عرض مشاركة واحدة
  #112  
قديم 07-09-2013, 07:49 PM
 
الجزء الرابع عشر { عثـرات و ألغاز ! }


اقتربت مارسيلين بسرعة , و رأت طفلة صغيرة تبكي رعباً و رجل ضخم مريع يسحبها في الظلام ممسكا بسكينة ..
صرخت بصوت مرتجف من شدة الغضب : توقف !!.
رفع الرجل رأسه وحدق بها ثم لم يبالي و عاد يسحب الطفلة و يحملها تحت ذراعه .. صرخت الطفلة مستنجدة فأسرعت مارسيلين إليهما و ضربت الرجل بعصا من الأرض .. ثم سحبت الخنجر و قالت : إن لم تتركها , سيكون هذا بمنتصف معدتك !.
_ أيتها ال...!
اسقط الطفلة و التفت نحوها , لم تقدر مارسيلين حجمه الضخم في البداية .. فتراجعت بتوتر و صرخت بالطفلة : اهربي بعيدا...!
هربت الطفلة راكضة بلا انتظار ... و التفتت هي لتهرب أيضاً ... لكن الرجل نادى بخشونة : آوه لن تفلتِ أبداَ !!
ركضت بأقصى قوة لديها و تخبطت حولها بالظلام وهي تتمنى فقط لو تصل للخان و تجد حصانها هناك !!.
لكنها تعثرت و سقطت وكان الرجل خلفها فقفز فوقها ليمسك بها , و التفتت هي بسرعة لكنه كان يخنقها , تأوهت بألم و لم تقدر على فعل شيء .. ثم أخذت تحاول ركله .. لكن لم تفلح , جازفت لأن تكتم انفاسها و تحرك يدها كي تمسك بخنجرها ... و بالكاد وصلت إليه ... جمعت كل ذرات شجاعتها , ثم دوى صراخ الرجل عاليا...!
فضربها بقوة يبعدها عنه ترنح قليلا ثم تهاوى أرضاً .. بينما سقطت هي على شيء ما جرح يدها ..
نهضت الأميرة وهي تشهق الهواء ثم حدقت به برعب .. تلفتت حولها و لم ترى أحداً ... ركضت بصعوبة الى الخان و ملابسها كلها دماء ...!
دخلت إليه ترتجف و كان هناك مع الأسف بضعه رجال واقفون حدقوا بها بصمت .. فحاولت بتوتر أن تخفي الدماء و اسرعت لغرفتها , ثم أقفلت الباب , غيرت ثيابها بسرعة خاطفة . و لفت حول يدها قماش نظيف .
و قررت أن تغادر الآن و فوراً قبل أن يقبض عليها أحدهم .. وضبت بسرعة ملابسها و طعامها , ثم تسللت لحصانها الهادئ .. صعدته و بصعوبة حركته لأن يدها مصابة ... لكن الحصان كان مطيعاً جداً لها ..!
خرجت من القرية تشعر بالتعب و الدوار مما حصل معها .. لكن قالت بنفسها , يجب أن أتشجع لأن هذه الأمور تحصل دوماً لمثل هذه القرى البسيطة , و هناك دوما مجرمون يجب الحذر منهم ..!
ظلت تسير فترة طويلة حتى طلع الفجر وهي قرب حقل ما ... توقفت لتستريح و تريح الحصان , ثم تابعت المسير ببساطة و هي تتأمل الأرجاء و المناظر الطبيعية التي تمر بها .. فكرت بهدوء أنها قطعت مسافة كبيرة بعيدا عن المدينة و القصر .. لكنها تسير في الأرياف و لم ترى المدن ولكن....
شهقت وهي ترى من بعيد مدينة كبيرة تظهر لها , بأسوار بسيطة حولها و نهر كبير يمر بها , و هناك الكثير من الناس الأثرياء يدخلون بعرباتهم الفخمة و يخرجون , و قرب السور يوجد بعض الحرس , و الفرسان يمشون بأحصنتهم و كلابهم حولهم ..
فمشت بهدوء لترى المدينة ..
لكن اوقفها أحد الحراس عند البوابة , قال لها : من أنت ؟! , و من أين أتيت ولماذا أتيت ؟!.
حدقت به مارسيلين بتوتر , ولما كل هذه الأسئلة المزعجة !.
قالت بصوت خشن بارد : أنا ادعى مارسيل خوريو برا.... سيلوني جيفرو كلاوس أوسـ...
_ يكفي !!.. ارني وجهك جيداً !.
زمت شفتيها ثم لم تبال كشفت اللثام عن وجهها المغبر !!.
حدق بها الحارس فهمهم قليلا ثم تركها تدخل ... دخلت المدينة الجميلة الحية و تمشت بها بالحصان , بينما الناس يحدقون بها .. تبدو مدينة ثرية .. فالسيدات يظهرن بزينتهن و الفرسان مع احصنتهم يتمشون في الحدائق !.
توقفت فجأة و سألت فتى يافع يقف بهدوء قرب عربة : المدينة بحكم من ؟!.
التفت نحوها الصبي وحدق بها ثانية ثم قال : الملك دونسار , هل أنت غريب ؟!. لهجتك من الشمال ؟!.
فتنحنحت مارسيلين قليلا وهي تسمع اسم عائلتها أنها لا تزال في الحدود إذن , قالت بخشونة : لا لست بغريب ..
ثم التفتت بحصانها و تمشت قليلا . حتى وجدت الخان فاستأجرت غرفة صغيرة و جلست وحدها و القلق يغمرها , كان عليها أن تنتظر الرسالة الجواب ... لكنها خافت بشدة , العالم الخارجي مخيف و غريب .. و الناس العامة لا تستطيع فهمهم أو معرفة ما يجول بنفوسهم , لقد ... قامت بقتل أحدهم ..!!
حسنا كان شخصاً شريراَ ... لكن , هل كان عليها هي بنفسها قتله ؟!!. بأي حق ...!!
ارتجفت وهي تضم نفسها , لكنه كاد يؤذيها .. وهي دافعت عن نفسها... أجل ... يمكنها العيش هكذا , شيئا فشيئا و ستتعلم الكثير ... ولكن وحدها فقط لن تستطيع ...!
تأوهت بضيق , و أين يمكنها أن تجد أحداً كـ سيدريك...!
شخص قد لا يرى , لكنه شديد الذكاء , شديد القوة , شديد الهدوء و الصبر معها , و .. بالغ الوسامة...!
لا يمكن لأحد أن يجمع كل هذه الصفات معاً , أنه فقط , سيدريك ... وهو الشخص الوحيد ...!
كادت تشهق باكية وهي تركل حقيبتها عند قدمها : ولكن لو كنت تهتم لأمري لما ذهبت بكل بساطة هكذا... آآآه تباً ..
مسحت دمعة هاربة و وقفت تدور حول نفسها بتوتر في غرفتها الصغيرة , وهي تختلس النظر من النافذة الصغيرة , همست بحزن , أنا وحيدة .. أنا وحدي هنا لا أدري مالعمل ... واشعر بقلق مميت لأجل والدي...
فجأة التمعت عيناها . لكن ... لم أرسل لـ ليلياك أخي أي شيء....
شهقت رعباً , يجب أن أخبر ليلياك بأقصى سرعة... و يجب أن يعلم الآن ... سأرسل له و لكن... لالا... سأذهب بنفسي إليه... أنه شرقاً ... سأذهب الآن...!
جمعت حاجياتها البسيطة و اسرعت إلى الحصان .. وضبت عليه حقيبتها و طعامها .. ثم صعدته ...
مر بها شخص ما , وقال مندهشا قليلاً : هل ستذهب و الشمس تغرب الآن ؟!.
حدقت بالرجل ثم إلى السماء... آوه لقد حل المساء ..! حركت رأسها تحاول التركيز ..
سألت الرجل الذي كان يمشط حصانه بجانبها : ولكن يا سيد , أريد أقصر طريق إلى مدن الشروق !.
التفت يحدق بها قليلا مفكراً , ثم قال : هممم ... في الحقيقة أنها ليست بعيدة لأننا قرب الحدود .. مسافة يوم و نصف اليوم .. و لها طريق واحد من هنا ... إلى الشرق و تميل قليلا شمالاً ... ستجده فوراً , أنه طريق جيد .. لكن في فترة الليل لا أنصحك .. ربما يمر به قطاع طرق... أنهم لا يبالوا أن كان رجلاً واحداً أو مجموعة...
نظر إليها مجدداً و قال بشفقة : انتظر حتى الفجر أيها الشاب اليافع , لا تتعجل , هيا انزل من عندك و تناول بعض الطعام ..!
أومأت مارسيلين و لم ترد أن تكون فضة جداً و لا تقبل نصيحة رجل طيب ... لكن كلما تذكرت والدها شعرت بالقلق الرهيب ... تلك الشقراء المريعة الشريرة لن تجرؤ على فعل شيء لوالدها... و يا رب أن يكون الوزير فالكوس قد رأى الرسالة.
و قبل أن يطلع الفجر بقليل , وضبت حاجياتها مجدداً , و استعدت بالسيف و ركبت الحصان , ثم انطلق بسرعة مع الظلام الخافت ... ظلت تسير حتى وجدت الطريق خارج المدينة ..
وكان طريقاً بريا واسعاً ... و قرب حقول كبيرة .. فراحت تسير بين الحقول تحت الظلمة حتى لا يراه أحد أن كان الطريق مراقب في هذه الساعة ... قطعت مسافة كبيرة قبل أن تتوقف للراحة ..
فجلست جانباً تأكل و تطعم حصانها التفاح , لكن بعد هنيهة سمعت أصوات في الهواء ...ثم انقطع الصوت ..
همست بتوتر : هل اتخيل ؟!...
لكن حصانها توتر أيضاً... و شعرت بالخطر ... زحفت قليلا ثم نظرت حولها جيداً... كان هناك غابة و جبل قريب .. ثم رأت من بعيد ظلال تتحرك و أصوات حوافر الأحصنة ..
همست بتوتر : أنهم ليسوا بعيدون جداً .. أخشى أنهم قطاع طرق فعلاً !.
كانوا يمرون من قربها , فأجلست الحصان و اندست بين الحشائش الطويلة ... بعدما ابتعدوا قليلا زفرت ببطء وهي تنظر الى قدميها من التعب ... فاتسعت عيناها الخضراوين فجأة صدمة عندما رأت أفعى خضراء تبدو سامة جدا تتلوى أمام قدمها ...
شهقت مارسيلين رعباً و انتفضت و كادت الأفعى تقفز عليها , لكن حصانها صهل بقوة و قفز واقفاً على قدميه الخلفيتين ... حاولت أن تسحب نفسها هي بعيداً لكنها تجمدت بمكانها , قفزت عليها الأفعى , غير أن الحصان وثب فجأة و أخذ يضرب الأفعى بحوافره حتى قتلها ...
صرخت وهي تهب واقفة و تتمسك بحصانها القوي ...
ضمت حصانها المنقذ وهي تشهق : آوووه يا ألهي لقد انقذتني , أنك شجاع جداً...
سمعت صيحة غريبة فلتفتت مرعوبة و رأت اؤلائك الاشخاص قد عادوا نحوها .. وكان ضوء الفجر قد بزغ قليلاً... و بانت وجوههم الشريرة التي لا تنوي خيراً...
_ امسكوا بذلك الصبي و الحصان !!.
اسرعت و قلبها يقرع فزعا و قفزت على حصانها ثم انطلقت تعدو بصعوبة وسط الحشائش وهي تريد الطريق.
_ امسكوه .. امسكوه بسرعة قبل أن يفر...
و فجأة مرق شيئا ما من جانب أذن مارسيلين و كأنه طير , ثم مرة أخرى , أدركت برعب أنهم يرمونها بالسهام !!!
_ : لنهرب بسرعة .. اسرع أرجوك...!!
لكن اصاب سهم ما ساق الحصان , فصهل متألما و لم يقدر على الركض ... توقف فوراً و قفزت منه مارسيلين قبل أن يقع على جنبه ... كان الجو معتماً قليلا .. و لم تدري مالعمل ؟!
مسحت عليه وهي ترى دمائه تسيل , كادت تبكي : آووه يا عزيزي ... تماسك... سأهتم بك...!
لكن احاطوها ثلاثة من الرجال بأحصنتهم وكان مع أحدهم قوساً و الأخرين يمسكون بسيوف غليظة مرعبة قد تكسر سيفها الرقيق...
صرخت بهم : ابتعدوا ...
فضحكوا ساخرين منها و قفزوا من أحصنتهم وهم يدورون حولها ينتظروا إليها ...
قال أحدهم : لكنه طفل صغير و لا يبدو ثرياً...!
_ لكن الحصان جيد...!
_ لن تعرف شيئا حتى نفتشه , ثم نقتله و نلقيه بذلك النهر...
وعندما خطوا باتجاهها استلت مارسيلين السيف وهي تمسك بقوة شديدة ...
_ هاها , الصغير يريد اللعب ...!
فكرت الأميرة برعب , لو أنهم علموا بأنها فتاة... فسيكون مصيرها أسوأ ...!!
_ اقتله فقط بسرعة , نحن سنتفرج !.
هجم عليها ضخم الجثة بسيفه ... فحاولت صده بيأس , وهي تنحني بجسدها بخوف .. فصدته قليلا , لكن عاد يضربها مرة أخرى و ثالثة...
مارسيلين تماسكِ ... تماسكِ... اثبتي بقوة... يا ألهي ...سوف أموت !!.
ابتعدت بصعوبة عن ضربة قاتلة ... وهي تشهق ... ثم مرة أخرى و كان الاثنان الاخرين يتفرجان و يضحكان ...
_ كفاك لعباً معه , هيا اقتله...!
_ هاها .. هذا ممتعاً...!
انزلقت فجأة بينما تحاول المناورة و سقطت ارضاً متألمة , فحاول الرجل أن يغرز السيف لكنها تدحرجت يمنة , ثم يسرة ... ثم أخيراً قفزت على قدميها واقفة ثم انسلت من خلفه بسرعة ... التفت إليها سريعاً لكن مارسيلين تشجعت و طعنته بقوة في صدره و عيناها تلمعان شجاعة ...
تحرك معها السيف بسهولة و قوة ... و لثاني مرة تطعن تقتل هكذا ..!
زاغت عينا الرجل و ترنح مبتعداً... ثم دار على نفسه و سقط أرضاً...!!
شهق رفيقاه يحدقان به ... ثم رفعا بصريهما إليها ...
_ أيها اللعين الوضيع !!... لقد قتل صاحبنا !!.
_ اقتله ... اقتله , هذا الحقير الصغير...!
هجما كلاهما عليها ... و كذلك الجزع , ركضت هاربة بكل ما تحمله قدماها من قوة إلى الغابة مفكرة أنها إن حدث و نجت منهما فسوف تعود لحصانها ... اخذت تتعثر في جذور الأشجار الضخمة ... كاد أحدهما أن يمسك بها , لكنها انسلت بسرعة من بين شجرتين ...
_ ذلك الحقير ال....! أطلق عليه سهماً...!!
ارتعبت الأميرة و السهام تنطلق من حولها .و أنى لها الاختباء أو الهرب... سوف تجهد و تتعب , ثم يمسكان بها في النهاية و ستموت ... سيقتلانها و يقطعانها بالسيف...!!
مر شيئا ما سريعاً من جنبها و شعرت بألم رهيب و تمزق, فترنحت وهي ترى سهما قد غرز رأسه كله في جنبها الأيمن ..!!.
شهقت ألما و هي تتلفت حولها ولا ترى سوى الأشجار و اللون الأخضر الذي بدأ يصبح أصفر ثم أبيض ثم أحمر من شدة ما تشعر به ...
سقطت أرضا وهي تمسك بالسهم و جسدها ... شعرت بالدماء بدأت تسيل ببطء .. خافت إن سحبته فسوف تموت من الألم و سوف تسيل الدماء بغزارة من الجرح...!
تأوهت غير قادرة على التنفس جيداً.... ثم استجمعت شجاعتها و صرخت بقوة : النجداااااااااااة !!..
_ هاه لقد سقطت اخيراً ... أيها الصغير اللعين...
_ هيا لنقتله , هو قد وفر علينا حمله إلى النهر!
_ و الآن هذا لأجل رفيقنا ...!
أغمضت عينيها بقوة غير قادرة على النظر إلى المجرمين ... ولكن....
مرت عدة ثوان ... فجأة صرخ أحدهم صدمة : يا صديقي مابك ؟!. ما هذا ؟!.
فتحت عينيها ببطء و نظرت بقلق إلى الرجل , كان أحدهم قد سقط ميتاً و الأخر يمسك به و يحدق أمامه... نظرت بتعب إلى حيث ينظر ...
ولم تصدق ما تراه عينيها , لكن من هذا ..؟!

ظهر رجل ما يرتدي قميصا أبيض مفتوح فوق صدره و سروال أسود عادي , وجهه مختفي في ظل الأشجار و بيده سيف طويل دقيق , أنه سيفها الذي لا تدري كيف فقدته ...!!
تقدم قليلا لفسحة الضوء , و شهقت مارسيلين وفمها مفتوح كلياً... هذه لا يمكن أن تكون مصادفة...!!
كان هذا "سيدريـك" .. و لكن ليس بلباس الحارس المعدني... بل بملابس عادية , و قد ربط شعره الداكن لخلف عنقه , و بان شكل وجهه الجميل و كأنه نبيل ما أو أمير تائه ..!!
حرك السيف بهدوء بيده و عيناه البنفسجيتان داكنتان ينظران إلى ... لا شيء كالعادة...!, لكن بان العبوس و الغضب بوجهه المشدود ...
صرخ الرجل الشرير : اللعنة ! سأقتلك ...
و هب واقفاً ثم استل قوسه و أطلق سهمه بسرعة بالرغم من قرب "سيدريك" منه , لكن الحارس بسرعة لم تستطع مارسيلين ملاحظتها حرك السيف و كسر السهم لنصفين , لم ينتظر الرجل أكثر وهجم عليه بسيف صاحبه ..!
ثانيتين ...ثم ... سقط أرضاً بلا حراك ..!
تأوهت الأميرة بألم وهي تتلوى بمكانها , همست بضعف : سـ... ساعدني .. آه .. أرجوك !.
ألقى سيدريك السيف جانباً ثم أصبح إلى جانبها بخطوة , ركع على ركبتيه و همس بصوته الخافت القلق :
_ هل هو سهم... أين هو ؟!.
ردت مارسيلين بألم شديد و دموعها تسيل كالنهر : لقد... دخل كله في... جانبي... آه .. آه...
و بكت متألمة وهي لا تقدر على الحراك .. ولا تدري مالعمل !. شعرت بالصدمة و التعب .. والغرابة , فـ سيدريك هنا !.
_ ستكونين بخير يا أميرة , تماسكِ هنا نهر قريب , سأخرج هذا الشيء و سيزول الألم...
توسعت عيناها ألماً و سيدريك يريد حملها , صرخت : لا لا لا .. مهلاً... مهلاً... أشعر بأنه يقطع قلبي !!.
وهي تضع يدا على قلبها الخافق المرتجف , و الأخرى فوق جبينها المتعرق الساخن ..!
_ يجب أن يخرج يا سيدتي , تماسكِ .. سيكون كل شيء بخير ..
تمالكت نفسها بصعوبة وهي تحبس الهواء بصدرها , حملها سيدريك بكل حذر و حرص , ثم أخذ يسير , بينما السهم مغروز بها يطعنها كل ثانية تشعر بالألم الحاد , و كأن كل جسدها اشتعل لهيباً ...
لم يتوقف حتى أصبح هو وسط الماء الذي يغمر ساقيه , أخذت الأميرة تتنفس بصعوبة وهي تغرس أصابعها بقوة في كتفيه القويين العريضين ... عضت شفتيها بألم و ارتجفت قائلة :
_ لا ... لا لـ...لـ لا تقل لي بأنك ستخرجه .. سـ... سأنزف حتى الموت !!
همس بهدوء و ثبات : لدي شيء يوقف النزيف و يزيل الألم , يجب أن تتشجعي قليلا فقط سيدتي...
قالت بارتجاف باكي و دموعها تسيل : الويل لك !!.. سأموت هكذا ...!!
وكانت تشهق و تنتفض وهي تتشبث به بقوة , تنفس سيدريك بهدوء ثم نظر في وجهها و كأنه يحدق بعينيها قال هامساً :
_ ثقي بي , أرجوك ..
نظرت في عينيه البنفسجية العميقة و بوجهه الهادئ المريح , قالت وهي تشعر بألآم مختلفة : لـ..لـ..لقد تركتني وحدي... لا .. لا أحد إلى جانبي !.
أسدل رموشه السوداء قليلاً و رد هامساً : آسف لكل ألم اصابك .. هل ستثقين بي مجدداً ؟!.
ارتجفت قائلة : إن... إن... إن تركتني وحدي مجدداً لن اسامحك سـ... سيدريك .. أبداً !.
_ لن اتركك , أني إلى جانبك الآن !.
شهقت عندما انخفض على ساقيه و مسها الماء , طمئنها بهدوء : الماء سيخفف الألم ...اقبضي على انفاسك قليلاً أرجوك !.
شهقت مجدداً وكتمت أنفاسها امسك سيدريك بالسهم ثم سحبه بسرعة خاطفة و بدقة شديدة , لكن الألم فوق أن يحتمل ... فصرخت بألم و كأن عضواً انتزع منها ...
سالت الدماء سريعاً و تلون الماء حولهم بالأحمر...
لفها سيدريك بسرعة بحزامه القماشي العريض الذي كان حول وسطه , لكن مارسيلين لا تزال تشعر بالألم و عندما رأت دماءها قالت بتعب : أخبر أبي بأني أحبه....!
و فقدت وعيها ببطء ..