رميت بجسدي على ذلك السرير بتعب فنظر إلي لوي بهدوء : أتنوي البقاء على هذا الحال طيلة الرحلة ؟!.. تصرفاتك انت و ماثيو لم تعد تطاق ..! و بصراحة أنا لا ألومه بما أنه لا يعرف الحقيقة ..!
تنهدت حينها و ارحت رأسي على الوسادة : أعلم أنه لا ذنب له فلطالما كان ماثيو هكذا ..! لكن ريكايل هو من يرفض الموافقة على علم الجميع بالأمر ..!
قطب حاجبيه و جلس على السرير الآخر بقربي : ألن تخبرني عن الأمر الذي تخفيه مع ريكايل ؟!.
- أنا لا أخفي شيئاً ..!
- حسناً .. سأغير صيغة السؤال .. لما أنت و ريكايل تخفيان علاقتكما الجيدة ؟!!..
شعرت بالتوتر نوعاً ما فأنا لم أخفي شيئاً عن لوي .. حتى أليس و حادثة طفولتي لديه بعض التلميحات عنها و إن لم تكن القصة كاملة ..!
لكنني لا استطيع اخباره دون علم رايل : آسف لوي .. ليس بيدي أن أشرح لك الأمر ..! لكن حال ما تسنح الفرصة سأخبرك ..!
تنهد حينها : كما تشاء ..!
أردف بعد لحظات بابتسامة : و الآن ما رأيك أن تتصل بتلك الصغيرة جين ؟!!..
رفعت حاجبي مستغرباً : لما فجأة ؟!!..
- أريد أن أرى كيف تتصرف مع الأطفال بعد أن كنت لا تطيقهم ..! لذا استعمل السماعة الخارجية للهاتف ..!
- حسناً .. أعتقد أنها أفضل فرصة للاتصال بها ..!
استلقيت على جانبي و وقف لوي ثم جلس على حافة سريري .. اتصلت بهاتف الملجأ و وضعت مكبر الصوت و تركته على السرير بقربي ..!
لحظات حتى أجابني أحدهم : مرحباً ..!
عرفت الصوت في الحال : مرحباً ايريك .. كيف حالك ؟!!..
- رايل ؟!!..
- لا .. أنا لينك ..!
- أهلاً لينك .. أنا بخير ..!
- هل كنت أخاً جيداً في غيابنا كما طلبت منك ليديا ؟!!..
- أجل .. لم أعد أسرق الحلوى في الليل ..!
- هذا شيء جيد ..! هل حضرت الآنسة جوليا لزيارتكم ؟!!..
- لا .. نحن لم نرها منذ يومين ..!
- إذاً أيمكنك أن تعطي الهاتف للآنسة جيني ؟!!..
- حاضر ..!
نظرت إلى لوي الذي كان متعجباً : أنت تجيد معاملة الأطفال إذاً .. تتحدث معه و كأن لديك خبره ..!
ابتسمت حينها بمرح : إنها مراقبة ليديا .. فهي محترفة في ذلك ..!
- ذلك واضح فهي تبدوا فتاة رقيقة للغاية ..!
- أنت محق ..!
لحظات حتى سمعت صوت الآنسة من الهاتف : مرحباً لينك ..!
- أهلاً آنسة جيني .. كيف حالك و كيف حال الأطفال ؟!..
- جميعنا بخير .. لولا أنهم يفتقدون جوليا و ريكايل جداً فهم لم يعتادوا على غيابهم ..!
- أعلم هذا .. لذا فأنا و رايل سنعود قبل الموعد لنطمئن على جوليا .. ألم تصلكم أي أخبار عنها ؟!!..
- لا .. لا جديد ..!
- حسناً .. حال ما يصلكم شيء أخبرينا ..!
- حاضر ..!
- أيمكنني أن أتحدث لجين ؟!!..
- بالتأكيد .. إنها تفتقدك كثيراً ..!
- و أنا كذلك ..!
- سأناديها الآن ..!
كنت أسمع صوتها من بعيد و هي تنادي على جين .. لكن لوي كان مذهولاً : طفلة .. و تفتقد لينك !!!.. ماذا حدث للعالم ؟!!..
ضحكت حينها بخفة فملامح وجهه المصدومة كانت مضحكة للغاية !!..
لكني حينها سمعت صرخة من الهاتف : لينك !!!..
أنقبض قلبي حين انتبهت إلى صوت جين التي بدا أنها تبكي فهتفت حالاً بقلق : جين ما الأمر ؟!!.. لما تبكين ؟!!..
- لقد دخل كلب إلى حديقتنا و قتل أزهاري !!...
تنفست الصعداء حينها فقد كانت أسوء الاحتمالات قد غزت رأسي لحظتها ..!
أخذت نفساً قبل أن أقول : لا بأس عزيزتي .. يمكنك زراعتها مجدداً ..!
- هل تأخذ وقتاً كثيراً حتى تكبر ؟!!..
- إن اعتنيت بها فهي ستكبر بسرعة ..!
- لينك متى ستأتي أنت و رايل ؟!!..
- قريباً جداً اطمئني .. لذا جففي دموعك و ابتسمي ..!
- كل شيء هنا محزن .. الأزهار ماتت و الآنسة جوليا لم تعد تحبنا و أنت و رايل ذهبتما بعيداً ..!
- لما تقولين هذا ؟!!.. الآنسة جوليا تحبكم كثيراً يا صغيرتي ..!
- إذاً لما لم تزرنا .. حتى ميشيل لم تأتي لرؤيتنا منذ زمن ..!
شعرت بقلق أكبر .. أتراه شيء أصاب ميشيل ؟!!.. قلبي غير مطمئن إطلاقاً ..!
لكنني حاولت أن أجعل صوتي طبيعياً من أجل جين : ربما كانت مريضة .. و تعلمين أن ميشيل لديها عمل لذا هي و جوليا مشغولتان ..!
بقيت أحدث جين لبعض الوقت حتى سمعت ضحكتها التي عادت أخيراً .. بينما كان لوي ينظر إلي باستغراب رغم تلك الابتسامة العريضة التي غزت شفتيه ..!
ودعت جين و أغلقت الخط .. فهتف لوي حالاً : تقدم ملحوظ لينك .. لم أعتقد أني سأراك هكذا من قبل ..!
بابتسامة هادئة قلت : أنا نفسي أشعر بالغرابة ..!
حينها وقف وهو يقول : حسناً .. أين ريكايل الآن ؟!..
- لاشك أنه في غرفته ..!
- ما رأيك أن تذهب و تخبره بأنني أدعوكما إلى أحد المقاهي القريبة من هنا ..!
- هذا لطف كبير منك ..!
.................................................. ...
كان ذلك المقهى الصغير الذي اختاره لويفان لطيفاً للغاية .. فيه نادلات لهن ابتسامة واسعة و أناس تبدو السعادة في وجوههم حتى أنك تسعد فقط بالجلوس هنا ..!
رغم ذلك اخترنا الجلوس على الطاولات في الخارج فالجو جميل و هناك طبقة رقيقة من الضباب تعطي السكينة و الهدوء في لندن مدينة الضباب ..!
جلسنا حول تلك الطاولة المستديرة .. و قد كان لوي قد غير من شكله بعض الشيء حتى لا يتعرف عليه أحد فقد وضع قبعة صوفية تخفي شعره و ارتدى نظارة كبيرة العدسات مع عدسات لاصقة بلون العسل لتخفي عينيه النهريتين ..!
طلبنا بعض القهوة الساخنة فالجو كان شبه بارد ..!
سأل لوي بعد أن ارتشف القليل من فنجان قهوته : لم تخبرني يا لينك كيف تعرفت إلى ريكايل ؟!..
ابتسمت بهدوء كما فعل رايل .. حينها قلت : بدأ الأمر في المدرسة .. فرايل كان يعمل هناك نادلاً في الكافيتيريا .. و لكن في ذلك اليوم تشاجرت معه و كان سليط اللسان للغاية ..!
ابتسم ريك نصف ابتسامة بسخرية : أنا كنت سليط اللسان .. لكنك كنت مفتول العضلات ..!
بدا على لوي العجب و قال مع ابتسامة استنكار : أفهم من كلامك أنكما تعاركتما ؟!!..
أومأنا إيجاباً فتابعت : لقد أوسعته ضرباً .. لكن ذلك لم يشفي غليلي ..! لذا قررت جعله خادمي الخاص كي أتمكن من تحطيمه .. لكن الأمر أنعكس علي فلم تمر فترة بسيطة حتى صرنا صديقين ..!
قطب حاجبيه : أنت جاد ؟!!.. هكذا فقط ؟!!..
بارتباك قال رايل : حدثت بعض الأشياء لكن هذا الملخص ..!
رن هاتفي حينها فقطع على لوي الذي أراد أن يعلق على الأمر ..!
المتصل ( ميراي ) ..!
تعمدت عدم كتابة خالتي حتى لا تحدث مشكلة لو اتصلت و كان هاتفي قرب شخص آخر ..!
لكني أعلم بأنها لو علمت بهذا لكسرت جمجمتي قبل أن تكسر هاتفي : ألن تجيب ؟!..
هكذا سأل ريكايل باستغراب : بلا .. إنها ميراي ..!
- ستقتلك لو سمعتك ..!
- أعلم .. لكنها ليست هنا الآن ..!
- يستحسن أن تسرع في الإجابة عليها ..!
- و هذا ما سأفعله ..!
رفعت الهاتف و ضغطت الزر الأخضر فوصلني صوتها في الحال : مرحباً عزيزي ..!
ابتسمت حينها : أهلاً ..!
- كيف حالك و كيف حال ريك ؟!!..
- نحن بخير .. ماذا عنك ؟!!..
- بأفضل حال ..! إذاً .. هل تقضيان وقتاً ممتعاً ؟!!..
- أجل .. كل شيء على ما يرام ..!
- حسناً .. تعلم أن طائرتي اليوم يا لينك .. لذا أود لقاءكما لأني سأكون مشغولة في العطلة و قد لا يتسنى لنا اللقاء إلا بعد فترة ..!
- ذلك مؤسف بالفعل .. أتستطيعين القدوم الآن ؟!!.. نحن في أحد المقاهي .. يمكنك أن تأتي لشرب القهوة معنا ..!
- الآن لا أستطيع عزيزي .. لقد وعدت ديانا بالذهاب معها إلى الهايد بارك فهي تعشق ذلك المكان ..!
- لقد كنت هناك في أول النهار .. ليتك أخبرتني أنك ستذهبين إليه لكنت بقيت فيه ..! حسناً .. متى ستذهبين للمطار ؟!!..
- في السابعة .. يجب أن أكون هناك قبل انطلاق الطائرة بساعة حتى أساعد في التجهيزات من أجل الرحلة ..!
- حسناً .. سأكون في متحف الشموع منذ الساعة الرابعة و حتى السابعة .. أيمكن أن نلتقي هناك ؟!!..
- هذا جيد .. يمكنني القدوم إليك في الخامسة تماماً ..!
- ممتاز ..!
- و الآن إلى اللقاء .. أوصل سلامي لريك ..!
- حاضر .. وداعاً ..!
أغلقت الخط بعدها ثم نظرت إلى ريك : إنها توصل سلامها إليك ..!
ابتسم حينها و هو يقول : كيف حالها ؟!!..
- بخير .. و هي تريد رؤيتنا ..لذا اتفقت معها على اللقاء في متحف الشمع ..!
- هذا جيد .. فأنا أيضاً أريد رؤيتها قبل أن تعود لباريس ..!
هنا سأل لويفان باستغراب : من هذه لينك ؟!..
ابتسمت بهدوء : إنها الآنسة ميراي خالة ريكايل .. و هي تعمل مضيفة طيران ..!
- هكذا إذاً .. لكن إن كانت خالة ريكايل فلما تتصل بك أنت و ليس به هو ؟!!..
ارتبكت حينها .. فأنا لا أستطيع إخباره بأنها خالتي أيضاً ..!
لكن ريك أنقذني حين قال : لم أزود هاتفي برقم دولي لذا طلبت منها الاتصال بلينك أن احتاجت شيئاً ..!
بدا أن ذلك الجواب اقنع لوي لذا تنفست الصعداء ..!
تابعنا شرب القهوة قبل أن تتصل ليديا و تخبرنا بأن الجميع عاد للمنزل و أن علينا العودة للاستعداد للذهاب إلى متحف الشمع ..!
وقد كانت الساعة تشير إلى الثالثة نهاراً ..!
.................................................. .........
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |