part 10 كنت أستلقي على تلك الأريكة أحاول النوم .. لم أستطع ..!
الساعة الآن هي الثالثة فجراً ..!
بعد أن ذهب الأطفال لكي يناموا و ذهبت جوليا معهم طغى الهدوء على هذه الغرفه ..!
كنت قد إستلقيت على الأريكة فلا يوجد سرير إضافي ..!
و رايل أيضاً كان على الأريكة الأخرى و يبدو أنه نام ..!
بدأت أحسده .. فهو يعيش حياة ربما تكون أكثر راحة من حياتي !!..
هاتفي يرن منذ ساعتين بتواصل .. لكني كتمت صوته حتى لا يزعجني أو يزعج رايل ..!
رفعت هاتفي و نظرت إلى أسماء المتصلين .. أمي و العم رونالد و الخالة كاثرن و ليندا و حتى أدريان !!..
كلٌ منهم إتصل عدة مرات ..!
هناك أيضاً بعض الرسائل ..!
فتحت صندوق الرسائل و نظرت إلى آخر رسالة .. كانت من ليندا ..!
( لينك .. إذا كنت مصراً على عدم الإجابه و مصراً على قضاء ليلتك خارج المنزل فأرسل رسالة إلى والدتك المسكينة و أخبرها بحالك فهي هنا تبكي منذ خرجت !!.. مع أني لا أعلم مالقصه و لأن أبي قال لي بكل وضوح بأنه يجب أن لا أعلم ما سبب هذه الفوضى إلا أني أريد أن أطمأن عليك أنا أيضاً !!.. )
لم أعلم ماللذي يجب علي فعله !!..
يبدو أن الجميع قلقون علي !!..
لكن .. لما يقلقون علي بما أني لست إبنهم ؟!!..
لحظه .. ربما أكون إبن أحد أقرابئهم و قد توفي والداي فقاموا بتربيتي !!..
هه .. أو ربما وجدوني ملقياً في الشارع فأخذوني بدافع الشفقه !!..
لم أعد أفهم شيئاً !!..
أنا واثق بأن مشاعر الأمومة لدا إلينا كانت صادقةً إتجاهي حتى صدقت أني إبنها !!..
حتى جاستن .. رغم أني لا أذكره إلا أني رأيت عدة أقراص فيديو لي في طفولتي و قد كان معي ..!
ظهر عدة مرات وهو يحملني و يطلب مني أن أردد خلفه كلمة " بابا " !!..
لما هما متعلقان بي ؟!!..
ربما أكون إبن صديق حميم لهما !!..
أو ربما يكون أحدهما قد تسبب في موت والداي بحادث سير مثلاً فتبونني كي يكفروا عن تلك الغلطه !!..
يا إلهي !!.. هناك عدة أسباب لكني لا أعرف مالحقيقي منها !!..
أشعر بالتعب و أتمنى النوم ..!
لذا .. أرسلت رسالة إلى هاتف إلينا تقول ( أنا بخير ) !!..
مهما يكن فأنا لا أحتمل أن أتركها قلقة و حزينه !!..
أغلقت الهاتف بعدها و أغمضت عيني في محاولة يائسة للنوم !!..
.................................................. ................
فتحت عيني بإرهاق على ذلك الصوت : تقول لينك .. نعم إنه هنا !!....... لكنه نائم ......... لا أعرف لكنه بيتنا ............. آه نعم رايل أتى معه إلى هنا أيضاً !!..
لا أعلم من الذي يتحدث بالضبط ؟!.. لكنه أحد الأولاد ..!
ماللذي يقوله ؟؟!!..
رأيته يجلس على الأرض قربي و بيده هاتفي !!..
إستوعبت الأمر حينها : مايك ماللذي تفعله ؟!!..
إلتفت إلي حينها فأخذت الهاتف منه و أجبت : من المتحدث ؟!!..
جاءني صوت أحدهم حالاً : سيدي !!.. أين أنت ؟!!.. الجميع قلق عليك !!..
إنه ذلك الأدريان : لا شأن لك بي !!..
بدا الجد في صوته : سيدي .. عليك العودة للمنزل حالاً .. و أعدك أننا سوف نخبرك بالقصة كامله !!..
شعرت بالغيض منه : و لما أنت تعرف القصة كاملة ؟!!.. لما يجب أن تكون أحد أبطال الحدث ؟!!..
نبرته الواثقة أزعجتني : ذلك لأني عرفتك قبل السيدة مارسنلي !!..
ماللذي يقصده ؟!!..
لا أعلم لما لكني أشعر دائماً بالغيرة منه !!..
ربما لأنه مقرب جداً من أمي .. أو أقصد من إلينا : إسمع أدريان !!.. سأعود متى ما أردت العوده !!.. لذا لا تتعب نفسك في البحث عني !!..
واضح أن كلامي لم يعجبه : إفعل ما تشاء .. لكن عليك أن تعلم بأن السيدة إلينا تكاد تموت من الحزن بسببك !!..
أغلق الخط بعدها !!..
ذلك المتعجرف !!!!!..
عدت بعدها لأنظر إلى مايك اللذي كان يراقبني : لما أجبت على الهاتف ؟!!..
هذا ما قلته و أنا أحاول كتم غضبي !!..
ببساطة أجابني : لأنه كان يرن !!..
لم أستطع أن أسيطر على غضبي فصرخت في و جهه : لكن ذلك لا يعني أن تأخذه بغير أذن !!..
بدا أنه خاف من صراخي عليه فقد تغيرت ملامحه ..!
يا إلهي .. لم يكن علي أن أفعل هذا !!..
علي أن أسرع بتحيح خطأي ..!
لذا إبتسمت بهدوء و ربت على رأسه : إسمع مايك .. ما فعلته يعد عملاً سيئاً ..! لذا عدني بأن لا تعود لمثل هذا مجدداً !!..
بدا أن إبتسامتي هدأت من روعه فأبتسم هو الآخر بهدوء : آسف .. أعدك أن لا أفعل هذا مجدداً ..!
إتسعت إبتسامتي حينها : ولد جيد !!.. إذهب و ألعب مع أصدقائك الآن ..!
بلا نقاش وقف و إبتسامته على شفتيه و غادر !!..
ما أكثر الأشياء التي أجهلها عن نفسي ..!
و أحدها هو .. منذ متى و أنا أجيد التعامل مع الأطفال ؟!!..
سؤال كألف سؤال يدور في ذهني الآن ..!
أشعر بالتعب كلما قفز سؤال جديد في خاطري و كأنه كيلو جرام يضاف لوزن الهم الذي على ميزان كاهلي !!..
بعد خروج الفتى نظرت إلى ساعتي .. إنها التاسعة صباحاً ..!
يفترض أن أكون في المدرسه !!..
حتى البحث لم أسلمه !!..
جسدي مرهق بسبب نومي الغير صحي على تلك الأريكه ..!
نظرت إلى الأريكة الأخرى فلم أجد ريكايل .. أين هو ؟!!..
سمعت صوتاً قرب الباب : إستيقضت ؟!!..
رفعت رأسي لأرى جوليا .. خالفها كان رايل ينظر إلي بهدوء ..!
تقدم الإثنان و جلسا بقربي ليسألني هو بقلق : كيف حالك اليوم ؟!!..
بضجر أجبته : أسوء من السابق !!..
تنهد بتعب و كأنه يشاكرني تعبي : ألن تخبرني مالقصة بالضبط ؟!!..
لم أعلم إن كان يجب أن أخبره ؟!..
لكني شعرت برغبة قوية في ذلك : بلا .. لكن أولاً .. آنسه جوليا .. هلا دللتني إلى دورة المياه ..!
.................................................. ..
بعد أن حكيت القصة كاملةً على رايل و جوليا بدا التفاجوء على كلاهما و خاصة رايل !!..
هل إتخذت القرار الصحيح بإخبارهما يا ترى ؟!!..
لا أعلم ماللذي دفعني لإخبار جوليا أيضاً !!..
لكني كنت أتكلم بلا شعور : هلا وعدتماني أن تكتما الموضوع ؟!!.. حتى عن ميشيل !!..
أومأ كلاهما إيجاباً : بالتأكيد سنفعل ..!
أسندت رأسي إلى الخلف بتعب .. ماللذي يجب أن أفعله الآن ؟!!..
هل أذهب إلى منزل مارسنلي لأفهم مالقصه ؟!!..
ربما معرفتي لسبب ما يحدث الآن سيريحني !!..
رأسي يكاد ينفجر ..!
و لن أرتاح إلا إذا عرفت الحقيقه : رايل .. هل تأتي معي ؟!!..
رفع رأسه ونظر إلي بإستغراب : إلى أين ؟!!..
وقفت حينها محاولاً المحافظة على توازني : إلى .. قصر مارسنلي !!..
.................................................. .......
دخلت من بوابة القصر و خلفي ريكايل الذي بدا عليه التوتر مثلي ..!
و في ردهة المنزل الواسعة إستقبلتنا جيسكا التي لم تتغير ملامحها الصارمة عن المعتاد .. و الواضح أنها الأقل قلقاً بين الجميع : أهلاً بعودتك سيدي .. تفضل معي من فضلك ..!
لم أرد عليها بل سرت أتبعها و قد أشرت لرايل أن يتبعني هو الآخر ..!
دخلنا إلى المصعد و أتجهنا إلى الدور الثالث ..!
هل ستأخذنا إلى غرفة إلينا ؟!!..
هذا واضح فبعد خروجنا من المصعد و وصولنا إلى الممرات الثلاث المؤدية إلى غرفتي و غرفة أمي و كذلك غرفة هذه العجوز سارت فوراً في الممر المؤدي لغرفة سيدة المنزل ..!
شعرت بالتوتر أكثر من ذي قبل ..!
( أنا لست والدك و هذه ليست والدتك !!.. أنت لست أبننا الحقيقي !!.. )
لازالت تلك الجملة تدور في ذهني منذ ليلة الأمس .. تلك الليلة الأكثر غرابة في حياتي !!..
( ربما لست الأم التي أنجبته لكني الأم اللتي ربته !!.. )
من تكون تلك الأم التي أنجبتني يا ترى ؟!!..
فتحت جيكسا الباب و دخلت فلحقت بها و نظرت إلى رايل كي يتبعنا ..!
لا أريد أن أكون وحيداً في موقف صعب كهذا !!..
دخلنا إلى الجناح الواسع و الفاخر .. حيث ذلك التلفاز الكبير و الأراك الفخمه و التحف الفاخرة في كل مكان ..!
تجاوزنا كل ذالك و أتجهت إلى الباب الداخلي .. إنها غرفة النوم ..!
طرقت الباب طرقتين ثم فتحته و دخلت ..!
تبعناها إلى الداخل ..!
أدريان كان هناك يقف قرب السرير و قد بدى القلق في ملامحه ..!
وقعت عيني عليها و قد كانت نائمةً في فراشها الواسع ..!
إقتربت أكثر منها كنت متوتراً جداً ..!
و حين وقفت بجانب أدريان نظرت إليها .. كان واضحاً أن الدموع قد غسلت وجهها الشاحب ..!
حاجباها تقاربا دليل ضيقها و قد ظهرت علامات المرض عليها !!..
تفاجأت حقاً .. لما صارت بهذه الحال ؟!!..
أكل هذا لأني علمت بذلك السر و غادرت المنزل ؟؟!!!..
أهي متعلقة بي إلى هذا الحد ؟!!!!!..
شعرت بالضيق قد إحتل صدري في تلك اللحظه !!..
كيف سمحت لنفسي بإزعاجها هكذا ؟!!..
يالتصرفاتي السيئه : لم تنم إلا منذ دقائق .. الأفضل أن تتركها ترتاح !!..
كان هذا همس أدريان لي ..!
لم تنم منذ البارحه !!..
لن أكذبه بما أني أرى أنها الآن ترتدي ذات الفستان اللذي كانت ترتديه ليلة الأمس !!..
مالذي عليك فعله الآن يا لينك و أنت ترى والدتك بهذه الحالة السيئه ؟!!..
بلا شعور تقدمت و جلست على حافة السرير ..!
أمسكت بيدها التي كانت قد بسطتها بجانبها ..!
إنها أمي .. نعم هي أمي !!..
دمعت عيناي و أنا أتذكر كم مرة حضتني و أشعرتني بالأمان !!..
كم مرة وعدتني بأنها سوف تجعلني أسعد إبن في هذه الدنيا !!..
كم مرة فكرت في أني لم أفقد أبي لأن والدتي الرائعة عوضتني !!..
أخبريني يا إلينا .. لما أنت متعلقة بي ؟!!..
لما جعلتني متعلقاً بك ؟!!..
لقد بدأت أبكي فعلاً ..!
لم أعد أريد أن أعرف شيئاً !!..
أريد أن أنسى ما حدث فقط و أتابع حياتي الطبيعيه !!..
نعم .. أريد أن تعود الأمور لمجاريها !!..
شعرت بها وقد تحركت حينها ..!
نظرت إلى وجهها فرأيتها تفتح عينيها الزرقاوتين التان إختفى بريقهما ..!
إعتدلت في جلستها دون أن تنظر ناحيتي ..!
بدا أن الإرهاق قد قضى عليها : أ .. أمي !!..
هذا ما نطقت به لا بشعور !!..
رفعت رأسها حالاً إلي و حين إستوعبت الأمر بدا أنها صدمت حقاً !!..
لكنها بكت بعدها وقد ربتت على كتفي : لينك لقد عدت إلى هنا !!..
أخذت تبكي .. لا أريد رؤية دموعها !!..
بلا شعور مني أمسكت بكلا يديها و قبلتهما : أرجوك سامحيني يا أمي !!.. لم أعد أريد أن أعلم شيئاً !!!.. إن كان هذا سيفعل بك كل ذا فأنا أريد أن أبقى جاهلاً طيلة حياتي !!.. المهم لدي هو أن تبقي بخير أمي !!..
تلك الكلمات كانت تتسابق للخروج كما تتسابق دموعي للنزول من عيني !!..
جلست حينها بجانبي على حافة السرير و أحتضنتي و هي تبكي هي الآخرى : بل أنت من يجب أن تسامحني يا عزيزي !!.. ما كان علي أن كتم ذلك عنك ..! أرجوك لينك لا تبتعد عني أبداً !!.. صدقني أنا لا أستطيع العيش من دونك ..!
نبرتها الباكية تلك و دموعها الحارقة التي سالت على وجهها في تلك اللحظة هزتني تماماً ..!
حاولت أن أكتم دموعي لأقول بصوت شبه هامس : و أنا كذلك !!.. لا أريد أن أعيش بعيداً عنك أبداً !!.. أنتي أمي و هذا ما أعرفه !!.. لا يهمني أي شخص في العالم !!.. المهم هو أنك أنتي أمي التي أحبها من كل أعماقي !!..
هل أنا حقاً مقتنع بأن أعيش هكذا دون أن أعلم من هما والداي الحقيقيان ؟!!..
ربما يكون في هذا راحة لأمي إلينا .. لكن ماذا عن أمي الحقيقيه ؟!!..
أليس في ذلك إنكار لها ؟!!..
لا شك أنها و ككل أم إنتظرت يوم ولادتي طويلاً و فرحت به ..!
ألا يحق لها أن يعلم إبنها عنها ؟!!..
ربما من الأفضل أن أنسى الأمر الآن ..!
أبعدتني عنها بهدوء و نظرت إلى عيناي بجد : أأنت واثق ؟!.. بأنك لا تريد أن تعرف ؟!!..
نظرت إليها و بتردد قلت : على الأقل .. ليس الآن !!.. ربما قريباً ..!
شعرت بالراحة التامه حينها و قد بدا هذا واضحاً على ملامحها المتعبه : إرتاحي أنتي الآن .. و لا تقلقي على شيء !!..
هذا ما أردفت به و قد رسمت تلك الإبتسامة اللطيفه على شفتي ..!
أومأت إيجاباً و نظرت إلى البقيه : أدريان .. هلا أهتممت بالشركة اليوم من أجلي ؟!!..
حنى رأسه بإحترام : بالتأكيد سيدتي ..!
نظرت حينها إلى وصيفتها العجوز : جيكسا .. سوف آنام قليلاً .. إهتمي بالمنزل من فضلك ..!
بنبرتها الباردة ذاتها : لا تقلقي إلينا .. كل شيء سيكون على مايرام ..!
وقفت أنا الآخر : سأخرج الآن .. لدي بعض الأعمال ..!
إبتسمت حينها لي : إهتم بنفسك بني ..!
بدالتها الإبتسامه : بالتأكيد ..!
...........................................
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |