لماذا يحرم بعضهم من فوائد الصوم ؟ قد يلاحظ بعض الصائمين أنهم لم يستفيدوا صحياً من صيام شهر رمضان الكريم، تلك الفوائد التي تذكرها كثير من الموضوعات الطبية وأثبتتها كثير من الأبحاث العلمية. فمثلا بدل أن ينشط جهازهم الهضمي وتقل أمراضه نجدهم يعانون من عسر الهضم ونوبات الإسهال وكثرة الغازات، وبدلاً من انخفاض وزن الجسم وزيادة نشاطه وحيويته نجد أجسامهم تثقل وتزداد كسلاً وضعفاً، فلماذا حُرم هؤلاء من فوائد الصيام العديدة رغم أنهم امتنعوا عن تناول الطعام والشراب طوال فترة الصوم؟ كيف يحسّن الصيام من صحة الجسم؟ قبل التحدث عن الأسباب التي تجعل بعض الصائمين يُحرم من فوائد الصوم الصحية دعونا نشرح لكم كيف يحسن الصيام من صحة الجسم؟ خلال شهر رمضان المبارك يلتزم الصائم ببرنامج غذائي وحياتي جديد وفريد من نوعه مقارنة بما اعتاد عليه في الأشهر الباقية من السنة ويتمثل هذا البرنامج في الامتناع عن الطعام والشراب حوالي اثني عشر ساعة ثم تناول الغذاء بعدها بشكل معتدل وبدون إسراف على ألا يقضي الصائم نهاره في النوم والراحة بل يستمر في ممارسة عمله اليومي الذي اعتاد عليه. أما الأمر الآخر الذي يستجد في حياة الإنسان المسلم خلال شهر رمضان الكريم فهو زيادة بهجته وسعادته وصفاء نفسه، فرغم أنه لم يستجد شيء في قوانين الكون أثناء شهر رمضان إلا أننا عندما نقارن حال الناس قبل رمضان وحالهم أثناء رمضان نجد وكأن طائفاً إلهياً مّر على كل بيت وشارع ليمنحه السعادة والبهجة و السكينة والطمأنينة. و الآن دعونا نحلل بشكل علمي وطبي كيف يحسن صيام شهر رمضان المبارك من صحة الجسم؟ الصيام مع الحركة: إذا تركنا جسم الإنسان يتحرك وهو صائم هذا يعني أننا نجعله يستمد طاقته من الغذاء المخزون فيه، ولأن آخر وجبة تناولها الصائم هي وجبه السحور التي تعتبر مصدراً للطاقة في ساعات النهار الأولى فهذا يعنى أن جسم الإنسان سوف يكون مضطراً لتكسير وحرق المواد الغذائية السكرية المخزونة في الكبد ثم إذا ما انتهت تلك ا لمواد السكرية فإنه يبدأ بحرق المواد الدهنية ثم البروتينية، ويعتبر حرقه لتلك المواد بمثابة تخليص الجسم من تراكمات غذائية قديمة، ولعل من أهمها المواد الدهنية التي يذيبها الصوم كما يذيب الماء الثلج، ومن بين هذه الدهون التي تُذاب الدهون المتراكمة في جدران الأوعية الدموية فيؤدي ذلك إلى زيادة تدفق الدم للخلايا وبالتالي زيادة حيوية ونشاط الخلايا، وبالتالي زيادة وظيفة وحيوية أجهزة الجسم المختلفة، أما تأثير الصيام على حرق المواد البروتينية المتراكمة فمثله كمثل الجراح الدقيق الماهر الذي يستأصل الخلايا المريضة والميتة من الجسم وبعد ذلك يستبدلها بخلايا جديدة وصحيحة، وسبحان القائل في كتابه العزيز: {..وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون}.[البقرة: 184] شهر رمضان والصحة النفسية: من الأمور التي تستجد في حياة المسلم أثناء شهر رمضان الكريم والتي سبق وأن ذكرناها هي تحسن صحته النفسية مثل: سكون العواطف والتخلص من الهم والحزن والكآبة والشعور بالفرح والأمل، وسكون القلب وسمو الروح، كل تلك الأمور تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على صحة أعضاء الجسم؛ فكما هو معروف أن هناك أمراضاً عديدة يُصاب بها الإنسان بسبب تدهور صحته النفسية، وهذه الأمراض تسمى "الأمراض الجسميّة النفسيّة" مثل: الشقيقة و أمراض الحساسية والقولون العصبي و القرحة وغيرها من الأمراض. أسباب عدم استفادة بعض الصائمين من فوائد رمضان الصحية مما سبق يتجلى بوضوح الأسباب والحالات التي يخسر فيها يعض الصائمين فوائد رمضان الصحية ومن هذه الأسباب: 1ـ زيادة النوم والراحة أثناء نهار رمضان، بل إن كثيراً من الموظفين والعاملين يعمل المستحيل لكي تكون إجازته السنوية في شهر رمضان، ومعروف أن الجسم عندما يكون نائماً أو ساكناً فإن حاجته للطاقة تقل وبالتالي ليس بحاجة إلى حرق المواد الغذائية المتراكمة. 2ـ الإسراف في الأكل أثناء ليل رمضان وبشكل مبالغ فيه حتى إن بعض الأسر ترتفع ميزانية مصروفاتها في شهر رمضان الكريم إلى أضعاف مضاعفة. 3ـ عدم الاستفادة من فوائد شهر رمضان النفسية بسبب ابتعاد بعض الصائمين عن الأمور التي تزيد في سمو الروح ونقاء النفس وتهذيب الأخلاق وإدخال البهجة والسعادة على أنفسهم، وأقصد بهذه الأمور المكوث في المساجد والمحافظة على صلاة القيام، وحضور المحاضرات، وإيتاء الصدقات والسعي في حاجة الفقراء والمساكين، فللأسف الشديد قد يقضى هؤلاء جل ليلهم في المقاهي أو أمام القنوات الفضائية أو في الطرقات أو اللعب أو اللهو، فنسأل الله - سبحانه وتعالى - لهم الهداية والتوفيق وألا يكونوا ممن قال فيهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم -رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش). |