07-08-2013, 11:03 AM
|
|
من دلائل النبوة والرسالة بسم الله الرحمن الرحيم ومن دلائل النبوة والرسالة: الصدق والأمانة
محمد هو الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى:
وسوف نعلق بإيجاز على هاتين الصفتين اللتين قد لُقب بهما رسول الله منذ نشأته وقبل بعثته والذي سوف نركز عليه: صدق رسول الله وأمانته في رسالته:
1- قال رسول الله : ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).
وفي رواية: ((قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)). [رواه البخاري، موطأ الإمام مالك].
وقال : ((لا تتخذوا قبري وثنًا يعبد)). [موطأ الإمام مالك].
إن هذه الأحاديث النبوية الشريفة شواهد حق على صدق المصطفى وأمانته في رسالته.
قالها r قبل وفاته بخمسة أيام، وقت شدة مرضه ووجعه وازدياد آلامه، فلقد دخل المسجد وهو معصوب الرأس، وخطب الناس -والناس مجتمعون حوله- قائلًا لهم هذه الأحاديث التي أوردناها.
فرغم ما برسول الله من شدة آلام وأوجاع ومرض قام معلمًا ناصحًا وداعيًا هاديًا لصحابته ولأمته من بعده بعدم اتخاذ قبره وثنًا يعبد، كما اتخذ اليهود والنصارى من قبور أنبيائهم مساجد، ولم يدعهم يطغوه كما فعلت النصارى بعيسى ابن مريم فعبدوه، كان حريصًا على دعوته وأمته ليس في حياته فحسب بل أيضًا بعد مماته .
ولم يمنعه ما نزل به من المعاناة وشدة المرض من القيام بتأدية رسالته على الوجه الأمثل، ومن القيام بما كلف به من ربه والدعوة إلى لا إله إلا الله.
والمتتبع لسيرة رسول الله يجده في سكناته وحركاته وأقواله وأفعاله حتى في حروبه أثناء غزواته وأشد لحظات أوقات القتال فيها كان نعم المعلم لأصحابه ولأمته من بعده ونعم الداعي إلى الله عز وجل هاديًا للحق وكافة سبل الخير.
فهذه الأحاديث الشريفة هي شواهد حق على صدق وأمانة رسول الله فيما بلغ عن ربه تبارك وتعالى لأواخر أيام حياته بل أواخر لحظاتها وهو في شدة مرضه ومعاناته، ففي آخر يوم من حياته دعا أزواجه فوعظهن وذكرهن وطفق الوجع يشتد ويزيد فأخذ يوصي الناس قائلًا داعيًا: ((الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)) وكرر ذلك مرارًا [رواه البخاري]. وفي احتضاره كان بين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء، فيمسح بها وجهه r يقول: ((لا إله إلا الله، إن للموت سكرات)) [صحيح البخاري].
هذه الكلمة التي طالما دعا إليها طوال حياته وفترة رسالته خير دعوة.
وفي آخر كلامه بعدما استاك بالسواك- فهو الذي علمنا أن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب- وفرغ منه، رفع يده أو إصبعه وشخص بصره نحو السقف وتحركت شفتاه وهو يقول: «مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى، اللهم الرفيق الأعلى» [صحيح البخاري].
وكرر الكلمة الأخيرة ثلاثًا، ومالت يده ، ولحق بالرفيق الأعلى، إنا لله وإنا إليه راجعون.
وهذا من شواهد ودلائل صدق رسول الله r وأمانته في دعوته فيما بلغ عن ربه تبارك وتعالى لآخر لحظة في حياته، وصدق الله تعالى إذ يقول: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا* وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) [الأحزاب: 45، 46].
2- لقد خسفت الشمس في حياة النبي ، وكان ذلك بعد وفاة إبراهيم بن رسول الله r، وكان صغيرًا، فحزن رسول الله لفراقه حزنًا شديدًا، وكذلك صحابته رضوان الله عليهم أجمعين.
وظن الناس أن الشمس خسفت لوفاة ابن رسول الله ، وذلك لمكانة ومنزلة رسول الله عند الله الخالق سبحانه وتعالى.
فما كان من الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى مع ما به من أحزان إلا أن قام خطيبًا في الناس بعدما صلى بهم صلاة الكسوف، وبعدما انجلت الشمس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة» [رواه البخاري ومسلم في حديث طويل].
إن هذا الحديث الذي قاله رسول الله r وفي هذا الوقت لشاهد حق على صدق المصطفى وأمانته فيما ينقله عن ربه تبارك وتعالى وصبره الجميل ومسارعته إلى رضا ربه تبارك وتعالى.
فلم يدع r ما قاله أصحابه بدون معالجة وتوضيح رغم أن قولهم من أن الشمس انخسفت لموت ابنه يزيده رفعة ومنزلة بينهم. ولكنه الصادق الأمين المبلغ عن ربه تبارك وتعالى نفى ما يقوله الناس ويزعمونه، فقال لهم معلمًا: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل لا ينخسفان لموت أحد...)).
ولم يمنعه حزنه وشدة كربه r من القيام بمهام الدعوة والرسالة، فرسول الله له المنزلة العالية والدرجة الرفيعة عند ربه تبارك وتعالى دون أدنى شك من أصحابه أو ممن آمن به وصدق دعوته ورسالته.
ولقد صبر رسول الله r على فراق ابنه إبراهيم صبرًا جميلًا رغم حبه الشديد له وحزنه عليه.
فلم يسخط ولم ينفر ولم ينس حق الله عز وجل ولم ينس شكره ولم ينس القيام بما كلفه الله سبحانه وتعالى به من التبليغ عنه جل شأنه.
فقام مصليًا بالناس صلاة الكسوف ثم أثنى على الله سبحانه وتعالى بما هو أهله مسترجعًا- إنا لله وإنا إليه راجعون- كما في حديث آخر، ثم قاما هاديًا وداعيًا للحق مبلغًا عن ربه ما أوحاه إليه فقال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة». فكان خير نموذج يحتذى به في:
- قمة الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى ومشيئته.
- أعلى درجات الصبر، وهو الصبر الجميل وشكره لله تبارك وتعالى وثناؤه عليه.
- وعبوديته لله عز وجل وقت الشدة والكرب.
- الدعوة، فكان إمامًا للدعاة والمرسلين.
إن حياة رسول الله مليئة بالشواهد والبراهين على صدقه، وأمانته وصبره، وشمائله العطرة.
والأحاديث النبوية الشريفة والسنة المطهرة نعم الشاهد وخير برهان على ما أسلفناه، ولكننا سنكتفي بما ذكرناه موجزًا.
فمحمد هو الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى. فهو رسول الله حقًا وصدقًا. سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك |