لا يزال الجو بارداً للغاية .. لذا أخذت كوبين من القهوة الساخنة لي و لميشيل من أحد المقاهي الصغيرة التي تملأ الحديقة ..!
و بعد أن شربناها حتى آخر رشفة خرجنا من المقهى ..!
كانت أسير مع ميشيل جنباً إلى جنب و نتحدث في أمور كثيرةً ..!
- هل ستعودين للعمل بدءً من الأسبوع القادم ؟!..
- أجل .. لقد أعطاني المدير إجازة حين توفيت أمي .. لكني لا استطيع البقاء حزينةً لوقت طويل حتى لا تحزن أمي هي الأخرى ..!
كلما تحدث مع ميشيل و عرفت كم حياتها مليئة بالكفاح تأكدت بأنها تملك قلب عشرة رجال فأنا حتى لم أكن لأصمد كما صمدت هي ضد الظروف ..!
ابتسمت هي حينها فجأة : في المرة القادمة .. سنأتي بريكايل و جوليا معنا إلى هنا ..!
أومأت إيجاباً و قد ابتسمت أنا الآخر : أجل .. بالتأكيد ..!
- كيف حال خالتكم يا لينك .. لم أرها بالأمس حين زرت رايل ..!
- لقد سافرت صباح الأمس إلى واشنطن .. و أظنها ستعود هذا المساء .. عملها يفرض عليها الكثير ..!
- أجل .. لكن بما أنها تحب عملها فلا بأس ..! إنها شابة نشيطة للغاية .. و هي مرحة و لطيفة كذلك ..!
بدا أن ميشيل قد أحبت الخالة ميراي و قد اسعدني هذا بالفعل .. فأنا حين أجلس معها و مع ميراي و ريك و جوليا أنسى كل هموم الدنيا ..!
التفت إلى ميشيل و في نيتي سؤالها عن إن ما كانت تريد الذهاب لمكان معين بعد أن نخرج من الحديقة .. لكنني صمت حين رأيت ملامحها الهادئة الشبه مصدومة وهي تنظر أمامها و قد توقفت عن المسير ..!
و قبل أن أقول شيئاً سمت صوت أحدهم : أهذا أنت مارسنلي .. تركت رحلتنا كي تقضي وقتك مع فتاة هنا ..!
أعرف هذا الصوت .. و أعرف أني أكره صاحبه إلى حد يفوق ثروة مارسنلي ..!
التفت ببرود إلى ذلك التموثي البغيض .. لكن برودي تحول إلى استغراب حين رأيت ليديا برفقته و قد كانت تنظر إلي بهدوء ..!
.
.
ميشيل معي .. و ليديا أمامنا ..!
ألهذا ميشيل مصدومة ..!
.
.
لكن ليديا ابتسمت حينها : كيف حالك لينك ؟!!..
بهدوء أجبت : بخير .. و أنت ؟!!..
بمرح قالت : بخير أيضاً .. اهذه رفيقتك ؟!!.. إنها جميلة لينك .. هنيئاً لك بها ..!
ليديا .. كم أنت عظيمة !!!..
أعلم أن ليديا قالت تلك الكلمات كي تطمئن ميشيل .. و ربما كي تطفأ النار التي قد تكون اشتعلت في قلب ميشيل التي لا شك أنها تذكرت ذلك اليوم حين رأتني و ليديا في المقهى ..!
لذا .. قالت هذا الكلام كي تثبت لميشيل أنه لا شيء بيني و بينها بطريقة غير مباشرة ..!
ابتسمت لها : شكراً لك ليديا ..!
لكن ذلك التيموثي تدخل فجأة : إذاً .. لم تعرفنا على رفيقتك هذه ..!
حينها قالت ميشيل بخفوت وهدوء : أدعى ميشيل ..!
تقدمت ليديا فوراً و مدت يديها إلى ميشيل : أسمي ليديا .. و أنا زميلة لينك في المدرسة ..! أيمكن أن نصير صديقتين ؟!!..
بدا على ميشيل الاستغراب .. لكن يبدو أنها استشعرت صدق ليديا لذا ابتسمت بهدوء و صافحتها : بالتأكيد يمكن ذلك ..!
نظرت إلي ليديا باستياء : لينك كيف يكون لك صديقة لطيفة كهذه و لا تعرفني عليها ..!
- أعتذر ليديا .. لم تسمح الظروف بذلك .. لكني سأكون سعيداً لو صرتما صديقتين ..!
ابتسمت كلاهما في ذات الوقت فابتسمت أنا الآخر ..!
تقدم تيموثي حينها وهو يقول : إنها جميلة و جذابة لينك رغم بساطتها .. لكن بالفعل جمالها مختفٍ خلف تلك البساطة !!..
يا له من وقح بالفعل !!.. و يتجرأ على قول هذا أمامي بتلك النبرة المسمومة !!..
مد يده إلى ميشيل : أنا تيموثي برايان .. مرحباً ..!
أرادت ميشيل مصفحته لكني بسرعة أمسكت بيديها و أرجعتها إلى الخلف مما جعلها تستغرب بينما نظر إلي تيموثي ببرود و أعاد يده إلى جيب معطفه الأسود ..!
حين شعرت ليديا بسوء الوضع قالت بابتسامة : حسناً .. أنه لمن الجيد رؤيتكما ..! نراك فيما بعد لينك ..! هيا تيموثي ..!
سارت بعدها و تيموثي برفقتها بينما سرت مع ميشيل بعيداً عنهما قليلاً ..!
و بينما نحن نسير سألت هي بهدوء : تلك الفتاة .. هي ذاتها من كانت في المقهى ..!
كنت أعلم أنها ستسأل عن هذا لذا قلت : لقد طلبت مني أمي إجراء مقابلة زواج معها ..! و بينما كنا نتجول معاً دخلنا إلى ذلك المقهى ..! في تلك الفترة كنت مشتتاً بسبب غضبك مني و لأني كنت قد اكتشفت أن رايل هو أخي .. لذا اعتقدت أن ليديا سوف تخرجني من تلك الحالة لأنها بالفعل فتاة طيبة و رائعة ..! لكن كما تذكرين حين رأيتك في المقهى تركتها و تبعتك ..!
- و ماذا كان موقفها حينها ؟!!..
ابتسمت حينها و التفت إليها : هل ستصدقين ؟!!..
بدا عليها الاستغراب : لقد وعدتك بأن أصدقك دائماً ..!
نظرت إلى الأمام حينها و أنا أقول بابتسامة : لقد قالت لي بأنها أحبتني كصديق و لم تقع في حبي بعد ..! لذا قالت بأنها ستساعدني كي أصلح علاقتي معك ..! و قد فعلت ذلك ..!
كانت ميشيل مصدوماً : لا أصدق ..!
ضحكت حينها : لقد قلت أنك ستصدقين ..!
- لكن .. إنها بالفعل فتاة غريبة !!..
- حسناً .. شيء من هذا القبيل ..! لكنها رائعة فهي دائماً ما تسدي إلي النصائح و تقول بأنها لن ترتاح حتى ترضي أنت عني ..!
- لقد شعرت بهذا .. حين صافحتني قبل قليل شعرت بمدى طيبتها و نبل أخلاقها ..!
- أجل ..! لقد صارت من أكثر المقربين مني و من ريكايل أيضاً .. إنها تعلم أننا أخوان و تعلم بأني لست ابن مارسنلي حقاً ..! كذلك هي تعرف جوليا و أطفال الملجأ ..!
قطبت ميشيل حاجبيها باستياء : كل هذا يحدث من دوني !!.. حتى أختي تعرف كل شيء و أنا دائماً آخر من يعلم ..!
ضحكت حينها بخفة فقد بدت غاضبةً بالفعل : أنا آسف .. لكنك لم تعطني فرصة لأخبرك بشيء .. لكن من الآن فصاعداً فأنت ستعرفين كل شيء أولاً بأول ..!
ابتسمت حينها بهدوء لكنها لم تلبث أن حولت ابتسامتها إلى نظرة شك باردة : لينك .. لما منعتني من صافحة ذلك الشاب ..!
توترت لحظتها لكني قلت بهدوء : أنا لا أحب ذلك الفتى .. منذ كنا طفلين و نحن عدوان ..! إنه مغرور و لعوب للغاية ..! و كلامه مسموم أيضاً ..!
تحولت نظرة الشك إلى استغراب : المصافحة أمر طبيعي .. فلا بأس بمصافحة من تكرههم حتى ..!
- لا أعلم .. لكني لا أريد منه أن يتعرض لك ..! إنه أكثر شخص أمقته في هذا العالم ..!
بدت مستغربة و لكنها لم تعلق ..!
حينها طرأت في بالي فكرة .. التفت إلى ميشيل و قتل بحماس : ميشيل ما رأيك أن نزور منزلي الآن ..!
نظرت نحوي مصدومة : نذهب لقصر مارسنلي ؟!!..
- أجل ..!
- أجننت لينك !!..
- لما لا ؟!!.. فقط قليلاً .. أمي لا تكون في المنزل هذا الوقت ..! هيا ميشيل سوف أريك صوراً لي مع لويفان حتى تصدقي ..!
- يستحيل لينك .. إنه أمر صعب ..!
- هيا لن يحدث شيء .. سيكون الأمر ممتعاً صدقيني ..!
- لكن لينك .. أنا لا أتجرأ على دخول قصر كبير ..!
- لقد ذهبت لقصر رافالي مسبقاً .. ليس هناك فرق كبير بين قصرنا و قصرهم ..!
تنهدت حينها و اخذت تفكر للحظات قبل أن تقول : موافقة لكن بشرط .. لن يعلم أحد بهذا .. و لن نبقى لوقت طويل ..!
أومأت موافقاً بحماس : بالتأكيد ..!
................................................
كنت قد وصلت إلى بوابة القصر التي فتحها الحارس العجوز و حينها سألته : هل عادت أمي من العمل ؟!..
أومأ سلباً : لا سيدي .. لم تعد بعد ..!
ابتسمت حينها : حسناً .. حين تعود لا تخبرها بأن هناك فتاة معي ..!
أومأ إيجاباً بابتسامة : على عيني ..!
حركت سيارتي حينها إلى داخل القصر .. خلال الفترة الأخيرة اكتشفت بأن الخدم و الخادمات عندنا لطيفون للغاية ..!
وصلت إلى مربض السيارات و نزلت منه مع ميشيل التي بدا عليها الخوف : لينك أنا أنسحب .. لنخرج في الحال ..!
باستياء قلت : لا يمكن ميشيل .. لقد وصلنا إلى المنزل أخيراً ..!
بدا عليها الخوف و لكني امسكت بيدها و أنا أقول : أتبعيني ..!
سرت معها بهدوء حتى وصلنا إلى الحديقة .. حينها رأيت إحدى الخادمات قف قرب حوض الزهور لكنها ما إن انتبهت إلي حتى قدمت ناحيتي : أهلاً بعودتك سيد لينك ..!
- أين جيسكا ؟!!..
- إنها في الداخل .. هل أخبرها بأنك عدت ؟!!..
- لا .. أسمعي أريد التسلل إلى الداخل دون أن تعلم بأني هنا .. هل تساعدينني ؟!!..
اومأت إيجاباً : بالطبع .. حسناً .. سوف أناديها إلى هنا و حينها أدخل أنت من باب الحديقة ..!
بدت فكرة جيدة : حسناً ..!
سارت بعدها نحو الباب الرئيسي بينما سرت أنا و ميشيل إلى الحديقة الجانبية حيث بركة السباحة و القبة الحجرية ..!
كنت أستطيع سماع صوت الخادمة و هي تقول : سيدة جيسكا .. هناك أمر غريب هنا ..!
سمعت بعد لحظات صوت جيسكا وهي تقول : ماذا هناك ؟!!..
لقد خرجت أذاً .. ألتفت إلى ميشيل : هيا بنا ..!
أومأت إيجاباً بتوتر فسرت معها بسرعة إلى الباب الكبير المطل إلى الحديقة و منه دخلنا إلى الردهة الكبيرة و ركضنا فوراً باتجاه المصعد ..!
طلبته حينها و من الرائع أنه فتح فوراً ..!
ركبت و ميشيل معي و حين أغلق الباب استندت إلى الجدار و أنا التقط أنفاسي ..!
كانت ميشيل هي الأخرى تلتقط أنفاسها : من هي تلك المدعوة جيسكا ؟!!..
ضغطت على زر الدور الثالث و أنا أقول : إنها وصيفة أمي العجوز التي لم تتغير قسمات وجهها منذ عرفتها .. لقد كنت أراها في كوابيسي حين كنت طفلاً ..!
قطبت حاجبيها : لهذه الدرجة تخاف منها ..!
وصلنا إلى الدور الثالث فسرت مع ميشيل ناحية غرفتي : ليست مسألة خوف .. لكنني كنت دوماً أفكر في أنها قد تكون ألية أو مخلوقاً من الفضاء .. فهي لم تبتسم يوماً لأحد ..!
ضحكت حينها ميشيل بخفة : يا إلهي .. أي نوع من الأطفال كنت يا لينك ..!
ابتسمت حينها : سأعترف .. كنت طفلاً لا يترك فستان أمه إذا كان هناك الكثير من الناس حوله ..!
بسخرية قالت : لم أعلم أنك جبان ..!
- كنت كذلك حين كنت طفلاً .. لكنني الآن أشجع من الأسود ..!
- أتمنى أن تكون كذلك فعلاً ..!
- أتشكين ؟!!..
- لا .. لكنني أرجوا أنك لا تبالغ ..!
وصلنا حينها إلى باب غرفتي ففتحت الباب و قلت بنبرة لبقة : تفضلي يا آنستي ..!
دخلت حينها و هي تنظر حولها بهدوء ..!
دخلت أنا خلفها و أغلقت الباب : ما رأيك ؟!!..
التفت إلي بابتسامة : أذاً فغرفتك أشبه بالشقة المنعزلة عن المنزل ؟!..
- تستطيعين قول هذا ..!
- أنتم الأغنياء غريبون .. لما تضع مطبخاً في غرفتك بما أن هناك مطبخاً للقصر ..!
- حين أعد فنجان قهوة لا أكون مضطراً للذهاب للمطبخ الرئيسي ..!
- هكذا إذاً ..!
أخذت تنظر حولها للحظات فانتبهت إلى رف على الجدار قرب الطبخ و قد كان هناك بعض الصور في اطارات عليه ..!
سارت ناحيته و أنا خلفها ..!
كانت تنظر إلى تلك الصورة في الوسط كما نظرت أنا أليها ..!
لا أذكر هذه الصورة .. فأنا كنت طفلاً في الثانية من عمري ..!
لكن أبي كان يقف حينها ببدلته الرسمية السوداء و هو يحملني بين يديه و يضحك لي و قد وقفت أمي بجواره بفستانها الأبيض اللطيف مع قبعة القش التي كانت على رأسها و هي تنظر إلي بابتسامة .. أما أنا فقد كنت صغيراً جداً و ارتدي بنطالاً قصيراً بلون أزرق و قميص أبيض قصير الأكمام وقد كنت حينها أضحك بالفعل في وجه جاستن ..!
بابتسامة قالت ميشيل : هل هما السيد و السيدة مارسنلي ؟!!..
أومأت إيجاباً : أجل .. قالت أمي بأنها ذهبت إلى منزلنا الصيفي في الريف الفرنسي و أخذتني معها .. لكن أبي لم يتمكن من الذهاب بسبب عمله .. إلا أنها تفاجأت به يلحق بنا بعد بضع ساعات .. وقد التقطت هذه الصورة في لحظة وصوله ..! كان هذا قبل شهرين فقط من اصابة أبي بالمرض الذي أودى بحياته ..!
بدا الهدوء على ميشيل وقد تمتمت : إنها صورة جميلة .. والداك يبدوان لطيفين ..!
ابتسمت حينها : إنهما كذلك بالفعل ..!
حينها بمرح قالت : لكنك تبدو لطيفاً للغاية و أنت صغير يا لينك ..!
أردت أن أرد عليها لولا أن أحدهم طرق الباب حينها و بعدها ذلك الصوت اللطيف : بني .. أأنت بالداخل ؟!!..
شهقت بفزع بينما تراجعت ميشيل إلى الخلف : من ؟!!..
نظرت إليها و همست : إنها أمي .. اختبئي بسرعه !!..
أومأت موافقة و ركضت إلى المطبخ التحضيري و جلست أرضاً حيث لا تظهر من خلف ذلك الجدار الصغير ..!
أسرعت أنا بالقول : تفضلي ..!
فتحت الباب و دخلت وهي تقول : لما تأخرت بالرد ؟!!..
كانت نبرة شك بينما ابتسمت أنا ابتسامة عريضة : لم أتأخر ..!
لكنها حينها دخلت و جلست على إحدى الأرائك فتقدمت و جلست بجوارها : أمي لقد عدت مبكراً من الشركة اليوم ..!
أومأت إيجاباً : صحيح .. لقد أخبرني أدريان بأنه سيهتم بباقي الأعمال ..!
- هكذا إذاً ..!
- حسناً عزيزي .. سيبدأ النصف الثاني من المدرسة قريباً فهل أنت مستعد ؟!!..
- اعتقد ذلك ..!
- اه صحيح .. قبل أن أدخل سمعتك تتحدث إلى أحدهم ..!
شعرت بالارتباك حينها فقلت : كنت أتحدث بالهاتف ..!
بدا عليها الشك : حقاً ؟!..
بتوتر أومأت إيجاباً فقالت هي : لينك أنا أمك فلا تكذب علي ..!
يا إلهي .. ما هذه الورطة : أمي لما أكذب عليك .. كنت أحدث أحد الأصدقاء بالهاتف ..!
ابتسمت حينها بمكر قبل أن تقول : إذاً لن تخبرني أين اختبأت الفتاة التي كانت معك هنا ..!
.
.
.
و لكم أن تتخيلوا مقدار صدمتي !!..
من أخبرها ؟!!..
.
.
.
حاولت قدر الامكان السيطرة على ملامحي المصدومة و قلت : أي فتاة ؟!.. هل تمزحين ؟!!.. من هي هذه الفتاة التي ستصل إلى غرفتي ..!
بذات مكرها قالت : لا أعلم .. ربما الفتاة التي خطفت قلبك ..!
- أمي ماذا تقولين ؟!!.. لا توجد أي فتاة هنا ..! يبدوا أنك متعبة من العمل و يجب أن ترتاحي ..!
- و أنا لن أخرج حتى أرى هذه الفتاة التي وصلت لغرفتك ..!
يا إلهي .. كيف سأتصرف الآن .. يبدو أنها واثقة من كلامها ..!
حينها قلت : أخبرتك أني لم أحضر أي فتاة إلى هنا ..!
لكنها حينها أظهرت استياءها : لم أعتقد أنك ستكذب علي يوماً يا لينك .. رغم كل ما بذلته في تربيتك ..!
أوشحت بوجهها مستاءه ..!
كيف أتصرف الآن ؟!!..
لا يمكنني أن أتركها تغضب مني ..!
ليس هناك سوى حل واحد ..!
أخذت نفساً عميقاً ثم قلت بتوتر : حسناً .. كيف علمت أن هناك فتاة في غرفتي ؟!!..
التفت حينها بسعادة : الخادمات لا يستطعن الكذب علي !!...
سحقاً !!!.. لقد كانت تمثل حتى تجبرني على الاعتراف ..!
وقفت حينها و سرت ناحية المطبخ التحضيري و فور أن دخلت رأيت ميشيل تجلس على الأرض و قد التفتت نحوي و نظرت إلي باستياء ..!
جثيت قربها بتوتر و همست : أعتذر .. لم استطع الكذب عليها أكثر ..!
همست هي بانزعاج : لقد وعدتني بأنه لن يعلم أحد بذلك ..!
- ميشيل أرجوك أعذريني .. أنها أمي و لا استطيع أن أخدعها ..!
تنهدت حينها فوقفت و وقفت هي الأخرى ..!
أمي أيضاً وقفت حين رأتنا فسرت مع ميشيل حتى خرجنا من المطبخ التحضري ..!
كانت أمي تنظر إلى ميشيل بهدوء ..!
لكنها سرعان ما ابتسمت بخبث و نظرت إلي : حسناً لينك .. ما الذي تفعله هذه الحسناء في غرفتك ..!
أخذت نفساً عميقاً و قلت : الحقيقة يا أمي أني أعرف كل الأمور التي اختلطت في رأسك الآن لكني أأوكد لك أن أحدها ليس صحيحاً ..! كل ما في الأمر أن هذه الفتاة هي قريبة ريكايل و قد أحضرتها إلى هنا كي أريها صوراً لي مع لويفان بعد أن رفضت التصديق بأنه صديقي ..!
قطبت أمي حاجبيها : أأنت متأكد أن هذا كل ما في الأمر ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. حسناً أنت لم تتعرفي عليها بعد ..!
بهدوء حنت ميشيل رأسها و هي تقول : مرحباً سيدتي .. أنا أدعى ميشيل .. و أنا أخت ريكايل بالتربية ..!
تغيرت ملامح أمي حينها إلى الحزن وهي تقول : قلت أخت ريكايل .. يا إلهي عزيزتي تعازي الحارة في وفاة والدتك ..!
رفعت ميشيل رأسها و قالت بابتسامة هادئة : شكراً لك سيدة مارسنلي ..!
- لا شك أنك عانيتي الكثير بدونها ..!
- كانت الأيام الماضية صعبةً للغاية .. لكن ريكايل و لينك ساعداني على تخطي حزني ..!
تقدمت أمي أكثر ناحيتها و احتضنتها حينها و هي تقول بنبرة حانية : أعلم كم الأمر صعب .. أنا أيضاً فقدت والدتي مسبقاً في سن مبكرة .. عزيزتي ميشيل يمكنك أن تناديني بخالتي من اليوم فصاعداً ..!
كنت هادئاً حينها و لم أنطق .. أعرف كم تأثرت أمي بهذا ..!
لقد عانت من فقد والديها مسبقاً و من فقد أبي لذا هي تعرف ما معنى الفراق إلى الأبد ..!
أما ميشيل .. فقد دمعت عيناها حينها و سالت على وجنتيها .. يبدو أن حضن أمي ذكرها بحضن الخالة آنا ..!
لكنها حينها تمتمت بنبرة مخنوقة : شكراً لك .. خالتي ..!
كان واضحاً جداً .. أنها كانت تحاول منع نفسها عن البكاء .. بأي طريقة ..!
.................................................. ...
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |