تقدمت ناحية المنزل بصمت و شعور بالرهبة يسيطر علي .. فهنا عاش والدي و والدتي مسبقاً .. هذا المنزل يفترض أن يكون بيتنا .. هذا الحي حينا .. و هذا هو مكاننا !!.. لكن .. الأمور اختلفت بمجرد موت والديّ لأصير وريث مارسنلي بينما صار ريكايل خادماً عندي .. أنها حقاً أعجوبة !!..
كانت رائحة النباتات و الزهور تفوح أكثر كلما اقتربنا ..!
انتبهت لكرة رمية أمامي فجاء ولد بدا في العاشرة و التقطها : أيها الصبي .. هل تعرف صاحبة المشتل ؟!!..
هكذا سأل ريكايل ليجيب الصغير : نعم .. أنها أمي !!..
أسرعت حينها لأقول : و أين هي ؟!!..
أشار ناحية المحل : أنها تسقي الزهور هناك ..!
نظرت إلى ريكايل لأرى أنه كان يحدق بالمحل : لنذهب إلى هناك ..!
أومأت إيجاباً فسرنا إلى ذلك المكان و الصغير معنا ..!
دخل هو أولاً : ماما .. هناك أشخاص يريدون التحدث إليك ..!
خرجت امرأة بدت في الخامسة و الثلاثين من عمرها : أهلاً ..هل أقدم لكما خدمة ..!
تكلم ريكايل أولاً : عذراً سيدتي .. أردنا أن نسأل عن أصحاب هذا المنزل ..!
- آه .. حسناً .. لكن ما الذي تريده منهم ؟!..
- في الحقيقة .. أنهم أقارب لنا و جئنا للبحث عنهم ..!
- اعذرني .. لكن السيد و السيدة براون توفيا قبل أكثر من عشر سنوات ..!
- أعلم هذا .. هل كنت قد استأجرت المشتل منهما ؟!..
- لا .. لقد جئت إلى هنا منذ سنتين و استأجرت المشتل من صاحبة المنزل .. أخبرتني أنه كان لأصحاب المنزل السابقين لكن بعد وفاتهما لم يفتحه أحد لذا استأجرته منها ..!
- هل صاحبة المنزل قريبة للسيدين ؟!!..
- لا أعلم .. لكني أعتقد ذلك فهي لم تغير اسم المنزل و كأنها تريد أن تبقيه كما هو ..! لكن هي ليست من براون ..!
تدخلت حينها حالاً : ما اسمها سيدتي ؟!!.. أقصد صاحبة المنزل ؟!!..
نظرت إلي و ابتسمت : صاحبة المنزل هي الآنسة ستيوارت .. و هي في الخامسة و العشرين على ما أعتقد ..! لا أعلم أن كان هذا لقبها الأصلي أم أنه لقب زوجها .. لكن لم يبدو لي أنها متزوجة ..!
الآنسة ستيوارت .. لا تزال في بداية شبابها .. تكبرنا بثمان سنوات .. أيمكن أن تكون قريبةً لنا ؟!!..
سأل ريكايل حينها بقلق : ألا تعرفين أسمها الكامل ؟!!..
أومأت سلباً : أنا لا أتذكره فقد ذكرته في لقائنا الأول منذ سنتين و لم أسألها بعدها ..! أبني تحدث معها مراراً .. يمكنكما أن تسألاه ..!
التفتنا إلى الفتى حينها فانحنيت قليلاً كي أكون في طوله : أتعرف الآنسة ستيوارت ؟!..
أومأ إيجاباً بابتسامة : نعم .. أنها تأتي إلى هنا كل شهر و تبقى في المنزل طيلة النهار ..!
- ألم تخبرك عن أسمها ..!
- بلا .. فأنا أناديها باسمها الأول ..!
- حسناً .. أيمكنك أن تخبرني عن أسمها ؟!..
- نعم .. أنها تدعى الآنسة ميراي .. أنها لطيفة جداً و هي تلعب الكرة معي قليلاً كلما أتت إلى هنا ..!
- هل تعرف شيئاً عنها ؟!!.. أقصد أين تعيش أو ما عملها ؟!!..
أومأ سلباً : لا .. لكنها حدثتني مرة عن أصحاب المنزل السابقين ..!
سبقني ريكايل ليقول : ماذا قالت لك ؟!!..
أخذ يتذكر ثم قال بمرح : لقد قالت أنهما كانا شخصين لطيفين جداً .. و أنها كانت سعيدةً معهما ..! كما أنها قالت لي مرةً أن حفل زفافهما كان أسعد أيام حياتها ..! آه صحيح .. و قد قالت لي أنهما أنجبا طفلين جميلين جداً ..!
طفلين جميلين !!.. أيعقل أنها تقصدنا ؟!!..
كنت أشعر بالتوتر و ريكايل كذلك .. لكنني سألت الفتى حينها : هل أخبرتك عن الطفلين ؟!!..
- لا .. لم تذكرهما إلا في تلك المرة !!.. أخبرتني أنها تسافر كثيراً و قد ذهبت إلى دول كثيرة أيضاً .. رغم أنها لا تبدو شخصاً غنياً ..!
- حسناً أيها الفتى .. هل أخبرتك مرةً عن أسماء أصحاب المنزل ؟!!..
- دعني أتذكر ..! لا ..! لكنها مرةً قالت لي حين كنت أسير معها قرب مدرسة الحي أن إيان و نيكول درسا في هذه الثانوية ..! لقد حدث هذا حين أتت إلى هنا الأسبوع الماضي ..! أعتقد أنها كانت تقصد أصحاب المنزل ..!
لا شك في ذلك .. تلك الآنسة قريبةٌ لنا ..!
ميراي ستيوارت .. ما صلة القرابة يا ترى ؟!!..
أيقضني من شرودي صوت ريكايل : لينك .. هل نذهب لنرى تلك المدرسة ؟!!..
التفتت حينها أليه و أومأت إيجاباً .. سألنا الفتى عن مكان المدرسة فوصف لنا الطريق إليها ..!
لم يكن لنا إلا أن نشكر الأم و طفلها و نسير عائدين إلى السيارة و قد قررنا العودة صباح الغد للسؤال في المدرسة إن كان الأساتذة يذكرون شيئاً عن والدينا أو يعرفون هذه المدعوة ميراي ستيوارت ..!
.................................................. ........
توقفت السيارة بعد تجاوزها بوابة القصر بقليل .. التفت ناحية ريكايل حينها : أوصل سلامي للأولاد ..!
أومأ إيجاباً فنزلت أنا و أغلقت الباب ليحرك هو السيارة إلى الخلف و يغادر القصر ..!
لقد أخبرني بأنه يريد أن يطمئن على أخوته الصغار بعد أن انتقلوا إلى منزلهم الجديد ..!
سرت ناحية الحديقة و أنا أفكر .. لدى ريكايل الكثير من الأمور ليقلق عليها ..!
فهناك أطفال الملجأ .. و كذلك صحة الخالة آنا و حياة ابنتيها اللتان تعدان أخوات له .. و الآن أنا و أسرتنا الحقيقية ..!
لديه قوة تحمل و صلابة على عكسي .. تخيلت للحظة لو أن الخالة آنا قدمت ريكايل لأمي بدلاً عني ..!
هل كان ستعرف لأليس و يعيش معاناتي في ذلك الشهر المشؤوم ؟!!..
و لو حدث ذلك .. هل كان سيبتكر تلك الشخصية الشيطانية ليخفي شخصيته المهزوزة أم لا ؟!!..
ربما لن يكتسب هذه الشخصية القوية لو أنه كان في مكاني و ربما كانت هي من نصيبي كما الحياة العصيبة ..!
كيف ستكون الأمور حينها ؟!!..
أنه أمر يصعب علي تخيله حتى لذا طردت الأمر من بالي ..!
انتبهت حينها إلى تلك الشقراء التي تجلس هناك ..!
قرب بركة السباحة على كرسي خشبي تعيرني ظهرها .. تلك القطة البيضاء كثيرة الشعر تستلقي قربها نائمة ..!
إنها قطة جيسكا التي أراها نادراً لأنها دائماً ما تكون في غرفة صاحبتها .. و نادراً ما تخرج .. و هي نائمة معظم الوقت ..!
دعونا من القطة الآن و انتبهوا إلى الليدي التي بجانبها ..!
تقدمت محاولاً عدم إصدار صوت .. و قد بدا لي أنها كانت مندمجة مع ذلك الكتاب الذي استطعت رؤيته الآن بين يديها ..!
حين صرت خلفها تماماً مددت ذراعي و أحطت رقبتها و انحنيت ليصير رأسي على كتفها ..!
نظرت إلي بطرف عينها التي تشارك السماء في لونها و صفائها و ابتسمت بهدوء : ما قصة هذا العناق المفاجئ ؟!!..
بادلتها تلك الابتسامة اللطيفة و قلت بصوت منخفض هادئ : اشتقت إليك ..!
ضحكت بخفة ضحكة قصيرة ناعمة : لم تمر سوا بعض الساعات على رؤيتنا لبعض آخر مرة .. لقد تناولنا الإفطار سويةً ..!
اتسعت ابتسامتي و قلت بهدوء : رغم ذلك .. تلك المدة تكفي لأشتاق إليك ..! يبدو أنني سألغي رحلتي للندن مع الرفاق و أبقى معك هنا ..!
بدت عليها ابتسامة حنونة و هي تقول : لا يا عزيزي .. أذهب و استمتع بوقتك فأنت لم تغادر باريس منذ فترة و تحتاج للتغير ..!
لم أرد عليها بل أغمضت عيني للحظات ..!
أعتقد أني حقاً محظوظ للغاية .. لأنني الطفل الذي تبنته إلينا ..!
فتحت عيني حينها و قربت رأسي قليلاً لأقبل وجنتها المشبعة بلون الزهر الوردي : أحبك ..!
رفعت يدها و ربتت على رأسي و هي تقول : و أنا أحبك أيضاً يا بني ..!
كانت ابتسامتي تتسع أكثر و أكثر و نظرة أمتنان حانية قد احتلت عيني و أنا أحدق بتلك الإنسانة العظيمة .. إلينا مارسنلي ..!
ابتعدت عنها برفق بعدها و سرت بضع خطوات لأصير أمامها : لا تزال بثياب المدرسة .. إذاً عدت للتو للمنزل ؟!..
- كانت لدي بعض الأعمال لأنجزها ..!
- يبدو أن هناك فتاة كانت تنجز هذه الأعمال معك ..!
قالتها بابتسامة ماكرة مما دعاني للتعجب : لما تعتقدين هذا ؟!!..
- حسناً .. هذا الشريط الجميل حول معصمك أخبرني ..! إنه يذكرني بخيط الحب الأحمر !!..
نظرت إلى يدي حالاً لأكتشف أني لم أبعد ذلك الشريط الذي ربطته جوليا على يدي بعد !!!!..
ذلك ما جعلني أحرج و قد احمر وجهي : لا .. ليس الأمر كما تظنين !!.. لقد .. لقد طلب مني دايمن أن أخفيه لأنه لآندي .. يريد أن يرى هل ستفتقده أم لا ..!
رفعت أحد حاجبيها بشك : أتقول الصدق ؟!!..
- بالتأكيد !!..
- لينك .. أنا أمك فلا تكذب علي ..!
شعرت بالورطة حينها .. أنا حقاً لا أريد أن أكذب عليها ..!
لذا استسلمت في النهاية : ليس لآندي ..!
- إذاً ؟!..
- لا أستطيع أخبارك الآن .. سيكون في الوقت المناسب ..!
- هل ربطته لك فتاة ؟!!..
- آه حسناً .. ربما ..!
- أجبني بصراحة ..!
- نعم .. لكن ليس لأنها تحبني أو ما شابه ..!
- لما إذاً ؟!..
- ستعرفين قريباً ..!
- هل هي ليديا ؟!..
- بالطبع لا !!..
- هل أعرف تلك الفتاة ؟!..
- لا .. أنها تكبرني بشهرين يا أمي لذا لا تفكري بها بسبب هذا الشريط ..! لأني لا أفكر بالارتباط إلا بفتاة أصغر مني ..!
ابتسمت لي حينها : كما تشاء .. لن أستعجل الأمور ..! لكن عدني بأن تخبرني قريباً ..!
بادلتها تلك الابتسامة : أعدك .. في الوقت المناسب سأخبرك ..! و الآن علي الذهاب فلدي امتحان نهائي غداً و علي أن استذكره ..!
- لديك امتحان ولم تبدأ بعد ؟!!.. الشمس ستغرب قريباً..!
- لا تقلقِ .. أنه امتحان لغة إنجليزية لذا لن أواجه مشكلة معه ..! تذكري أني عشت في بريطانيا مهد تلك اللغة لست سنوات ..!
- حسناً .. بالتوفيق إذاً ..!
- شكراً لك ..!
سرت بعدها إلى الداخل ذاهباً لغرفتي .. من الجيد أني لم أخبر ريكايل بأمر الامتحان و إلا لما تركنا نبحث عن شيء اليوم ..!
وصلت للمصعد و ضغطت على زر الدور الثالث فبدأ بالصعود ..!
كنت أفكر بأمر ذلك الشريط الذي ربط حول معصمي ..!
من ربطه لي مسبقاً يا ترى ؟!!..
لحظتها .. ابتسمت حين تذكرت أن أمي شبهته بخيط الحب الأحمر بينما الخالة آنا شبهته بسلك القنبلة الموقوتة ..!
ربما لأنه بسببه أمي تبنتني أنا و ليس ريكايل بينما بسببه أيضاً الخالة آنا عاشت تأنيب الضمير لسنوات لأنها فرقتني عن أخي ..!
تنهدت حينها و أنا أخرج من المصعد و أتجه لغرفتي من أجل الاستعداد لذلك الامتحان ..!
.................................................. .....
نوقف هنا ^^
مو كأن البارت طويل ؟!!.. ^^ << متحسفه !!.. << كف ××
أوكي .. نجي للواجب يا بنات ..!
هل ستعلم السيدة مارسنلي بأمر أخوة ريكايل و لينك قريباً ؟!!..
و ماذا سيكون موقفها من هذا ؟!!..
ماذا عن ميشيل ؟!!..
من هي تلك المدعوة ميراي ستيوارت ؟!!..
و هل لديها علاقة قرابة من الأخوين ؟!!..
هل سيحصل بطلنا و شقيقه على معلومات عند الذهاب لمدرسة نيكول و إيان ؟!..
أم أن مرور أكثر من سبعة عشر عاماً غير كل شيء ؟!!..
ما توقفعاتكم للأحداث القادمة ؟!!..
الهووم وورك صار طويل بعد
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |