عرض مشاركة واحدة
  #122  
قديم 07-10-2013, 08:17 PM
 
نها لم تره منذ بداية اليوم و ها قد شارفت الشمس على الغروب , أفضل جزء في قلبها .. لكن هناك وتر ما يأن في وسط أعماقها .. هو حقاً في ... وضع ما و بشكل ما تريد رؤيته فقط .. مجرد رؤية , كي تطمئن .. ألم يكن جريحاً ؟!.
فليجرح ألف جرح و جرح .. ليذق قليلا مما عانته .. أنه يستحق لبرودته معها .. و يدعي الاهتمام !!
ظل الفتى الصغير يحدق بها وهما جالسين في الحديقة ..
قال بفضول لطيف : بما تفكرين , بدوت حزينة , ثم فجأة ألتمع الغضب بعينيك !
حدقت به قليلا بتوتر ... أهي شفافة لهذا الحد ... تابع الصبي بجدية : مالذي يضايقك يا سيدتي و سوف اسحقه !.
تبسمت له برقة و قالت وهي تلمس وجنته شاكرة : يا عزيزي كم أنت شهم .. أني لست متضايقة .
التمعت عينيه و قال بحماس شديد : إذن !! هل تأتين لاحتفال القرية هذا المساء !!. أنه احتفال جديد لأجل السيد ريموس أقامه أهل القرية تكريما له .. و يجب أن تأتي بالطبع ..
رفعت حاجبيها و قالت أنابيلآ بتوتر طفيف : آآوه حقاً !.. مـ... ماذا يفترض أن .. يحدث ؟!.
حدق بها الفتى طويلا و قال مندهشاً : احتفال كأي احتفال يقام الناس يتزينون و يجلبون الاطعمة لباحة القرية و يغنون و يكرمون السيد كاسيل ..!.
شعرت ببلاهتها .. حسنا .. أنها تكره الحفلات .. و لكن لأجل ريموس ستحضره ..
لاحقا بغرفتها .. كانت تدور حول نفسها , لا تدري مالعمل .. لقد أتى المساء و وعدها الصبي الصغير بأنه سيأخذها معه إن أرادت .. لكنها مرعوبة من الخروج و مقابلة الناس .. و القرية , أنها لا تعرف تماماً المفترض عمله ؟!
في النهاية أتت السيدة لوفر و حدثتها تطمئنها ثم أخرجت لها ثوباً رقيقاً زاهي اللون و وشاح جميل , لبسته أنابيلآ و قررت الخروج مع السيدة و ابنها .
لم ترى السيد ريموس كثيراً ألقى إليها بالتحية قبل العشاء .. سألها بقلق أن كانت تحب أن تخرج , فأجابت نعم وهي سعيدة لأجله . ثم غادر مع بعض الرجال بعد أن أوصى السيدة لوفر عليها .
سألت غير قادرة على التجاهل : هل .. هل غادر الضيف ؟!.
رفعت المرأة رأسها وهي تفتح باب العربة لها : آوه ذلك الشاب !. للأسف نعم . غادر وهو لا يبدو بخير قبيل الغروب !.
طرفت بعينيها كثيراً , لقد غادر قبل فترة قصيرة ... ولكنها لم تلمحه أبداً .. لكن لماذا تفكر به ؟!. فليغادر أنها لا تهتم.
ساروا بالعربة نحو القرية و آيفرون لم يكف عن الثرثرة و وصف كل الاستعدادات و الاطعمة و الرقص أيضاً .. لأول مرة تقيم القرية حفلة كهذه .. و قرروا أن يجعلوها حفلة لا تنسى ..!
ابتلعت أنابيلآ ريقها توتراً , هناك في ذاكرتها أيضاً حفلات لا تنسى , حفلات مريعة و ليالٍ سوداء حقاً ...!
ما أن نزلوا في باحة القرية الجميلة و المليئة بالأضواء حتى ملئها الصخب و الضحكات و السعادة .. كان الكل يمرحون و يضحكون و يتحدثون بلا انقطاع .
قال الصبي بسعادة بالغة وهو يمسك بطرف كمها : هيا يا سيدتي إلى الاطعمة !!
وبخته أمه : آيفرون !. دع الانسة تتفرج حولها .. لا يمكنك الذهاب للأكل الآن !.
و تمشت الاميرة بين الناس و معها السيدة لوفر وابنها الذي اختفى بعد دقيقة كان الناس يحيونها و يتحدثون إليها بكل حب رغم أنهم يشعرون باختلافها بشكل ما فهي تمتلك جاذبية شديدة بجانب شعورها بعدم الامان و خوفها الشديد و رغبتها في الاختباء دوماً ..
لكن اليوم هي سعيدة جداً بوجودها بين أناس آمنين تماماً و محبين جداً .

حانت منها التفاتة نحو الجانب البعيد و رأت من بين البيوت البسيطة و الاشجار مجموعة غرباء على أحصنة يقتربون , توسعت عينيها الذهبيتين و خفق قلبها بشكل غريب .. استوقفهم الحراس و تحدثون معهم .. لا تدري مالذي يحدث , لكن الغرباء دخلوا .. كانوا ربما خمسة أو ستة ؟!.
رفعت الاميرة الوشاح فوق رأسها تغطية بقلق .. و اشاحت بوجهها و الرعب بدأ يدق أوصالها .. اختطفت نظرة ثانية لأقرب غريب يبعد عنها مسافة كبيرة .. لكنها لاحظت الشارة التي على درعه .. كانوا فرسان مسلحين وجوههم لا تبشر بخير ..
وقد عرفتهم ... دارت بها الأرض كثيراً و تمسكت بأقرب عامود الناس حولها لم يلحظوها كانوا يحدقون بالغرباء أيضاً باستغراب ..
أنهم حرس من والدها !!.. مؤكد و بلا أدنى شك .. قادمين للبحث عنها !!

عليها أن تعود الآن .. و تحتمي بقصر ريموس ريثما يغادرون .. أخذ قلبها يقصف بعنف و انفاسها تتخبط و البرودة اجتاحت جسدها كله ..
تمالك نفسها بصعوبة و حركت قدميها للانسلال بعيداً و فوراً ..
تراجعت خطوتين و ثلاث وثم انسلت من الحشد و اسرعت وهي ترى عربتهم , أن قادتها بنفسها فسيعلم الكل بمغادرتها , ولكن المسافة ليست ببعيدة عن القصر , أن ركضت ستصل خلال نصف ساعة زمنية ربما .. هناك أشجار بالطريق , أن شعرت بالخوف سوف تحتمي بها ..
ولكن لو تأخذ حصانا أفضل لها .. لكنها لا تقدر على سرقة حصان ما , و اخيراً جاءتها فكرة أن تختبئ بالغابة حتى يذهبون أن ينتهي الاحتفال ثم تخرج و تعود معهم .. ربما هذا أفضل .. ليس واثقة لكنها يجب أن تختبئ حالاً .
أن ألقوا القبض عليها فمن سيخلصها , دائما هي من تخلص نفسها باستماتة و صعوبة لا يتحملها أي أحد !.
غادرت القرية خلال دقيقة فقط و اصبحت بين الاشجار ولم يكن هنالك من قمر في هذه الليلة , أو أنه خلف الغيوم الرمادية .
لم تمشي كثيراً حتى ..
قبضت يد كبيرة على كتفها أوقفتها بخشونة , مما جعل أنابيلآ تتعثر و تسقط على ظهرها ..
_ من أنتِ ؟!.
و سحب الوشاح من حول رأسها بقوة , أضاء مصباح على وجهها و عينيها تتسعان رعباً , كانوا ثلاثة حولها , من الحرس الاشرار.
ضحك أحدهم : يالا السعادة , هل كنتم لتتخيلوا الحظ ؟!.
_ من الجيد أن الرئيس تركنا نراقب مخارج القرية !.. أنها حقاً الاميرة الهاربة !!.
شهقت و نهضت تتعثر , و الآن أين المهرب ...؟!.
_ قيدوها الآن , للنادي الرئيس...
_ لا لا آآآه ... دعوني , النجدا....
ربطوها بقسوة و فمها كذلك .. فبكت حظها الذي لا يتحسن قط إلا و يجلب مشكلة أتعس خلفه !.
وضعوها فوق حصان ما و ألقوا عليها بغطاء ثقيل .. أتت بقية المجموعة و هدر رئيس بسرور : عمل جيد .. إذن هذه الصغيرة التافهة عملت بأمرنا و أرادت الهرب , لكنها لم تكن ذكية كفاية !.
لم ترى شيئا سوى الألم القادم و ظلمة الغطاء فوقها , حركتها رأسها بعنف .. لا لن تتقبل هذا .. ستقتل نفسها أن عادت .. ستفعلها هذه المرة .. و يا حسرتاه ! ,من سينقذها غير نفسها ..!
_ هيه .. من هذا ؟!.
_ ابتعد من هنا ..
هل تتخيل ! , مالذي يحدثونه ؟!...
هدر صوت غاضب بعيد : سحقاً لكم !.
لم تمر سوى ثوان حتى اصطكت السيوف بصليل رهيب و الاحصنة بدأت تهتاج .. الحصان الذي هي فوقه جن جنونه و أخذ يركض بسرعة مفاجئة اسقطتها ...انزلقت و الغطاء سقط عنها وهي ترتطم بالأرض’ تأوهت ألما و تلوت على نفسها لتتخلص من الاربطة.
الغبار ارتفع حولها و هي ترى الظلال تتقاتل فوقها .. زحفت هاربة , لكن ظهر لها أحد الحراس وهو يرفع السيف فوقها قائلا :
_ أن لم نجلبك حية , سنأخذك ميتة , هكذا طُلب منا ...
شهقت رعباً .. لكن سيف آخر مر من فوق كتفها و أطاح برأس الرجل .. ثم تبعه جسده... لم يهدأ الوضع كانت هناك أجساد على الأرض و ثلاثة واقفون .. وهي تقف خلف ... ضاقت عينيها عرفته حتى دون رؤية وجهه بالظلام ..
همس لها : أبقي خلفي ..
تمسكت بعباءته .. سحب "أليكسس" سيفه الثاني وقال ببرود يخيف : الموت لكم ..
هجموا عليه دفعة واحدة ... لكنه اسقطهم كلهم خلال ثانيتين .. ثلاث ربما ... بقي واحد ينزف على قيد الحياة...
وضع أليكسس السيف قرب حنجرته وقال هادراً بحده : ستعيش قليلاً لتوصل الرسالة , اذهب لسيدك الوضيع وقل له ... أليكسس ميرديلايك سيرسل لك الموت !.
ثم بحركة سريعة شق ذراعه لتصب دما كثيراً ..
_ هكذا سيبقي لك يومين للحياة .. أن أوصلت الرسالة وصلت وأن لم تصل سأرسلها بنفسي .
نهض الرجل يترنح وهو قابض على ذراعه النازفة بقوة .. ركض إلى أحد احصنتهم ليهرب به .. أما البقية فكانوا موتى على الأرض... لقد قضى أليكسس على ثمان أو تسعة رجال مدرعين بسهولة !
كان عقلها متجمداً كالجليد لا تستطيع أن تفهم ما حدث .. التفت نحوها و بصعوبة ميزته ملامحه في الظلمة.
تنفست بتقطع بالغ وهي تراه جامداً يحدق بها قريباً منها لكنه متجمد صامت ..
_ آه .. أنا...
شعرت بألم يقطع قلبها .. لقد أنقذها أليكسس .. ولكن هذا يغير الكثير , لقد كانت تفكر بأنها ستموت , والآن هي حية ماذا ستفعل ؟!
_ أنابيلآ...
صدمها ألم شديد قاتل عندما خطى إليها بخطوة واحدة و كانت بين ذراعيه .. لكنه ضمها لصدره بقوة لم تعرفها .. أحكمها إليه وهو يتنفس بصعوبة فوق شعرها و بدا مرعوباً فجأة... اختنقت و دموعها تسيل !.
_ آوه يا ألهي , يا ألهي . أخيراً بين ذراعي آمنة , يا أميرتي البريئة.
ذاب جليد شعورها و غمرها الدفء الرهيب الرائع , لم يعد هناك ما يستحق القلق .. أليكسس يحميها الآن.
لم يتركها طويلاً .. بينما هي تنشج ببكاء خافت يشعر بارتجافها ..مسح على شعرها و تركها قليلا ليمسح دموعها بكلا يديه .
قرب وجهه منها كثيراً و نظر بذهب عينيها السائل بينما ضوء القمر يظهر خافتا بين الغيوم عالياً...
اجتاحها الاحمرار وهو يقبل جبينها بخفه , ثم همس : تعالي معي .. المكان لم يعد آمناً لك , والدك سيقتلك , و أنا عرفت قصتك كاملة أنابيلآ سكيلار بيوتاليس .. رغم أنك لا تستحقين اسمه أميرتي , تعالي معي...
اخيراً عاد عقلها للعمل .. ارتجفت شفتيها وهي تتأمل عينيه الزرقاوين الباهتتين : لكن .. لا أنا .. السيد ريموس سـ...
هز أليكسس رأسه بخفه و همس لها يطمئنها : أنه يعرفك تماماً , لكن الحراس وصلوا إلى هنا , الملك سيتسبب بالمشاكل هنا أن بقيت .. لكن قربي لن يمسك أحد. ثقي بي أرجوك آنا .
أن كلامه منطقي جداً , كما أنه للتو تحدى والدها .. ولن تسبب قط لـ ريموس و الناس المحبوبين هنا المشاكل , يجب أن تغادر .. و منذ متى يناديها آنّــا ؟!
همست بضعف وهي تغمض عينيها : يجب أن أغادر .. ربما يجب أن اختفي من الوجود ..
_ لا... لا .. أنابيلآ " صوته كان عذباً معذباً .. لم تجرؤ للنظر إليه ستضعف كثيراً ولن يعمل عقلها أيضاً.
فوجئت بعناق آخر ناعم و دافئ أذاب عظامها .
_ آنا , تعالي معي أرجوك لا تتركيني .. كوني معي.
أنها قط لن تقدر على قول لا الآن وهي مغمورة بالسعادة الكاملة .. هل قال لا تتركيني و كوني معي ..!
_ حـ..حسناً .
_ سننتظر حتى الصباح ونغادر معاً سريعاً .
تفحصها و يديه على كتفيها , همس برقة : هل أصبت بضرر ؟!.
رمقت عينيه بسرعة وقالت خجلة : لا , أصبت بالرعب فقط !.
_ لن أسامح نفسي و لن أسمح بأن يؤذيك أحد بعد الآن , كم كنت بعيداً جداً غافلاً جدا عنك , أظنك بخير , لكنك كنت تعانين الآلام !.
مسح على شعرها وصوته مذنباً يرجو السماح منها ..
_ لن أتركك بعد الآن.
فجأة تذكرت بأنه متزوج وبعيد بحياته و قلبه عنها , مهما كان يشعر بالذنب , ظلت صامتة لا تنطق شيئا.
وضع ذراعه خلف ظهرها و سار معها حيث أوقف الحصان الرائع , آينوس .. وخب الحصان إليهما , و حملها أليكسس حتى صعدت فوقه .. ثم قبض على اللجام و ظل يسيران بهدوء تحت ظلام الليل و ضوء القمر الذي يأتي و يروح .. حتى وصلا لقصر ريموس كاسيل ..
انزلها عند المدخل و لكن لم يتحرك من أمامها , همس برقة : هل ستنامين جيداً ؟!.
أحمرت توترا و خجلا , قالت وهي تحاول الابتعاد و الهرب عنه : آه , اعتقد هذا ..
لكنه أمسك بيدها و قبلها وهو ينظر في عينيها الذهبيتين همس : لا أجرؤ على طلب المغفرة منك الآن , لكني أتقطع أسفاً و ذنباً . أني استحق هذا.
ردت أنابيلآ بهمس بارد وهي تهرب من عينيه : أجل تستحقه !.
لكنه تنهد بيأس و قادها حتى باب غرفتها بالأعلى لم يكن واثقاً لكنها هي توقفت عند الباب الأول ..
قال هامساً بتعب : غداً سأخبرك بكل شيء , ارتاحي جيداً .
ترددت قبل أن تقول : شكـ...!
_ آششش , " أصمتها واضعاً اصبعه فوق شفتيها .. أكمل ببؤس : لا تشكريني قط . تصبحين على خير.
تراجع خطوتين ثم انحنى لها قليلاً و أغلقت هي الباب بهدوء .. كيف يمكنها النوم الآن !.
هي تشعر بسعادة ممزوجة بقوة بالحزن و الغضب اليائس .. أليكسس عاد إليها , لكنه ليس لها .. كيف يمكنه أن يكون قريباً جداً بعيداً جداً عنها .. أي عذاب هذا ؟!.

...