كانت ذات شعر كستنائي فاتح يصل إلى منتصف ظهرها وهو متجعد قليلاً بشكل جميل .. تركته منسدلاً و تركت جزءاً منه على كتفها و بعض الخصلات تنزل منه إلى الأمام ..! لها عينان بلون العسل الصافي ..! بشرتها بيضاء و وجنتاها مشبعتان بالحمرة ..!
كانت ترتدي فستان ذا لون أخضر جميل .. يصل إلى ركبتيها و له كم قصير للغاية .. من الأعلى حيث الكم و تحته بقليل كانت هناك زخارف كثيفة باللون الأسود .. هناك حزام صغير حول الخصر بذات اللون الأخضر .. و تحته بقليل بدأت ذات الزخارف التي في الأعلى لكنها تنتهي قبل أن تصل إلى طرف الفستان ..! واضح أن قماشه فاخر وهو يبدو لطيفاً حقاً ..!
انتبهت لأنها طأطأت رأسها خجلة لأنني كنت أحدق بها .. بإعجاب ربما !!..
لذا بنبرة مترددة قلت : مـ .. مساء الخير ..!
نظرت إلي للحظة لكنها أنزلت بصرها بخجل : أ .. أهلاً ..!
بدت مرتبكة هي الأخرى : تفضلي بالجلوس ..!
أومأت موافقة بهدوء فجلست وجلست أنا مقابلها ..!
لم أعلم ماذا أقول .. و هي أيضاً بقيت صامتةً تنظر إلى الأرض ..!
كنت أنظر إليها من لحظة لأخرى .. إنها جميلة للغاية و هذا ما لم ألحظه مسبقاً ..! رغم أنها لا تضع سوى القليل من المساحيق ..! لقد تسرعت في الحكم عليها سابقاً : أمم .. كيف حالك آنسة روبرتون ؟!..
هذا ما طرأ على بالي .. رفعت رأسها حينها و ابتسمت بهدوء : بخير .. ماذا عنك .. سيد مارسنلي ؟!..
بادلتها الابتسامة الهادئة بلا شعور : أنا على ما يرام الآن ..!
لا أعلم لما قلت الآن .. لكنني حقاً أشعر بالراحة أخيراً ..!
كنت أريد قول شيء .. لكنني ترددت .. و في النهاية قلت : بما أننا اليوم في مناسبة خاصة .. فلا بأس بأن تناديني لينك بلا ألقاب ..!
لوهلة ضننت أنها ستفاجأ .. لكنها قلت بخجل و قد طأطأت رأسها و توردت وجنتاها : إن كنت تريد ذلك فلا بأس .. لكن عليك في المقابل أن تناديني ليديا ..!
شعرت بالراحة .. إنها خجولة للغاية على عكس بعض الفتيات و هي تحدق بالأرض بارتباك طيلة الوقت ..!
أعتقد .. لو كانت ميشيل هنا لكانت تبتسم بمرح و عفوية في ذلك الموقف ..!
الفرق أن ميشيل طفولية نوعاً ما لكن يبدو أن ليديا ليست كذلك ..!
لما طرأت في ذهني الآن .. إياك أن تتذكرها لينك .. إنك الآن مع ليديا ..!
طرق أحدهم باب الغرفة مما أيقضني من شرودي .. و دخل بعدها النادل : لقد وصل العشاء سيدي ..!
لم أقل شيئاً فوضع المقبلات و السلطات و في النهاية طبقان من الوجبة الرئيسية و التي تحتوي على شرائح اللحم المشوي مع البطاطا المقلية المقطعة و كذلك هناك بعض الباستا التي أفضها ..!
كان دسماً نوعاً ما فشريحة اللحم كانت بحجم كفي اليدين معاً ..!
نظرت إلى ليديا و قلت بهدوء : تفضلي .. لنأكل أولاً ..!
أومأت إيجاباً لكنها لم تتحرك .. أنا لم أشأ أن أبدأ قبلها لذا قلت : لا داعي للخجل ..! الأمر طبيعي ..!
لم تقل شيئاً بل أمسكت الشوكة و السكين بالطريقة الصحيحة كما فعلت أنا .. و بدأنا نتناول الطعام بصمت تام ..!
كنت أختلس النظر إليها من وهلة لأخرى .. أنها تأكل بطريقة لطيفة فعلاً و راقية كذلك .. الواضح أنها اعتادت على هذا منذ الطفولة ..!
مضت عشرون دقيقة من الصمت من أجل تناول الطعام .. لقد كانت شريحة اللحم تلك مذهلةً للغاية فقد كانت متبلةً ببهارات قوية و لذيذة ..!
اتجه كلانا إلى دورة المياه .. فدخلت هي إلى الخاصة بالنساء بينما دخلت الخاصة بالرجال ..!
و بعد أن انتهيت من غسل يدي أخرجت من جيب سترتي زجاجة عطر بحجم أصبعين معاً و رششت نصفها على ملابسي ..!
منذ طفولتي و أنا اعشق رائحة العطور و أضع الكثير منه دائماً .. لكنني أستخدم عطوراً خفيفة غير مركزة حتى لا تكون الرائحة قويةً إلى حد الإزعاج ..!
رتبت شكلي جيداً ثم خرجت و عدت إلى الكبينة ..!
حين فتحت الباب كانت ليديا تجلس هناك .. كما أنه يبدو أن العاملين قد انتهوا من تنظيف المكان ..!
جلست أمامها على الكرسي المقابل .. أردت قطع الصمت الذي يسيطر على الأجواء طيلة اليوم : حسناً .. ما رأيك أن تحدثيني عن نفسك ..!
ابتسمت بهدوء و قالت بصوتها الناعم : ماذا أقول ؟!.. حسناً .. أسمي ليديا ديفيد روبرتون .. و أنا في بداية السابعة عشر .. أدرس في ثانوية مارسنلي .. أفضل حصص الفنون كالرسم و الموسيقى على باقي المواد الدراسية .. أعزف على البيانو و الكمان و الناي .. لكنني أفضل الكمان عليها ..!
ابتسمت حينها بلا شعور : رائع .. أنتي تعزفين على عدة آلات .. هل أنتي مهارة في الكمان ؟!..
أومأت إيجاباً و قد توردت وجنتاها .. كما قالت آندي تتورد وجنتاها فور أن يبتسم أحدهم في وجهها : لقد دربتني وصيفتي على العزف بالكمان .. إنها ماهرة للغاية .. أفضل من أي معلم قابلته ..! ماذا عنك ؟!..
بابتسامتي تلك قلت : سأتحدث عن نفسي بعد أن تنتهي .. تابعي أنتي الحديث عن نفسك ..!
لم تعترض بل تابعت : حسناً .. أعيش في المنزل مع والدي و أمي و أخوي الأصغران .. أحدهما في العاشرة و الآخر في السابعة .. لكن وصيفتي تشغل الجزء الأكبر من حياتي ..!
يبدو أن تلك الوصيفة مقربةٌ جداً منها : تبدو وصيفتك مثالية ..!
اتسعت ابتسامتها قليلاً لتقول : أنت محق .. لقد قامت بتربيتي منذ كنت في شهوري الأولى ..!
لوهلة .. ذكرت بشخص ما : إنها تذكرني بوصيفة أمي العجوز .. أن أمي متعلقةٌ بها كثيراً ..!
بمرح قالت : حسناً .. أغلب الأثرياء يتربون على يد الخدم و الوصيفات لأن الوالدين يكونان مشغولين بالأعمال الأخرى ..! حدثني الآن عن نفسك ..!
أومأت إيجاباً و صمتت للحظات قبل أن أقول : إذاً .. أنا لينك جاستن مارسنلي .. عمري سبعة عشر عاماً .. أدرس في مدرسة مارسنلي الثانوية .. لست مهتماً بالدراسة كثيراً .. أفضل قراءة الروايات البوليسية عليها .. أعزف على البيانو و الكمان .. لكنني لست ماهراً في الثاني ..!
بشوق قالت : ماذا عن البيانو ؟!..
ابتسمت لحماسها ذاك : أمي تقول أني موهوب .. و لو واظبت على التدريب سأصبح محترفاً .. لكنني لست مهتماً بالموسيقى كثيراً فانا أكره الإزعاج ..!
أومأت متفهمة و هي تقول : أعتقد أنه ليس لديك أخوة .. صحيح ؟!..
في تلك اللحظة .. اختفت ابتسامتي ..!
هل أكذب عليها و أقول أنه ليس لدي رغم أن ريكايل لا يزال موجوداً ؟!.. أم أقول لها بلا لدي أخ توأم لكنه يعمل خادماً عندنا !!..
لم أرد الكذب .. لذا قررت أن أتلاعب بالكلام : أنا الابن الوحيد لوالدي .. ليس لهما ابن غيري ..!
قلت أني الابن الوحيد لجاستن و إلينا و لم أقل أنه ليس لدي أخوة ..!
انتبهت حينها إليها و هي تقول : ما الذي يجب علينا قوله الآن ؟!..
رفعت رأسي إليها لأجد الحيرة بادية على ملامحها و الواضح أنها تفكر بعمق ..!
بدا شكلها لطيفاً حقاً لكنني ضحكت حينها من نبرتها في ذلك السؤال !!.
لأنها كانت كشخص وقع في مشكلة عويصة : أقلت ما يضحك ؟!..
سألت باستغراب وقد تقارب حاجبها ليعطياها مظهراً طفولياً لطيفاً ..!
حاولت أن أوقف ضحكتي التي استرسلت و تجاوزت الحدود : أعذريني .. لكن طريقتك فالسؤال بدت بريئةً و عفويةً للغاية ..!
تورد وجهها حينها رغم أنها لم تبتسم بل قالت بهدوء :حسناً .. إنها المقابلة الأولى لي من هذا النوع .. لذا لا أعرف ماذا أفعل بالضبط ..!
صدمت لوهلة .. أيمكن أن تكون هذه المقابلة الأولى لفتاة بجمالها و مواصفاتها ..!
لكنني ابتسمت حينها لا شعورياً : لا تقلقِ كثيراً .. إنها مقابلة الزواج الأولى لي أيضاً ..!
صمت كلانا للحظات قبل أن أقول لها بحماس : ما رأيك أن نحوله لموعد ؟!.. أم تريدين البقاء هنا طيلة اليوم ..!
رفعت رأسها مستغربة : موعد ؟!!..
أخذت تفكر للحظات قبل أن تبتسم بمرح و قد توردت وجنتاها مجدداً : هذا يناسبني أكثر ..!
لا أعلم كيف ؟!.. لكن في كل لحظة أشعر أنه بإمكان هذه الفتاة أن تنسيني ميشيل يوماً ما ..!
ليديا .. أعتمد عليك ..!
.................................................. ...
أوقفت السيارة قرب تلك الحديقة الصغيرة بعد أن طلبت ليديا مني ذلك ..! كانت الساعات القليلة الماضية ممتعة بالفعل فنحن تجولنا في كل مكان و دخلنا إلى الكثير من المحلات التجارية و شاهدنا فلماً سنمائياً أيضاً ..!
حقاً ينسى الشخص نفسه معها فهي تفاجئني كل لحظة بشيء جديد ..!
الساعة الآن تجاوزت الحادية عشر : لننزل و نستنشق بعض الهواء ..!
ابتسمت لها حينها : لقد تجولنا في كل مكان .. ألم تتعبِ ؟!..
أومأت سلباً و هي تنزل من السيارة :على العكس .. أنا مستمتعة ..!
نزلت خلفها و أنا أضحك بخفة .. رغم أنه رزينة إلا أنها لا تزال محافظةً على روحها الطفولية المرحة : تريثي قليلاً ليديا .. انتظريني ..!
كانت قد دخلت و انتهى الأمر .. دخلت بعدها حيث أشارت إلى أرجوحة و هي تقول بمرح : لنجلس هناك ..!
لوهلة كنت مستغرباً .. لكنني حقاً تحمست للفكرة فقلت و أنا أركض أمامها : سأسبقك أذاً ..!
شهقت مصدومة و ركضت خلفي : لينك أيها الغشاش أنت لم تنبهني مسبقاً !!..
لكنني في تلك اللحظة وصلت إلى الأرجوحة و وقفت فوقها متمسكاً بحبليها : عليك أن تكوني أكثر إنتباها ..!
جلست على الأرجوحة الأخرى قطبت حاجبيها مستاءةً : مخادع ..!
طللت في وجهها لحظتها : هل غضبتي حقاً ليدي ؟!!..
أوشحت بوجهها : حاول أن تراضيني ..!
ابتسمت حينها على تصرفها .. تحاول أن تستغل الموقف كي أراضيها بشيء جميل ..!
لكن أتعلمون ؟!.. سوف أماشيها !!..
نظرت حولي للحظات : أمممم .. ما رأيك بأن أدعوك لتناول القهوى في ذلك المقهى الصغير ..!
التفتت فوراً ببتسامة وقد توردت وجنتاها مرةً أخرى : موافقة .. لكن لنبقى هنا قليلاً ..!
كانت الحديقة شبه فارغة بسبب الوقت المتأخر .. في هذا الجزء لا يوجد سوانا .. هي تتأرجح بشكل بسيط غير ملحوظ وقد جلست متمسكةً بكلا الحبلين كما كنت أنا أفعل لكنني كنت واقفاً عليها ..!
هبت نسمة هواء باردة .. سيبدأ البرد بالإشتداد فمنتصف الليل اقترب : أتشعرين بالبرد ؟!..
هذا ما سألت دون أن ألتفتت إليها فأجابت : قليلاً ..!
نزلت من على الأرجوحة حينها و خلعة سترتي الخضراء و وضعتها على كتفيها ببتسامه : هكذا لن تشعري به ..!
ابتسمت مع وجنتيها المتوردتين وقد رفعت رأسها لي : شكراً لك ..!
عدت إلى مكاني بينما أدخلت هي يديها في كميّ السترة : ليديا .. أريد التحدث معك بأمر مهم للغاية ..!
هذا ما قلته بنبرة خافتة هادئة : ماذا هناك ؟!. .
سألت باستغراب فأجبتها : ليس هنا .. حين نذهب للمقهى ..!
أومأت موافقةً حينها .. فبقينا صامتين ..!
الحق يقال .. إنها رائعة من كل النواحي .. و ربما لو لم أقابل ميشيل مسبقاً لوقعت في حبها بسهولة ..!
لكن وجود ميشيل الدائم في ذهني يفسد الأمر .. رغم ذلك فأنا حقاً بدأت أحبها بالفعل ..!
إني أتمنى حقاً .. أن تستطيع جعلي أنسى ميشيل ..!
كان النسيم يهب في كل لحظة .. صحيح أنه بارد لكنه منعش أيضاً ..!
مضت بضع دقائق و نحن صامتان هكذا ..!
أخذت نفساً عميقاً قبل أن أقفز من فوق الأرجوحة أنا أقول بابتسامة : نذهب الآن ؟!..
وقفت هي الأخرى و أومات إيجاباً و قد بادلتني الإبتسامة اللطيفة ..!
سرنا سويةً جنباً إلى جنب إلى ذلك المقهى الذي كان على الجهة الأخرى من الشارع ..!
كان قريباً لذا لم نستغرق سوى دقائق و وصلنا إليه بعد أن قطعنا ذلك الشارع عبر جسر المشاة .. دخلنا و أتجهنا إلى إحدى الطاولات قرب النافذة و تطل على الحديقة ..!
وقبل أن نجلس خلعة السترة و مدتها لي : الجو دافيء هنا ..!
ابتسمت لها و أخذت المعطف و أرتديته ..!
جلس كلانا على تلك الطاولة الصغيرة البيضاء ..!
نظرت حولي إلى المقهى .. كان متوسط الحجم و لطيفاً .. كما انه لم يكن هناك سوى قليل من الناس و نادلتان : ما الذي كنت ستقوله لينك ؟!..
هكذا قالت ليديا بهدوء جاد .. لقد علمت أني سأتحدث بأمر مهم جداً : ليديا .. أريد أن أكون صريحاً معك من البداية .. فهل ستسمعين إلي حتى أنتهي ؟!..
أومأت إيجاباً و قد عادت رزينةً من جديد : اطمئن .. لن أقاطعك لذا تكلم كما تشاء ..!
تنهدت حينها .. لقد اتخذت قراري لذا سأخبرها بكل شيء بصراحة : ليديا .. تعلمين أن أسرتينا تريدنا لبعضنا .. أنا لست معترضاً على هذا .. لكن لدي مشكلة و أريد منك مساعدتي في حلها ..!
صمت قليلاً فبقيت تنظر إلي دون قول شيء لذا تابعت : منذ فترة تعرفت إلى فتاة .. و قد أحببتها صدقاً ..! لكن .. هي لسيت من طبقتي الاجتماعية .. لذا لا أعتقد أن والدتي ستحبها ..! و المشكلة الأكبر أني تشاجرت مع تلك الفتاة قبل أيام و رغم أني اعتذرت منها إلا أنها رفضت عذري لذا قررت أن أنساها نهائياً ..! أريد منك مساعدتي على نسيانها يا ليديا .. أنتي الشخص الوحيد القادر على ذلك ..! أن نسيتها فأستطيع بعدها أن أكون معك فقط ..!
كانت تنظر إلي بنظرات هادئة فيها لمسة حزن و كأنها أشفقت علي .. لكنها ابتسمت ابتسامة صغيرة و هي تقول مع وجنتيها المتوردتين : اطمئن لينك .. ثق بأني سأساعدك ..!
بادلتها تلك الابتسامة و أنا أقول : شكراً على تفهمك وضعي .. و أعدك أني سأبذل جل جهدي كي أنساها لأجلك ..!
في تلك اللحظة رفعت ليديا رأسها للنادلة التي جاءت ناحيتنا و هي تقول بصوت بدا مكتوما : ما الذي تريد أن تطلبه سيدي ؟!..
انقبض قلبي فجأه !!.. و نشف الدم في عروقي ..! اتسعت عيناي و احمر وجهي ..!
هل أرفع رأسي أم لا ؟!!..
أي موقف هذا ؟!!..
رفعت رأسي ناحية تلك النادلة و ما إن فعلت حتى وقفت و قد هتفت مفزوعاً و مصودماً :مـ .. ميشيل !!!!!..
نعم .. كانت تلك النادلة هي ذاتها ميشيل !!..
أخبرتني سابقاً !!..هي تعمل في مقهى صغير !!..
كانت تنظر إلي بنظرات مستاءةٍ نوعاً ما و سألت مجدداً :ماذا تريد أن تأكل سيدي ؟!!..
ربت على كتفيها و أنا أقول بتوتر : أسمعيني من فضلــ ..!
لكنها قاطعتني و قد قالت بصوت مرتفع غاضب :أرجوك دعني أأدي عملي و أخبرني ماذا تريد أن تأكل ؟!!!!..
قبل أن أجيبها سمعت صوتاً يقول من بعيد : ميشيل لقد انتهى وقت عملك ..!
لم تكد تسمع تلك الكلمات حتى سارت مبتعدة بخطى متسارعة ناحية باب في نهاية المقهى ..!
أما أنا فلا زلت في مكاني مصدوماً !!..
لا يمكن أن أتركها تذهب !!.. لا يمكن أن يكون فراقنا بهذه الطريقه !!.. لا يمكن أن اجعلها تغضب مني أكثر !!..
سألحق بها نعم !!..
كنت سأخطوا خارجاً لكني شعرت بأحد يمسك بيدي ..!
التفتت لأرى ليديا قد أمسكت بيدي و هي تنظر إلي بعينان تملأهما الحيرة ..!
توترت أكثر .. ماذا أفعل الآن ؟!!..
بهدوء قلت و بصوت خافت : أنتظريني قليلاً ..!
تركت يدي و طأطأت رأسها بحزن ..!
آسف ليديا .. لكن علي أن أذهب لميشيل الآن !!..
ركضت ناحية الباب بسرعة و خرجت من المقهى .. إلتفت يساري لأرى هناك مدخلاً لسكة صغيرة .. لاشك أن باب العاملين من هناك ..!
ركضت لتلك السكة وفي تلك اللحظة رأيتها قد خرجت و هي ترتدي ملابس المدرسة و تحمل حقيبتها ..!
كالعادة .. ميشيل فتاة لا يمكنني أن أصفها ..!
لكن هذا ليس وقته لينك : ميشيل !!..
هكذا ناديت فالتفتت ناحيتي ..!
لوهلة صدمت .. هل أتخيل .. أم أن وجهها محمر و عيناها غارقتان بالدموع !!..
أثرت فيّ كثير فسرت ناحيتها و أنا أقول : ميشيل أنا ..!
قاطعتني بنبرة عتاب واضحه : لا تقترب !!.. ابق مكانك ..!
توقفت لحظتها : اسمعيني فقط دعيني أشرح الوضع ..!
قطبت حاجبيها و سالت دموعها و هي تقول : الوضع لا يحتاج لشرح !!.. أنا لست من طبقتك الاجتماعية .. أمك لن ترضى بفقيرة مثلي !!.. أنت بنفسك قلت لتلك الفتاة الجميلة أنك ستبذل جل جهدك كي تنساني لأجلها !!..
كنت مصدوماً و لم أعلم ماذا أقول ؟!..
لقد سمعت كل شيء منذ البداية !!..
تلك السكة كانت مظلمة .. فقط هناك مصباح إنارة صغير قرب الباب الخلفي للمقهى ..!
بدأت قطرات المطر تتساقط .. إنها بداية الشتاء ..!
ترددت قليلاً قبل أن أقول : اسحب كلامي .. لن أفرط بك مجدداً ميشيل ..! صدقيني أنا أريدك ..! ميشيل أنا .. أنا أحبك حقاً و لا أريد غيرك ..!
اشتد المطر و اشتدت العاصفة في قلبي معه .. انتظرت ردها ..!
كانت دموعها تسيل لكنها للحظة قالت بتمتمة مسموعة : و مالفائدة و نحن لسنا من ذات المستوى ؟!.. كنت ساذجة حين ظننت أن المشاعر ستحطم كل الحواجز ..!
هل يعني ردها هذا الرفض ؟!!..
لا أعلم لكنها صرخت لحظتها في وجهي : أكرهك !!.. أكره هذه الحياة التي أعيشها !!.. نعم أنا أكرهك لينك !!.. أكرهك بالقدر الذي احببتك به !!..
كان هذا جل صدمتي !!..
لقد كان رفضاً قاسياً للغاية ..!
ركضت حينها ناحية الشارع و قد مرت بجانبي و هي تبكي بصوت مسموع ..!
أردت إيقافها .. لكن لم أستطع !!.. لأن حواسي كلها توقفت !!.. قلبي أخذ ينبض بعنف حتى ضننت أنه سيخرج من بين ضلوع قفصي الصدري ..!
لم تعد قدماي تحملانني .. فقد جثيت على قدمي في بركة الماء التي تشكلت بسبب المطر ..!
هذا مؤلم .. مؤلم للغاية !!..
هل تتألم ميشيل أيضاً ؟!..
لقد كانت تبكي بشدة منذ لحظات ..!
هل علي أن أعود إليها ؟!!..
هي لا تريدني إطلاقاً !!..
هي تكرهني بقدر ما أحبتني !!..
لكن أنا لا يمكن أن أعيش بدونها !!..
ميشيل أرجوك .. أفهمني أرجوك .. تحمليني أرجوك .. سامحيني أرجوك !!..
لم أعد استطيع الصبر على ذلك الألم .. ولم أستطع إفراغه إلا بصرخات تردد صداها على جدران تلك السكة الضيقة ..!
.................................................. ..........
ستووووووووووووووووب .. يكفي لليوم ^^
نهاية بائسة لموعد السيد مارسنلي .. كيف سيكون مسار حبه بعدها ؟!..
لينك قرر نسيان ميشيل و ريكايل .. هل سينجح في هذا بعد الموقف الأخير ؟!..
كيت .. فتاة جذبت لينك بلا سبب .. هل هي مجرد عابرة سبيل أم شخص قد يغير الأحداث جذرياً ؟!..
بطلنا وافق على الذهاب للندن .. فهل سيغير رأيه ؟!..
و نهايةً .. هل يمكن أن يستمر لينك في حبه لميشيل بعد رفضها الصريح ؟!.. أم أن لمحبوبة الملايين ليديا رأياً آخر ؟!!..
و بكذا أنتهى البارت لليوم .. راح أفتش ع الواجب الحصه الجايه ^^
جانا
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |