صوت تنفسه كان مسموعاً نوعاً ما فقد بدا أنه يحاول سحب أنفاسه بصعوبة ..!
نظرت إلى جانبي حيث جهاز قياس النبض .. كنت أرا تلك الخطوط المتقطعة تصعد و تنزل و هي منطلقة إلى الأمام ..!
ليس لدي خبرة .. لكن حسب ما رأيته في الأفلام و المسلسلات استطيع القول بأن نبضه الآن شبه ضعيف ..!
شعرت بالاستياء لأني لا أستطيع فعل شيء من أجله في هذه اللحظات ..!
لكنني في الوقت ذاته شعرت بأن الإرهاق قد نال مني .. لذا استندت رأسي إلى الكرسي مجدداً و اغمضت عيني و أنا أفكر كم كان اليوم عصيباً ..!
.................................................. ........... فتحت عيني و أنا اشعر بالنعاس .. لقد شعرت بشيء ما على ركبتي لذا استيقظت ..!
كنت لا أزال أنظر إلى السقف و لا أعلم أين أنا أو لما أنا نائم على هذا الكرسي ..!
أخفضت بصري إلى ركبتي و حينها رأيت تلك اليد التي تربت عليها .. و في لحظة تذكرت كل ما حدث ..!
أسرعت لأنظر لريكايل بلهفة .. كانت عيناه شبه مفتوحتين و الارهاق باد فيهما ..!
يده تلك امتدت بصعوبة لتكون على ركبتي حيث بدا أنه حاول إيقاظي ..!
أمسكت بيده تلك بيدي اليمنى بينما ربتت على رأسه باليد اليسرى .. تمتمت بعدها و أنا أشعر بالاختناق محاولاً قدر الإمكان السيطرة على نفسي و منع دموعي من السيلان حتى لا يتأثر ريكايل هو الآخر : حمداً لله على سلامتك ..!
لم يرد .. بل بقي يحدق بي بعينيه المرهقتين .. نظرت إلى ساعة يدي لأرى أنها تشير إلى السادسة فجراً .. لذا أبعدت يدي عن رأسه و مددتها لأضغط الزر الذي قرب السرير .. و أترقب ما سيحدث ..!
مضى أقل من دقيقة حين دخلت ممرضة إلى الغرفة .. و قد كانت انيتا زوجة الدكتور مارفيل ..!
ابتسمت بهدوء و تقدمت ناحيتنا : حمداً لله على سلامتك ريكايل .. حسناً .. لنرى الآن ما أحوال قياساتك ..!
اغمض عينيه حينها بهدوء فتقدمت هي و بدأت تنظر للأجهزة و تسجل في سجل الملاحظات معها ..!
بينما أبقيت أنا عيني على ريكايل وقد ضغطت بيدي على يده بقوة أكبر ..!
انتهت انيتا تسجيل الملاحظات و نظرت إلى ريكايل لتقول : أتستطيع الكلام ؟!!..
فتح عينيه مجدداً .. لكن نصفهما فقط .. و بصعوبة حرك رأسه بطريقة سلبية .. لذا عادت لتسأل : هل أنزع قناع الأكسجين ؟!..
أومأ سلباً مجدداً : هل تشعر أنك ستواجه صعوبة في التنفس بدونه ؟!!..
هذه المرة كانت إجابته إيجابية مما أقلقني ..!
لكن الهدوء بدأ على الممرضة و قد ابتسمت : لا عليك .. ستكون بخير قريباً .. و الآن من الأفضل أن ترتاح ..!
أمسكت بذراعه و بإبرة بيدها الأخرى ثم وخزته بها و ماهي إلا لحظات حتى أغمض عينيه مجدداً و ارتخت يده التي كنت أمسك بها ..!
نظرت إلى أنيتا بقلق : ما الأمر ؟!!..
ابتسمت لي : لا تقلق .. إنها ابرة منومة .. فهو الآن يحتاج للراحة أكثر من أي شيء آخر .. لن يستيقظ قبل الظهيرة ..!
تنهدت حينها بتعب و تركت يده لتمتد بجانبه على السرير ..!
وقفت حينها و قد قررت العودة للمنزل الآن .. ثم سأعود قبل الظهيرة ..!
ألقيت نظرة أخيرة عليه .. يبدو أنه لن يكون بخير قبل فترة ..!
أغمضت عيني و غادرت الغرفة ثم سرت في ممرات المشفى أجر خطواتي بتعب ..!
حتى خرجت إلى الحديقة و قد كانت السماء قد بدأت تتلون بألوان الصباح ..!
سرت ناحية مربض السيارات و أنا أشعر بأن جسدي يرتعش من البرد ..!
بقيت أفكر للحظات .. أين معطفي الأسود ؟!!..
لكنني حينها تذكرت أني تركته في منزل الخالة آنا بعد أن أطفأت به النار الصغيرة التي اشعلتها الشموع في السجاد و قد انتشرت بسرعة بسبب نوعية تلك السجادة ..!
وصلت إلى سيارتي السوداء و فتحتها بالمفتاح الذي كان في جيب بنطالي طيلة الوقت ..!
ركبت خلف المقود و أغلقت الباب .. و بسرعة شغلت السيارة و نظام التدفئة .. ثم حركتها ناحية القصر و أنا أتمنى أن لا أتعرض لحادث بسبب شرودي ..!
.................................................. .
كنت أسير في الردهة باتجاه المصعد أجر خطواتي المرهقة و اشعر بالاستغراب من عدم وجود جيسكا الباردة في الاستقبال كالعادة ..!
طلبت المصعد الذي كان بابه مغلقاً .. و حين فتح بابه كان يحتضن والدتي و وصيفتها العجوز بين جدرانه ..!
شهقت حين رأتني و خرجت فوراً من المصعد : لينك .. ماذا تفعل في هذه الساعة المبكرة ؟!!.. لما وجهك شاحب هكذا ؟!!!..
قالت هذه الكلمات بقلق و قد ربتت على كتفي .. لم يكن لي المزاج لأجيبها : في ما بعد أمي .. رأسي سينفجر و أريد أن أنام ..!
وضعت يدها على جبيني : حرارتك مرتفعة .. هل أتصل بالطبيب ؟!!.. أم آخذك للمشفى ؟!!..
تجاوزتها بتعب و أنا أركب المصعد : لا هذا و لا ذاك .. بعض الراحة تفي بالغرض .. أيقظوني قبل الظهيرة ..!
ببرود قالت جيسكا : هل أخبر ريكايل بأن يوقظك ؟!!..
ببرود يضاهي برودها : لا .. فهو ليس في القصر الآن و لن يكون هنا في ذلك الوقت ..!
كادت أمي أن تقول شيئاً لكن باب المصعد أغلق حينها فطلبت الدور الثالث فوراً .. و حين نزلت اتجهت لغرفتي في الحال ..!
غسلت جسدي بالماء الدافئ و ارتديت ملابس النوم .. استلقيت على سريري بعد أن وضعت منبه الهاتف على الساعة العاشرة و النصف ..!
و بعدها رحت في نوم عميق مليء بالكوابيس ..!
.................................................. ....
رن هاتفي بشكل مزعج في رأسي كي يوقظني من نومة يمكنني أن أصفها بالمرهقة رغم أن النوم لا يتحد من الإرهاق إطلاقاً ..!
مددت يدي بانزعاج كي اطفأه و أنا لم أفتح عيني بعد حتى ..!
لكن .. صمت قبل أن تصل يدي اليه .. رغم أنه لم ينهي مهمته بعد و هذا دليل على أن أحدهم قد اسكته ..!
فتحت عيني حينها بتعب فرأيتها تجلس على حافة السرير و القلق في عينيها ..!
إنها أمي : ألم تذهبي للشركة ؟!!..
هكذا تمتمت بصوت مليء بالخمول فأومأت هي سلباً : سأذهب في الظهيرة .. كيف تشعر الآن ؟!!..
رغم أني لا أزال متعباً .. إلا أني في الحقيقة : لا تقلقي .. فحالي أفضل الآن ..!
قلت هذا و أنا أرفع جسدي عن الفراش .. نظرت إلى الساعة الجدارية الكبيرة لأرى أنها تشير إلى العاشرة و النصف تماماً .. يفضل أن أذهب لريكايل الآن ..!
نزلت من السرير و وقفت دون أن أنطق حرفاً و سرت بضع خطوات : لينك .. أين ريكايل ؟!..
قالت هذا أمي و قد وقفت خلفي .. تنهدت بتعب حينها : إنه في المشفى .. لقد شعر بالمرض ليلة البارحة لذا أخذته إلى المشفى و أخبروني أنه سيبيت عندهم .. و قد بقيت معه حتى الصباح ..!
كانت نبرة القلق الجسيم واضحة في صوتها : و كيف حاله الآن ؟!..
اتجهت ناحية دورة المياه : قال الطبيب أنه سيكون بخير .. عموماً سأذهب الآن إليه ..!
- سآتي معك لينك ..!
التفت ناحيتها : ليس الآن أمي .. إنه لا يزال مريضاً و يحتاج إلى الراحة ..!
قطبت حاجبيها : ألهذا عدتم من لندن ؟!!..
أومأت سلباً : لقد عدنا لأن أخت ريكايل بالتربية لم تكن تجيب على هاتفها و لا على هاتف المنزل و والدتها التي ربت ريكايل في طفولته امرأة مريضة لذا قلقنا عليهم .. لذا عدنا كي نطمئن حين يأسنا من إجابتها على الهاتف .. و حين ذهبنا في الأمس بعد العشاء للاطمئنان عليهم علمنا بأن المرأة توفيت لذا أصيب ريكايل بالتعب ..!
رفعت يدها و وضعتها على قلبها بخوف : يا إلهي .. مسكين ريكايل .. إنها صدمة كبيرة ..!
أومأت إيجاباً حينها : لا تقلقي أمي .. سيكون بخير قريباً ..!
- أرجوا ذلك يا عزيزي ..!
- و الآن سأستحم ثم أبدل ملابسي و أذهب إليه ..!
- حسناً .. و طمئني عندما تتحسن حاله ..!
- حاضر ..!
سارت بعدها لتخرج من الغرفة و أغلقت الباب من خلفها .. لا أعلم لما أخبرتها بكل هذا .. لكن ربما لم أتمكن من اختلاق الأكاذيب في أمور كهذه ..!
بدوري حملت منشفتي و دخلت دورة المياه و أخذت حماماً دافئاً ثم خرجت و ارتديت بنطال اسود مع كنزة زرقاء فيها بعض الكتابات البيضاء و كذلك سترة جلدية بذات لون البنطال مع شال صوفي أسود فيه بعض الخيوط الزرقاء ..!
غادرت القصر باتجاه المشفى بسيارتي السوداء .. و أنا أرجوا أن تكون حال رايل أفضل حين أراه ..!
.................................................. ......
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |