وقفت أمام باب غرفته المغلق .. أخذت نفساً عميقاً قبل أن أفتح الباب .. و حين دخلت رأيت أثنين يرتديان زي الأطباء و يتناقشان و هما ينظران إلى الأجهزة التي قرب السرير ..!
التفت كلاهما إلي فعرفتهما على الفور .. الدكتور ليبيرت و الدكتور مارفيل ..!
أغلقت الباب خلفي و سرت بضع خطوات و نظرت إلى ريكايل لأرى أنه كما تركته تماماً ..!
نظرت إليهما : كيف حاله الآن ؟!!..
بهدوء أجابني الدكتور مارفيل : ليست سيئة إلى هذا الحد .. عندما يستيقظ سيتضح كل شيء ..!
تابع الدكتور ليبيرت و هو ينظر إلى أوراق معه : لا يبدو أنه يعاني حالياً من أي مشاكل في التنفس .. مع أن انيتا قالت أنه رفض إزالة قناع الأكسجين .. يبدو لي أن المشكلة نفسية فقط ..!
لم أعلق على كلامهما بل عدت بعيني إلى أخي المدد على السرير و القلق يكاد يقتلني ..!
حينها .. فتح عينيه الخضراوين .. على الفور هتفت : لقد استيقظ ..!
التفت الاثنان ناحيته لكن بدا أن هناك تغيرات في الأرقام على الأجهزة لذا بقيا ينظران إليها و يتناقشان ..!
بالنسبة لي فقد جلست على حافة السرير و أمسكت بيد ريكايل بين يدي .. كان ينظر إلي .. و قد بدأ يهمس ..!
ماذا ؟!!.. ماذا يقول ؟!!.. لا استطيع سماعه !!..
قربت رأسي منه كي أسمع لكن في تلك اللحظة صدى صوت جرس غريب في الغرفة : مشكله !!..
هكذا تمتم الدكتور مارفيل بصوت مسموع .. بينما استمر الجرس بالرنين ..!
لحظتها دخل ثلاثة ممرضات من بينهم أنيتا ..!
شعرت بأحد ربت على كتفي من الخلف و سحبني بهدوء لأقف وهو يقول : لنخرج و ندعهم يهتمون به ..!
كان صوت الدكتور ليبيرت .. بالنسبة لي فلم أجد فرصة للرد عليه فأنا كنت في حالة صدمة لأنه قد خيل إلي أن ذلك الصوت هو الصوت الذي يصدر من الجهاز حين تتوقف نبضات القلب ..!
قبل أن أخرج .. كنت أرى الدكتور مارفيل يضغط على صدر ريكايل بقوة عدة مرات .. لكنه لم يلبث أن صرخ : أنيتا .. أحضري جهاز الصدمة الكهربائية بسرعة !!!..
كنت قد خرجت مع الباب و الدكتور ليبيرت يحركني .. أما أنيتا فقد خرجت تركض لجهة أخرى ..!
بدأت أنفاسي تعلو و رعب جسيم احتل قلبي خوفاً من أن أفقد أخي !!..
همس لي ذلك الطبيب الوسيم : تمالك نفسك يا مارسنلي .. لنبتعد من هنا ..!
لم أملك القوة على الرد فقد سيطر الصداع علي بشكل فضيع ..!
سحبني هو في بعض الممرات و أنا أشعر بأن الرؤيا لم تعد واضحه ..!
دخلنا إلى مكان مليء بالمقاعد : لننتظر هنا ..!
أجلسني على كرسي طويل و جلس بجواري .. أعتقد أنها غرفة الانتظار ..!
كنت مصدوماً بشده .. قطبت حاجبي و قد دمعت عيناي و تمتمت برعب : دكتور .. هل سيموت ريكايل ؟!!..
هتف حينها : لا تقل هذا .. صحيح أن قلبه ضعيف لكنه مازال ينبض !!.. إنه حي .. لازال حياً .. لذا لا تفقد الأمل ..!
بدأت دموعي تلك بالتساقط .. أمسكت برأسي بين يدي و قد دخلت في حالة يمكنني وصفها بالصعبة فأنا لم أعد أدرك ما حولي فبقيت أتمتم : لن يموت .. لن يموت .. لا يمكن أن يموت .. إنه كل ما بقي لي من أمي و أبي .. كل ما بقي لي من براون .. يستحيل أن يموت .. ريكايل ..!
أشعر أني سأنهار .. لما حدث كل ذلك بسرعه ؟!!..
لا أريد أن أفقده بهذا الشكل !!.. ليس هكذا !!..
لا أعلم لما ؟!.. لكن طرأت في بالي ذكرى قديمة .. حين كنت في الصف الثالث الابتدائي ..!
كان لدينا صديق في الصف .. يأتي إلى المدرسة في فترات متباعدة .. و لا أعلم لما ؟!!.. لكن الأولاد قالوا لي بأنه يقضي أيامه في المشفى ..!
و مرة تغيب لشهر و نصف فقد كان مريضاً بشدة ..!
جاءنا المدير في ذلك اليوم و أخبرنا بأنه توفي اثر مرضه .. لقد كان يعاني مرضاً في قلبه ..!
رغم أني لم أكن ذا علاقة قوية مع ذلك الصبي إلا أني بكيت عليه .. و لم أكن وحدي بل كل طلاب الصف بمن فيهم لوي .. الجميع كان يبكي .. و قد كان الأمر سيئاً للغاية ..!
لقد تألمت في ذلك اليوم .. و تألمت أيضاً حين ماتت أليس ..!
لكن .. لو كان ريكايل .. فأنا أخشى أن الألم سيقتلني !!!..
لحظتها بكيت .. أجل بكيت و قد أمسكت رأسي بشدة بين يدي .. فأنا لن احتمل فقدان ريكايل إطلاقاً .. ليس بعد أن وجدته ..!
شعرت بأحدهم يربت على كتفي و يقول بصوت جاد : عليك أن تكون أقوى و تثق به .. صدقني سيكون بخير ..!
رفعت رأسي و نظرت إلى الدكتور ليبيرت التي كانت النظرة الواثقة تنبعث من عينيه الزرقاوين ..!
هل يحاول فقط مواساتي ؟!!.. أم أنه جاد بما يقوله ؟!!..
لا أعلم ؟!.. لكن الوقت كان يمر و أنا أمسك برأسي بين يدي في صمت رهيب .. حتى مضت عشر دقائق !!..
لحظتها دخلت ممرضة إلى الغرفة و نظرت إلينا : دكتور ليبيرت .. طلب مني الدكتور مارفيل أن أخبرك بأن المريض ريكايل بروان بخير حالياً فقد تمكنوا من اسعافه و حاله مستقرة الآن ..!
حينها .. شعرت بأن أحدهم سكب ماءً بارداً على رأسي ..!
ربت الدكتور ليبيرت على كتفي و قال بابتسامة : أرأيت ؟!.. أخبرتك أنه قوي ..!
ابتسمت له حينها و وقفت معه كي نعود إلى غرفة ريكايل ..!
كانت أنفاسي قد عادت و خطواتي تسارعت كي أصل إلى الغرفة .. و حال ما وصلت إلى هناك دخلت مسرعاً ناحية سريره ..!
كانت عيناه مغمضتان .. لكن .. هدوء و سكينة طغت على ملامحه مما أراحني ..!
لا يزال قناع الأكسجين على وجهه .. لكن تنفسه كان هادئاً و منتظماً للغاية ..!
ربت احدهم على كتفي فالتفت و رأيت الدكتور مارفيل يبتسم لي ..!
بادلته تلك الابتسامة بامتنان : شكراً لجهودك دكتور ..!
بذات ابتسامته أجابني : هذا عملي ..!
عدت بنظراتي إلى ريكايل .. انحنيت إليه و قبلت جبينه ثم همست : حمداً لله على سلامتك ..!
و حال ما ابتعدت قليلاً فتح عينيه بهدوء و كأنه صحى من غفوة قصيرة ..!
لم أجد حينها إلا أن ابتسمت له و قد جلست على حافة السرير و امسكت بيده بين كفي ..!
تقدم الدكتور ليبيرت ناحيته بابتسامة : كيف تشعر الآن ريكايل ؟!..
تمتم بصوت مبحوح : بخير ..!
- هذا رائع .. أتريد أن انزع قناع الاكسجين عنك أم ماذا ؟!!..
هذه المرة أومأ موافقاً فما كان من الدكتور ليبيرت إلا أن نزع القناع عنه و على وجهه ابتسامة لطيفه ..!
بينما تقدم الدكتور مارفيل و عدل وضعية السرير حتى صار رايل شبه جالس ..!
استأذن الدكتور ليبيرت ليذهب لعمله و كذلك الدكتور مارفيل و قد أخبرانا أنهما سيكونان هنا في الحال ان شعر ريك بأي تعب ..!
نظر إلي بهدوء .. لا أعلم إن كان يذكر ما حصل ليلة الأمس .. لكن ملامحه الحزينة كانت تدل على علمه بالأمر ..!
ظهر شبح ابتسامة على وجهه المرهق : وجهك محمر .. و عيناك كذلك .. أكنت تبكي ؟!..
لم أرد بل طأطأت رأسي فتابع هو : هل خفت إلى هذا الحد ؟!!..
أوشحت بوجهي عنه و بتردد قلت : شعرت للحظة بأني سأفقدك ..!
لكنه بنبرة ساكنة قال : عليك أن تعتاد على هذا .. لا يجب أن يكون قلبك ضعيفاً .. كقلبي !!.. ليس عليك أن تفزع كلما اصابتني نوبة .. فقط انتظر و ادعوا لي ..!
كنت مصدوماً نوعاً ما من كلامه لكني لم أظهر ذلك بل اغمضت عيني للحظات و تمتمت : أعلم أنك تتألم .. و لكن تذكر ريكايل .. نحن توأمان و مهما حدث يمكنني الشعور بألمك ..!
ابتسم ابتسامة جانبية : ربما أنت محق .. مع أني لا أرجوا ذلك ..!
صمتنا للحظات و كل منا شرد بفكره بعيداً .. أعتقد أن كل واحد فقينا قلق على الآخر ..!
أنا قلق على ريك بسبب مرضه هذا و الذي لست أعرف حتى الآن طبيعته ..!
و ريك قلق علي لأني لا استطيع احتمال مواقف صعبة كهذه ..!
أخذت نفساً عميقاً و قررت أن أهدأ قليلاً و أوقف هذا الاضطراب الذي أشعر به ..!
حينها تمتم بصوته المتعب : لينك ..!
لم يعجبني صوته و لا نبرته .. لكنني أجبته : ماذا ؟!..
- اذهب !!..
قطبت حاجبي غير مستوعب جملته !!..
لكنه تابع حينها : اذهب إلى ميشيل .. فهي تحتاج من يواسيها الآن ..!
.
إلى .. ميشيل !!!.
بعد كل ما حدث في الأمس !!!..
.
في الحقيقة صدمني طلبه !!.. أو يمكنني أن أقول أمره !!..
صمت للحظات فلم أكن أعلم ما سأقوله له .. لكنني ابتسمت بهدوء : ميشيل معها جوليا الآن .. ربما من الأفضل أن أبقى معك أنت ..!
بجد قال : لا .. أنا بخير ..! ثم أن ميشيل تحتاجك أنت ..!
أوشحت بوجهي بهدوء .. لا يمكنني مقابلة ميشيل .. ليس الآن على الأقل ..!
حينها هتف : أرجوك .. أخي أرجوك ..!
نظرت اليه مستغرباً : لما أنت مصر ؟!..
- لينك .. ميشيل الآن في أمس الحاجة لشخص يكون بجوارها .. لقد كانت متعلقة بالخالة آنا أكثر من أي شخص آخر و حتى أكثر من جوليا ..! أرجوك يا أخي .. اذهب إليها و كن معها ..! أنها تحتاجك الآن .. إن كنت تحبها حقاً فاذهب إليها حالاً !!!..
أوشحت بوجهي عنه و أنا أشعر أني في موقف صعب للغاية .. فأنا بالفعل لست مستعداً لمواجهة ميشيل الآن ..!
صنعت ابتسامة لطيفة و تركتها على شفتي ثم التفت إلى رايل : أنت متعب الآن يا أخي .. لذا يجب علي البقاء بقربك كما أمرني الدكتور مارفيل و الدكتور ليبيرت .. لذا لا استطيع الذهاب الآن .. سأذهب في المساء بعد انتهاء الزيارة للاطمئنان عليها و على جوليا ..!
أغمض عينيه حينها : كما تشاء يا عنيد ..!
لحظات حتى بدا أنه غرق في النوم .. و انا صراحةً لا ألومه فأعتقد أنه متعب للغاية ..!
شعرت بهاتفي في جيبي يهتز فعلمت أن أحدهم يتصل بي ..!
لذا وقفت و خرجت من الغرفة و أخرجت الهاتف من جيبي لأجد أن المتصل .. ليديا ..!
أجبتها حينها بهدوء : أهلاً ليديا ..!
- مرحباً لينك .. صباح الخير ..!
- صباح الخير .. رغم أننا اقتربنا من الظهيرة ..!
- دعك من هذه الأمور .. أخبرني كيف حالكم ؟!!.. هل اطمأننتم على جوليا ؟!!..
- أجل .. اطمئني فهي بخير .. لقد توفيت والدتها بعد ذهابنا للندن .. لذا لم تجب ..!
بدا الحزن و الأسى في صوتها : يا إلهي .. مسكينة جوليا .. كم أتمنى أن أكون معها الآن ..!
- أجل .. كانت هذه صدمة كبيرة للجميع ..!
- و كيف حالها الآن ؟!.. هل أنت عندها ؟!..
- لا .. لست عندها ..!
- لما ؟!.. لينك يفضل أن تبقى معها و مع ميشيل .. فهما بالتأكيد تحتاجان من يقف معهما الآن ..!
- أعلم ليديا .. لكن لم يكن بيدي .. ريكايل مريض بعض الشيء لذا أنا معه في المشفى ..!
- حقاً .. ماذا حدث له ؟!.. و كيف حاله الآن ؟!..
- اطمئني .. شعر بالتعب بعد سماعه لخبر وفاة الخالة آنا .. انه بخير الآن ..!
- أريد التحدث إليه ..!
- لقد نام منذ قليل .. سأرسل إليك رقمه و اتصلي به فيما بعد ..!
- حسناً ..!
- كيف الحال عندكم ؟!!..
- كل شيء بخير .. بيد أن الجميع غاضب بسبب مغادرتك المفاجئة ..!
- هل قلتي شيئاً لهم ؟!..
- لا .. لقد ألتزمت أنا و لوي الصمت تماماً .. فقد أخبرناهم أننا نجهل السبب ..!
- شكراً لكما .. إنها خدمة عظيمة بالفعل ..!
- لا داعي للشكر فنحن أصدقاء .. و الآن إلى اللقاء لينك .. علي أن أنظم للبقية ..! أخبرني بكل جديد ..!
- حسناً ..!
- و شيء آخر .. يجب أن تكون مع ميشيل الآن إن كنت تريد أن تحسن موقفها تجاهك ..!
- حاضر ..!
- إلى اللقاء ..!
- وداعاً ..!
أغلقت الخط بعد مكالمتي مع ليديا .. ثم أتصلت بأمي و أخبرتها بأن ريكايل بخير و هو على ما يرام ..!
عدت للغرفة حينها و جلست على الكرسي بقرب السرير ..!
و حينها طرأ في بالي بعض الأشياء ..!
.
(( اذهب إلى ميشيل .. فهي تحتاج من يواسيها الآن ))
.
(( ميشيل تحتاجك أنت ))
.
(( إن كنت تحبها حقاً فاذهب إليها حالاً ))
.
(( يجب أن تكون مع ميشيل الآن إن كنت تريد أن تحسن موقفها تجاهك ))
.
أحقاً ميشيل تحتاجني ؟!!..
ألن تطردني ؟!!..
.
(( لا !!.. ابقى فيها ..! ))
.
لا أعلم إن كانت ستفعل .. لكن .. رغم ذلك علي أن أذهب إليها ..!
عدت أنظر لوجه ريكايل النائم حيث بدا كطفل حينها ..!
خلال يومين فقط .. اكتشفت الكثير من الأشياء عن صحته التي أرجوا أن لا تتدهور أكثر من هذا ..!
..................................................
كانت الساعة تشير إلى الخامسة مساءاً ..!
و انا لا أزال في المشفى قرب ريك .. خالتي ميراي اتصلت بي و حين علمت أن رايل في المشفى جاءت مسرعة إلى هنا ..!
و ها هي تجلس بقربه و تطعمه من الحساء الذي أحضرته أنيتا قبل قليل ..!
تنهدت حينها بملل : هنيئاً لك بهذا الدلال ..!
نظرت إلي خالتي باستياء : لينك .. ما هذا الكلام ؟!!. عليك أن تدعوا له بالشفاء و حسب ..!
ببرود قال ريكايل : دعيك منه يا خالتي .. أنه يغار لأنه مهتمة بي أكثر منه ..!
وقفت حينها و أنا أقول : ليس إلى ذلك الحد ..!
كنت أنوي المغادرة الآن و الذهاب للاطمئنان على ميشيل و جوليا .. لكن قبل أن أتحرك من مكاني طرق أحدهم الباب : أدخل ..!
هذا ما قلته بهدوء و قد اعتقدت أنها ممرضة ما أو حتى عامل نظافة سيغير كيس القمامة ..!
لكن .. من دخل كان أهم من ذلك بكثير ..!
دخلت و على وجهها ابتسامة لطيفه .. و خلفها كان مساعدها الوسيم ..!
و بمرح قالت : مرحباً ..!
حين رأيتها قلت باستنكار : أمي !!!.. لما أنت هنا ؟!!..
ريك أيضاً كان مصدوماً حتى أنه كاد يقف من سريره لولا أن والدتي قالت بسرعة : لا تتحرك يا ريكايل .. أنت مريض و الأفضل أن تبقى في مكانك ..!
أومأ إيجاباً و هو يقول بارتباك : شـ .. شرف لي زيارتك .. سيدة إلينا ..!
ابتسمت هي حينها و هي تقول : أرى أنك بصحة جيدة و هذا رائع ..!
تقدم أدريان من خلفها و هو يحمل باقة زهور و يقول : لقد أصرت السيدة مارسنلي على أخذ هذه الباقة إليك كهدية ..!
بدا أنه استوعب قليلاً : شكراً لك سيدتي .. يسعدني قبولها ..!
أخذت الباقة من أدريان و اعطيتها رايل و أنا أقول : لما لم تخبريني بأنك ستأتين إلى هنا ؟!!..
بمرح قالت : أعتقد أن المفاجأة أفضل ..!
هنا سمعت صوتاً من شخص قد نسيت وجوده : مرحباً سيدة مارسنلي .. أود شكرك على الاهتمام بلينك و ريكايل .. أنا ميراي ستيوارت ..!
اتسعت عيناي حينها .. خالتي ميراي هنا !!..
أنها لا تعلم أن أمي لا تعرف بأمري مع ريك .. لا تعلم بأن ريكايل في نظر أمي خادم ابنها !!..
ما هذه الورطة ..!
لكن والدتي حينها قالت بابتسامة : تشرفت بمعرفتك انسة ستيوارت .. لا داعي للشكر فلينك هو ابني على كل حال و ريكايل مثل أبني ..! أنهما صديقان جيدان ..!
قطبت خالتي حاجبيها اثر كلمة أمي الأخيرة لكن قبل أن تقول شيئاً أسرعت لأقول : أمي .. الآنسة ميراي هي خالة ريكايل الوحيدة ..!
بسرعة قالت خالتي : لينك كم مرة قلت لك أن تناديني .....!
قاطعها ريك و قد شعر بسوء الموقف : خالتي هلا ناولتني كأس الماء ..!
- هلا صبرت قليلاً حتى أتفاهم مع هذا الفتى !!..
هنا تدخل شخص آخر : لحظة .. عليك أن تظهري بعض الاحترام للسيد مارسنلي يا آنسة !!!..
كان هذا أدريان الذي بدا كأنه سكب الزيت على النار حيث قالت الخالة باستياء : أنا لم أقل شيئاً سيئاً أيها السيد .. أنا فقط أريد التفاهم مع أبن أخـ ..!
قاطعتها حينها مجدداً بسرعة : آنسة ميراي .. يبدو أن ريكايل يشعر بالعطش .. ألا نأجل هذا الحديث لوقت لاحق ..!
أرجوا أن تفهم رسالتي هذه .. علينا تأجيل الحديث قبل أن تفضحنا !!..
لقد كانت هناك نظرة استغراب في عيني أمي بينما الانزعاج بادٍ على الخالة ميراي ..!
صحيح اني أريد أن تعلم أمي بأن ريك أخي .. لكن لا أريد منها أن تكشف ذلك بنفسها أو عن طريق أحد آخر بل أريد أن أخبرها بنفسي حتى لا تظن أني تعمدت اخفاء الأمر عنها ..!
و أيضاً لا اريد أن يكشف سرنا أمام أدريان البغيض !!!..
بدا أن ميراي فهمت الرسالة فقد ذهبت ناحية الثلاجة الصغيرة في زاوية الغرفة و أخرجت زجاجة ماء صغيرة و أعطتها لريكايل ..!
هنا قال ذلك المستفز : سيدتي .. سيبدأ الاجتماع بعد ساعة و الشركة بعيدة من هنا ..!
نظرت والدتي لساعتها و هي تقول : أذاً علي المغادرة الآن ..! ريكايل أتمنى لك الشفاء العاجل ..! آنسة ستيوارت .. تشرفت بلقائك و أرجوا أن نلتقي ثانيةً ..!
ابتسمت خالتي لها : بل أنا من تشرفت بمعرفتك سيدة مارسنلي .. شكراً لزيارتك ..!
خرجت أمي حينها من الغرفة فاستعدت أنفاسي أخيراً كما فعل ريك ..!
لكن الخالة ميراي هتفت بسعادة : السيدة مارسنلي كما سمعت عنها تماماً .. امرأة مليئة بالعطف و الرقة ..!
لكنها لم تلبث أن أظهرت استياءها : هيه أنتما الأثنان .. عليكما أن تشرحا لي فوراً سبب محاولات التهرب قبل قليل و مقاطعة كلامي عدة مرات ..!
اتجهت ناحية الباب و أنا أقول : ريك .. أشرح لها القصة كاملة .. أنا ذاهب لزيارة منزل الخالة ..!
هتف حينها : لحظة لينك لما أنا من سيشرح الأمر ؟!!..
لم أرد عليه لأني خرجت من الغرفة بالفعل و أغلقت الباب .. أنا واثق أنه يشتمني الآن في سره .. لكن أنا علي الهرب لأن خالتي ستقتلني إن علمت أني جعلت ريك المدلل خادماً لي !!..
و الآن إلى المهمة الأصعب .. ميشيل !!!..
.................................................. .....
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |