الموضوع: لَحَنْ ♫
عرض مشاركة واحدة
  #36  
قديم 07-11-2013, 08:55 PM
 
ها إنـَّـه انطفأت ذبالته على أفقٍ توهجَ دونَ نار ..
و جلستِ تنتظرينَ عودة سندبادَ منَ السـِّـفار ..
و البحرُ يصرخُ من ورائكِ بالعواصفِ و الرعود...
هوَ لن يعُود..



أوما علمتِ بأنهُ أسرتهُ آلهة البحار ..
في قلعةٍ سوداءَ في جزرٍ من الدمِ و المحار..
هو لن يعود..

رحل النّهار
فلترحلي، هو لن يعود.
الأفقُ غاباتٌ من السحبِ الثقيلة و الرعود،
الموت من أثمارهن و بعض أرمدة
النّهار
الموت من أمطارهن و بعض أرمدة
النّهار
الخوف من ألوانهن و بعض أرمدة
النّهار
رحل
النّهار
رحل النهار.

و كأن معصمكِ اليسار
و كأن ساعدكِ اليسار، وراء ساعته، فنار
في شاطيءٍ للموتِ يحلم بالسفين على انتظار.
رحل
النّهار
هيهات أن يقف الزمان، تمر حتى باللحودِ
خطى الزمان و بالحجار.
رحل
النّهار و لن يعود.

خصلاتُ شعركِ لم يَصُنها سندبادُ من الدمارْ
شَرِبتْ أُجاجَ الماء حتى شاب أشقُرها و غارْ
ورسائلُ الحبِّ الكثارْ
مبتَلةً بالماءِ منطمشٌ بها ألقُ الوعودْ
وجلستِ تنتظرينَ هائمة الخواطرِ في دوارْ:
"سيعودُ؟ لا. غرق السفين في المحيطِ إلى القرارْ"
سيعودُ؟ لا. حَجَزتهٌ صارخة العواصِف في إسارْ
يا سندبادُ، أما تعود؟
كادَ الشباب يزولُ، تنطفئُ الزنابق في الخدود
فمتى تعودْ؟

أواهِ، مدَّ يديكِ بين القلبِ عالمُهُ الجديد
بهما و يحطم علام الدم و الأظافر و السّعارْ
بيني و لو لهينة دنياهُ
آه متى تعود؟
أترى ستعرف ما سيعرف، كلما انطفأ النهارْ،
صمتُ الأصابع من بروق الغيبِ في ظُلَم الوجودْ؟
دعني لآخذ قبضتكَ كماء ثلجٍ في انهمارْ
من حيثما وَجّهتُ طرفي.. ماء ثلج في انهمارْ
في راحتيّ يسيل، في قلبي يصبُّ إلى القرار
يا طلما بهما حلمتُ كزهرتينِ على غديرْ
تتفتّحان على متاهةِ عُزلتي
رَحَلَ النهارْ

و البحرُ متسعٌ و خاوٍ. لا غناء سمى الهدير
و ما بين سوى شراع رنّحتهُ العاصفاتُ و ما يطير
إلا فؤادك فوق سطح الماء يخفق في انتظار
رَحَل النـــــهارْ
فلترحلي، رَحَل النـــــهارْ



رحل النهار | بدر شاكر السيّاب..
__________________
وأنا على عَهدِك ووَعدك ما استَطَعت، حتَى آتيك بقلبٍ سليم و نفسٍ مُطْمئنة..



رد مع اقتباس