part 28 في ذلك البرد القارص .. و الثلج يهطل من كل مكان .. كنت اسير بخطوات متعبة .. أنا لم أعتد على هذا ..! لم أعتد على التشرد !!!.. يفترض أني الآن في مكان دافئ و مريح !!.. لما أنا الآن في هذا الشارع ؟!!!!.. توقفت عن السير حينها .. فالتفت الذي يسير أمامي إلي : ما بك ؟!!.. شددت قبضتي و باستياء قلت : كم هو مؤلم .. الشعور بالخيانة !!.. ربت على كتفي حينها و هو يقول : أنا لم أجربه و لا أعلم ما هو .. لكني أتفق معك في أن ذلك الأدريان شيء في منتهى الدناءة و الحقارة ..! بلا شعور ضربت رأسي في تلك الشجرة التي بجواري بعنف من شدة الغضب : لينك .. للمرة الألف أقول لك .. تمالك نفسك !!.. بدت نبرة رايل مستاءة بالفعل بينما كنت أشعر بالألم في رأسي .. رفعت يدي إليه فشعرت بشيء رطب و دافئ و ما إن نظرت إلى يدي حتى رأيت تلك الدماء عليها و شعرت بذلك الشيء الذي بدأ يسيل من يسار جبيني ..! ازداد قلق رايل حينها : مشكلة .. رأسك ينزف ..! تقدم مني أكثر و رفع يده ليبعد خصلات شعري عن جبيني : لديك جرح هنا .. أيؤلمك ؟!!.. كنت أشعر بشيء غريب فيه : قليلاً .. ريكايل .. هل هناك شيء داخل ذلك الجرح ؟!.. أمعن النظر فيه : لا .. لما ؟!!.. بتعب قلت : لا أعلم .. كأن شيئاً ما دخل إلى رأسي ..! - أرجوا أن لا يكون شيء من لحاء هذه الشجرة قد دخل فيه .. صحيح أنه ليس كبيراً و عميقاً إلا أن القطع الصغيرة من اللحاء قد تخترقه ..! لينك لنذهب للمشفى ..! صمت للحظات قبل أن أقول : ليس لدينا مكان غير المشفى أصلاً ..! خالتي مسافرة لذا لا نستطيع اللجوء إليها ..! و ملجأ الأيتام صار بالتأكيد من أملاك أدريان .. لا أريد الذهاب لأي مكان له علاقة بهذا الشخص ..! و بالتأكيد لن نطرق باب جوليا و ميشيل في هذه الساعة المتأخرة ..! تنهد هو حينها : حاول أن تنسى أمره قليلاً .. و إلا أنك ستموت هماً ..! هيا بنا .. ليس لنا إلا أن نسير إلى المشفى ..! أومأت موافقاً مجبراً فهو الحل الوحيد لنا ..! تابعنا سيرنا في ذلك الشارع الصغير وحيدين تحت تلك السماء المظلمة و فوق ذلك الثلج البارد .. بلا مأوى ..! .................................................. . انتهت من لف تلك الضمادات على رأسي و قالت : حسناً .. ها قد نظفنا الجرح و ضمدناه جيداً .. أي طلبات أخرى ؟!!.. بهدوء قلت : شكراً لك .. أنيتا ..! ها نحن الآن في تلك المدينة الطبية .. لقد كانت أقرب مركز طبي من مكاننا لذا اتجهنا إليها ..! قامت أنيتا باستقبالنا هناك فقد كان اليوم هو يوم مناوبتها و قد فحصت لي جرح رأسي و اعتنت به جيداً ..! ها نحن في تلك العيادة الصغيرة .. عيادة الدكتور مارفيل ..! رغم أنه يفترض أن نكون في قسم الطوارئ لكنه اصر على أن نأتي إلى هنا لسبب أجهله ..! جلست أنا على سرير صغير في تلك الغرفة و أمامي وقفت أنيتا التي كانت تهتم بجراحي ..! أما ريكايل فقد جلس على مقعد عند مكتب الدكتور الذي لم يكن موجوداً هنا فقد غادر منذ قليل ..! ابتسمت أنيتا لي حينها : هل يؤلمك رأسك ؟!.. - قليلاً .. أشعر بأن الجرح يلسعني ..! - ذلك بسبب المعقم .. أنتظر قليلاً و سيكون كل شيء بخير ..! - حسناً ..! تذكرت حينها شيئاً و نظرت إلى رايل : هل يؤلمك ظهرك ؟!!.. أومأ سلباً : لا ..! - أنت تكذب .. ذلك واضح ..! - إنها كدمة بسيطة .. ستكون بخير ..! سألت تلك الممرضة حينها : ما الأمر ؟!.. هل تأذى ريكايل أيضاً ؟!!.. أوشح هو بوجهه بينما قلت أنا : لقد اصطدم ظهره بحافة الطاولة الزجاجية بشدة ..! بابتسامتها اللطيفة قالت : حسناً .. هذا يحدث لأي شخص لذا لا داعي للقلق .. سوف أصرف لك مرهماً كي تضعه على الكدمة حتى لا تنتفخ ..! لم يرد هو و لم أعلق أنا .. بينما دخل أحدهم إلى الغرفة : هل انتهيتم ؟!!.. كان ذلك الدكتور مارفيل و خلفه الدكتور ليبيرت .. أجابته زوجته بأننا انتهينا منذ لحظات .. يبدو أن الثلاثة لديهم مناوبة اليوم ..! جلس الدكتور مارفيل خلف مكتبه بينما جلس الآخر قبالة ريكايل ..! بدأ الدكتور مارفيل كلامه قائلاً بهدوء : كيف جرحت يا مارسنلي ؟!.. لا أعتقد أنك اصطدمت بالشجرة بلا انتباه فمكان الجرح و عمقه يخالفان ذلك ..! ترددت للحظات قبل أن أقول : لقد كنت غاضباً فضربت برأسي في الشجرة ..! بدا على الدكتور ليبيرت الشك : تضرب رأسك بالشجرة من شدة الغضب .. ثم تأتي للمشفى في هذه الساعة مع أنك تستطيع تنظيف جرح كهذا في منزلك ..! - شعرت بأن شيئاً من لحاء الشجرة دخل إليه لذا جئت للمشفى ..! - اعذرني مارسنلي لكني لا استطيع تصديقك ..! واضح من حالة ملابسك و حذائك أنك مشيت إلى هنا لأن الثلج كان يتساقط و ملابسك لازالت مبللة جراء ذلك ..! ما الذي يدفع وريث مارسنلي إلى السير إلى المشفى رغم أنه يستطيع استدعاء طبيب اسرته إلى غرفته ؟!!.. بغضب قلت و بصوت مرتفع : أهذا تحقيق أم ماذا ؟!!.. انتبهت إلى نبرتي تلك و قلت بخفوت : اسف ..! لكن الدكتور ليبيرت قال بعد صمت : لا عليك .. أعتذر لتطفلي ..! حل السكون بعدها للحظات .. أعلم أن هؤلاء الثلاثة يريدون معرفة القصة التي اودت بي و بريك إلى هنا ..! بعد لحظات من الصمت نطق أحدهم أخيراً : لقد .. لقد أفلست شركة مارسنلي ..! التفت بصدمة إلى ريكايل الذي تمتم بتلك الكلمات إلا أن الجميع سمعه ..! لما أخبرهم ؟!!.. لما قال ذلك ؟!.. باستياء قلت : هلا صمت ريك ..! لكنه رفع رأسه و نظر إلي بجد : كانوا سيعلمون عاجلاً أم آجلاً فهذا الخبر بالتأكيد سينتشر قريباً ..! كنت أرى الهدوء على ملامح البقية بينما أوشحت أنا بوجهي بعدها ..! لحظات حتى سمعت : أهذا ما دفعك لإيذاء نفسك بهذه الطريقة ؟!!.. كانت نبرة أنيتا تلك تحمل بعض العتاب ..! أخذت نفساً عميقاً و بلا شعور استلقيت على ذلك السرير الذي كنت اجلس فوقه و قلت بهدوء : ليت الأمر مجرد افلاس .. لو أن الشركة أفلست فقط لما غضبت إلى هذا الحد .. لكن ..! قطبت حاجبي حينها و تابعت : ما أغضبني هو الشخص الذي تسبب في هذا .. سحقاً لك يا ادريان ..! بنبرة تعجب سأل الدكتور مارفيل : و من أدريان هذا ؟!.. تابع ريك عوضاً عني : لقد كان الشخص الثاني في الشركة بعد السيدة إلينا .. لقد تسبب في فشل المشروع الذي بدأت العمل به مما سبب افلاس الشركة ..! بينما حصل هو على تعويض مناسب ..! يمكنكم القول بأنه تحول من صديق إلى عدو خائن ..! بلا شعور تابعت أنا : لقد وثقنا به .. كان من أكثر المقربين من مارسنلي .. لقد كان صديقاً لأبي في السابق .. و بعدها صار مساعداً له ثم لأمي ..! كنت أنوي تركه يدير الشركة حتى أتخرج من الجامعة .. لكنه غدر بي ..! بنبرة هادئة قال الدكتور ليبيرت : أذاً أنتما الآن لا تملكان شيئاً ..! تذكرت حينها ظرف المال .. يا إلهي .. لقد نسيته في القصر : يبدو أننا حقاً لا نملك قرشاً واحداً ..! عدنا للصمت مجدداً .. لا أعلم ما يدور في خواطر الجميع .. لكن كل ما أعرفه أني الآن في ورطة لم يسبق لها مثيل ..! مضت بضع دقائق على هذا الحال حتى قطع الدكتور مارفيل هذا الصمت بقوله : هناك سؤال يخطر ببالي .. أود لو أعرف إجابته ..! رفعت جسدي عن السرير حينها و قد صار لدي الفضول لمعرفة سؤاله و نظرت إليه فقال هو بعد صمت : ريكايل .. أنا أعرفك منذ بضعة أشهر .. لقد كنت دائماً تأتي إلى مواعيدك هنا وحدك بلا أي مرافق .. حتى حين تبقى في المشفى لأيام لا يزورك أحد عدا المرة الأخيرة في الشهر الماضي ..! بدا أن ذات الأفكار كانت تراود الدكتور ليبيرت الذي تابع : في الآونة الأخيرة فقط ظهر صديق لك .. يأتي معك إلى هنا و يعرف الكثير عنك .. و أعتقد أنه يلازمك طيلة الوقت .. واضح أنه تعرفك قريباً لكنه رغم ذلك صار مقرباً منك للغاية ..! لو كان شخصاً عادياً لما أثار فضولي لكن .. بما أنه وريث مارسنلي فهذا غريب حيث أنك لا تبدوا غنياً لتتعرف إلى شخص مثله ..! عاد الدكتور مارفيل لإكمال حديثه : حين رأيت مارسنلي للمرة الأولى ظننت أنه قريبك بسبب الشبه بينكما .. حتى أني لم اصدق أنه وريث مارسنلي إلا حين رأيت نسخة من بطاقته عند مكتب الاستقبال بعد أن أدخلك إلى هنا ..! سؤالي يقول ..! صمت للحظات ثم أردف : ما العلاقة بينكما بالضبط ؟!.. نظرت إلى ريكايل حينها فنظر هو الآخر إلي و ابتسم بهدوء فابتسمت ابتسامة مطابقة و نطقنا معاً حينها : أخوان ..! .................................................. ...
__________________ إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم |