Part 14
رميت بجسدي مستلقياً على الأريكة في جناحي أمام التلفاز الكبير بعد أن بدلت ملابسي وقد شغلت التلفاز و أطفأت الأضواء و وضعت جهاز التكيف على الوضع المتجمد و قد غطيت نفسي بغطاء أحظرته من الخزانه ..!
لقد قررت أن أنام الليلة هنا و هذه ليست المرة الأولى التي أفعل بها هذا ..!
بدأت أقلب المحطات علي أجد ما يوقفني عن التفكير .
وفي تلك اللحظة وقعت عيني على أحد الأفلام من إحدى المحطات الشهيره .
حيث كان الفتى يقف قرب مدرسة فتيات بإنتظار إحداهن .. و منذ خرجت أسرع ناحيتها وهما يتبادلان الإبتسامه .. صعد دراجته الناريه وصعدت هي خلفه و أنطلقا مسرعين بإتجاه الشاطيء وهذا ما فهمته من حوارهما .
لكن .. حدث مالم يكن في الحسبان .. قطة صغيرة قطعة الشارع ما دفع بالفتى ليلتف بشدة جعلته يصطدم بعامود الكهرباء بعنف .. لم ينته الأمر عند هذا الحد فالفتاة قد وقعت وقت الإلتفاف .. و لكن الأسوء حدث الآن .. حيث كانت تلك السيارة خلفهما مسرعه .. و حصلت المأساة ..!
كنت أراقب كل حركات الفتى عندما أسرع بحمل فتاته إلى المشفى ليستقبلها الأطباء محاولين إنقاذها و عندما وصل المحقق كي يسأل عن الحادث لكن في ذلك الوقت خرج الطبيب ليعلن عن وفاة الفتاة ..!
بالطبع صرخ الفتى و بدأت مشاعر الحزن بالإنبعاث من بكاء و صراخ و دموع سائله ..!
إبتسمت بهدوء .. إن دور الشخص الحزين لا يناسبه أبداً .. لكن مهارته و موهبته جعلتاه يتقن هذا الدور رغم أنه شخص مرح للغايه ..!
أتعلمون عن من أتحدث ؟!.. ذلك الممثل هو صديق طفولتي لوي ..!
لطالما أحببت مشاهدة افلامه و مسلسلاته فقط كي أقارن بين تمثيله و بين طبيعته المرحه ..!
لكنه حقاً فاق كل التوقعات .. منذ الإبتدائية كان مبدعاً وقد كان أول طالب يطرأ على الأساتذة حين يقررون إقامة مسرحية تمثيليه ..!
ذلك الفتى .. حقاً يثير دهشتي ..!
لم تختفي إبتسامتي و أنا أفكر كم أفتقده ؟!.. لقد عشنا سويةً لست سنوات و كنا دائماً نلتقي بعدها .. لكن حين كبرت شهرته و كثرت أعماله صرت أراه قليلاً و حتى الحديث بالهاتف صار صعباً ..!
يبدو أني سؤافق على الذهاب للندن معهم كي أراه هناك .. لا يمكنني تضيع هذه الفرصه ..!
في تلك اللحظه .. إختفت إبتسامتي وقد طرأ سؤال على ذهني .. هل سأرى ريكايل قريباً ؟!!..
لما عاد للظهور في مخيلتي ؟!!!..
آآآآآآآآه .. لو أنني لم أتحدث معه بشأن عقدة طفولتي لكن الأمر سهلاً فكل ما علي هو تجاهله و لتذهب أخوتنا تلك إلى الجحيم !!..
لكن .. بما أنه الآن يفهم شخصيتي فلن يمكنني التحايل عليه !!..
سحقاً !!!!!!!..
و جوليا .. إنها تعرف الآن .. لقد إشتريت الملجأ و لا شك أن علي أن أحدثها قريباً ..!
لكن .. سيقتلني الفضول لأعرف سبب النياحة التي ثارت بها أمها !!..
بدأت أشعر بالصداع مجدداً لذا قررت تغير الموضوع ..!
ليديا !!..
سيكون موعدي معها بعد يومين !!..
كيف سيكون ذلك اليوم يا ترى ؟!!..
هل علي أن أحبها حقاً ؟!!..
إني أجهل الأمر تماماً و السبب أن مشاعري مطربةً الآن فأنا لا أعلم إن كان لي الحق في أن أحب أحداً الآن أم أن قلبي متعلق بشخص آخر ..!
تلك الليديا بدا أنها تعجب والدتي ..!
سحقاً .. حتى موضوعها يجلب الأرق !!..
و ذلك لأنه يتعلق و بصفة خاصة بميشيل !!..
لحظه !!.. توقف يا عقلي لأنني أعلم الآن أني سأبدأ بالتفكير بميشيل ..!
لذا و بسرعة حاولت أن أنتبه مع لوي في فلمه هذا الذي رأيته مرتين من قبل .. و لكنه أفضل من تفجير رأسي بقنابل التفكير ..!
.................................................. ........
شعرت بحركة حولي فرفعت ستار جفني عن عيناي للحظات .. و فوراً إنتبهت أني أنام على الأريكة في جناحي لأني رأيت شاشة التلفاز الكبيرة أمامي ..!
و لم تمر سوى ثوانٍ حتى كان شريط يوم الأمس قد أعاد تشغيل نفسه في ذاكرتي ..!
تنهدت بهدوء و رفعت نصف جسدي عن تلك الأريكة وقد كنت أستلقي عليها على بطني ..!
و فور أن جلست على ركبتاي فوقها حتى إنتبهت لذلك الذي يقف في المطبخ التحضيري ..!
قطبت حاجبي عندها و صرخت مستاءاً : أنت .. مالذي تفعله هنا ؟!..
إلتفت ناحيتي ببرود : أعد الشاي للإفطار .. السيدة غادرة مبكراً اليوم ..!
إنه يحاول إستفزازي بطريقته الخاصه لذا وقفت بعد أن نزلت عن تلك الأريكه : تعلم أني لا أقصد هذا .. مالذي جاء بك إلى هنا ؟!..
هو أيضاً خرج من خلف طاولة المطبخ التحضيري و وقف أمامي ليقول بذات جموده : لم يتم طردي من العمل بعد .. و ها أنا أأدي عملي على أكمل وجه ..!
أغاضني ذلك حقاً مما جعلني أقول بلا شعور : أتعتقد أن مسألة كونك أخي ستغير من الأمر شيئاً !!.. أظن أنه من الأفضل أن تنسى ذلك .. لأنه حتى و إن كنا أخوين فالحياة المختلفة التي عشناها تجعلني أترفع عن كوني أخاك ..!
بدا أن كلامي استفزه هو الآخر ليقول و من الواضح أنه يكتم غيظه : أنا لم أقل لك أني مهتم بكوني أخاك أو غير ذلك .. و حتى إن كنت أخي فأنا عشت حياتي و عانيت وحدي بينما أنت من عاش حياة الرفاهية .. لذا أنا أيضاً أتنازل عن كوني أخاك !!..
كلمة " أتنازل " زادت من غيضي الذي كتمته بصعوبة ..!
سحقاً له ..!
عموماً أنا لا أريد رؤيته حالياً لذا قلت وقد طرأت على بالي فكره : اسمع .. أظن أن جوليا أخبرتك بأني اشتريت ملجأ الأيتام ذاك .. اذهب إلى هناك و أشرف على انتقالهم للمبنى الجديد .. سيستغرق ذلك عدة أيام و أفضل أن لا أراك حينها .. هل فهمت ؟!..
بهدوء دون أن يحرك عينيه عني : حاضر ..!
سار بعدها و خرج من الغرفة .. بينما ألقيت بثقل جسدي على الأريكة مرهقاً ..!
إن هذا الفتى .. سيقودني للجنون ..!
.................................................. .....
بقيت في غرفتي أشاهد التلفاز طيلة ذلك الصباح ..!
كان نظري مسلطاً عليه .. لكن عقلي في وادٍ آخر !!..
لقد أحببت ريكايل بصدق كما أني شعرت بأنه الشخص الوحيد الذي قد أخبره بكل ما في نفسي ..!
لما أنقلب الأمر هكذا ؟!!..
تنهدت بتعب و أمسكت رأسي بين يدي .. أشعر بصداع عظيم !!..
فجأة و بلا سابق إنذار .. أخذت الهاتف و اتصلت على أحدهم : مرحباً ماثيو ..!
أجابني صوته فوراً : أهلاً لينك .. كيف حالك الآن ؟!.. لم تكن بخير في الأمس ..!
تنهدت حينها و أنا أقول : اطمئن .. كنت مرهقاً فقط ..!
مرهق هي أقل ما يمكنني وصف نفسي به : خذ قسطاً من الراحة إذاً .. حسناً .. أكنت تريد شيئاً ؟!..
صمت قليلاً قبل أن أقول : رحلة لندن بعد أسبوع .. خذ لي حجزاً معكم ..!
بدا الفرح في صوته : و أخيراً اقتنعت !!.. حسناً كما تشاء .. هكذا سوف يكتمل عددنا..! أتريد شيئاً آخر ؟!..
بهدوء قلت : لا .. وداعاً ..!
ودعني فأغلقت الخط ..!
هل كان قراري في الذهاب صحيحاً ؟!..
أم أنه كان علي أن أتريث ؟!..
نظرت إلى ساعتي حينها .. إنها الثانية عشر ظهراً .. ستصل أمي بعد قليل لذا علي أن أبدل ملابسي استعداداً لتناول طعام الغداء معها ..!
.................................................. ........
جلست على تلك المائدة مع والدتي و جيسكا ..!
كنا نأكل بصمت .. و الأصناف تنوعت على تلك المائدة : لينك .. هل هناك شيئاً ؟!..
انتبهت لوالدتي التي قالت ذلك باستغراب : لا .. لما ؟!..
قطبت حاجبيها و هي تقول : حسناً .. أنت لم تأخذ شيئاً من الباستا الإيطالية ..!
نظرت إلى صحني لأجد أني قد وضعت لي من بعض الأصناف لكني لم أضع شيئاً من الباستا لأني لم أنتبه لوجودها أصلاً على غير العادة : أردت التغير فقط ..!
قلت هذه الحجة كي لا تقلق أمي أكثر ..!
لم تقتنع لكنها تابعت تناول الطعام بصمت كما فعلت أنا ..!
.................................................. ....
طيلة اليوم لم أغادر المنزل .. فقط أفكر بطريقة يمكنها حل مشكلتي التي وقعت بها الآن ..!
و المصيبة أني كلما و جدت حالاً .. استقبلني باب مغلق !!..
ها أنا الآن في الحديقة قرب بركة السباحة الكبيرة ..!
بعد قليل ستغرب الشمس و يحل الظلام ..!
جلست على الأرض قرب بركة الجاكوز الصغيرة و وضعت قدمي فيها علي أشعر بالاسترخاء ..!
هذا ما حدث فعلاً فالمياه كانت دافئةً للغاية ..!
طلبت مني أمي أن أستعد لمقابلة الزواج التي بعد غد ..!
لكن حين بحثت في خزانتي لم أجد ما يصلح ارتداءه ..!
لقد قررت تحويل تلك المقابلة إلى موعد غرامي فأنا لا أطيق الجلوس في غرفة فاخرة في مطعم لساعات من أجل التحدث لشخص ..!
أظن أنه من الأفضل التجول هنا وهناك ..!
طرأ في بالي فكرة حينا لذا تركت مكاني كي أذهب للهاتف في غرفتي ..!
.................................................. ....
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |