فتحت عيني بتعب لأعلم بأن الصباح قد حل ..!
شعرت ببعض الألم في جسدي بسبب نومي بشكل فوضوي وهذا مالم أعتد عليه ..!
نظرت إلى ثيابي لأتفاجأ بأني نائم بملابس رسميه !!!..
لوهله .. تذكرت ما حدث ليلة الأمس ..!
نعم .. الحفله .. و الأخوان ميشيل و ريكايل .. و الإستياء من قبل أصدقائي .. و في النهايه ليندا التي أحضرتني إلى هنا !!..
آآآه .. كم كان الأمس سيئاً بالنسبة لي !!..
وقفت بتعب .. و أتجهت إلى الخزانه .. لم يكن فيها شيء سوا بجامة نوم !!..
أوووه لا .. لا يمكنني الخروج بهذا المظهر !!..
سحقاً !!..
فكرت في حل .. لم يكن لي سوى أن أتصل بأحد الخدم في القصر و أطلب منه إيصال بعض الثياب مع مفاتيح سيارتي إلى هذه الغرفة من هذا الفندق ..!
وهذا ما حدث !!..
دخلت إلى دورة المياه كي أخذ حماماً بارداً لينعشني ..!
و بعد حوالي خمسة عشر دقيقه خرجت و أنا أرتدي بجامة النوم .. الشيء الوحيد اللذي وجدته في أحد أدراج الخزانة الكبيره ..!
كنت أضع منشفة بيضاء على رأسي .. إستلقيت على السرير بتعب و أنا أفكر .. أو بالأحرى أتذكر ..!
,’,×’,’
جلست على ذلك الكرسي الصغير بمساعدة أمي .. لقد كان الأمر متعباً نوعاً ما ..!
لم تكتمل فرحتي بمغادرة هذه الغرفة أخيراً .. فالخوف من الأشياء خارجها كان يقلقني ..!
كطفل في السابعه .. أظن أنه من الصعب علي مواجة العالم بعد ما حدث ..!
شعرت بأمي تحتضنني بحنان و هي تهمس : لا تخف طالما أنا سأبقى معك ..!
و بنبرة طفولية سألت : لـ .. لن .. تتر .. كيني ؟!..
أومأت إيجاباً وهي تبتسم رغم الدموع التي تجمعت في مقلتيها الزرقاوتين : بالتأكيد لن أتركك .. إطمئن لينك فأمك لن تبتعد عنك أبداً ..!
رفعت رأسي لأنظر إلى عينيها و أنا لا أتوقف عن الإرتجاف حتى إنحنت لتقبل وجنتي بلطف مما جعلني أهدأ قليلاً ..!
إستدارت بهدوء ناحية السرير الأبيض في تلك الغرفة و أخذت البطانية الحمراء الصغيره .. تقدمت ناحيتي و وضعتها على قدمي وهي تبتسم : لنعد للبيت الآن .. الطبيب يقول أنك لم تعد بحاجة للبقاء هنا ..!
تمتمت بتساءل : ماما ..! إنه .. شـ .. شخص .. سيء .. صح ؟!!..
أومأت سلباً وهي تمسح على رأسي : لا .. أنت مخطأ يا عزيزي .. إنه شخص جيد و يساعد الناس كي يتخلصوا من ألامهم !!..
أنا أيضاً أومأت سلباً بإعتراض كبير و صوتي بالكاد يخرج : لا لا.. إنـ .. إنه .. سيء !!.. كلهم سيـ .. ـئون !!.. أنا .. لا أحـ .. حبهم !!..
تنهدت بحزن ولم ترد أن تجادلني في الأمر !!..
وقفت خلفي و أمسكت بمقبضي ذلك الكرسي المتحرك الذي كنت أجلس عليه !!..
دفعته بهدوء و هي تغادر الغرفة ..!
عند الباب كان هناك إثنان جاءا مع والدتي .. أحدهما مقرب جداً من الأسره !!..
لقد كان صديق عزيزاً على قلب أبي .. لذا كانت والدتي تقدره كثيراً ..!
إقترب مني ذلك الشاب .. لقد كان في التاسعة و العشرين من عمره : كيف حالك لينك ؟!..
لم أجب بل بقيت أنظر إليه بنوع من العدوانيه !!..
بدا عليه الحزن من نظراتي فقد كان يحبني كثيراً في السابق .. و أظن أني كنت كذلك !!..
علم بأني أخرجته من دائرة الأشخاص اللذين أثق بهم .. حقيقةً كان الشخص الوحيد اللذي تمكن من دخول تلك الدائرة هي أمي !!!..
نظرت إليه أمي بهدوء : أدريان .. هل كل شيء بخير ؟!!..
كانت تحاول تغير الموضوع فنظر إليها أدريان بهدوء : بالتأكيد سيده مارسنلي .. السيارة في الخارج تنتظركم .. و قد تدبرنا أمر تضليل رجال الصحافه !!.. لكن و كنوع من الحيطه سوف نخرجكم من الباب الخلفي ..!
أومأت أمي و الحزن باد في عينيها اللذي إتضح أنهما لم تذوقا طعم الراحة و النوم منذ أيام !!..
أراد الخادم الذي كان هو الشخص الثاني التقدم لدفع الكرسي عوضاً عن والدتي لكني رمقته بنظرة جعلته يتوقف في مكانه بينما قالت والدتي بهدوء عندما رأت نظرتي تلك : لا داعي لأن تدفع الكرسي فأنا سأفعل ذلك ..!
نظرت إلى الإمام و طأطأت رأسي بألم .. تلقائياً سالت دموعي و لم أستطع منعها !!..
بينما ربتت أمي على كتفي و همست لي : حبيبي .. لا بأس عليك ..! قلت لك بأن كل شيء سكون على ما يرام ..! صدقني لن يتكرر هذا مجدداً أبداً !!..
هذا ما قالته و دموعها هي الأخرى تسيل على وجنتيها ..!
مما جعل أدريان يتقدم ليقول بأحترام : سيدتي .. أنغادر الآن ؟!!..
أومأت والدتي إيجاباً وهي تدفع ذلك الكرسي المتحرك بينما كنت أجلس عليه بجسد يرتعش خوفاً !!..
’,’ × ’,’
قطع علي ذلك صوت الجرس ..!
يبدو أن ملابسي وصلت أخيراً..!
حاولت تناسي ما كنت أفكر به .. حين كنت وحيداً لا أثق بأحد كما يحدث معي الآن ..!
نظرت إلى الساعه .. إنها تشير إلى العاشره ..!
إتجهت إلى الباب و فتحته .. كان أحد الموظفين يحمل حقيبة ..!
أخذتها منه ووقعت على ورقة إستلامها و أغلقت الباب ..!
فتحتها لأرى بنطال جينز أزرق طويل مع قميص أبيض فاخر قصير الأكمام ..!
بدلت ملابسي بسرعة و قررت أن أنزل إلى المطعم لأتناول الفطور في الأسفل فقد شعرت ببعض الجوع ..!
لم أرد البقاء وحدي و تناول الفطور في الغرفه ..!
لذا رتبت نفسي و غادرت غرفتي ..!
أتجهت إلى المصعد و نزلت فور أن فتح باب المصعد رأيت الردهة الكبيرة أمامي ..!
هناك مكتب الإستقبال ..!
وفي زاوية أخرى توجد بوابة للدخول إلى صالة الحفلات ..!
هناك أيضاً عدة طاولات بلياردو .. و المطعم من جهة أخرى ..!
و مكان للجلوس و متابعة التلفاز حين تكون هناك مباريات كرة مهمه ..!
إنطلقت إلى وجهتي وفور أن وصلت أتخذت مكاناً إستارتيجياً على طاولة مطلة على الحديقة حيث بركة السباحة الكبيرة التي كان بعض الأطفال يسبحون فيها ..!
إنتبهت للنادل الذي وصل : طلباتك سيدي ..!
ببرود نظرت إلى المنيو أمامي و طلبت بعض الشطائر المتنوعه ..!
إبتسم ذلك الشاب بهدوء : و ماللذي تشربه سيدي ؟!.. قهوه ؟!.. شاي ؟!!. أم تريد النبيذ ؟!!..
إرتفع حاجباي بأستنكار : نبيذ !!!!..
هكذا قلت بنبرة مستنكره : نعم !!.. هل هناك شيء ما ؟!!..
ضربت على الطاولة بشدة و وقفت : منذ متى و الكحول موجودة في فنادق مارسنلي ؟!!!!!..
بدا الشاب متفاجأً : أنا جديد !!.. صدقني لا أعلم عما تتحدث !!..
إزداد غليان دمي لأصرخ : أين مديرك ؟!!.. أحضره إلى هنا فوراً !!..
كان الناس يراقبون الموقف مذهولين !!..
يتساءلون عن سبب غضبي هكذا رغم أنه أمر عادي في فرنسا ؟!!..
بذات النبرة قال ذلك النادل : لكن المدير لا يقابل أي أحد !!.. يجب أن يكون لديك إذن رسمي أيها السيـ ..!
قاطعته بغضب : ألا تعلم من أنا يا هذا ؟!!.. أنا هو السيد مارسنلي صاحب هذا الفندق !!..
شهق ذلك النادل متفاجأً بينما تابعت أنا بذات غضبي : ربما لا تعالم يا هذا بأنه من الممنوع بيع أو توزيع أي نوع من الكحول في أي فندق أو مطعمٍ من فنادق و مطاعم مارسنلي !!.. أين مديرك أخبرني حالاً ؟؟!!..
إبتلع ريقه بصدمة وهو يقول : إنه ليس هنا الآن .. سوف يعود وقت الظهيره !!..
سرت مغادراً المكان و أنا أقول : له عندي حساب عسير حين يعود !!..
.................................................. ....
هاهي سيارتي السوداء تنطلق بسرعة خاطفة بسبب غضبي اللذي إشتعل ..!
لاشك أنهم يفعلون هذا دون علم والدتي !!..
نعم .. هذا أكيد ..!
إنهم يتحايلون من أجل جلب المزيد من الزبائن و كسب الكثير من المال ..!
علي الآن التحرك حالاً لفعل شيء يوقفهم عند حدهم ..!
لذا أخرجت هاتفي و أجريت إتصالاً مهماً : مرحباً ..!
أجابني الطرف الآخر بإحترام كبير : أهلاً سيد مارسنلي .. كيف هي أحوالك ؟!!..
ببرود قلت : بخير .. أأنت في الشركة الآن ؟!!..
بنفس النبرة السابقه : لا .. هل أخدمك بشيء ؟!!..
تنهدت بتعب و أنا أقول : إسمع أدريان .. يجب عليك إنشاء لجنة تفتيش فوريه ..!
بدا بعض الإستغراب في نبرته : هل حصل شيء ما سيدي ؟!!..
بجد قلت و قد إتضح الغضب في داخلي : لقد تم بيع النبيذ في أحد فنادقنا .. إنه الفندق اللذي يقع بالقرب من حديقة برج إيفل !!..
إنفعل حينها وقد كان الإستياء واضحاً في صوته : متى حدث هذا ؟!!.. يجب أن يعاقب كل مسؤول عن هذا التصرف !!..
بهدوء قلت : سأتصرف مع مدير ذلك الفندق بنفسي .. أما أنت فقم بعمل هيئة تفتيش سريعة لكي نتأكد من خلو بااقي الفاندق و المطاعم من تلك الأشياء !!..
بحزم قال : بالتأكيد .. سأبدأ بالعمل على الفور !!..
أغقلت الخط حينها و تركت هاتفي بإهمال على المقعد الآخر بجانبي ..!
أدريان .. إنه الذراع اليمنى لأمي .. يمكنكم القول بأنه رقم إثنان في الشركه ..!
إنه في التاسعة و الثلاثين من عمره لكن خبرته بخبرة خمسين عام !!..
في الحقيقه .. أنا أثق به بشكل كبير رغم أني لا أظهر ذلك ..!
في طفولتي و بشكل ما بدا كأبٍ لي .. فهو دائم التواجد في منزلنا من أجل مناقشة أمور الشركة مع أمي ..!
بالنسبة لمن عاش طفولة بدون أب .. سيشعر بأن أي رجل يعامله بلطف و يلاعبه يكون مثل أبيه !!..
لكن .. المهم الآن هو منع أولائك الأوغاد من بيع الكحول هنا ..!
ربما تتعجبون من هذا الأمر .. لذا سأخبركم بالسبب ..!
أتذكرون حين ذكرت لكم قصة حبسي مع أليس في قبو ذلك المبنى المهجور ..!
بعد تلك الحادثه و حين رأت أمي كيف صرت بسبب أولائك الثملين عرفت مدى خطورة الوضع .. لذا منعت إدخال الكحول إلى أين من فنادقنا أو مطاعمنا .. يمكنكم القول أنه قد أصابها ما يشبه العقدة النفسيه .. فحتى في الحفلات التي تقيمها شركتنا لا يتم فيها توزيع النبيذ على الضيوف ..!
ذلك الآمر أراحني كثيراً .. ففي الحقيقة أشعر بالرعب كلما رأيت ثملاً في طريقي !!..
........................................
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |