عرض مشاركة واحدة
  #106  
قديم 07-09-2013, 11:07 AM
 
الجزء الثالث عشر { مــآزق !! }


لأول مرة منذ زمن طويل نامت "أنابيلآ" بعمق و راحة , وبلا أحلام مزعجة أو أي ألم ..
افاقت مع خيوط الفجر الأولى , وهي تتمطى شاعرة بالحياة .. كانت عيناها الذهبيتان تشعان بالراحة والسلام .
نهضت بهدوء و توقفت أمام النافذة تتأمل بسكينة الشروق الهادئ ..
سمعت صوتا خفيضا فالتفتت و رأت من بعيد جانب الحديقة الرائعة "ريموس كاسيل" وهو يحدث صبياً يافعاً أشقر الشعر يمسك بلجام حصان بني كبير, أخذا يقهقهان فجأة بمرح . ثم داعب شعر الصبي بحنان و تركه يمضي للجانب الآخر مع الحصان .
ابتسمت دون أن تدري , مالشعور المفقود في قلبها ؟!.
بعد أن استخدمت علاجها , ارتدت ثوبا هادئاً و ربطت شعرها , ثم أخذت تمشي و تدور ببطء في الغرفة , مترددة , مالذي يجب عليها فعله ؟!.
مالذي فعلته أصلاً...! و كيف حدث ؟؟!! ...و ...؟!
عندما همت بأن تفكر بالأمر المرعب ... طرق الباب فجأة , فلتفتت مرعوبة , لكن ظهرت تلك السيدة العجوز و معها الإفطار ..
ابتسمت السيدة لها و اقتربت بهدوء وهي تضع الطعام على الطاولة , ثم قالت لها : أجلسي يا عزيزتي , أنت لا تزالين ضعيفة تناولي الإفطار الان ..
أومأت أنابيلآ ببطء و يديها فوق صدرها , بعدما خرجت السيدة , جلست لتشرب الشاي الساخن .. ثم أكلت القليل و وقفت أمام النافذة مجدداً تتأمل الحديقة الجميلة , رأت الصبي الصغير مرة أخرى يمشي وحده و بيديه الاثنتين سلتين من الفراولة وضعهما على الارض جانبا , ثم أخذ يشذب الازهار و شعره يلمع تحت الشمس .. لم تمر ثانية حتى بدأ بالصفير بمرح مع نفسه ..
فابتسمت دون أن تدري و اتكأت تتأمل الأرجاء ..
_ صباح الخير صغيرتي .
التفتت سريعاً لترى السيد ريموس يدخل للتو من الباب , ضاقت عيناه بحنان وهو يبتسم لها تلك الابتسامة الجميلة.
شعرت أنابيلآ بالحرج سريعاً وهو يضبطها على وضعها هذا تنظر من النافذة !.
اقترب وهو يقول بمرح : عيناك مشعتان اليوم كثيراً , مالذي جعلك تبتسمين !.
مال ينظر من النافذة بجانبها و ابتسم هو أيضاً , قال : أنه ابن السيدة لوفر , آيفرون .
بقيت هي صامتة و ريموس يحدثها عن آيفرون هذا الولد يجيد الكثير حقاً , يعتني بالخيول , وبالمزرعة الصغيرة و يساعد بالكثير من الأمور الزراعية و أصلاح الأشياء ..
قال فجأة بمرح : هل أطلب منه أن يجلب الفراولة إلى هنا...!
لكنها ابتسمت ولم تقل شيئا , سألها مجدداً بعطف : أتودين العودة للراحة ؟!.
هزت أنابيلآ رأسها نفياً , فسأل بلطف : إذا دعوتك للنزهة هل تأتين ؟!.
نظرت نحوه بسرعة و لهفة و عيناها الذهبيتان تشعان أكثر من أي وقت مضى , فكاد يضحك وهو يمسح على رأسها برقة :
_ سنجلب معاطفنا فوراً ..
جاءت السيدة لوفر بلهفة و سعادة وهي تحاول أن تكون رزينة أكثر بينما تساعد الأميرة في ارتداء المعطف لبرودة الصباح و القبعة الخفيف ... قالت لها بمرح :
_ أرجو أن تسعدي بالحديقة و الجو اليوم جميل للغاية , سأرسل آيفرون بالطعام خلفكما ولكني أخشى أن يلتهم نصفه في طريقه , فهو يتلكأ بالنسبة لتوصيل الطعام حتى يستمتع بوجبته السرية هذا الولد ...!
فكادت الفتاة تضحك من كلام السيدة , ثم طرق الباب بهدوء .
فقالت السيدة لوفر : ها نحن قادمتان...
كان السيد ريموس عند الباب , ابتسم لها و أخذ ذراعها ليقربها منه , وهي تتأمل الممر الواسع المفروش , كانت هناك لوحة واحدة فيه .. كان القصر كبير الحجم و الممرات و الردهات , لكنها تقريباً هادئة و غير فاخرة جداً و قليلة التحف.
نزل بها الدرج بهدوء وهو يراقبها لعلها تتألم , لكنها كانت تشعر بالهدوء .. و نوع من الفضول للخروج .
فتحت لهما السيدة الباب و قالت بمرح : سألحق بكما آيفرون .. طاب يومكما.
_ طاب يومك سيدة لوفر , شكرا لك.
لاحظت أنابيلآ أنه لا وجود للخدم ما عدا السيدة لوفر , و ابنها الصغير .. لكن لا يهم .
خرجوا مباشرة لحديقة جميلة مشذبة تصدح بالحياة و شعرت اخيراً بالهواء و عطر الزهور يملئ صدرها و النسيم اللطيف يحرك شعرها و يلامس وجهها كما أن الشمس تعيد لونها الحيوي و تحمر خديها مجدداً...
قالت بسعادة دون أن تدري : آووه جميــلة !.
ضحك ريموس بسعادة واندهاش , بينما انتبهت أنابيلآ لنفسها فأحمر وجهها و ودت لو تندس بأي مكان.
قال لها بلطف وهو يضمها إلى جانبه قليلاً : أنت الجميلة عزيزتي , من يستطيع رؤية الجمال و يشعر به فهو جميل أيضاً . أنظري لهذه البلابل لقد أتت لتبني اعشاشها هنا قبل أيام...
وأشار بيده إلى الاشجار التي يقفان تحت ظلها , سمعت أنابيلآ الشقشقة الجميلة الصادرة من أنواع العصافير الجميلة تتقافز بين الاغصان بسعادة و تغني بصوتها ..
فابتسمت بمرح كثيراً , ثم جلسا على مقاعد الحديقة .. قال يحدثها بهدوء : أنني أنا و سيدان و آيفرون من يعتني بالحديقة فهي كبيرة نوعا ما و سأريك جزء الفاكهة و كذلك أزهار الزنبق في ذلك الجانب ..
لم تقل أنابيلآ شيئا مجدداً و لم يحثها الرجل , بل فقط كانت تستمع لكلامه المهذب اللطيف عن الحديقة و المزرعة , شعرت بكل شيء مسالم و لطيف في هذا المكان ... ربما هو موطن احلامها !.
ثم صمت الرجل وهو يتأمل حوله بهدوء و ابتسامة في شفتيه , همت بأن تنطق شيئا .. لكن صوت خطوات راكضة أتت إليهما ..
شاهدت الصبي مجدداً .. أشقر الشعر ليس بنحيل جدا له وجنتين حمراوين و عينين مشعتين زرقاوين و ابتسامة تملئ وجهه الجميل ..
قال صارخا بمرح : لقد أتيييت !
وهو يهز سلة الطعام بيده .. وضعها على الطاولة و قال بمرح لـ ريموس الذي ضحك له : هيا سيد كاسيل لنتناول الطعام بسرعة فأنا لم ألمسه أقسم بهذا .. لقد هددتني أمي بالحرمان من الاكل لأسبوع إن مسسته !!
_ لن تفعل هذا بك يا عزيزي.
_ أجل يا سيدي , لكني متشوق للأكل معكم .. و مع الآنسة الجميلة .. مرحبا يا آنستي...
و انحنى لـ أنابيلآ بحركة سريعة رشيقة وعينان تملؤهما الفضول و السعادة .
فابتسمت له بعذوبة , قال الصبي وهو يساعدهم بإخراج الطعام من السلة : أنت يا سيدتي جميلة جدا كأنك أميرة !.
ابتسمت له مجددا و لم ترد , ناولها ريموس كأس عصير أحمر وهي تشرب منه بهدوء كان الصبي يحدق بها بانبهار ..
قال مجددا بسعادة : تخيلي أنك أميرة ! , واااو وأنا أتناول الطعام معك ..
نظرت أنابيلآ بتوتر خفي لـ ريموس الذي كان يراقبها , ابتسم لها بعطف ثم قال للصبي : أجلس آيفرون لا يمكنك الأكل و أنت واقف...
_ آووه طبعا سيدي .
و جلس و انهمك بتناول الطعام مع الجميع .. ثم انتهى سريعا و أخذ يثرثر عليها كثيراً وأن هذه الفراولة من تعب يده وقد قطفها الان صباحاً ..
ثم صمت قليلا يتأملها , سأل بعد هنيهة بهدوء : لكن .. يا سيدتي , ما أسمك ؟!.
حدقت به أنابيلآ وقد توقفت عن تناول شرابها , ثم نظرت نحو ريموس الصامت , هزت كتفيها بلا مبالاة ثم قالت بصوتها الهادئ الناعم :
_ اسمي آنا .. أدعى آنّـا فقط ...
_ وااه اسمك جميل و رقيق مثلك تماماً .. أنا أدعى آيفرون , كما أنني أمتلك حصانا وهبة لي السيد كاسيل اسمه جوش , سأكون تحت خدمتك و سنآخذك بنزهة حيث تشائين على ظهر جوش !.
ابتسمت للصبي بلطف وهي تقول مجددا بخفوت : شكراً آيفرون , أنت صبي صالح !.
فأحمر الفتى خجلا و ضحك بسعادة .. بينما نظرت نحو السيد ريموس و تبسمت له تطمئنه , فتبسم لها بعطف وارتياح .
عادوا يتمشون بين الأزهار و يحدثانها عنها و عن جمالها , و ظهر لهم رجل بمنتصف العمر يرتدي ملابس عادية بأحدى يديه مجرفة صغيرة و الأخرى بها مجموعة من الورود الحمراء ..
حياهم بمرح ثم حدق بدهشة بالأميرة .. قال السيد ريموس لها برقة : هذا هو السيد براين , أنه يساعدني في المزرعة ..
قال الرجل بأدب و ابتسام : مرحبا آنستي , هل تستمتعين بيومك ؟!.
ابتسمت لها أنابيلآ و قالت بصوت هادئ ناعم : أجل , شكراً لك سيدي...
فجأة قفز الصبي آيفرون و قال للرجل وهو يمد يديه : دعني أعطي هذه الورود للآنسة آنـّا !!. أرجوك اعطني إياها...
حاولت أنابيلآ الاحتجاج لكن الرجل وافق بكل سعادة و قال : أجل بالطبع .. دعني أقصها جيداً و ألفها بالورق...
ثم مروا بمزرعة لطيفة صغيرة من التوت و العنب ..و قام المساعد الآخر و آيفرون بكل مرح بجمع كمية هائلة منه و تعبئة السلال لأجل أنابيلآ ...

و هكذا عادت الأميرة لمنزل السيد ريموس محملين بسلال الفاكهة والورود وبعض أوراق الأشجار العالقة في شعرهم !
حدقت أنابيلآ بنفسها في غرفتها بعدما استحمت و استخدمت الزيوت العلاجية .. وجدت عينيها الذهبيتان تشعان بالحياة مجدداً و وجهها ينبض بالحرارة ووجنتيها محمرتان كالورود .. ابتسمت بخفوت و دعت بقلبها أن تستمر هذه السعادة...
مرت ثلاثة أيام على هذه الحال .. وقد قررت أنابيلآ أن تضع ذكرياتها القديمة في النسيان و تتجاهلها كلياُ , كما أن الكوابيس لم تعد تلاحقها أبداً... و في يومها الثالث نزلت لتناول العشاء برفقة السيد ريموس و الصبي و أمه في غرفة الطعام الجميلة الدافئة...
ثم في نهاية العشاء رافقها آيفرون للأعلى و بيده تفاحه يقضمها بسعادة ..
لكنها توقفت وهي تنظر لممر آخر مظلم .. و قد رأت شيئا يلمع في آخره .. بقيت تحدق فترة , أتى الصبي و حدق مثلها ثم قال فجأة : آوه .. آوه لوحة السيدة هناك .. أنها مطرزة بالذهب لهذا رأينا اللمعان ^^!.
نظرت نحوه الأميرة و سألت بهمس و توتر خفيف : السيدة ؟!.
حدق بها و قال بثقة طفولية : بالطبع كان للقصر سيدة بما أن له سيد !.
شعرت أنابيلآ بالغباء لثانية , ثم همست : أتعني... أ... زوجة السيد كاسيل ؟!.
رفع حاجبيه ينظر نحوها بدهشة , ثم تهدلت كتفاه و قال بنبرة حزينة : زوجة السيد كاسيل سيدة طيبة للغاية , توفيت منذ سنوات قريبة .. و من بعدها توفيت ابنته أيضاً بالمرض ذاته !.
همست أنابيلآ بحزن : يالا السيد كاسيل المسكين ...!
_ السيد حزين للغاية و حتى أيام قريبة مع أنه مضت ثلاث سنوات ربما .. لكن أتدرين شاء القدر و جئت أنتِ .. أنك بعمر ابنته ربما كما أن لون عيونكما متقارب .. و ربما لهذا يحبك السيد كثيراً وكأنك تشبين ابنته !.
ضاق صدر أنابيلآ كثيراً , و شعرت بالدموع تتجمع , قالت بحزن : هل اشبه ابنته حقاً ؟!. ليتني كذلك ...! أنه لا يستحق كل هذا الألم و الحزن...
قال الصبي بحزن أيضاً : أجل .. آووه و قد فعل أمور كثيرة للقرية ... بنفس السنة التي توفيت فيها ابنته ... لقد اشترى القرية من أمير ما متعصب و قاسٍ .. و كان السيد كاسيل نبيلاً ثرياً و ذو مكانة كبيرة و لديه الكثير من الذهب و الأموال ...
هزت رأسها و قالت مندهشة : ماذا تقول ؟!... اشترى القرية ؟!.
قال الصبي بعيون زرقاء متسعة : أجل بالطبع .. قريتنا .. لقد كانت تحت سيطرته الأمير المعتوه !. لكن السيد كاسيل كان أغنى منه بكثير .. اشتراها و كما يقول كبار السن .. وكأنه اعتقنا منه .. و قام بالكثير من الإصلاحات و اشترى لأجلنا المزارع و حفر القنوات و اشترينا الماشية كذلك و جعل لكل منا وظيفة...!
بقيت أنابيلآ مندهشة تنظر إليه ... أكمل الصبي بإعجاب وحماس :
_ كنا فقراء معدومين تقريباً و بحالة يائسة .. لكن السيد أتى و سكن هنا ثم علم بأمرنا و ساعدنا حتى ذهب أغلب ماله .. و قد قام ببيع بعض التحف الغالية الثمين لأجلنا ..و قد قال لنا أن الانسان أهم من هذه الجمادات .. لهذا ترين منزله خالٍ هنا ..و لا خدم لديه سوانا و لكن القرويين يريدون خدمته و العمل لديه لكنه يرفض إلا مساعدتي و السيدان في المزرعة ..
قالت أنابيلآ بدهشة وإعجاب : هذا عمل لا يقوم به أي شخص...!
رد الصبي بحماس و وفاء شديد : لكن سيدي ريموس ليس آي شخص .. يسألوننا الغرباء أحياناً من هو حاكم هذه القرية نقول له الملك ريموس...!.
ثم همس لها بخفية : لكن لا تخبريه بهذا فهو لا يعلم بأنه ملكنا !
فضحكت أنابيلآ وهي تمسح دمعة نزلت من عينيها .. قال الصبي وهو يحثها للمشي لغرفتها : أتعلمين بأننا خضنا معركة معه ضد قطاع طرق أشقياء .. لقد قاتلهم و طردهم ..هو قوي جداً زودنا بالخيول و السيوف و الخبرة كذلك .. لا أعرف لمَ هو ليس ملكاً أصلاً... لكنه رجل نبيل شهم... أليس كذلك ؟!.
وافقته أنابيلآ وهي على وشك البكاء حزناً لا تدري لم !.
قال لها بمرح : تصبحين على خير آنسة آنـّـا .. أحلاماً سعيدة !.
ابتسمت له : تصبح على خير عزيزي .. شكراً لك ..
ثم قال: أننا ننام بمنزل قريب ... لكن ربما تسمح لي أمي بالمبيت هنا لدى السيد حتى أسليه . ثم في الصباح أجلب لك الفراولة ..
_ آوووه يا عزيزي .. شكراً ..
لم تنم جيداً هذه الليلة و جاءها قرار حاسم , هي ستبقى هنا و ستساعد السيد كاسيل بكل شيء , ستبذل جهدها لأجله .. لقد عانى بما فيه الكفاية أيضاً .. كانت هذا سر نظرة عينيه الحزينة العميقة ...! كما أنه , انقذ حياتها.
صباح اليوم التالي , سمح لها ريموس بامتطاء الخيل و مشت قليلا خلف المزارع مع آيفرون الذي كلمها عن نهر مجاور .. كان الصبي يسليها لأبعد الحدود و ينسيها كل آلمها .. ومع أنه صبي يأكل طوال الوقت إلا أنه رشيق و سريع العدو يسابق الخيل كما أنه يضحك كثيراً و يلقي بالنكات على كل شيء ..
توقفا قرب النهر وقربت أنابيلآ الحصان ليشرب الماء و كذلك لتغسل هي وجهها و قدميها أما آيفرون فأخذ يتقافز على الصخور و يلعب .. رشها بالماء على وجهها مازحا و قال : لقد نسيتِ بقعة !!.
ضحكت أنابيلآ قليلا ثم قالت وهي تنهض : لن تفلت بفعلتك ..! آيفرون...
وقفت بلا اتزان على صخرة ما و هي تريد الإمساك به... لاحظها الصبي و قال بقلق : مهلك .. آنسة آنــا... أجلسي...!
ردت أنابيلآ بكبرياء : ما تظنني ؟!. يمكنني القفز خلفك بسهولة...!
لكنها لم تنتظر كثيراً قفزت بالفعل من فوق صخرة لأخرى .. و زلت بها القدم فوراً .. مع أنها حافية القدمين .. ضربت قدمها حافة الصخرة بقسوة و سقطت وسط المياه ... لم يكن عميقاً جداً .. لكنه يغرق المصابين !.
_ آنستي...!!
قفز الصبي فوراً وراءها واستطاع سحبها إلى الحافة ... لم تفقد وعيها تماماً لكن تأوهت ألما و شعرت بكدمات شديدة على قدمها و ساقها فلم تقدر على النهوض...
_ تماسكِ آنستي .. سأقرب الحصان و أجلب لك غطاءاً...
شعرت أنابيلآ بالشفقة على حالها صبي صغير يساعدها ..حاولت النهوض لكن لم تقدر تصاعد الألم شديداً في ساقها .. فكتمت صراخها و لكن دموعها قربت على الهطول .. ظلت جالسة بينما يضع الصبي الغطاء حولها...
سألها بقلق : هل آنستي بخير؟ مالذي يؤلمك ؟!.
قالت أنابيلآ بتوتر : أنا بخير , انتظر قليلا فقط .. سأقف...
لكن لم تقدر و جلست متألمة جداً , رأت بأنها جُرحت بعمق قرب كاحلها والدم بدأ يسيل .. تأوه الصبي : سأجلب المساعدة .. سأركض بكل قوتي .. أننا لم نبتعد ..
شعرت بالرعب فقالت بسرعة : لا. لا. لا تذهب و تتركني وحدي !.
وقف الصبي محتاراً , فقالت أنابيلآ بأسف : أنا آسفة , لن تخرج معي في نزهة أبداً !.
_ توقفي عن قول هذا آنستي !! بل العكس تماماً أني سعيد جدا بالنزهة معك والحوادث تحدث أحيانا .. آووه هناك فارس ما !!. سنطلب النجدة منه !!.
فتحت أنابيلآ فمها متعجبة ... ماذا؟
صرخ الصبي وهو يقفز و يلوح راكضا : مهلا !! سيدي , أرجوك توقف .. نحن بحاجة للمساعدة... سيدي !!.
لم تستطع أنابيلآ الرؤية كانت تجلس خلف الحصان ترتجف برداً... سمعت صوت حصان قوي .. ثم هرولة إليها ... التفتت تنظر وهي تقول بأسف :
_ لا تزعجوا أنفسكم أرجوكم , أني فقط بحاجة لأكون فوق الحصان و....!
بترت جملتها الخافتة و عينيها الذهبية تجمدان ثم تتوسعان صدمة شديد , كذلك عيني الفارس الذي وقف مصدوما يحدق بها وكأنه رأى شبحاً... لا يمكن أن يكون هو... !! لا يمكن...! وكيف حدث هذا بربكم ؟!!. أي شخص .. إلا هو ....!!
حدقت بالعينين الزرقاوين صدمة وشعرت بأشياء تتهاوى في داخلها و تتفتت ثم تختفي بألم , أهذا " أليكسس" ؟!!! ..
بعدها أبيضت السماء في عينيها و خرت مغشيا عليها !