مضت خمسة عشر دقيقة منذ خرج ريكايل .. بينما بقيت أنا مستلقياً في مكاني على تلك الأريكة و قد غطيت عيني بذراعي : آسف على التأخير ..!
اعتدلت في جلستي حين رأيته يدخل وهو يحمل ملفاً أسود : لقد قلقت نوعاً ما من تأخرك ..!
- لم أتمكن من العثور عليه فوراً .. رغم أني كنت قد بحثت فيه منذ يومين لكن يبدو أنهم أعادوا ترتيب المكان قبل الخروج من هنا ..!صحيح .. لم تخبرني عن مصير باقي العاملات هنا ؟!!..
- لقد طلبت من أدريان أن يؤمن لكل واحدة منهن عملاً يناسبها ..!
- جيد .. إذاً لنبدأ بالبحث ..!
لم أقل شيئاً فتقدم و وجلس بجواري وقد فتح الملف .. أطللت برأسي و بدأ يقلب الأوراق : ما هذه بالضبط ؟!..
هكذا سألت باستغراب حين رأيت كثيراً من الأوراق المتشابهة : إنها أسماء الأطفال الذين تم تسليمهم للملجأ معنا في ذات الشهر .. كما ترى لقد كان مزدهراً تلك الفترة..!
بقيت أنظر إلى تلك الأوراق .. يا ترى ماذا حدث مع كل هؤلاء ؟!!..
ربما تم تبنيهم ..! و ربما تخرجوا من الإعدادية و بدؤوا العمل كما حدث مع ريكايل ..! و ربما اتجه بعضهم للطرق السوداء كالسرقة و حياة العصابات ..!
من المسؤول عن هذا ؟!!.. لما أطفال لا ذنب لهم يعيشون هذه الحياة..!
ربما أنا و أخي أفضل حالاً فعلى الأقل نحن نعرف والدينا .. لكن ماذا عن من لا يعلمون شيئاً ؟!!..
فقط .. وجدوا مرميين في الشوارع بلا مأوى بسبب خطأ من أبويهم أو حتى تسلية ..!
بعض البشر .. يجبوا أن يتم محوهم من هذا العالم !!..
- عثرت عليه ..!
انتبهت لريكايل الذي أخرج ورقتين من الملف :هذه هي أوراقنا ..!
- ماذا وجدت ؟!!..
- هذه هي استمارة الملجأ .. وهذه شهادة ميلادي ..!
أخذت منه الاستمارة ..!
كان فيها بعض المعلومات السطحية : لنرى .. الأب : إيان براون .. العمر : عشرون ..! الأم : نيكول براون .. العمر :عشرون ..! الحالة متوفيان ..! الطفل : لينك ايان براون .. العمر : يومان ..! الطفل 2 : ريكايل ايان براون .. العمر : يومان ..!
كان هذا ما كتب في تلك الجداول الصغيرة ..نظرت أسفل الصفحة و حينها هتفت : إنه هنا .. العنوان ..!
- وجدته !!..رائع !!..
- انظر .. الحي " 48 " .. المنزل رقم " 121 " ..!
- لننطلق إلى هناك .. أعرف مكان ذلك الحي ..!
.................................................. ............
كانت الساعة قد تجاوزت الخامسة حين وصلنا للحي المطلوب .. لقد كان الطريق إلى هنا طويلاً و الشوارع كانت مزدحمة : هيه رايل .. أتعتقد أننا سنعرف شيئاً ؟!.. أقصد .. لاشك أن شخصاً ما سكن المنزل بعد والدينا .. لقد مرت الكثير من السنوات ..!
تنهد حينها و هو يقول : في الحقيقة .. لست واثقاً ..! لكن ربما نعرف شيئاً إن سألنا الجيران ..!
- أرجوا أن نعثر على إجابة شافية ..!
- و أنا أرجوا ذلك .. لكن عثورنا على المنزل سيساعدنا كثيراً ..! فربما يكون قريب لنا يعيش فيه الآن ..!
- اسمع .. إن كان كذلك فنحن سنتحدث إليه .. لكن لن نخبره بحقيقة أمرنا حتى نعلم عن نيته ..!
- محق ..! فقد يكون شخصاً سيئاً و سيفكر بالتخلص منا كي لا نطالب بالإرث ..!
- لا أعتقد أن هناك أرثاً أصلاً .. لو كان كذلك لما عشنا هكذا ..!
لم يعلق فهو بالتأكيد يفكر بالأمر ذاته : ما رأيك أن ننزل و نسير من هنا ؟!!..
هكذا اقترحت فأوقف السيارة على جانب الطريق :فكرة حسنة ..!
نزلنا حينها و بدأنا نسير .. كنا نرى بعض الأشخاص يسيرون في ذلك الحي .. لكننا لم نعلم من نسأل بالضبط ؟!!..
أمسك بيدي وهو يقول : لنسأل تلك الشابة .. ربما تعرف ..!
نظرت إلى الأمام لأرى فتاة تسير و تحمل كيس سوبر ماركت وعلى وجهها ابتسامة متفائلة ..!
وقفت أمامها و ابتسمت أنا الآخر : مرحباً يا آنسة .. هل يمكنك مساعدتي ؟!!..
- أهلاً .. على قدر استطاعتي ..!
- أريد أن أسألك عن منزل في الحي ..!
- أنا أعيش هنا منذ خمس سنوات و أعرف كل الجيران .. يمكنك أن تسأل ..!
- المنزل رقم " 121 " سأكون شاكراً لك لو دللتني على مكانه ..!
- أه تقصد المنزل المتصل بالمشتل الصغير ..! حسناً ..!
أشارت إلى مكان ما : ترى ذلك المنعطف ؟!!.. يمكنك أن ترى المنزل فور أن تلتف منه .. أن جدرانه من الطوب رمادي اللون .. و سقفه مبني من القرميد باللون الأزرق ..!
بدا الحماس على رايل الذي كان يقف بجانبي :شكراً لك يا آنسة .. هيا بنا أخي ..!
تقدم خطوة حينها فأمسكت يده : انتظر لحظة .. يا آنسة .. هل تعلمين من أصحاب المنزل ؟!!..
قطبت حاجبيها و أخذت تتذكر: حسناً .. لا أحد يعيش فيه .. و منذ سكنت هنا لم يعش أحد فيه .. أعتقد أنه منزل لأسرة براون ..! آه صحيح .. يمكنكم أن تسألوا المرأة التي تدير المشتل الصغير أسفله فقد استأجرته من صاحب المنزل على ما أعتقد ..!
لا أحد يعيش هناك !!!.. و رغم ذلك هناك صاحب للمنزل : شكراً لك مجدداً ..!
- على الرحب و السعة ..! لكن هل يمكنني أن أعرف سبب سؤالكما ؟!!..
- أنه منزل أقارب أمي و قد جئنا بحثاً عنهم ..!
- هكذا إذاً .. أتمنى أن تجدوهم قريباً ..!
ودعنا الفتاة و سرنا ناحية المنعطف : كذبة جيدة لينك ..!
- ليست كذبة .. أنه حقاً منزل أقاربنا ..!
- تقصد .. منزلنا !!..
- أياً يكن ..!
- لقد قالت أنه منزل أسرة براون .. هذا يعني أن المنزل لم يباع لشخص آخر ..!
- ما يحيرني هو أنه لا أحد عاش فيه منذ أكثر من خمس سنوات ..!
في تلك اللحظة كنا قد التففنا عن المنعطف .. استطعت فوراً رؤيته هناك بالقرب منا بعد منزلين تقريباً .. لقد كان من دورين و علية كما يبدو .. جدرانه رمادية و سقفه أزرق .. لم تكن هناك أي حديقة أمامه لكن أسفله كان هناك محل صغير توزعت بعض النباتات أمامه ..!
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |