عرض مشاركة واحدة
  #129  
قديم 07-11-2013, 07:45 PM
 
ليلتها كانت هانئة و لطيفة جداً , الهدوء و السكينة تلف المكان , لا شك بأن سيدريك اكتسب هدوئه و رزانته من هنا !.
والآن بعد وجبه إفطار كبيرة , مكونة من فاكهة ولحم سمك لذيذ وكأس عصير طازج كبير جلبها لأجلها , وهي لم تتأخر كثيراً بالنوم .. شعرت بالسعادة تلفها و تطير بها , شعرت باهتمام حقيقي بالرغم من بساطة المكان هنا...
ولكن بالنسبة لها , أسعد شيء حدث , هو موافقته ... لقد قال نعم , لتعلُمها !.
وقفا معاً قرب أشجار الغابة و سيفها بين يديها , بينما سيدريك يثبت عموداً خشبيا غليظا أمامها.
_ لنقطع هذا الشيء , حسناً ؟!.
بدأ ببساطة , فابتسمت مارسيلين بحماسة شديدة وهي تقول : أجل .. أجل , لنقطعه تماماً لننشره و نقـ...
_ اهدئي يا أميرة , لا أريدك أن تؤذي , قفي الآن جيداً واستعدي .
شدت الأميرة يديها بقوة على السيف مواجهة العمود الخشبي وكأنه عدوها اللدود , لكن فوجئت بـ سيدريك بجانبها , مد يده بهدوء على كتفها .. هامساً :
_ انتبهي لطريقتك بالوقوف , عندما يصد الخصم الضربة ستقعين فوراً هكذا !.
توترت لقربه , و قالت بخجل : حـ..حقا ! , إذن هكذا ...
و مالت بجسدها إلى الأمام قليلا ممسكه بسيفها النحيل القوي .
_ آه لا .. اسمحي لي ..
وقف خلفها تماماً و مد ذراعه ليمسك بسيفها بينما عدل وقفتها بذراعه الأخرى فوق خصرها , شعرت بالحرارة تهاجمها .. لكن يجب أن تركز على تعلمها ولو هذه الأساسيات فقط !.
_ أ.. أجل فهمت...
ابتعد قليلا و قال بهدوء : اضربيه بالمنتصف بقوة شديدة وشكل مستقيم .
رفعت ذراعيها و بكل ما استطاعت في هذه اللحظة ضربت العمود ! , و انغرز السيف بداخله عالقاً... تورطت مارسيلين وشدته ليخرج , لكنه علق بقوة في وسط العامود !!.
وضع سيدريك يده بجانب يدها وسحبه بسرعة و اخرجه !.
_ آه ..آحمم ... كان سيخرج... كنت أ...
_ اضربي نفس المكان مجدداً يا أميرة .
ألقت بحرجها جانباً و حاولت فعل ما قال , أن تضرب نفس الشق , لكن الضربة أتت أعلى قليلاً.
سألها سيدريك بهدوء : هل أصبته ؟!.
أحمرت خجلا وأجابت : لا .. فوقه...!
ابتسم بخفه : لا بأس... لكن... أنت تجهدين نفسك دون تقدم مقابل .. كان يجب أن يقطع العامود !.
_ آوه حقاً , آسفة لا أدري كيف...
اقترب منها ليقف بجانبها تماماً , وضع يده على يديها فوق مقبض السيف وهمس بلطف :
_ كنت أقصد أن تقوم بحركة قوية بأقل مجهود , سيدتي .. ابدأي متى أحببت وتجاهلي يدي !
آه أنه يريد أن يختبر قوتها ~~" , والتي هي ضعيفة جدا بالمقارنة معه , توترت قليلا لكن تنفست بعمق و ركزت جيداً...
حركت ذراعيها بالسيف بعيداً ثم أرادت أن تهوي به , استوقفها سيدريك بسرعة :
_ لا... مهلاً ..
توقفت بسرعة وحدقت به , قال مضيقاً جبينه : حركي ذراعيك معاً بشكل تام , أنهما غير متوازيتان.
_ آووه , بالفعل , حسنا ..
و قامت مجدداً و مجدداً مرة تضرب من الجهة اليمنى و مرة من الأخرى .. وكان ينصحها كثيراً و يساعدها , حتى بحركات الصد والدفاع و انحناء الجسم .. و قاربت الشمس على الغروب ..!

كانت مارسيلين ترتاح متمددة تماماً على العشب والسيف بجانبها شعرت بأحاسيس رائعة من الحماس و الثقة وعدم الخوف من المجهول و المخاطر , ربما المكوث مع سيدريك يمنحه الكثير .. كان معلماً رائعاً ولم يكف عن قول سيدتي بالرغم من أنها تشعر بأنه هو السيد هنا... تنفست بعمق .. عندها لن تخاف أبدا من اعدائها و اعداء والدها .. سيخشونها هم ...!

اقترب سيدريك وجلس وهو يمد لها بكأس ماء .. قال ببطء وعبوس بشفتيه بينما هي تجلس و تشرب :
_ لقد ارهقتكِ يا سيدتي , إن هذا كثير عليك !
_ آووه لا بالطبع , أنا سعيدة جداً و مرتاحة , هل سنتدرب غداً أيضاً ؟.
_ فكرت بأن الغد سنزور السيدة تالين ..
تأوهت قليلا ثم قالت : بالطبع , و بعدها أريد تعلم الرماية جيداً .. هل يمكنني ؟!
وافق بنعومة وعينيه البنفسجيتين ينعكس عليهما الشفق الأحمر : كما تشاء سيدتي القوية...
كيف يمكنها أن تنام الآن و في قلبها كل مشاعر الأثارة و الحماس .. ودت لو تنهض و تأخذ سيفها الرقيق القوي و تتدرب به , وبعد كل شيء... و بعد كل شيء , يجب أن يبقى سيدريك معها ... عندما ينتهي كل شيء ... لا يمكنها تركه يلتفت بعيداً و يغادر ..
لا يمكن .. ستطلب منه البقاء معها ... إلى الأبد ربما أفضل ..

في الصباح الباكر لليوم , تجهزت و ساعدها سيدريك على امتطاء "براون" كما سمت حصانها , ومعها خنجرها فقط , وفوق لباسها الصبياني اعطاها عباءة داكنة لها غطاء رأس تخفيها , ثم امتطى هو حصانه الأبيض الجميل و سارا معاً هبوطاً نحو القوية ...
شهقت تالين صدمة شديدة , ثم اللحظة التالية عناق حار يقطع الانفاس , بعدها :
_ أيتها الفتاة الحمقاء المتهورة ... مالذي تفعلينه بنفسك ؟! , مالذي تفعلينه بوالدك ؟! مالذي....
قاطعها سيدريك برقة : أنها قصة طويلة صعبة يا سيدتي , الأميرة لديها خطتها ..
كان منزل السيدة تالين , صغير بعض الشيء , لكنه لطيف و جميل و أثاثه أنيق , جلسوا و قدمت لهم الشاي الساخن وبعض الطعام , ثم حكت الاميرة القصة باختصار رهيب كي لا تقلق السيدة ..
سألت تالين بريبة : و منذ متى وأنت هنا مع سيدريك ؟!
همست مارسيلين بخجل : آحم .. لا أدري بضعة ليالٍ...
حمداً لله أن سيدريك لم يرى النظرة التي ارتسمت على وجه السيدة العجوز و أحمرت مارسيلين كثيراً .. لكن همس سيدريك برقة :
_ أن الأميرة مارسيلين تعتني بنفسها بشكل ممتاز , اعتقد بأنها ليست بحاجة لأحد ..
التفتت تنظر إليه همست بقلق : ماذا ؟!, لا .. أني بحاجة إليـ...
قالت تالين ببرودة : اجلبي أغراضك لتمكثِ هنا قليلا .. ثم سنتصل بـالملك و...
صرخت مارسيلين فجأة وهي تنهض : لااا .. قلت لك يا سيدتي أنا لا أريد أقلاق والدي أني بخير هنا .. لا أريد العودة للقصر , سوف يحبسني بالسراديب في قاع القصر !.
كشر العجوز بوجهها : مالذي تتفوهين به كل ما يفعله لأجلك و سـ....
لكن هذه المرة قاطعها سيدريك بهدوء : أن الأميرة محقة , ليست مضطرة للعودة للقصر , كما أنني اعلمها بعض الدروس.
نظرت إلى سيدريك وعينيها الخضراوين تشعان بالسعادة , أنها لم تعد وحيدة , سيدريك إلى جانبها وهو يظنها محقة !!.
لكن سقط فك السيدة تالين دهشة وهي تكرر : دروس ؟!... أي دروس سيدريك ؟!.
أجابت مارسيلين بثقة وكبرياء : دروس قتال ! , أنا سأتعلم قطع رؤوس الاشرار !!.
كادت السيدة تالين أن تقع مغشية عليها !!. ,
لكن أمضوا كل فترة الظهيرة وهم يحاولوا تهوين الصدمات عليها و أن ليس هناك ما تقلق عليه بالفعل .. كما أن مارسيلين رفضت المبيت عندها , لأنها تود بدء الدروس ما أن تغسل وجهها وتفيق فجراً...!

القرية بعيدة بعض الشيء عن كوخ سيدريك , و الطريق وعرة بينما مارسيلين ليست فارسة جيدة ..
و قبيل الغروب , قبل المغادرة , نهضت الاميرة لتراهم بالمطبخ , ولكن لم تدخل لأنها سمعت صوت السيدة تالين تهمس باسمها وتحدث سيدريك قائلة :
_ يا بني تعرف بأني اثق بك جداً , أنت شريف أمين و شجاع .. لكن .. مارسيلين لا تزال .. آه طفلة , حسنا أنها تملك الجرأة .. ولكن .. مهما فعلت يجب أن تعود للقصر...
همس سيدريك بهدوء : يجب أن تعود للقصر... ما أن تكون هي مستعدة لهذا .. أنني أتفهم ما تمر به , وأنا سأكون درعها الذي يحميها دوماً !.
وضعت مارسيلين يديها على قلبها و هي تكاد تقع جالسة , آيه ما أروعه سيدريك .. أنه لن يتخلى عنها .. سيظل يحميها دائماً...
شعرت برغبة في البكاء .. لكن فجأة طُرق باب المنزل !!.
و شهقت مارسيلين قلقاً وهي تتراجع للممر , أتى سيدريك و وقف قربها , بينما حدقت بهما السيدة تالين و همست وهي تمسح يديها ببعضهما :
_ أبقيا متواريين , سأرى بنفسي...
و عندما فتحت الباب , تنهدت بعمق وهي تقول بصوت مرح : آوووه ماثيوو ...!
_ مرحبـا عمتي , كيف حالك عزيزتي .
اختطفت مارسيلين النظر , أنه شاب يرتدي زي الحرسالملكي... و من خلفه حارسين مسلحين ..
قال الشاب بمرح وصوت واضح : لقد أتيت لدعوتك .. غداً ستقام حفلة كبيرة بقصر الملك , وجلبت لك دعوتين عمتي .. تعرفين أني بالمجلس الاستشاري .. ولكني مسافر قريباً .. يمكنك أن تدعي أي شخص تريدين .. يجب أن تخرجي وتسعدي ,أليس كذلك !.
ضحكت تالين برقة وهي تشكره .. ثم غادروا ..
تنهدت الاميرة بارتياح , و اقتربت منهم العجوز , قالت بلطف : لكن لدي اقتراح ما .. خذا أنتما الدعوتين واذهبا للحفلة !.
أحمرت وجنتا مارسيلين وقالت ترفض : لا يمكننا , لدينا عمل و أنا سيفتضح أمري بكل بساطة !.
كن سيدريك قال بشكل مفاجئ : في الواقع قد نستطيع جلب معلومات مهمة عن تلك العصابة بواسطة صديق أعرفه هناك !.
فحدقت به وقبل أن تنطق , أكمل وهو ينظر باتجاهها : ليس من المتفرض أن يعلم الجميع بوجود الأميرة , ما دمنا نحمل بطاقات الحفلة لن يضايقنا أحد .. أنه شخص مهم و سيساعدنا جداً , أنا واثق !.
قالت مارسيلين بدهشة : حقا ! , أتعتقد بأنه يعرف الكثير عن .. العصابات , جماعة آ... كريستس ؟!.
_ أجل , أنهم ليسوا مجهولين تماماً .
التمعت عينيها , من جانب آخر , الخروج للحفلة برفقة سيدريك يبدو شيئا جديداً و ... جميلاً !.
وافقت بمرح : لا بأس .. سأحاول أن لا ألفت الانتباه !.
ابتسمت تالين بشكل غامض وقالت : حسنا , و أنا سأبحث لك عن فستان أنيق مناسب بعض الأشياء لأجل تغيير شكلك ..
عادت مارسيلين متلهفة إلى الكوخ مع سيدريك , ونامت هناك , و هي تشعر بأن الأمور ستسير على ما يرام .
صباح اليوم التالي , استمرت بالتدريب بالسيف مع سيدريك ثم , نزلا لمنزل السيدة تالين كي تستعد مارسيلين جيداً , وجدت لها فستاناً أزرق فاتح جميل , هادئ , لكن رقيق .. و كذلك رباط للشعر ومعطف خفيف و قفازين أبيضين , حذاء بكعب عالي...
_ لم يكن عليك جلب كل هذه الأشياء سيدتي.
قالت الاميرة بخجل والسيدة تالين تعدّل من قياسات الثوب .. قالت متذمرة :
_ هلا سكتِ قليلاً , أنتِ نحيلة للغاية , لا شك بأنك لا تأكلين جيداً.
_ بل العكس , أني ألتهم الطعام ألتهاماً !.
_ حسنا , لنرى الآن ..بقي أن نرفع شعرك و نغير من شكله ثم نربطه جيداً , أنا متأكدة بأنك ستكونين بخير جداً مع سيدريك. أكل شيء على ما يرام , يجب عليك أن .. تعرفين .. تطمئني قلب والدك .. لا شك بأنه مفجوع !.
زمت الأميرة شفتيها وقالت بهدوء : لقد أرسلت له مرتين .. سيكون بخير .. وأنا بخير جداً , أنه يعرف هذا ..وهو قلق فقط بكيفية أرجاعي إلى هنا و عقابي عندما أعود...
_لا تقولي هذا .. بالطبع هو قلق للغاية ومؤكد أنه لا يستطيع النوم حتى يراك سالمة أمام عينيه...

رسمت صورة والدها أمام عينيها , وصوته ظهر بأذنيها , وعينيه الخضراوين الداكنتين تنظران إليها وذراعيه تنتظرانها .. فشعرت بالدموع تتصاعد , تمالكت نفسها بصعوبة ثم كلّمت قلبها الخافق ...
" أبي... أحبك .. أحبك جداً و آسفة لما سببته لك .. ربما قد أُقتل , لكني أحبك ولا أقصد التسبب بقلقك... "
ركبوا الخيول و سيدريك يدل الطريق تماماً نحو القصر .. أنه ليس بعيد جداً .. بضع ساعات فقط .. وأقل أن أسرعوا بالأحصنة...
وصلوا قبيل الغروب ...

إلى قصر الملك " كرايسيس مورفيوس "