(كنا نعلم وﻻ نعمل
)
قال ابن القيم رحمه الله :
هلكت جارية في طاعون فرآها أبوها في المنام .. فقال لها:
يابنيه أخبريني عن اﻵخره!!
فقالت:
قدمنا على أمر عظيم وقد كنا نعلم وﻻ نعمل
والله لتسبيحة واحده أو ركعة واحده في صحيفة عملي أحب إلي من الدنيا وما فيها..)
لقد قالت الجارية كﻼماً عظيماً
(
كنا نعلم وﻻ نعمل
)
ولكن كثيراً منا لم يفهم مرادها.
وسأقوم بشرح هذه العبارة عن طريق ضرب بعض اﻷمثلة كي تتضح الصور ة
كنا نعلم أننا إذا قلنا سبحان الله وبحمده مائة مرة تغفر لنا ذنوبنا وإن كانت مثل زبد البحر وتمر علينا اﻷيام والليالي وﻻ نقولها
كنا نعلم أن ركعتي الضحى تجزئ عن 360 صدقة
وتمر علينا اﻷيام تلو اﻷيام وﻻ نصليها
وكنا نعلم أن من صام يوماً في سبيل الله تطوعاً
باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً
ولم نصم في هذا اﻻسبوع يوماً
وكنا نعلم أن من عاد مريضاً
(
أي زاره
) تبعه سبعون ألف ملك يستغفرون له الله ولم نزر مريضاً هذا اﻻسبوع
وكنا نعلم أن من صلى على جنازة وتبعها حتى تدفن أن له قيراطين من اﻷجر والقيراط كجبل أحد
وتمر علينا اﻷسابيع ولم نذهب إلى المقابر
وكنا نعلم أن من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة
(
عش الطائر
) بنى الله له بيتاً في الجنة ( ولم نساهم في بناء المساجد ولو بالشئ اليسير )
وكنا نعلم أن الساعي على اﻷرملة وأبنائها المساكين كالمجاهد في سبيل الله وكصائم النهار الذي ﻻ يفطر وكقائم الليل كله وﻻ ينام
(
ولم نساهم في كفالة اﻷرملة وأبنائها
)
وكنا نعلم أن من قرأ من القرآن حرفا واحدا فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها ولم نهتم بقراءة القرآن يومياً
وكنا نعلم أن الحج المبرور جزاؤه الجنة و أجره أن يرجع الحاج كيوم ولدته أمه
(
أي بصفحة بيضاء نقية من الذنوب
) ولم نحرص على أداء مناسك الحج مع أن الظروف سهلة وميسرة علينا
وكنا نعلم أن شرف المؤمن قيامه الليل وأن النبي صلى الله عليه وسلم
مع صحابته لم يفرطوا بصﻼة القيام طول عمرهم رغم انشغالهم بلقمة عيشهم وجهادهم في سبيل الله لنصرة دينهم ...
ونحن لدينا تفريط كبير في هذا الموضوع
وكنا نعلم أنالساعه
آتية ﻻ ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ولم نستعد لهذا اليوم
وكنا ندفن الموتى ونصلى عليهم ولم نجتهد لمثل هذا اليوم وكأننا لدينا شهادة تفيد أنك غير المقصود.
اعلم أخي الحبيب واعلمي أختي العزيزة أن كل نفَس نتنفسه يقربنا إلى اﻷجل المحتوم (
الموت
)
وما زلنا نلهو ونلعب
آن اﻷوان من هذه اللحظة أن نغير نمط حياتنا وأن نستعد اﻻستعداد اﻷمثل ليوم الحساب
( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )