عرض مشاركة واحدة
  #108  
قديم 07-09-2013, 11:08 AM
 
خفق قلبها خفقاناً غريبا وهي تلتف من الممر بهدوء و تمشي به , كان بإضاءة خفيفة دافئة , و رائحة عطر ما بالجو ..
نظرت حولها وهي تفكر باضطراب , مالذي تفعله ؟!. أنها تمشي دوماً بكل بلاهة في الطريق الخاطئ !!.
تذكرت العينان الرماديتان تلك و ما تحملانه من غموض و خطر .. فجاءها إصرار غريب على المضي , أنها تكاد تموت فضولاً , و تريد أن تعرف مالذي يحدث ؟!.. و ما هذه القصة الغريبة التي تدور حولها...!
مشت قليلا حتى دخلت بممر آخر و نظرت حولها , لكن شهقت برعب شديد عندما أمسك بكتفيها يدين فجأة...
فلتفتت مرعوبة و حدقت بـ ...
قال الوزير زارو ضاحكاً : هل اخفتك , آسـف جداً !!.
ضاقت عيني غاردينيا و قالت ببرود : لقد أرعبتني بالأحرى !. مالذي يجري ؟!.
رفع حاجبيه باستغراب لكنه ابتسم وقال وهو يقودها من يدها : لا شيء أيتها الأميرة , لقد لمحتك , ولقد جلبت أيضا الهدية ..
_ آوه !.
لم تقل شيئا و فقدت الحماس .. توقفاً في قاعة جميلة عالية تطل على القاعة في الأسفل , وقفت قرب السور و نظرت إلى الناس تحتها و الحفلة التي تجري بلا توقف .. و الجميع يبدون خالين البال ..!
فكرت بفضول , أين اختفى ذلك الشبح ؟!.
_ هاك !.
التفتت إلى الوزير الوسيم الذي أخرج لها من العلبة عقداً جميلاً ذهبياً و بقلبه جوهرة زرقاء لم تدري ما هي حقا ! , مرصع الألماس الصغيرة حولها بجمال باهر غير مألوف ... توسعت عيناها دهشة و انبهاراً , اعجبها جداً لكن هناك شعور غريب...
قال الوزير ضاحكا : لا تكوني مصدومة هكذا , مؤكد لديك مجوهرات أجمل بكثير , ولكن هذه هدية بسيطة مني إليك .. دعيني أضعها لك ..
ابتسمت بخجل , وهو يضعها لها شعرت ببرودة الجوهرة و سألت مبتسمة : ما هذه الزرقاء ؟!.
نظر نحوها و قال بلا مبالاة : أنها مجرد جوهرة لا تقارن بجمالك ...!
و ابتسم لها مجدداً , شكرته غاردينيا : أنها رائعة جداً , و ثمينة جداً لم يكن عليك أن...
_ آووه لا تقلقي لدي الكثير .. و أتمنى أن تقبلي بقلبي فقط ... هلا ذهبنا ؟!.
لكنها بهرت بالجوهرة وهي تلمسها بنعومة في جيدها و قبلِتها منه , لم تتوقع بأن شخصاً مثله يمكنه أن يهتم بهكذا أشياء... آووه أنها لا تحب أن يتقرب منها كثيراً , و ربما فهم قبولها الهدية بشكل خاطئ .. على العموم ستتحدث معه في نهاية الحفلة !.
طلب منها أن يرقصا قليلا فلم تستطع أن ترفضه مجددا !
و اثناء الرقص كان هو يتحدث معها على كل أموره المفضلة و قتاله و انجازاته كما أنه ينظر نحوها بسعادة و انبهار وهو متباهى جداً بها !!
شعرت غاردينيا بالملل و الضيق فـ زارو يحب الكلام عن نفسه فقط ...! و لا يهتم بما تريد الحديث عنه هي ...!
قررت بنفسها أنه ما أن ينتهي حتى تغادر هذا المكان , لقد سئمت !!.

لكن رفعت بصرها فجأة إلى ذلك الموقع الذي وقفت به في الأعلى قرب الدرج , و توسعت عيناها الزرقاوان عندما التقت بعينين رماديتين بلون الحديد البارد خلف قناع أسود لامع غامض ..
..كان واقفاً هناك بنفس مكانها , متكأ و هادئا يراقبها ثم طاف بعينيه ببرود حول الضيوف ثم أوقف بصره الحاد على الوزير الغافل عن تجمد غاردينيا وتصلبها ..!
نظرت غاردينيا نحو الوزير الذي يتحدث بلا توقف , ثم نظرت مجدداً نحو اللورد المظلم الواقف في الأعلى كأنه شبح شرير يبحث عن هدفه ...هذه المرة لم يكن ينظر بل كان يحدق بحده إلى الوزير و كأن أفكاراً ما تدور بعقله !.
بلعت الأميرة ريقها بصعوبة و شعرت هي بالاختناق .. قالت فجأة بصوت مرتجف قليلاً : لمَ... لم لا ... تجلس قليلاً... بمكان بعيد ... ربما... أ... و أنا سوف ...
رمش زارو بعينيه و ألتمعت بسعادة و قال بنعومة : بالطبع , لنجلس معاً في الشرفة !.
ارتبكت الأميرة و قالت : لكن , أنا أود العودة بصراحة ..!
حدق بها قليلا ثم قال : لا يمكنك العودة الآن , نحن بمنتصف الحفلة !.
قالت محتجة : و لكني أ......
لكن قاطعهما صوت رجل من الخلف , كان أحد الحراس , لكن حدقت به غاردينيا جيداً , و فتحت فمها صدمة , لم يكن حارساً للقصر . بل كان أحد اتباعه متنكراً بشكل أحد الحراس في الخارج !!
عرفته لأنه هو من ساعدها في العودة... أنه تابع "دايمنـد" و لا شك !!
قال الحارس بصوت هادئ بارد للوزير : إن سيادة القائد دالكين يريد رؤيتك في الأعلى , يقول بأنه موضوع هام جداً !.
نظرت غاردينيا برعب نحو هذا الحارس , بادلها النظر و منحها نصف ابتسامة غريبة !.
قالت بسرعة بتلعثم : ووو... و لكن من يكون القائد دالكين هذا ؟!.
نظر نحوها زارو و قال مبتسما : أنه قائد الجيوش الثاني , سوف أرى ما يريد و سأعود سريعاً .. لن أتأخر !.
شد على يدها بلطف ثم غادر بينما حدقت الأميرة بسرعة الى الأعلى و لم تجد ما تريد رؤيته تلفتت حول نفسها متوترة و مضطربة ثم تمشت نحو طاولة المشروبات وهي تراقب الممر الذي ذهب من عنده الحارس و الوزير ... شهقت بقلق ... رؤية القائد دالكين هذا .. خدعة !... و من دبرها هو.......!!
_ آووه ماذا أفعل ؟!.
ولكن لمَ هي تتساءل بينما قدماها تسيران نحو الممر ... توقفت تنظر في الدرج الطويل إلى البرج العالي , كان بمصابيح خافتة .. و ظلال داكنة ...
قالت بقلق : بالطبع , طوال الوقت .. هو يريد الوزير .. رباه ماذا أفعل ..!
رفعت ثوبها بيديها و صعدت بتعثر من شدة توترها و دقات قلبها ارتفعت عالياً , أخذت تتنهد بعدما صعدت طوابق كثيرة لعلو البرج الشديد , مسحت على شعرها الذهبي تعيده للخلف و عيناها الزرقاوات تنظران حولها , كان الباب على بعد خطوات !.
مشت بتعب و هي تشعر بدوار غريب بدأ يداهمها , ربما من شدة الارتفاع... أو من شدة توترها...!
توقفت عند الباب وقد سمعت صوته , صوته البارد العميق و الخالي من أي شيء يبعث على الاطمئنان !.
_ ... كان عليك أن تفكر ألف مرة قبل أن تعبث هنا , لا يمكنك تدنيس هذا المكان , أنه ليس لك ...!
نظرت غاردينيا بتوتر من خلف الباب الخشبي القديم , و رأت سطح البرج و الظلام و الليل العميق و القمر يختبئ خلف الغيوم الرمادية , بينما البرودة تسري مع الرياح...
كان هناك شخصين متقابلين , كلاهما يحمل سيفاً بيده , و في الظلمة , كان الشخص الآخر هو الذي بعباءته السوداء التي ترف حوله و الذي قد خلع قناعه الأسود عن وجهه المبيض الشاحب ... دايمنـد ...!
يبدو غاضباً جداً , .. و لكن الوزير مقابلاً له مستلاً سيفه و متوتراً .. قال بصدمة و اضطراب غاضب : لا يمكنك أن تعيش . لقد قتلتك !!..لقد ضربتك بالسم ...! لا يمكنك أن تعيش ؟!...
رد اللورد بهدوء بارد كهدوء الليل : لم يكتب لي أن أموت مغدوراً في تلك الساعة ! , و لكن الآن .. نحن وجهاً لوجه .. لقد عرفتك فوراً ... و يجب أن أصفي الأمور معك يا سيادة الوزير, لم يكفيك محاولة قتلي , بل الاستيلاء على ممتلكاتي .. أنت بائس !.
شهقت الأميرة وهي ترى كلا الشخصين يهجمان على بعضهما , لكن لم تمر ثانية من المواجهة حتى سقط جسد زارو أرضاً... كان يمسك بجنبه النازف وهو يتلوى أرضاً و يصرخ ألماً ...
صرخ به : لن تنجو أبداً , سيعلم الملك و ستموت حقاً .. يالك من شيطان ..
_ للأسف أن الملك لا يعرف الحقائق كاملة , لكن لا يهم .. هيا الآن ودع حياتك التافهة !.
و رفع سيفه عالياً كي يهوي به على رأسه , لكن صرخت غاردينيا وهي تهب سريعاً راكضة نحو الوزير وقفت بقوة و سرعة أمام سيف دايمنـد الدامي اللامع , و ظهر ضوء القمر الخافت على وجهها !!.
قالت لاهثة وهي ترتجف من شدة الرعب أمام السيف الذي على بعد سنتميتر واحد من أنفها : لا ... أرجوك !!.
حدقت به , فرفع عينيه الغاضبة نحوها , صرخ بها بقوة جلجلت في الأرجاء : آآآه يا مجنونة !!!... كدت أقتلك !!!.
ابعد سيفه سريعاً وحدق بوجهها وهو يزفر بقوة : والآن من أين خرجتِ لي أنت !!. أغربي من هنا فوراً !!
ظلت غاردينيا ثوان كي تستوعب أنه يتحدث إليها , أو يصرخ , لكن لا يهم ...
هو الآن أمامها بكامل قواه و غضبه المعتاد , شعرت بشيء ما يرفرف بهجة بقلبها , في ركن ما .. هي ... هي سعيدة برؤية ...!
أحست بالقلق من هذا الشعور وهي تحدق بوجهه ... لم يتغير سوى أنه ازداد شحوباً , ربما لأنه غاضب !
_ ألا تسمعي ما أقول !! , أبتعدي من هنا أيـ....!
لكن فجأة بتر جملته وهو يحدق في شيء ما ... نظرت نحوه جيداً ثم لمست قلادتها بلا شعور .. كان ينظر نحو العقد الذي ترتديه ... عادت تنظر إليه بتوتر ... حرك شفتيه ينطق شيء ما... ثم فجأة تسارعت أنفاسه و كأنه يقاوم شيء بداخله...
فجأة تأوه زارو من خلفها وهو يقول متألما : أيتها الأميرة اهربي و اجلبي الحراس ... سوف يمسكون به بسرعة...!
لكن غاردينيا كانت تحدق بـ اللورد المتجمد مالذي أخرسه فجأة ... صرخ بها بشكل أفزعها : هذا ليس لك !!.. هاته !.
وضعت كلتا يديها على العقد وهي تتراجع قليلا قائلة بشجاعة كاذبة : و مؤكد بأنه ليس لك أيضاً , أنه لي حقاً !!.
نظر إليها بغضب شديد و زمجر : أنه ملك لـ أمـي !!... سلميني إياه حالاً...!.
_ لا تعطيه إياه يا أميرة ...!
صرخ زارو بألم خلفها وهو يزحف إلى ركن ما ... هزت الأميرة رأسها وهي تتراجع بخوف بينما يتقدم دايمند منها ببطء :
_ هل... حقاً...؟! , لكن كيف ... لا أصدقك ...أنت...!
ألتمعت عيناه في ضوء القمر و قال فجأة بصوت هامس حاد : أنتِ تصدقين الأشخاص الكاذبين دوماً , لا يمكنك تصديق هذا , أليس كذلك ؟!.
توقفت غاردينيا تنظر إليه بتوتر , ثم قالت : أتدري ..سـ ... سأسلمه لك و....
_ أنه هناك ...!! أمسكوووه بسرعة !!.
و فجأة جاء فوج من الحراس بسيوفهم المشهورة و أقواسهم , دفع أحدهم الأميرة بقوة و بلا قصد قائلا : اهربي بسرعة يا أميرة !
تعثرت غاردينيا و سقطت أرضا وازدحم السطح الضيق بكل هؤلاء و سمعت صوت صلصلة السيوف يرتفع , لكن انفلت العقد فجأة من عنقها و انزلق بعيداً حيث الحافة الحجرية ..
شعرت بأنها يجب أن تمسك به و تحفظه ... فأسرعت تتعثر إليه بثوبها و حذائها العالي وهي بالكاد ترى جيداً عندما افسد قناعها و انزلق على عينيها , أمسكت أخيراً بعقد الجواهر وهي تشعر بالسعادة ..
_ آه أمسكتك ...!
و حاولت أن تتكأ على ذراعها و ترفع نفسها من الأرض الحجرية المتربة ,, لكن فجأة لم تمس أرضاً ولا ...
كانت على حافة البرج العالي تماماً... و رأت قمم الأشجار تحتها , فدارت بها الأرض و لو أنها تماسكت جيداً لكانت ابعدت نفسها , فزعت و أخذت تتخبط تريد الابتعاد عن الحافة , لكن القتال المشتعل و المزدحم في هذا السطح يملئ المكان .. اصطدم بها أحدهم و وقع جالساً ... لكنها هي دُفعت بعيداً و اختفت الأرض من تحتها ...
صرخت رعباً : آآآآآآآآآه !!.
وهوت ساقطة , لكن أحدهم قبض على قدمها فتأرجحت على رأسها مقلوبة ... حاولت الصراخ مجدداً وهي ترى الدنيا تنقلب رأسا على عقب , لكن حلقها قد سد من وضعها و صدمتها ...!
لم تستطع رؤية ما يجري بالأعلى ...!!
لكن من يمسك بها سقط أيضا بعد ثانيتين من امساكها !!!
رأته , أنه لم يكن سوى اللورد دايمنــد ...!!
صرخت بهلع مجدداً ولم تستطع سوى رؤية عباءته السوداء , شعرت بذراعه تقبض على خصرها بقوة , جذبها إليه و تمسك بها بقوة , بينما هي تفتح عينيها رأته يرفع ما يشبه السوط الأسود عاليا بقوة و سرعة خاطفة قبض به على شرفة ما و تأرجح إليها بسرعة و اصطدما بقوة بزجاج الشرفة الأسفل ثم توقفاً معاً على حافة النافذة !!
شهقت غاردينيا تستنشق الهواء الذي فقدته بينما شحب وجهها بقوة وهي بالكاد تتنفس .. كانوا على مسافة كبيرة من الأرض و لا تدري بأي مكان هي الآن .. لكن أسفلهم الحديقة المتشابكة , ربما هي بالدور الثالث أو الرابع !
احست بصدر يعلو و يهبط بقوة تحت يدها , فانتبهت لنفسها وهي تحدق بالشخص الذي معها , كان "دايمنـد" يتنفس الصعداء متنهداً... بينما هما متماسكين ببعضهما !.
ارتفعت الدماء سريعاً لوجنتيها و صرخت بشكل مختنق وهي تقفز بعيداً عنه... و كادت تقع مجدداً لكنه أدركها و أمسك بها سريعاً ثبتها قربه .
_ هل علي دوماً منعك من السقوط ؟!.
لم ترد من شدة رعبها و خوفها في مكانها هذا...إن الحافة فقط تكفي قدميها , و اللورد بجانبها بنفس الوضع المحرج ..
قال مجددا بهدوء : سنفتح هذه النافذة خلفنا و سندخل .. ببطء و هدوء...
هزت غاردينيا رأسها وجسدها متجمد وهي تتشبث بالجدار خلفها , عيناها زائغتان و أطرافها متجمدة وشفتيها مبيضة , ألقى عليها نظرة و قال بصوت غريب هامس :
_ هل أنتِ بخير ؟!. تماسكِ...!
وعندما لم تجب , أكمل بنفس النبرة : اعطني يدك , هيا...
حركت عينيها بصعوبة عن الظلام أسفلها و نظرت في وجهه , كان يحدق بها بتركيز , أومأ يشجعها : هاتي يدك...
لم تقدر على تحريك يدها بعيدا عن الجدار , خشيت برعب إن تحرك أي شيء ستسقط... ألتمعت عينيها و همست بارتجاف :
_ لا... لا أقدر...!
رفع حاجبيه و قال : غاردينيا .. أنتِ لست جبانة هكذا , وهل يجب دوماً أن أقوم أنا بالخطوة الأولى أيضاً...!
رفع ذراعه إليها و أمسك بيدها بقوة , مع أنه يرتدي قفازا أسود إلا أنها شعرت بالحرارة في يده و القوة , نظرت إليه بعيون مرتجفة ... قال هامساً بهدوء :
_ ليس لدي وقت لأضيعه , اقتربي مني لأنك تقفين خلف الطرف الذي يُفتح . اسحبي قدميك شيئا يسيراً فقط.
ارتجفت , ثم همست بقلق وهي تنظر إلى أسفل : سـ... سوف اقع إن تـ.. تحركت...
_ لا لن أدعك تقعين !... أنظري إلي لا تنظري إلى الأسفل يا صغيرة !.
فحدقت به بسرعة , قالت بنبرة باكية إلا قليل : للـ.. لست صغيرة !!
_حسناً لستِ كذلك , و الآن .. اسحبي نفسك ببطء تجاهي .. حتى تفتحي لنا النافذة لأنها قربك...
_ حـ..حسنا...!!
و بصعوبة حركت غاردينيا قدميها .. ببطء سحبتها .. كانت تشعر بأن عظامها كلها متجمدة من الخوف أو الهواء البارد جداً..تأوهت رعباً عندما كادت أن تتأرجح إلى الأمام , لكن فجأة شعرت بذراع اللورد يندس خلف ظهرها و قد أمسكها بإحكام حتى أصبحت تحت ذراعه إلى جانبه .. شعرت بدفء غريب مفاجئ طرد البرودة بقوة و احاطها ... و كأنها ليست على حافة عالية تكاد تقع...
_ غاردينيا...؟!
_ ممـ..ماذا ؟!!
_ ردد قرب أذنها : افتحي الآن النافذة بقربك , تلك الجهة , تفتح إلى الخارج .. حركي يدك ببطء ثم يمكنك فتحها فوراً .
لا تدري من أين جاءتها الشجاعة لكنها حركت ذراعها حقاً و لمست قفل النافذة ثم فتحتها و بسهولة انفتحت معها .
همس بنعومة : من بعدك سيدتي ..!
فتحركت غاردينيا خطوة واحدة فقط , ثم قفزت إلى وسط الغرفة الدافئة المظلمة الخالية ببساطة ..
تنفست الصعداء و خفت اضطرابات قلبها لأنها على أرض ثابتة أخيراً , ثم شعرت بمن قفز خلفها .. فلتفتت نحوه بسرعة و حدقت به .. فغرت فاهها وهي تنظر لدم يسيل من كتفه الأيسر ..!
رفعت يدها مصدومة وهي تقول : أنه كتفك !.
ضاق جبينه ثم رد ببرود : أعرف بأن لدي كتف و لله الحمد !!.
شهقت بتوتر : يا ألهي أنتِ جريح , و كيف كنت تمسك بي حقاً... انتظر سأجلب شيئا...
رفع أحد حاجبيه و تجاهلها وهو يحدق حوله بالغرفة المظلمة حتى رأى الباب , فاتجه نحوه... لحقت به ممسكة بقماش نظيف و استوقفته وهي أمامه بذراعيها ..
قالت بقلب خافق : أبقى مكانك فقط ..
_ لن أفعل !
_ لقد أنقذت حياتي ..
ولم تدعه يتكلم اسرعت و رفعت نفسها بصعوبة كي تربط كتفه بشكل عشوائي سريع مضطرب ...
ابتعدت عنه وهي تلتفت بعيدا و تدخل يدها بجيب عنقها , رفع رأسه يحدق بها متسائلاً...
صرخت به : لا تنظر ...!
فأشاح بوجهه بسرعة وهو يقول متذمراً : أنتِ و قناعك الغبي هذا... حراسي ينتظرونني بالأسفل , الويل لك أن نطقت بكلمة عما سمعت...
و عندما سار خطوتين , امسكت هي بذراعه , و هي تدس بيده القلادة قالت بأسف : آسفة جداً , هي حقاً ملك لأمك , أنا أصدقك مهما كنت شريراً ماكراً قاسياً متعجرفاً بارداً مغتـ...!
قاطعها بحده وهو يدفع يدها و القلادة : حسنا وصلتِ الفكرة !... اسمعي .. هي قلادة والدتي الراحلة حقاً... لكن...
نظر بعيداً عنها وقال بهمس متعب : و مالذي يمكنني اللحاق به ...؟! لقد تسرب كل شيء من يدي...!
ارتجفت غاردينيا وهي تتأمله لأول مرة يبدو يائساً , همست بتردد وهي تحاول النظر بوجهه : مالذي تعنيه ؟!.
التفت نحوها فجأة و ألقى بقناعها بعيداً عن وجهها فزعت من حركته , لكن قال ببرود وهو يحدق بعينيها الزرقاء :
_ ولكن زمردته تليق بعينيك فقط , احتفظي به. و إن ضاع منك ... فستضيع حياتك أيضاً !
هددها بحده ثم غادر بسرعة لم تقدر على مجاراته , و توقفت مكانها ...
بقيت هي , و القلادة التي تلمع في الظلام .. في حلمها كان والد دايمنـد "مارسيز" هو من خرج حزيناً غير راضٍ , لكن حقيقةً "دايمند" من خرج بهذا الشكل ..!

...