عرض مشاركة واحدة
  #45  
قديم 07-10-2013, 06:27 PM
 
كنت أستلقي على سريري الكبير بملل .. الساعة صارت الخامسة والصف و ريكايل لم يعد بعد ..!
اتصلت به فوراً ..لحظات و أجاب : أهلاً لينك ..!
- مرحباً .. أين أنت الآن ؟!!..
- غادرت منزل الخالة آنا منذ لحظات .. سأذهب لإلقاء نظرة على الأطفال فأنا في الطريق للملجأ ..!
- حسناً .. تعال بعدها إلى المنزل ..! لأني أريد أن أخرج معك لأحد المراكز التجارية ..!
- لما فجأة ؟!!..
- أفكر في أن نتمشى قليلاً .. و منها نستعد للسفرة القادمة ..!
- أعذرني ليس اليوم .. لدي بعض الأمور و لن أعود إلا في العاشرة ..!
قطبت حاجبي مستغرباً : أمور ؟!!.. لم أعلم بأن لديك أموراً غير أمور الخالة آنا و الأطفال ..!
بهدوء أجابني : حسناً .. أعتقد أن لدي أموراً أخرى ..!
- أيمكنني معرفتها ؟!!..
- أعتذر .. لكني أفضل الاحتفاظ بها لنفسي بعض الوقت ..!
- لا تقل لي بأنك بدأت بعمل جزيء في مكان ما !!...
- لا اطمئن .. لست طماعاً لذا راتبي من مارسنلي يكفيني ..! أراك فيما بعد ..!
أغلق الهاتف بعدها .. ما الأمر الذي سينجزه يا ترى ؟!!..
في الحقيقة .. لاحظت أنه شرد بذهنه عدت مرات اليوم .. لكني اعتقدت في البداية بأن الأمر متعلق بخالتنا ميراي ..!
يبدو أن هناك أمراً آخر يشغل تفكيره .. أهي فتاة ؟!!!..
هه .. ريكايل ليس مثلك يا لينك من هذه الناحية ..فلا أعتقد أنه سيلتقي بفتاة ثم يسبب لها مشاكل كي تشغل تفكيره هكذا ..!
على عكسك مع ميشيل !!..
جلست على حافة السرير و أنا أتمتم : إلى متى يا ميشيل ؟!!..
هي لم تعطني فرصة لشرح الأمر .. لكني لا ألومها ..!
ليس هذا وقته لينك .. عليك أن تجد طريقة ترضيها بها ..!
نظرت إلى هاتفي .. للحظات فكرت في أمر ما .. لكني كنت متردداً في تنفيذه ..!
لم أجد نفسي إلا وقد أمسكت الهاتف لأنفذ ما في رأسي ..!
...............................................
تنهدت حينها بتعب : ما رأيك الآن ؟!!..
بدا عليها العبوس و هي تقول : حالتك متأزمة فعلاً ..!
كانت الساعة تشير إلى السادسة و النصف في ذلك المقهى الكبير ..!
بقيت أحدق في كوب القهوة التركية أمامي : آسف لإدخالك بهذا ..!
شعرت بها تضرب رأسي بخفة و ما إن رفعت رأسي إليها حتى رأيتها تبتسم و وجنتاها متوردتان كالعادة : لقد وعدت بمساعدتك مسبقاً .. و أنا من النوع الذي يحب أن يفي بوعوده على أكمل وجهه ..! لذا لن يهدأ لي بال حتى تحصل على ميشيل أيها العاشق ..!
بادلتها تلك الابتسامة : شكراً لك .. ليديا ..!
لكنني أردفت بنصف ابتسامة : لكني لم أصل إلى مرحلة العشق بعد ..!
ضحكت بخفة حينها : واثقة أنك ستقع في بئر تلك المرحلة قريباً جداً ..!
منذ ساعة .. اتصلت بليديا .. لا أعلم لما لكني أردت أن أخبرها بما حدث مع ميشيل هذا الصباح ..!
كان ذلك دون أن أخبرها بأي شيء بشأن ريكايل .. فقد قلت بأني التقيتها في الصباح صدفة وحسب ..!
من حسن حظي أن ليديا كانت متفرغة .. لذا دعوتها لشرب القهوة هنا ..!
كانت تمسك بسكين صغيرة و تقوم بتقطيع الوافل المزين بالفواكه الصغيرة و الشوكولا على صحن أمامها بشرود ..!
لحظات حتى قالت : المشاعر التي تخرج من القلب مباشرة نادرة .. و من الصعب التعبير عنها ..!
نظرت إليها باستغراب : ما قصدك ؟!!..
رفعت رأسها إلي و بابتسامة صغيرة قالت : أقصد أنه ليس كل شخص أمامك يريك ما في قلبه ..! لذا هناك احتمال كبير بأن ميشيل ليست صادقة في كلامها ..! أعتقد أنها تقول ذلك فقط كي تثبت لنفسها بأنها تكرهك .. رغم أن قلبها يرفض ذلك ..!
قطبت حاجبي : ما الدليل ؟!!..ربما يكون كلامها من القلب ..!
- أخبرتك سابقاً .. تلك النظرة في عينيها لم تكن تكذب ..! يستحيل أنها تكرهك بعد تلك النظرات التي كانت في عينيها حين رأتك في المقهى ..! لقد كانت ملحوظة للغاية ..!
- لقد خيبت أملها مرتين يا ليديا .. لذا أعتقد أنها باتت تكرهني ..! هذا مؤكد ..!
- أنا لا أوافقك الرأي ..!
- إذاً ما الذي علي فعله ؟!!..
- ليس في يدك شيء الآن غير أن تتحقق من صدق مشاعرها ..! إن كانت تحبك فعلاً فهي ستمنحك فرصة ثالثة ..! لكن تذكر .. تلك الفرصة ستكون الأخيرة بلا ريب ..!
- لقد اعتذرت لها اليوم لكنها رفضت اعتذاري .. لا أعتقد أنها ستنوي إعطائي فرصة بعد أن شككت بها أولاً ثم حين رأتك معي وسمعت حديثنا ذاك ..!
- لقد رفضت اليوم لأن لقاءكما كان مفاجئاً .. لكني اعتقد أنها ستفكر في كلامك ملياً ..!
تنهدت حينها مجدداً .. لقد كان لقائي بها اليوم سيئاً تماماً : سأنفذ ما قلته و أرى النتائج ..!
ابتسمت حينها ثم قالت : ثق بي .. أنا جيدة في هذا و أعلم أنها ستأتي لتعطيك فرصة أخرى ..!
ترددت قليلاً قبل أن أسأل : ليديا .. لما تساعدينني بهذا الشكل ؟!!..
بذات ابتسامتها الهادئة : أخبرتك مسبقاً بأني أحببتك كأخ و صديق .. و سعادتي هي من سعادة أحبابي ..! كما أني أريد التكفير عن خطأي فلو أنها لم ترني معك ذلك اليوم لكانت أموركما على خير ما يرام ..!
- أنت لم تفعل ما هو خاطئ .. أنا من تفوه بكلام جعلها تغضب ..!
- أسمع .. أنصحك أن لا تفكر في الأمر مجدداً .. حاول نسيانه لبعض الوقت حتى ترتب أفكارك و حتى تعطي ميشيل فرصة للتفكير في أمرك ..!
- سأنفذ نصيحتك .. و أرجوا أن أنجح في هذا ..!
بقينا صامتين حيث كانت هي تشرب من كوب القهوة في يدها بينما أنا وضعت في فمي قطعة من السوفليه بالشوكولا الذي كان أمامي ..!
نظرت إلى الساعة التي كانت تشير إلى السابعة .. فكرت في أمر ما .. ربما سيجعل ليديا سعيدة فأنا أعتقد أنها ذلك النوع من الناس ..!
- ليديا .. هل تحبين الأطفال ؟!!..
نظرت إلي باستغراب : لما تسأل فجأة ؟!!..
بتوتر قلت : فقط .. هكذا ..!
ابتسمت حينها بمرح و قد توردت وجنتاها كالعادة : أنا أعتبرهم أجمل شيء على سطح الكوكب ..! أنهم ظرفاء للغاية و يجلبون السعادة للجميع ..!
شعرت بالراحة حينها : ألديك خطط اليوم ؟!!..
- لا ..!
- إذاً .. أنتي متفرغة ؟!!.. أريد أخذك لمكان ما ..!
- إني متفرغة تماماً ..لكن أين ذلك المكان ؟!!..
ابتسمت حينها : إنها مفاجأة ..!
.................................................. ......
أوقفت سيارتي الفراري الحمراء أمام ذلك المنزل .. أغلقت سقفها الذي كان مكشوفاً : لقد وصلنا ..!
نظرت ليديا إلى ذلك البيت الوردي : أنه لطيف جداً .. لكن لما أتينا إلى هنا ؟!!..
- إنه ملجأ للأيتام .. هناك بعض الأطفال يعيشون هنا ..أعتقد أنك ستحبينهم ..!
التفتت إلي مستغربه : لم أعتقد أنك من النوع المحب للأطفال ..!
نزلت من السيارة و أنا أقول : في الحقيقة لم أكن كذلك حتى وقت قريب .. لكنني أحببت الأطفال بعد تعرفي لأطفال هذا الملجأ ..!
نزلت هي الأخرى بحماس : متشوقة للقائهم ..!
سرت بهدوء ناحية الدرج وهي خلفي .. كان الجو قد بدأ يبرد بعد أن غربت الشمس ..!
كانت ترتدي فستان وردي يصل لمنتصف الساق و له كم قصير .. مع حزام عريض باللون الفضي حول الخصر ..!
كان لطيفاً للغاية و يناسبها خاصة أنها تركت شعرها منسدلاً و قد كان متموجاً قليلاً كما هي طبيعته و قد رفعته عن وجهها بشريط فضي يطابق لون حذائها ..!
بالنسبة لي فقد كنت أرتدي بنطال جينز قاتم اللون مع كنزة بلون المانجو طويلة الأكمام ..!
ضغطت على الجرس .. و ما هي سوى لحظات حتى فتح أحدهم الباب ..!
دخلت حينها فرأيت أنها لورا الصغيرة .. التي ما إن رأتني حتى بدت السعادة عليها و ركضت عائدة وهي تنادي : لقد جاء لينك إلى هنا ..!
التفت ناحية جوليا التي بدت مذهولة مع ابتسامة متعجبة على وجهها : أأنت محبوب هنا ؟!!..
- أنا نفسي لا أعلم ذلك .. لكن هؤلاء الأطفال يتعلقون بالشخص بسرعة ..!
لحظتها رأيت جين في بداية الممر تركض و خلفها الآنسة جيني ..!
فور أن اقتربت جثوت على ركبتي فعانقتني من فورها : أخيراً جئت ..!
كنت قد ابتسمت بلطف و أنا أربت على رأسها : آسف على تأخري يا صغيرتي الجميلة ..!
ابتعدت عني و قد توردت وجنتاها : لقد سقيت زهور قوس المطر مع الآنسة جيني اليوم ..!
- إنه أمر رائع .. إن اهتممت بها كثيراً فهي لن تموت ..!
- صحيح .. رايل قال ذلك أيضاً ..!
- هل رايل هنا ؟!!..
- لا ..لقد ذهب قبل قليل ..!
انتبهت للآنسة جيني التي قالت بابتسامة بشوشة : لقد كانت جين حزينة حين جاء ريكايل إلى هنا من دونك ..!
لا أصدق بأني استطعت أن أكسب حبها الطفولي بهذه السرعة ..!
حملتها حينها و نظرت لليديا : هذه الصغيرة هي جين .. و هي الأصغر هنا ..!
ابتسمت ليديا في وجهها و ربتت على رأسها : مرحباً .. أنا أسمي ليديا ..!
كانت جين تنظر إليها باستغراب : هل أنت أم لينك ؟!!..
قطبت حاجبي متعجباً كما كان الحال مع ليديا ..!
لكنها عادت لتبتسم وهي تقول : هل أبدو كأمه ؟!!..
- أنت صغيرة على ذلك ..!
- صحيح .. ليس لدي أي أبناء بعد ..!
قالت هذا بمرح .. فابتسمت لها جين : أنت جميلة يا آنسة ..!
- حقاً ؟!.. لكنك أجمل مني بكثير ..!
ضحكت جين حينها بخفة .. بدت ليديا مستمتعة بالفعل .. أنا سعيد لأنني أتيت بها إلى هنا ..!
رحبت بنا الآنسة جيني و طلبت منا الدخول فتركت جين لتسير على الأرض و دخلنا سوية إلى غرفة الجلوس ..!
هناك كانت جوليا تقوم بوضع فناجين القهوة التي قد تم استعمالها و تضعها في صينية كي تنقلها للمطبخ ..!
لكنها ما إن رأتني حتى قالت : أهلاً لينك .. ظننت أنك لن تأتي اليوم ..!
- لما اعتقدت ذلك ؟!!..
- لقد كان رايل هنا قبل قليل .. لم يقل لي بأنك ستحضر ..!
- أعتقد أنه لا يعلم بأمر وجودي .. أتعلمين إلى أين ذهب ؟!!..
- لا .. لقد كنت أظن أنه سيعود إليك ..!
حيرني الأمر .. حتى جوليا لا تعلم إلى أين ذهب ؟!!..
انتبهت جوليا حينها للفتاة التي معي : يبدو أنك أحضرت ضيفاً ..!
قالتها بابتسامة لطيفة .. ابتسمت لها ليديا حينها : تشرفت بلقائك .. أنا ليديا ..!
تقدمت جوليا و صافحتها : أهلاً بك .. أنا جوليا ..!
نظرت إلي حينها لقول بابتسامة ماكرة : لينك .. أيعقل أنها رفيقتك ؟!!..
أحمر وجهي حينها كما حدث مع ليديا .. لكني أسرعت لأن أقول : ليس الأمر كذلك .. إنها صديقة عزيزة فقط ..!
وافقتني ليديا فوراً على كلامي : صحيح .. أني أعتبر لينك بمثابة الأخ ..!
ضحكت جوليا بخفة : هكذا إذاً .. رغم أنكما تبدوان لطيفين سويةً ..!
يبدو أن جوليا تملك وجهة نظر أمي ذاتها ..!
لكنني قلت كي أغير الموضوع و أنا أحدث ليديا : جوليا هي صاحبة هذا الملجأ و مديرته ..! أنها أخت ريكايل .. لقد رأيته سابقاً ..!
أومأت إيجاباً : صحيح .. رأيته حين جاء لاصطحابك من المدرسة ..! لكن ..!
التفت ناحية جوليا و بلطف قالت : أني أحيي فيك روح الإنسانية يا آنسة ..! فكونك صاحبة و مديرة لملجأ أيتام في هذا السن الصغيرة أمر نادر بالفعل ..!
توردت وجنتا جوليا بخجل : ليس الأمر كما تعتقدين .. في الحقيقة والدتي كانت مديرة الملجأ سابقاً ..! صاحبه السابق لم يكن جيداً فهو لم يكن يهتم بأمر الملجأ و الأطفال إطلاقاً ..! مرضت أمي منذ فترة و لم يكن هناك من ينوب عنها غيري .. لذا كان علي أن أصير المديرة ..!
- الصاحب السابق ؟!.. من هو الصاحب الحالي ؟!!..
- فاعل خير .. أشترى الملجأ و كتبه باسمي حتى لا يعلم أحد من هو ..! حتى أنا لا أعرفه فقد كان يقوم بمراسلتنا فقط حتى أنهى جميع الأوراق اللازمة .. وهو من يصرف على الملجأ الآن ..!
- إنه بالتأكيد شخص رائع .. لأنه فكر في حياة الأطفال هنا ..!
- أنت محقة ..!
ابتسمت حينها فقد كنت مرتاحاً لأن جوليا فعلت كما طلبت منها و لم تتحدث بشأن شرائي للملجأ ..!
__________________
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم











رد مع اقتباس