عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 07-03-2013, 10:46 PM
 
في قصر مزهو كبير أبيض لونه كأنه لؤلؤ مرصوف ومشكل بروعة خلابة طبيعية , كانت الشمس تميل للغروب و أحمرت السماء ببطء ثم تجمعت هناك و هناك سحاب خفيف داكن لونها تدعم السكون المحيط بالمكان ...
ظلت تراقب من شرفة الغرفة الفاخرة الحديقة , كانت ترى حارسين يمران , ثم عامل واحد يشذب الأزهار بعدها غادر , وبدأت الظلال تتسلل ببطء , أخيراً رأته !.
خيال الأمير يظهر ببطء من بين الأشجار و من خلفه الفرس الرائعة "سيلفرين" هادئة تسير و رأسه خلف ظهر سيدها الذي يبدو هادئا جداً و صامتاً .. مرا من أمامها نحو البوابة المدخل من الحديقة ..
هرعت تخرج من غرفتها بسرعة و تنزل الدرجات , تتذكر ماقاله "نايتـل" الأمير الصديق بشأن خطوبة "أليكسس" , و الأميرة "ناديـن" التي مات والديها وهي صغيرة اعتنى بها الملك "كاسندرز" كثيراً و دللها وكان هو مريض بقلبه الضعيف بالرغم من عصبيته تجاه ابنه الأمير , و أمره أن يتزوج ابنة صديقه الراحل , وكان أليكسس ينفذ كل ما يأمره و يطلبه الملك مهما كان ... ولأجل أنه والده , وهو مريض أيضاً ... فلن يخالفه قطعاً ...

وفكرت "أنابيــلآ" بأن "أليكسس" مظلوم بمواضع من جانب أبيه ! , فهو من عليه اختيار زوجته , ستكون "ناديـن" هي ملكة المستقبل , وماعساها تفعل بالمملكة ...؟! وهل ستساعد زوجها الذي سيصبح ملكاً وتبقى بجانبه مهما حدث ... و الأهم هل ستحبـه ؟!.... هل للحب مكان ما هنا ...؟!!
غار قلبها في صدرها الذي أصبح ضيقاً جداً لا يكفي حتى للأنفاس حسنا هي أميرة لم تجد الحب لدى أحد .. لا من والدها أو عشيقاته , و والدتها قد ماتت منذ أمد وليس لديها أخوة أو اقرباء فقط كانت وحيدة... لن تفكر في حياتها الآن .. فهي مهتمة بما يحدث لمنقذها ..
نظرت من المدخل و هاهي تراه يمسح على "سيلفرين" التي تنبهت لها بالطبع فأخذت تصهل بنعومة و تتحرك بخفه حول قوائمها , التفت أليكسس محدقاً مالذي يجذب انتباه فرسه الذكية و يجعلها تتحمس هكذا و تفرح !. وكان عليه أن يعرف... من سواها ...!
توقفت عيناه بعينيها الذهبية وسط العتمة التي تتسلل .. همس بهدوء : أنابيـلآ ؟!.
ضاق قلبها أكثر و شعرت بالأرض تدور شاعرة بالحزن لأجله , هذا الشاب الأمير الشهم الرقيق الأحاسيس بالرغم من حدته النادرة , لكنه حساس ... هذا ما ايقنته حقاً ...
تمسكت بالعمود الذي بجانبها و تبسمت له بشكل واهن .. محاولة أن يبدو هناك أي شيء لطيف ..
اقترب منها و هو ممسك بالفرس خلفه , لم يصعد الدرجات إليها , توقف و قال بهدوء : الملكة ستأتي قريباً , اعتقد بأنك يجب أن تستعدي!.
أومأ له وهي تحاول أن تتحدث , فحلقها سد بقوة من شدة حزنها , التمعت عيناها وهي تكبح الدموع ,
قالت بصوت خفيض مختفي : جئتُ , لأطمئن عليك فقط.. هل أنت بخير ؟!.
بقي ينظر إليها رافعاً رأسه و لباسه الأميري الرائع يظهر بسبب اضاءة المدخل كانت عيناه لا تطرفان محدقتان بها و لامعتان بجمال ... هز رأسه بخفه ثم أفلت "سيلفرين" وهو يرتب عليها ... راحت الفرس تتمشى بحرية بنفسها ...
صعد الدرجات ببطء و سمعته يتنهد بخفاء ... آوه يالا هموم الأمير التي لا تنتهي ... بدأ من والده ..
توقف قربها و همس برقة : أظن بأنه علي أنا أن أوجه سؤال هل أنت بخير ؟!.
نظرت إليه عن قرب , هم هو رقيق , مرهف الأحاسيس .. أنه أمير بمعنى الكلمة .. وهو شخص طيب القلب يستحق السعادة لا غيرها ... كيف أن الحياة تفعل هذا بهما معاً ... والداهما كلاهما يسببان التعاسة , وبأي ذنب ؟!.
قالت بصوت مخنوق وهي تتلفت حولها غير ناظرة لعينيه : أنا بخير , قلقة عليك فقط...
ضيق عينيه قليلا وهو ينظر نحو الفرس الجميلة التي تتدلل أمامهم في مشيتها تروح و تأتي من نفس الممر !.
قال برقة : أنا ...؟! , كيف يمكنك القلق علي يا أميرة , تعالي الجو بدأ يبرد سأصطحبك لغرفتك...
و سارا معاً بصمت , حتى وصلت غرفتها , التفتت إليه وسألت بهدوء وقد عاد تنفسها لطبيعته : هل سأقابل الملكة... وحدي؟!.
رفع حاجبيه وهز نفياً وهو يجيبها بحنان : لا بالطبع , أنا معك , كما أن أختي ستكون موجودة..
قالت بتوتر خفيف وهي تضم يديها : هل سيكون هناك أحد آخر...؟!.
تبسم لها بسحر آخاذ ثم سحب يدها بين يديه همس : آه يدك باردة كالثلج ! , ماكان عليك الخروج . لن يكون هنالك من أحد أميرتي , أنا معك ثم.. سأخبرك بسر صغير...
قالت وقلبها يخفق بقوة ناظرة ليدها بين يديه : ماهو ؟!.
اقترب منها كثيراً حتى شعرت بأن انفاسها تختطف منها بقوة لتسقطها , همس بأذنها : أمي امرأة رقيقة جداً وحنونة , سوف تحبك مباشرة وبلا أي كلمة منك...
ابتعد عنها مبتسما ثم غادر بهدوء , ظلت ثوان طويلة تحاول تجميع شتاتها , مالذي حدث لها ؟!. لا يمكن أن يكون....تأثير أليكسس بهذا الشكل , حسنا أنه أمير بكل ماللكلمة من معنى , وهو رقيق معها .. ألا تستحق أن يعاملها أحدهم بلطف ؟! , لقد جربت القسوة بما فيه الكفاية ... لكن هذا النعيم من الرقة و الحنان لن يدوم ... بالنسبة إليها , قررت بأن تغادرهم إلى الأبد , لن تخدم لدى أمه بالرغم من أعجابها بالأمر .. ادركت بأنه يجب أن ترحل لا يمكنها المكوث مدة طويلة بمكان قد يتعرفها فيه أي شخص .. لا تريد أن تجازف بحياتها مرة أخرى , خطأ واحد منها وسوف تقتل فعلياً ... لن يرحمها عندما تعود لقبضته مجدداً .. وهي لا تريد الموت قتلاً .. على الأقل..

تنهدت بأسى وهي تلبس ثياباً أنيقة رسمية أكثر لمقابلة الملكة والأميرة بينما تساعدها جين و الرئيسة المدبرة للقصر و مريبة أليكسس الخاصة "جانـين" تراقبها بسعادة غريبة ..
اقتربت منهما فجأة و قالت بحنان للأميرة : تبدين بهية جداً حبيبتي , هل يمكنك الابتسام فقط , الأرهاق يبدو عليك يا عزيزتي , يمكنك الراحة قليلا قبل رؤية الملكة.
قالت أنابيلآ بخجل : أنا.. بخير حقاً , شكراً سيدتي.
_ يمكنك مناداتي فقط بالعمة جانين .. تقريباً كل من في القصر يناديني بهذا صغيرتي . آوه هل أنتِ بخير ؟!.
كانت الأرض غير ثابتة بالنسبة للأميرة التي وضعت يدها على جبينها لتستعيد توازنها و حرارتها الطبيعية ...
قالت بتعب : أنا بخير , فقط اشعر بالارتباك .
"آووه" تنهدت جانين بقلق و نظرت الوصيفة بحزن إليها ثم تحدثت برقة : أجلسي يا سيدتي سأجلب لك عصيراً بارداً و بعض الطعام , أنت لا تزالين شاحبة الوجة ..
قالت العجوز موافقة : أجل اذهبي جين بسرعة , تعالي يا عزيزتي لنجلس...
ومشيا قليلا نحو الأرائك الفاخرة بطرف الغرفة قرب الشرفة الجميلة لتجلسا بهدوء و المربية بجانبها تمسك بيديها ... قالت بحنان وصوت خفيض : أني لا أفهم كلياً اتفاقاتكم السرية أنتِ و ذلك الأمير , لكني أتمنى بقائك أطول مدة ..
ثم عبست فجأة و قالت وهي تتأملها بحزن : ما تلك الأمور الرهيبة التي حدثت لك لا أدري , لكنها تركت اثراً فضيعاً و خوفاً وعدم اطمئنان لا أعلم متى سينجلي عنك أو كيف سيداوى قلبك المسكين .. ياصغيرتي لا يبدو بأن هناك أحداً إلى جانبك من عائلتك .. و أشعر بأنك ستهربين وتضيعين عنا بعيداً . لذا أرجوك ألا تفكري بأمر خاطئ يميتنا قلقاً جميعاً...وأن تبقي هنا...
نظرت نحوها أنابيـلآ و حلقها جاف جداً و شفتيها ترتجفان , همست بصوت مخنوق من شدة الخوف :
_ لن أضيع , أنا... سأكون بخير , آه عمتي أني أحبكم جميعاً .. ولهذا يجب أن أذهب قريباً , أرجوك ألا تخبري أليكسس أنه حساس جداً بشأن ذهابي بعيداً , سوف يغضب مني و يكرهني .. وأنا... أنا ... أقدره جداً... ولا أريد جرح مشاعره صدقيني ...
لكن الدموع خانت عينيها الذهبية و سالت بحرقة وهي تخفيها بيدين مرتجفة , مدت إليها العجوز منديلا وهي تحتضنها بحنان قالت هامسة : يا صغيرتي الرقيقة ... مستحيل أن يكرهك أنسان له أحساس .. أرجوك لا تغيبي عنا , كوني بأمان هنا بيننا , نحن سنحبك و سنكون عائلتك...
بكت أنابيلآ أكثر وهي تكتم شهقاتها بصعوبة شديدة . قالت بحزن : لا تخبري أحداً عمتي ! , عديني بهذا أتوسل إليك .. أرجوك أن تعديني ...
وهي تمسك بيدي العجوز معاً و تنحني عليهما لتقبلهما , سحبت جانين يديها بسرعة وهي مذهولة و غاضبة من تصرفها. قالت بتوتر : يا أميرة لا تتوسلي أبداً , يا حبيبتي ... اهدئي لقد افسدت الزينة .. سوف اعدك لكن اهدئي فقط...
هدأت قليلا ليطرق الباب و تدخل الوصيفة من خلفها خادمة معها بعض الكؤوس ...
لكن الوصيفة وقفت قرب الباب وهي تقول بتوتر طفيف : الأمير أليكسس يستأذن الدخول..
نظرت "جانين" نحو "أنابيلآ" قليلا لتتأكد من قبولها عندما أومأت بصمت قالت العجوز : فليدخل ...
التفتت الوصيفة وهي تفتح الباب له و تنحني لتقول باحترام شديد : تفضل مولاي ...
دخل "أليكسس" بحذر و هدوء وهو يرمق مربيته السيدة العجوز بنظرة متوترة خفية لعلها غير موافقة لمجيئه أو شيء من هذا القبيل ... لكن رأى الجو غريباً مشحوناً لكن هادئاً وكأنه للتو انتهت معركة ما....!
سقط بصره على الأميرة الصامتة التي تحدق بالأرض .. بفستانها الرائع الداكن مع رسميته و شعرها المسرح للخلف بأناقة ... لكن مهلاً , وجهها شاحب جداً و رموش عينيها مبلله مخفيه العيون اللامعة بسبب الدموع...
اقترب أكثر ليقف خارج دائرة المجلس الفاخر , قال بصوت هادئ : مساء الخير , لقد وصلت الملكة و الأميران , آحم .. أتيت لاصطحاب النبيلة أنابيلآ إن كانت مستعدة !.
رفعت "جانين" أحد حاجبيها و قالت ببرود : حقاً ؟!.
ثم نظرت بحنان شديد نحو الأميرة و أمسكت بيدها لتنظر لها وهي تهمس برقة : هيا عزيزتي , افعلي الصواب...
تنفست بعمق ثم وقفت مع العجوز ليتقدم أليكسس أكثر وهو يحاول النظر بعينيها .. كان واثقاً بأن هناك أمر ما يخيف أميرته .. وهو لن يكون مرتاحاً حتى ترتاح هي... أخبرها سابقاً ألا خوف من أمه ..!!
سرت رجفة سريعة عندما أمسك أليكسس بيدها بنعومة و همس بحنان : لنذهـب ..
تنتحنت العجوز و قالت محذرة و عيناها تقدحان الشرر نحو أليكسس : أنتبه لمعاملتك . أنابيلآ مرهقة...
تمنت الأميرة لو أنها لم تقل هذا فـ أليكسس أخذ يحدق بها بتركيز شديد و قلق , همس لها وهما يخرجا للممرات الفاخرة الواسعة " أنابيلآ , ما بك ؟!, مالذي يضايقك , أخبريني !.".
هزت رأسها وهي لا تنظر إليه قالت بهمس : لا شيء صدقني, أنا بخير...
_ إذن أنظري في عيني , أنتِ تتهربين مني !, وآسف لأني لا أصدقك هنا..
تأوهت بقلبها بألم , ثم نظرت في عينيه بتوتر وهي تحاول أن تكون قوية كفاية , قالت بابتسامة مرتجفة :
_ آسفة لأرباكك , أني بخير حقاً ..!
توسع بؤبؤ عينيه ناظراً في ذهب عينيها اللامع , هو يعرف هذا السر الذي حتى أنابيلآ نفسها لا تدركه , عينيها تذوبان و تلمعان كبحر الذهب الساخن عند خوفها و قلقها أو انفعالها ..., لذا قال برقة هامساً مقرباً شفتيه من أذنيها :
_ أنا معك أميرتي , أنتِ آمنة تماماً وسوف تدركين هذا الآن.
هاقد دارت الأرض مجدداً بها .. عليه التوقف عن الهمس هكذا و قربه الشديد منها يجعل ساقيها تسقطان ... تمالكت نفسها و أومأت بتعب شديد و دوار...
قال فجأة بلطف وهما يقفان قرب باب كبير أسود بمصراعين و زخارف ذهبية رائعة الجمال لقاعة مجهولة ..
_ نسيت أخبارك بأن أخي الأصغر هنا , هو متفهم جداً فقط يريد رؤيتك لتحيتك ثم يغادر.. وبعدها يمكنك الحديث مع أمي...!
أومأ بصمت شديد , و أليكسس يفتح الباب بنفسه ..
ظهرت قاعة خلابة الجمال , ليست كبيرة جداً أنما سقفها تزينة ثرية كريستالية جميلة ضخمة تضيئ كل المكان , و بالمنتصف فقط دائرة من الأرائكة الفخمة الثقيلة الكبيرة جداً .. الزرقة و الذهب هما اللونان الأساسيان حتى الأزهار بالآنية و الزهريات الكبيرة زرقاء و بيضاء رائعة ...
كانت هناك بالفعل , الملكة بكل جلالها , واقفة بثيابها الملكية الحمراء المهيبة وتاجها الرائع الذي يلمع بشكل خاطف للبصر كان شعرها داكن ولا أثر لأي خط أبيض , لكن عينيها مرسومة بشكل رائعة وبكبرياء شديد لونهما أزرق باهت رمادي كانت هي بملامحها الرائعة الفاخرة تشبه أليكسس ,
وهي بين فتى يافع ربما في الخامسة عشرة , أنيق جداً و وسيم بشكل هادئ رقيق بملابس أميرية زرقاء و بيضاء وشعر ذهبي مرتب عينان زرقاء داكنة جميلة , و الأميرة إلى الجانب رائعة بثوبها الأزرق الفاتح بسيط التصميم لكن رائع جداً عليها لشدة جمالها ولون شعرها أشقر داكن قليلا و عينيها زرقاء بمثل لون عيني أخيها الأصغر .. كانت تشبة زهرة كاميليا زرقاء وهي الوحيدة التي ابتسمت برقة لها...!!
تقدم أليكسس يكاد يجر أنابيلآ المرعوبة حتى من روعة القاعة و جمال الأشخاص فيها ...
قال الأمير بابتسامة أخاذة وهو يتوقف قليلا : مرحباً أمي الغالية , أختى "كاميليا" , أخى "كريستيان" , لقد حدثتكم قبل قليل عن ضيفتي .. هاهي .. أنابيــلآ.
وهو يلتفت إليها ناظراً بحنان , انحنت الأميرة بسرعة جعل شعرها يتناثر بشكل عشوائي قليلا .. وهي تقول بصوت مخنوق مرتجف قليلا : مولاتي الملكة , مولاتي الأميرة و مولاي الأمير .. أنه لشرف كبير مقابلتكم ...
ساد صمت غريب و أليكسس نفسه مستغرب منها , كانت يدها تثلج أكثر و أكثر كأنها جليد وهي ترتجف حقاً بقوة .. رافعة رأسها ببطء و خوف غير قادرة على النظر مباشرة نحو الملكة , اختطفت نظرة سريعة إليهم .. و ما لاحظته لم يجعل قلبها المكسين يهدأ ,
فالملكة عابسة صامتة تحدق بها بتركيز , بينما الأمير الصغير لم يبد أي شيء من الملامح مختلف , و الأميرة تبدو مذهولة قليلا و قد تلاشت ابتسامتها الرائعة ...!
أغمضت عينيها بقوة وهي تفكر بجرأة أن تهرب إلى الباب خلفها .. لكن فجأة سمعت صوت ... صوت عميق هادئ و ناعم بنفس الوقت يقول :
_ أنابيلآ , تتحدثين عن شرف مقابلتنا وأنت حتى لم تنظري نحونا !.
رفعت بصر زائغ دائخ نحو المتكلم , كانت الملكة هي من تحدث وهم جميعا يركزون بصرهم إليها , و كذلك أليكسس المتعجب منها... دارت بها القاعة و فجأة أظلم كل شيء ... أخر ما شعرت به هو برودة الرخام الفاخر تحت وجنتها..
لكن آخر ما سمعته كان صوت الأمير الفزع : " أنابيــلآ !!! ".
لا تدري كم مضى عليها , لكنها رأت حلما غريباً , وكأنها كانت تسبح مختنقة بالوحل .. و ترفع يديها صارخة بالنجاة , لكن لا مجيب ... غرقت أكثر و أكثر , ثم قاومت بصعوبة و عندما تلاشت قدرتها .. ظهرت يدين تسحبانها عالياً ... و سمعته صوته ... ثم صوت آخر حاني يهمس لها ... بأن تستيقظ هي بأمان ...
فتحت عينيها بتعب بالغ ... ورأت أضواءاً ثم سكنت الصورة .. هي مستلقية بمكان ما ... بل رأسها بحضن أحدهم , ويد ناعمة تمسح على شعرها من خلفها .. توسعت عيناها صدمة .. و هي ترى الأميرة "كاميليا" جالسة مقابلاً لها على الأريكة كانت تنظر للشخص خلفها وتحرك شفتيها بحديث ما .. بين يدها الناعمة كأس من الماء...
ثم أخفضت بصرها لتبادل التحديق بـ"أنابيلآ" , ظهرت ابتسامة رائعة كاشفة اسناناً جميلة مندهشة , قالت بنعومة وسعادة : " أمي ! , لقد افاقت أنابيلآ...! "
وهي تكلم الشخص خلف الأميرة .. ادركت الأميرة وضعها فنهضت بسرعة البرق وهي تعتدل , كانت فوق أريكة ضخمة كبيرة و الشخص الذي تضطجع عليه قبل ثوان ......... كان............ الملكــــــــة !!!!.

لاحظت أليكسس يتقدم من جانب القاعة خلفه أخيه الصغيرة...! , مسحت جبينها المتعرق الساخن وهي تحدق بعينين زرقاء هادئة جميلة بجانبها قريباً جداً منها ...
قالت الملكة برقة وهي تقرب نفسها منها لتضع يدها على جبينها : يا عزيزتي , لا تخشي شيئاً... أنتِ بأمان..
فكرة أن الملكة بنفسها جالسة بجانبها تماماً بل وتضع ذراعها خلف ظهر الأميرة و يد ناعمة على جبينها وكأنها أم حنون خائفة على طفلها المصاب بالحمى ...! , جعلتها تصاب بالحمى حقاً...
صوت أليكسس الرقيق أراحها وهو يقرب كرسياً ليجلس بجانب أخته مقابلا لها : أنابيلآ , هل تشعرين بأنك أفضل؟!.
_ أنها شاحبة جداً ,يبدو بأنك لم تطعمها في قصرك هذا ...!!
قالت الأميرة "كاميليا" بحدة خافتة مؤنبة تشابة حده السيدة "جانين" ! ,
هزت أنابيلآ رأسها وهي عاجزة عن الكلام و ترتجف بجانب الملكة التي مسحت عليها بحنان قائلة :
_ رباه هي ترتجف ! , أليكسس كان عليك العناية بها جيداً , وتدعي بأنها ضيفتك هاه , من حسن حظي بأني أتيت قبل أن يلاقي ضيوفك حتفهم...
ظهر أليكسس بمظهر المجرم الخطير في القاعة الذي كل أًصابع الأتهام تشير إليه , بل تلكزه بصدره أيضاً...!
قال بضيق و ذنب وهو يخفض بصره : أظنني لم اعتني بـ ضيفتي حق العناية..
مظهره هكذا هو ما جعل الأميرة تتكلم أخيراً بصوت خفيض مرتبك : لا , يا ألهي , الأمير كان يتهم بي أشد الاهتمام , أنه يرعاني ويساعدني كثيراً جداً ولم يتركني قط .. لا أدري كيف استطيع شكره على هذا ..
نظروا نحوها بعطف شديد ولاحظت هي المنديل الحريري المبلل قليلا بالماء قرب المنضدة بجانب الملكة .. لاشك بأنها بنفسها اعتنت بها فشعرت بذنب كبير يسقط على قلبها ...قالت الملكة برقة مقاطعة شعرها بالذنب : يا عزيزتي هذا لطيف منك , ومن حسن حظك يا أليكسس أن هناك من يدافع عنك ..و يغض بصره عن تقصيرك !.
همست "أنابيلآ" خجلة من نفسها : أني آسفة لما حدث جداً ! , لم يكن هذا أدباً مني .. أرجوكم سامحوني..
حدقون بها لثوان , ثم هزت الملكة رأسه مرتين ببطء وهي تقول : لا تعتذري يا عزيزتي , كان علينا أدراك أنك مرهقة لا تقوين على الوقوف ولو كنا بمكان أكثر عمومية لكان الأثر أخف عليك , لكن أليكسس أصر على التحديث بسرية هنا.
وهي تنظر مجدداً نحو ابنها الأكبر الذي قال بهدوء محدثاً الملكة : سوف نتحدث بهذا قريباً , أنابيلآ تريد الكلام معك بشكل خاص أمي...