part 19
كنا نجلس في حديقة القصر نشرب القهوة و نتحدث بشأن خالتنا التي يمكننا وصفها باللطيفة ..!
لاحظت أن ريكايل أحبها مثلي تماماً .. و قد كان كلانا متشوقاً لرؤيتها مجدداً ..!
الساعة كانت تشير إلى الثانية ظهراً : ستقلع طائرتها الآن ..!
هكذا تمتم ريكايل : صحيح .. رغم أني تمنيت أننا بقينا عندها أطول ..!
- أين الكيس الذي أعطتك إياه ؟!!..
- لقد وضعته في غرفتي .. لكني لم ألقي نظرة عليه بعد لأني فكرت بأنه من الأفضل أن نفعل هذا سويةً ..!
- سأذهب قبل نهاية النهار لزيارة الخالة آنا .. أترافقني ؟!!..
طأطأت رأسي حينها بتوتر : لا جرأة لي على هذا بعد ما حدث مع ميشيل في الصباح ..!
ابتسم لي بهدوء : أطمئن .. ميشيل لا تتواجد في المنزل إلا في المساء ..!
بدالته الابتسامة حينها : إن كان هكذا فلا بأس ..!
في الحقيقة .. أكثر ما كان يخيفني هو فكرة وجود ميشيل هناك ..!
تلك الفتاة بالفعل شيء لم يمر علي مثله في حياتي ..!
فحتى أليس كانت تحبني .. لكن ميشيل غريبة للغاية ..!
رغم الكلام الذي قالته ليديا .. لم أستطع فعل شيء لإرضائها ..!
انتبهت حينها لصوت الخادمة التي قالت : سيدي .. لقد حضرت السيدة مارسنلي ..! و سيكون الغداء جاهزاً بعد دقائق ..!
أومأت لها إيجاباً فانصرفت بهدوء .. حينها قال ريكايل بجد : أذهب و أعتذر إليها الآن ..!
قطبت حاجبي : تعال معي ..!
أومأ سلباً : لا .. عليك فعل ذلك وحدك ..!
تنهدت حينها و أنا أقف : يا لك من فتى ..!
تركته في ذات المكان تحت تلك القبة الحجرية قرب بركة السباحة و اتجهت للداخل ..!
رأيت جيسكا تسير هناك فاتجهت إليها : أين والدتي ؟!!..
ببرود قالت : في غرفة الجلوس ..!
تجاوزتها حينها و أنا أفكر في أنني لم أرها يوماً بملامح مختلفة حتى أني أشك في أن وجهها تصلب على هذا النحو ..!
وصلت لغرفة الجلوس التي كان بابها مفتوحاً و رأيت أمي هناك .. لم تكن وحدها فهاهي الخالة كاثرن هنا معها ..!
ابتسمت بهدوء : مرحباً ..!
التفتا إلي لتقول الخالة كاثرن بمرح : أهلاً عزيزي لينك .. كيف حالك ؟!!..
بذات ابتسامتي و قد تقدمت قليلاً : بخير ..!
سرت بخطوات مترددة حتى وقفت أمام والدتي التي بدا عليها الهدوء حتى أني افتقدت ابتسامتها ..!
ربت على كتفها ثم انحنيت قليلاً لأقبل رأسها .. و بعد أن استقمت مجدداً : آسف على ما حدث بالأمس .. لقد كنت متوتر الأعصاب ..!
انتظرت ردة فعلها للحظات .. لكني شعرت بالراحة حين رأيت ابتسامتها الصغيرة تلك ..!
وقفت حينها أمامي ثم احتضنتني و هي تقول : هذا هو ابني الجيد ..!
ابتسمت حينها بهدوء : أعدك أني لن أكررها ثانية ..!
ابتعدت عني حينها و قد اتسعت ابتسامتها ..!
في تلك اللحظة هتفت خالتي كاثرن بسعادة : كم أحسدك يا إلينا .. ليت لدي ابناً كلينك ..!
تقدمت ناحيتها و جثوت على إحدى ركبتاي أمامها ثم أمسك يدها و قبلتها : اعتبريني ابنك إن أردتِ سيدة رافالي ..!
ضحكت بخفة حينها : أيها الماكر ..!
وقفت حينها دون أن أغير ابتسامتي وفي تلك اللحظة دخل خادم إلى الغرفة و هو يقول : مائدة الغداء بانتظاركم سيدتي ..!
بابتسامة هادئة قالت والدتي : سنكون هناك بعد لحظات ..!
خرج حينها فنظرت إلي : أين ريكايل ؟!!..
- في الحديقة ..!
- حسناً .. أخبره بأن الغداء جاهز ..!
- حاضر ..!
قطبت الخالة كاثرن حاجبيها : ريكايل .. من هذا ؟!!..
ابتسمت أمي بسعادة حينها : إنه خادم لينك .. و هو في ذات سنه ..!
بدا عليها الاستغراب : و لما لينك هو من يذهب ليستدعيه رغم أن العكس هو ما يفترض أن يحدث ؟!!..
ضحكت بخفة حينها : إنهما أشبه بالصديقين يا كاثرن ..! أن ريكايل لطيف للغاية و فتى نادر أن تجدي مثله .. كما أنه وسيم أيضاً ..! لو أنني كنت قد عرفته قبل بضع سنوات لكنت تبنيته ليكون أخاً للينك ..!
لحظتها .. كتمت ضحكتي ..!
لأن والدتي لا تعلم بان ريكايل هو أخي فعلاً سواء تبنته أم لا ..!
لكنني كنت سعيداً بكلامها فهذا يعني بأنها ستتقبله فوراً إن علمت بأنه أخي حقاً ..!
بدا الاستنكار على خالتي : إنك غريبة بالفعل إلينا ..! لينك ألا تشعر بالغيرة من هذا الخادم ؟!!..
أومأت سلباً بابتسامة : لا .. فأنا أيضاً أحببته كذلك ..! ربما ستحبينه إن عرفته يا خالتي ..!
بلا اهتمام قالت : لا أعتقد ..!
شعرت بالقلق حينها .. لأن السيدة رافالي من النوع الفاخر من النساء و المتمسك بعادات الطبقة المخملية سواءً كانت سيئة أم حسنة .. و هي ليست مثل أمي ذات القلب العطوف على الكل ..!
كما أنها إن وضعت شخصاً في رأسها فهي ستبحث عن أي زلة يقوم بها ..!
و إن أحبت شخصاً فستتغاضى عن كل عيوبه ..!
خشيت فعلاً أن تضع أخي في رأسها حينها لن يستطيع أحد إنقاذه من نظراتها المرعبة !!..
إنها صفة سلبية فيها ..!
استأذنتهما للذهاب لاستدعاء ريكايل ..!
و حين خرجت للحديقة رأيته هناك يمسك بكأس من الماء و يشرب منه حتى فرغ الكأس ..!
ما إن انتبه لوجودي حتى أخذ شيئاً من على الطاولة و ضعه في جيب سترته بغية إخفائه ..!
لم يكن علبة كما في المرات السابقة بل هو كرت أقراص ..!
أيمكن أنه دواء آخر يا ترى ؟!!..
أشعر بالقلق حيال الأمر .. يجب أن أحدثه فيه قريباً ..!
لأنه ليس من الجيد أن أتظاهر بعدم انتباهي له أكثر من هذا ..!
وصلت إليه حينها : حان موعد الغداء .. الخالة كاثرن هنا أيضاً ..!
قطب حاجبيه : من هي ؟!!..
- إنها والدة دايمن ..!
- آه .. تقصد السيدة رافالي ..! لقد نسيت أن أسمها كاثرن ..!
- حسناً .. هيا بنا لتناول الغداء ..!
وقف حينها فسرنا سوية للداخل : أتعلم ماذا قالت أمي قبل قليل ؟!..
التفت إلي مستغرباً : ماذا ؟!!..
- لقد كانت تشيد بك أمام خالتي ..! كما أنها قالت بأنها لو عرفتك قبل سنوات لتبنتك لتكون أخاً لي ..! يبدو أنها أحبتك فعلاً ..!
ابتسم بغرور : لدي قدرة على جعل الناس تعجب بي بسرعة ..!
بجد قلت : ليس هذا ما أقصده ..! تعلم قصدي .. إنها تحبك ريكايل ..!
اختفت ابتسامته حينها و تنهد بتعب : ليس الآن لينك .. ليس الآن ..!
بانزعاج قلت : متى إذاً ؟!.. أني أتمنى إخبارها بالحقيقة في أقرب وقت ..!
- ربما .. بعد أن نعود من لندن ..!
- حقاً ؟!!..
- قلت لك ربما !!!..
- إنه مؤشر جيد على كل حال ..!
وصلنا حينها إلى غرفة الطعام .. دخلت فرأيت والدتي تجلس في مكانها عن يسارها جيسكا و يمينها الخالة كاثرن ..!
جلست في مكاني .. و قبل أن يجلس ريكايل حنى رأسه باحترام : طاب يومك سيدة إلينا ..!
ابتسمت له أمي بمرح : طاب يومك ريكايل ..!
نظر إلى خالتي حينها : طاب يومك سيدة رافالي ..!
لم ترد عليه .. ذلك جعلني أقلق .. لقد وضعته في رأسها بالفعل ..!
جلس في مكانه على يساري فوقفت جيسكا و أخذت تتحدث عن أصناف المائدة ..!
و ما إن وصلت نصف الأصناف حتى جلست ليقف ريكايل و يتابع عوضاً عنها ..!
واضح أنها أعطته محاضرة طويلة عن ما يجب عليه فعله على مائدة الطعام ..!
بعد أن انتهى و جلس بدأنا بتناول طعام الغداء بصمت .. كما هي العادة دائماً ..!
.................................................. .......
للأسف .. لم يكن بإمكاني الذهاب مع ريكايل لزيارة الخالة آنا .. ذلك لأن والدتي طلبت مني أن أبقى معهما و مع الخالة كاثرن التي على حد قولها اشتاقت لي ..!
كنا نحتسي القهوة في غرفة الجلوس .. و بطريقة ما فتحوا موضوع ريكايل ..!
ببرود قالت السيدة رافالي : أعتقد أنه من غير اللائق بأن يناديك بسيدة إلينا عوضاً عن سيدة مارسنلي ..!
ببساطة قالت أمي : أنا من طلب منه أن يناديني بسيدة إلينا ..!
- آه صحيح .. نسيت أنك إلينا مارسنلي يا عزيزتي ..! أنا واثقة أنك تودين لو يناديك بخالتي أيضاً ..! إنك ذلك النوع من الأشخاص بالفعل..!
- لا مشكلة كاثرن ..! إنه ولد لطيف و مهذب للغاية .. لقد تغير لينك للأفضل منذ وصل ريكايل إلى هنا ..!
قالت هذا و هي تنظر إلي فلم أعلق لأنني لم أجد ما يمكن قوله ..!
لكن خالتي قالت بنوع من الاستياء غير الملحوظ : لهذا قال دايمن بأنك لم تعد تجلس معهم كثيراً .. يبدو أن صحبة ذلك الخادم أعجبتك ..!
إنها بالفعل تصبح شخصاً آخر حين تحقد على أحدهم !!..
شعرت بالغيظ لحظتها .. فلكل شيء حدوده ..!
لكنني كتمت غضبي بصعوبة : في الحقيقة .. كنت مشغولاً الآونة الأخيرة ..!
- أخبرتني آندي أنك قمت بمقابلة زواج مع ابنة روبرتون .. كيف كان الأمر ؟!!..
- إنها لا تناسبني .. أفضل كونها صديقة وحسب ..!
- لولا أني أعلم أن دايمن متعلق بابنة مردستن لاخترت ليديا لتكون زوجةً له ..! إنها تملك كل مقومات الفتاة الراقية ..!
- فلورا أيضاً ليست أقل منها .. كما أني أعتقد أنهما صديقتان لذا لديهما نفس الصفات ..!
تنهدت حينها فيبدو أنها ليست راضية تمام الرضا عن فلورا .. لكن المشكلة بأن أبنها مجنون بفتاته تلك ..!
ابتسمت أمي لحظتها : لا عليك عزيزتي ..! تذكري بأنها وريثة مردستن القادمة ..! كما أنها تمتلك جميع المقومات فهي لطيفة ورقيقة وجميلة .. و هي مهذبة كذلك ..!
قطبت حاجبيها حينها : لكنها لا تصل إلى مستوى ليديا روبرتون .. كما أن والدتها امرأة مغرورة و تحسب نفسها أفضل من الكل !!.. لا أصدق أن واحدةً مثلها ستكون خالة ولدي الوحيد دايمن !!.. إنها لا تعلم بأن رافالي يستطيعون محي اسم مردستن من هذا المجتمع في ثوان ..!
ربما لو علمت خالتي بقصة ليديا مع والدتها و أبيها لما فضلتها ..!
لكني حينها قلت بابتسامة : إن فلورا تذكرني بليندا تماماً ..!
بدا الحزن على خالتي حين ذكرت اسم ليندا : لا أعلم لما أولادي يتعلقون بالأشخاص بشكل كبير ..! فهاهي ليندا حاربت الجميع حتى تزوجت بذلك الروبرت الآلي رغم أن أسرته ليست بذلك النبل ..! لكن شهرته ككاتب روايات كانت عزائي الوحيد ..!
كتمت ضحكتي على وصفها له بالآلي .. يبدو أن دايمن ليس الوحيد المغتاظ من تصرفات زوج ليندا ..!
تابعت خالتي بنبرة يائسة : و الآن هي أتعس إنسانة على وجه الأرض بسبب تجاهله لها ..! و ما يكاد يصيبني بالجنون بأنها لازلت متعلقة به !!.. و هاهو دايمن قد تعلق بتلك الفلورا التي لا أعلم إن كانت قادرة على إسعاده أم لا ..! حتى أنه أخبرني أنه سيخطبها فور أن يصير في العشرين من عمره خوفاً من أن تطير منه !!!.. أرجوا ألا يتكرر الأمر ذاته مع آندي و ميرال ..!
ابتسمت حينها بهدوء : اطمئني .. أنا واثق بأن فلورا ستجعل دايمن أسعد إنسان على وجه الأرض ..! كما أن ليندا أخبرتني بأن روبرت قد بدأ يتغير و أنه متحمس للطفل القادم ..!
بذات يأسها : أتمنى ذلك ..!
حاولت أمي التخفيف عليها فقالت بمرح : لا بأس كاثرن .. السعادة تأتينا دائماً من أماكن نجهلها ..! بالنسبة لي فسأترك للينك حرية اختيار العروس التي يريد إن كان واثقاً بأنها ستسعده ..!
اختفت ابتسامتي حينها ..!
أتساءل .. هل ستقول أمي ذات الكلام حين تتعرف على ميشيل ؟!!..
أعتقد أن ميشيل أصلاً قد حقدت علي و انتهى الأمر .. أني أتمنى حقاً أن أعلم عن ما يجول في خاطرها ..!
نظرت خالتي إلى ساعتها و هي تقول : لقد صارت الساعة الخامسة .. علي أن أعود للمنزل الآن ..!
قطبت أمي حاجبيها : أبقي قليلاً كاثرن .. لا يزال الوقت مبكراً فالشمس لم تغب حتى الآن ..!
- أعذريني عزيزتي .. لكن يجب أن أعود فميرال ستقيم حفلة تمام السابعة لصديقاتها بمناسبة نهاية النصف الأول من المدرسة .. لذا يجب أن أكون هناك مسبقاً لأتأكد من أن كل شيء جاهز ..!
رغم أن للسيدة رافالي أربعة أبناء .. إلا أنها تفضل ميرال و تعاملها معاملة خاصة و تدللها أكثر من البقية بحكم أنها صغيرة العائلة ..!
وقفت خالتي حينها و هي تقول : أراك بخير عزيزتي ..! لينك .. أدرس جيداً لبقية الامتحانات حتى تحصل على علامات مميزة تسعد والدتك ..!
أومأت لها إيجاباً : بالتأكيد .. اطمئني من هذه الناحية ..!
عانقتها والدتي حينها : كرري زيارتك في أقرب وقت يا عزيزتي ..!
.................................................. ..........
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |