلك أيها الأخرق

- ولِمَ انتِ هُنــا ؟

- وما أدراني ! لقد لحـِقتُ بك عندما رأيتُك تدخل تلك اللعبــة .. وفجأة أصبحتُ هُنــا

أردفتُ بغضب

- وَلــِم تلحقين بي ؟

- كُنت أريد مُحادثتك ..

حَل الصمتُ بيننا .. لم أستطـِع قول شيء ولا أدري ماذا أقول فعلاً .. مُنذ فترة طويلـة لم نرَ بعضنا ، ثُم يكون لقاؤنا هكذا ؟

لا أعلم أي كارثة أخرى قد تجمعنا من جديد في المُستقبل أيضًا !!

فجأةً تذكرتُ ذلك المنظر الذي أغضبني كثيرًا .. عندما رأيتها مع أكيرا .. معًا يتحدثان بسرور .. وأيضًا يخرُجان سوية !!!!

- ريـو .. أنا ، أنا خائفة

- وما شأني أنا ؟

خرجَت تلك الكلمـة من فمي بنبرة حآدة وقاسيةٍ جدًا .. أعلم أنها جارحة ، لكن لا أحد يستطيع لومــي .. فالنيران تحرق قلبــي

أصبح الصمت سيد الموقِف من جديد فزفرتُ بضيق ، ونطقت بعدة كلمات عفويـة خرجت دون أن أشعُر

- أَتُحبينـــه ؟

....... انتظرتُ كثيرًا .. لا رد !

حسنًــا فهِمتُ الآن .. هي تُفضل أكيرآ ، تُحبــه .... لآ يُمكنني إجبارُها على محبتـي ، لكن لا يُمكنني أن أقبل بهذا .. لن أستطيع أن أكون كعادتي معها أبدًا !

فجأة أخذت أسمع صوت شهقآت .... تبكي ؟

- مينــوري .. أنتِ تبكين ؟

لآ رد ... لابُد أنها كانت تبكــي .. لكن مُنذ متى ؟ هل بسبب أني قُلت أنه لا شأن لي ؟ ..

توترتُ كثيرًا .. أنا لا أُحبها أن تبكــي .. هذا يؤلمنـي جدًا .. نظرتُ إلى حيث الشمعة بجانبي .. صحيح أنه لا يُمكنني أن أراها جيدًا .. ولكنني خجلتُ من أن أنظُر إليها

- آسف ... توقفــي

- لـِمَ تُعاملنـي بجفاء ؟ ولـِمَ تـِلك النظرة المُرعبة التي حدقت إلي بها عندما كُنت مع أكيرآ .. كانت مُخيفة ..

- تسألين لـِمَ ؟ أنا أُحبــكِ يا مينوري .. أُحبك .. بالطبع لن أقبل بإن تُحبين غيري ..

- أنا لن أُحب أحدًا غيرك

اتسعت حدقتا عينــي في إندهاش ... هل ما سمعتُه الآن كان مُجرد خيآل أم ماذا ؟ لقد جُننت .. هذا مؤكد !!!!

- ماذا ؟

أخذَت فجأة تتنفسُ بتوتر .. كان ذلك باديًا على صوت أنفاسهــا المُتسارعة ..

- وأكيــرا ؟

- مـِن المآضي !

- لكـِنكِ تخرُجين معه ؟

- بـِسَببـِك !

كانت كلماتُنا سريعة وتخرُج من أفواهـِنا بتلقائية .. إلى أن قالت أنه بسببي فتوقفت ، ماذا فعلت لها ؟

- إذًا تبحثين عن غيري بمُجرد أني رحلتُ مُرغمًا ؟

فاجأتني بصُراخهــا الذي خالطه بُكاء مرير وهي تقــول

- أحمق لقد قُلت أني لن أُحب غيرك .. ، لقَــد كُنت أتمشىَ ولا وجهة مُحددة لدي .. إلى أن قابلنـي أكيرا صُدفة ، وكان ذلك مـِن حُسن حظي .. فلقد إحتجتُ إلى من أكلمه فعلاً عن ما أمُر به

- ما تمُــرين به ؟

- لا تُقاطعني !

أسكتتني جُملتها تلك فهززتُ رأسي إيجابًا لتُكمل بعدما هدأت قليلًا لكنها مازالت مُنفعلةً بعض الشيء

- لقَد كُنت أفكر بك طوال اليوم ، حتىَ أن درجاتي قد تدنّت لأني لا أستطيع التركيز .. مكانُك خالٍ .. كُنت دائمًا ما أتذكر مواقفنا المُضحكة .. عندما كُنا نسحب كراسي بعضنا .. أو عندما تُزعجني بخربشتك على طاولتي

لقد كُنت كل يومٍ أنتظرُك لتُفــاجئني بقدومك .. أو لتزعجنـي بمقالبك ، حَتى صُدمت بأنك قد نُقلت .. هكذا أصبحتُ أشعُر أني بلا روح .. فعلاً ! لقد تدمرتُ كُليــًا !!!

و ... وذلك اليوم ، عندما أخبرتنـي بإنك تُحبني .. فرِحتُ كثيرًا ، وعزمت على إخبارك ... لكني لم أستطِـع ، أعلم .. حمقاء ، هذا ماتقوله في عقلـِك أليس كذلِـك ؟

كُل كلمـة مما قالت جعلتنــي أصدم .. لم أتوقع هذا ولم يخطُر على بالي أبدًا .. هذا أكبر من أن يتحملـه عقلـي حتى !!

- لكن ، ماذا عن قولكِ أنكِ تكرهينني ؟ مازال تأثير تلك الكلمة الجارحة يؤلمني

- لم أقصِدها ، لكن عـِندما كُنت تنظر إلي بتلك النظرات المُرعبة الحادة .. خـِفت كثيرًا ، فنطقتُ بها .. حتى أنا لا أعلم لـِمَ قُلتها ..

أنا لن أبكي ، لكن شعور الراحة العجيب الذي أحسست بهِ حينهـا .. جعل عيناي تدمعان ..

إذًا .. فمينــوري لي وحدي ، وهي لا تُحب سواي ... هي ليسَت لأخي الكريــه .. هي ، لي أنا !!!

أردتُ أن أقترِب إليها .. فما كانت لي من طريقة سوى الزحف على رُكبتي للوصول إليهــا ..

وصلتُ إلى مُنتصف المسافة .. شعرتُ بحاجة كبيرة إلى احتضانها ، صحيح أن يداي مُقيدتان .. لكن لا بأس حتى بالجلوس بجانبها

اقتربتُ إليها وأوشكتُ على الوصول إلى الجدار .. لكن ما أوقفنـي هو صرير الباب الذي فُتح فجأة وتسلل منه بعض النور إلى الغُرفة

- مالذي يحدُث هُنا .. إرجع إلى مكانك أيها الأخرق

- ما شأنُك ؟ و لـِمَ نحنُ هُنا ؟!

ضحـِك ذاك الشاب الغريب الذي دخل فجأةً ذو الشعر الأسود والعينين الخضراوتين وقال

- هوّن عليك ، بـِما أن والديكُما سيدفعان الدين .. سنُطلق سراحكما آمنين سآلمين ، لكن

ابتسم ابتسامة جانبيـة وقال بثقة

- إن لم يدفعا ، فستُقتلان ، على كُلٍ .. لا تحتاج إلى فهم الأمر لأن ذلك قد يُسبب لك صداعًا حاد كما هو الحال معي ! ، أنا سآخذ فتاتك لبعض الوقت .. سأُرجعها إليك عندما ينتهي موضوعنـا

ضحـِك بقوة ثُم أردف بـِشَر

- ولرُبما لن أفعَل !!

أمسَك بذراع مينــوري بقوة وجذبها ناحيته وهي تصرُخ معترضة مما أثار غضبـي ..

آه ... أشعُر بألمٍ فظيع برأسي .. لا ، ضغطــي بدأ يرتفع !!!

في الآونة الأخيرة لم أكن آخذ دوائي .. هذا ليس جيدًا

أردتُ الصُراخ .. أردتُ أن أفعَــل أي شيء .. ثُرت كالبُركان ..

- ماقصة الدين ؟ .... ولـِمَ هيَ ؟ خُذونــي أنا !!

عاود الضحـك بشكل مُستفز وأغلق الباب بعدما خَرج وظللت أسمع صوت قهقهآته وصُراخ مينـوري من خلفــه ..

ألم فظيييع .. لآ يُمكنني تحمُل هذا ..

استلقيت على الأرض وأغمضت عينيّ بهدوء .. هه وكيف أهدأ ومينــوري لا أعرف ما مصيرُها أو مالذي سيفعلونه بها ؟

أكاد أُجَــــن !!!!!!





( مينــوري )

- كلآ ... مالذي تُريدونــه مني ؟ أنا لم أفعل شيئًا .. ثُم من أنت ؟

ضغط ذلك الشاب على ذراعي بقوة وتوقف فتوقفت معــه فجأة

خِفت كثيرًا من لمعة الغضب التي ظهرت في عينيه الخضراوين فصمتِ خشية أن أقتل حقًا !

مشينا مسافة طويلـة في ممر ضيّق تُنيره شموع مُعلقة على جدرانه .. إنهُ يُشبـه الممر الذي يوجد في منزل ريو كثيرًا !!

وصلنا إلى بابٍ خشبي أيضًا يُشبه أبواب منزل ريو .. لكن من غير المعقــول أن أكون بـِه ؟

فتح ذلك الشاب المُخيف الباب وألقى بي بقوة على الأرض

دب الرُعب في قلبي وأخذ يدق بعُنف .. مالذي سيحِل بي ؟

- مينــوري ..

جدي .. إنه صوت جدي ! .. غير معقول ..

رفعتُ رأسي لأعلى لأراه واقفًا أمامي ويُساعدني على النهوض .. وكان بجانبة والد ريو و والد جين ... و جدُه أيضًا !! .. ومن ثُم نظرتُ إلى ما ورائهم فرأيت رجالاً كُثر يرتدون بزة رسمية سوداء

- مينوري يا ابنتي .. هل انتِ على مايُرام ؟ هل آذوكِ ؟

نظرتُ إلى الشاب الذي أحضرني إلى هُنا عندما تكلم دون أن ينظر إلينا وهو يُسند كتفه على الباب

- نحن لم نفعل لها شيئًا .. ولا تُثرثر كثيرًا كحفيدتك وأخبرها بالموضوع مُباشرة .. بات الأمر يُغضبني يا عجوز !

هز جدي رأسه بالموافقة دون التعليق .. ونظر إلي بنظرة رجاء لم أفهم مغزاها

- مينــوري .. يا ابنتي أنتِ أملُنا الوحيــد .. أنا فعلاً آسف !!

قُلت بتساؤل

- مالذي يجري ؟ فجأة من مدينة الملاهي أصبحتُ هُنــا

- سأخبُركِ بكُل شيء .. وأصغي إليّ جيدًا ..

حدقت في كُلٍ من والد جين و والد ريو وجده بفضول بينما بادلونـي نظرةً باردة ، ثُم عُدت ببصري أنظر إلى جدي وهززتُ رأسي موافقة حتى يُكمل

- إن والدا ريو وجين قد عقدا صفقـة لمشروع ضخم ظنا أن ربحهُما فيه أكيد ، لذلك تدينا لوالد هذا الشاب هُناك بمبلغ كبيــر جدًا .. حتى يرُداه بعد الربح

إلا أن ذلك لم يحدُث .. فخسـِرا الكثير ..

قاطعتُ جدي بفضول

- وما شأني أنا ؟

- آه ، عندما آخذوكِ .. ذهبَ كُلٌ من والد ريو وجين وأيضًا جده ليتأكدوا من ذلكِ .. وتبيّن لهُم أنه قد حدث خطأ ما .. ولحُسن الحظ أن صديقي يعرفُكِ جيدًا ، فاتصل بي وأخبرني بذلك .. وأتيتُ على الفور

تنحنح ثُم أكمل

- لقد ظنوا بأنكِ جين ، فخطفوكِ أنتِ وريو لتكونا رهائن حتى يرُدا الدين .. على كُلٍ ..

نظَر إلى عينيّ وأمسك بعضديّ بقوة

- لقد ترك لكِ والدُك ثروة كبيرة عندي قبل موتِــه ..

لم أعي ما قاله بدايةً على الإطلاق .. واكتست ملامح الغباء وجهي تمامًا فقال بعد تنهيدة قصيرة

- لقد أصرّ ألا أُخبركِ بهذا إلا عند بلوغك عشرين عامًا ، لكننا نحتاج إليكِ يا ابنتي .. كما أن جد ريو قد ساعدني كثيرًا من قبل ولا يُمكنني أن أقف الآن مكتوف اليدين عندما إحتاجني !!

أخذت أتنفس بعُمق وأغمضتُ عيناي وشعرتُ بالتوتر .. وشرعت أرتب كلامه في ذهني حتى أفهمه جيدًا وأتصرف بحـِكمة !

تقدّمتُ ناحية والد ريــو بثقة ووقفت أمامه ثم رفعتُ رأسي لأنظُر لعينيــه الباردتين

- سأقوم بالمُساعدة .. لكن بـِشرطٍ واحد !

رفع حاجـِبهُ إستغرابًا مما شجّعنـي على القول

- لا يُهمنـي المآل .. إن كُنت سأحصل على ريو !

ابتسَم وقال باستخفاف

- لم أفهم مايعنيهِ هذا ؟

- الأمر ليس صعبًا ، كُل ما أريده هو أن يكون ريو لي .. أي أن ينفصل عن جين .. فهو يُحبني .. وأنا كذلك !!

زم شفتيه وأغمض عينيــه .. ثُم استدار ناحية والد جين طالبًا عونــه ورأيه

ابتسم والد جيــن بحنان وقال يُخاطبنــي

- لكِ هذا ، كما أني لن أقبل أن تتزوج ابنتي بشــابٍ يكُن مشاعر الحُب لأخرى !!

وددتُ أن أقفـِز فرحًا إلا أن موقفنا الآن لا يسمحُ بذلك .. فاكتفيتُ بابتسامة واسعـة رُسمت على ثغري

شعرتُ بيدٍ توضَع على كتفـي الأيمن فرفعتُ رأسي لأرى جدي المُبتسم بدوره يغمز بـِمرح .. مما جعَل وجهي يُصبغ بالكامل بحُمرة الخجل

أدارنــي لأًصبح أمامهُ مباشرةً ثُم شدّني إليهِ بقوة وأحتضنني بدفء ..

حينها ضحِكتُ بسرور و وددت لو كان باستطاعتي أن أتشبث بهِ بقوة ولا أفلته أبدًا !

دمعت عيناي باكيةً بصمت ، اشتقتُ كثيرًا لضمـِه .. افتقدتُ هذا الإحساس الذي كان دائمًا مايُشعرني به عند حاجتي إليه

أتمنى لو تدوم هذه اللحظة إلى الأبد !

أبعدني عنه بهدوء ثُم وجّهنا أبصارنا جميعًا إلى ذلك الشاب ذو النظرة الثاقبة الواقف عند البــاب وقد فهم مغزى نظراتنا المُتفائلة تلك ..

بعد ذلك ... انطلقنا جميعُنا خلفه بعد إشارة منه بإن نتبعه ...

استوقفنــي جدّي قائلاً بجديّة

- لا تتحركــي .. سنحُل هذه المسألة وحدنا ، لذلك ابقيّ هنا ..

أردتُ ايقافه وإقناعة بذهابي معه إلا أنه أصر على بقائي .. فلم أُرد أن أطيل المسألة وهززت رأسي بالإيجاب مُرغمـة !!

بعدما ذهبوا .. جلستُ على كُرسيّ أحمـر زُينت أطرافه باللون الذهبيّ .. كما كان حالُ السقف والأرضية الذهبية الواسعة اللآمعــة

إنها تُشبه إلى حدٍ كبير القاعة التـي في منزل ريــو ..

وقفتُ مشدوهــة عندما ميّزتُهــا .. إنها فعلاً هيَ ، وهذا حقًا منزل ريو !! لا شك في ذلك .. فأنا أتذكر المكان جيّدًا

رُحت أركض ناحية الشُرفة التي كُنت بها مع ريو سابقًا .. عندما افصح عن حُبه لي ..

لكن يدُ رجلٍ قوية أوقفتنــي وجعلتني أتراجع عدة خطواتٍ للوراء

صرختُ مُزمجرة في وجهه

- ماذا .. أريد أن أراها فقط !

ضحـِك باستخفاف ثُم قال

- حقًا أيتها الطفلة الشرسة ؟ أم تُحاولين الهَرب فقط ؟

وددت لو كان باستطاعتي لكمُه بقوة .. لكني عاجزة عن ذلك ..

فتراجعتُ للوراء وقُلت بعُنف وقد صاحبت كلماتي نظرة مُستهزئة مُستحقِرة

- حسنًا .. خُذني إلى ريــو

ردّ عليّ بلهجة صارمة

- عودي للجلــوس على الكُرسي .. ورجاءً إبقي هادئة !

من بعدها .. بدأنا نقاشًا حادًا أنا وذاك الرجُل الأبله الضخم .. مالمُشكلة إن بقيتُ مع ريو ؟ سأكون محبوسة مع شخص أُحبـِه وأعرفه على الأقَل !

اقتربتُ كثيرًا منه وأوشكتُ على ركلـه بقوة على بطنه .. لكن صُراخ أحدهم من بعيد قد أوقفنـي !!

إلتفتُ للوراء فإذ بي أرى الشاب ذو العينين الخضراوين يُحدق إلي وشرار الغضب يتطاير من عينيـه .. مُفزع !!!

اقترب إلينا وحدّثنــي بهدوء

- مالأمر ؟

استدرتُ لأواجهه ثُم صرخت بطريقة عنيفة

- أريد رؤيـة ريو .. حالاً !!

- لكِ هذا ...

كان جوابُـه باردًا كحال نظراتـِه .. مما جعلني أهدأ قليلًا حتى لا أبدو بمنظر البلهاء .. مع أني أظن أنه قد بدوت كذلك قبل لحظات فعلاً !

عند طريقنا للعودة إلى تلك الغرفة التي حُبسنا بها من جديد .. أحببتُ أن أكسر حاجز الصمت بيننا بسؤال فضولي

- ما اسمُك يا هذا ؟

- لا شأن لكِ

أردفتُ ساخرة

- اسم جميــل !

عند وصولنــا إلى الغُرفة .. دفعتُ ذاك الشاب بغير قصدٍ مني عندما ركضتُ مُسرعة لأدفع الباب بقوة .. إلا أنهُ كان مُقفلاً بإحكام فلم يُفتح

أدرتُ رأسي للوراء وقلتُ مُتسائلة

- لـِمَ لا يفتح ؟ لا أذكر أنك أقفلتَه

عندما اقترب أخرج مفتاحًا فضيّ اللون من جيبه وقال

- أمرتُ أحد الرجال بإقفالهِ حتى لا يهرُب !

هززتُ رأسي تفهُمًا .. وما إن قام بفتح الباب حتى دخلتُ مُسرعة وجلستُ على الأرض أمام ريو الذي لم أستطع رؤية شيء منه سوى قدميه

طلبتُ من الشاب الغريب إحضار الشمعة بجانبي حتى أتمكن من الرؤيـة فاستجاب لما قُلت ..

كان ريو مُستلقيًــا على بطنــه ويُقابل وجهه الشمعة تمامًا ..

كان يبدو مُرهقًا وفي حالة غير جيدة البتة مما جعل قلبي يدُق كقرع الطبـول ..

دمعت عيناي وبدأ الخوف يتسلل إلى قلبي .. فكُلما ناديته لا يستجيب !!

بدأت أصرخ بوجه الشاب الواقف ورائي ليُنقذ ريو .. إلا أنه كان واضحًا أنه لا يعرف ماذا يفعل .. كما هو الحال معي !

أخذتُ أزحف بساقي لكي أصل إليه .. لكنّي توقفت بمُنتصف طريقي حينما اجهشتُ بالبُكاء

- أرجوك .. أنقذه .. إفعل شيئًا ، كل ... كُل هذا بسببكم !!

ازدرد لُعابه بصعوبـة ثُم أسرع إلى ريو وحملــه على ظهره .. ثُم انطلق مُسرعًا إلى الخارج تاركًا إياي في حالة يُرثى لها ...



( ريو )

بعَد شهرٍ من تلك الحادثة الفظيعـة اكتشفتُ أن ذاك الرجُل الذي صوّب المُسدس بجانب رأسي كان من رجال احد الأشخاص الذين توّرط معهُم والدي بسبب صفقة ..

هذه ليست المرة الأولى التي نمُر بها بمواقف شبيهة بهذه ..

على كُلٍ .. حمدًا لله أنهُم أسرعوا في حل المسألة وإلا لَكُنتُ انتيهت .. فلقد إرتفع ضغط دمي بشكلٍ كبيـــر جدًا و أسرعوا لأخذي إلى المشفىَ ..

- ريو هل تسمعُني ؟

إلتفتُ إلى مينوري التي كانت مُميلة رأسها لتنظُر إلي مُقطبةً حاجبيها باستغراب فقُلت بتردُد وأنا أضع قلمي مابين شفتي

- هاه ؟

زمجَرت بعصبية وحملقت فيّ بنظراتٍ ساخرة خالطها الغضب فقالت مُستهزئة

- فيمَ كُنت تُفكــر هاه ؟ أخبرني .. لقد كُنت تُحدق بهاناكو فترة طويلـة

ضحِكتُ بخفة وقُلت لها بابتسامة ماكرة

- هل تغاريـــن ؟

دمعت عيناي ضحِــكًا عندما رأيت وجهها يُصبغ بحُمرة الخجل وهي في أوج غضبها أيضًا .. صرخَت ثُم ضربتني بقوة بدفترها

- كلا .. لستُ كذلك .. لكن شرودك أثار فضولــي !!

زِدت ابتسامتي مكرًا وقُلت مُشيرًا إلى أنفها لأغيظها

- تغارين .. تغارين .. تغارين

فجأة شعَرنا بظل شخصٍ ما فوق رأسينا .. ما إن رفعناهُما حتى تلقينا ضرباتٍ موجِـعة بالمسطرة الطويلـة الخاصة بالأُستاذ !

صرخنا ألمًــا وقُلنا مُغتاظين في الوقت ذآته

- لـِمَ تفعل ذلك .. هذا مؤلم !

نظرنا إلى بعضنــا والشرر يتطاير من عينينا ثُم قُلنا معًا للمرة الثانية

- لا تُقلدنـــي !!

كُنا ننظر إلى بعضنـا بغَضب مُقطبين حاجبينا .. هكذا ظللنا فترة طويلة إلى أن سمعنا ضحكات قد علا صوتهــا أرجاء الفصل

نظرنا من حولـِنا فرأينا الجميع يُشير إلينا ويضحك بقوة حتىَ إحمر وجهينا من شدة الإحراج

- ريو ومينــوري ، أنتُما مُعاقبان ! ستأتيان إليّ في نهاية الدوام ..

أردتُ مُقاطعـته إلا أنه أسكتني بنظرة مُخيفـة جدًا .. إنها حَتى لا تُشبه نظرة أبي المُرعبة عندما يغضَب !

وكأن هذا ماينقُصنــي .. !!

لقد عُدت من جديد إلى مدرستي السابقة مع مينوري .. وقد رحّب الجميع بعودتي من جديد ترحيبًا حارًا .. أصبح عدد مُعجباتي يقل شيئًا فشيئًا بعدما انتشر خبر أن لديّ صديقة

أشعر ببعض الاستياء لهذا .. لن يُقدمن لي المأكولات التي أحبها بعد الآن ! لكن لا بأس إن كان ذلك أيضًا سيُريحنــي من جهة أخرى ...

أردت حقًا أن أبقى مع صديقي سانو ، لكن لا يُمكنني أن أتخلى عن مينوري المُشاكسة أبدًا

هذا بالطبع لا يعني أنني سأتخلى عنه .. بل أنا على إتصال شبه دائمٍ به ، هو أول صديق حقيقيّ لي على أي حال .. فلا يُمكنني التفريط به بسهولة
رد مع اقتباس