الفصل الثالث.. [ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://im32.gulfup.com/Ejzvh.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] "ذو المعطفِ الطّويل" [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://im32.gulfup.com/Ejzvh.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN] [ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;background-image:url('http://im32.gulfup.com/Ejzvh.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] أصْبَحت الشّمس في كبِد السماء التي تلبدت بغيومٍ انسَابت مِن خِلالها أشِعة ذَهبية.. بقوة أغلقت الباب خلفها وألقت بحقيبتها الزرقاء على الأريكة البسيطة.. انْتبهت انّها لم تُشعل النور حتى , لتَتجه نحو المِفتاح بتململ وهِي تتذكر كَيف أنها انفَجرت باكِية أمَام صدِيقتيها.. ابتسمت بوهنٍ مسترجعةً كلمات سَام التي هَدأتها قليلاً .. لا تَزال تستشْعر يد إيملي التي تُربت على كَتفها برِفق.. تَذكرت كَيف أنهما لم تَهتما بسَبب بكَائها بقَدرِ اهتِمامهما بتَهدئتها .. دُموعها انهمرت في الوقتِ المناسب حيثُ لم تضطر لإشغَالهما بما تَمر به هذِه الأيام بسَبب وضْعِها المادّي.. استيقظت من شرودها إثر سَماعِها عدِة خَبطاتٍ عنيفة عَلى البَابِ الحَدِيدي.. خَمنت هوية الطارق مُقضبة حاجبيها ثُم فتحَت الباب .. وبِدون مُقدِّمات كَعادته , هَتف الرّجل الثلاثيني -والذي بدا أكبر من ذلك بكثير- , بمنظره الفوضوي وطريقة حديثه المتذمرة .. وهي تنظر إلى عينيه الحادتين أجابت.. _إلى متى تنوين جعلي أنتظر ؟ حافظت على قناع زائف من الهدوء وهي تجيب.. _آسفة سيد كارل , فقط أمهلني بضعةَ أيام كاد أن يصرخ غاضباً لولا تلك اليد الخشنة التي أدارته نحو صاحبها.. كان يرتدي معطفاً أسوداً طويلاً .. وشال غَطّى وجْهه بحَيث لا يظهر منه شيء سِوى عينيه الزمرُدِيتين.. هَمَس لكارل بشيء لم تسمعه ألِين والتي تراجعت إلى الخَلف حِين رمقَها بنظرة كَانت أشبه بالمخيفة.. التفت كارل نحو الشقْراء بابتِسامة , تجعلُ الناظِر إليه لن يصدق أنه كان يصرخ غاضِباً قبل دَقائق.. _ لن تدّفَعي شيئاً هَذا الشهر ! توجه نحو مكتبه الذي يقع مقابل منزل ألين الضئيل.. بينما بقيت هي تُراقب ذو المعطف الأسود وهو يمشي مُبتعداً عنها.. طأطأت رأسها تفكر , لم ساعدها هذا الرجل؟ رفعت رأسها لتشكره .. ومن ناحيةٍ أخرى .. ربما تتعرف عليه من صَوته إذا تحدّث.. لكنه اختفاءه المُفاجئ جعلها تَستدير نحو منزلها ببطء.. انتصف الليل لكِنها لم تنم , أمر ذلك الرجل لا يزال محيراً , جلست على السرير بعدما كانت مستلقية..
استدركت أنها رَأته من قبل.. ليس مرة بل مَرات.. كان يقف مقابل منزلها أحياناً .. بنفسِ الهيئة المُخيفة والعَينين الحَادتين المُتمرّدتين.. دَفعها الفضول مرةً لتسأله عما يريد .. لذا خرجت مِن منزلها مُسرعة .. وتوقفت مَا أن رأت أنه اختفى مرةً أخرى.. وكأنما هو طَيف قد تبخّر.. دقائق ورَنّ هاتفها معلناً عن رسالة قرأتها ألِين بدهْشة.. ~( المُثيرون للشفقة أمثالك يجب أن يعملوا بجدٍ أكبر , فالمجتمع ليسَ بحاجتهم )~ عقّدت حَاجبيها وهي تنظر إلى الهَاتف , والكثير مِن الأسئلة قَد بدأت تَتراكم على رأسها!.. _صحِيح أنه سَاعدني , لكِن لا يحِق لَه أبداً وصْفي بالمثيرة للشّفقة! _كَان عليّ أن أشكُره عِندما سنَحت لِي الفُرصة.. _ولكِن كَيف له أن يعرف رقم هاتفي؟ عَادت للاستلقاء على السرير والنّوم لم يجِد طريقه لعَينيها.. _كم أنا مُبعثرة .. من بعدكِ جدّتي .. بين الكُتب.. هُناك وجَدت سَام نفسها ,مضطرة لإنجَاز العَديد والعديد مِن الفُروض.. قَطع جو التركِيز الزّائف صوت طرقٍ ضعيف على الباب , الغريب أنه ما من أحدٍ يطرقُ بابها في الآوِنةِ الأخيرة , هذا كان مناسِباً تماماً لها.. ابتَسم الصّغير بطُفولة ثم قَال وهُو يُشبك أصَابع يدَيه.. التَفتت إلى الكُتب ثم أعَادت نظَرها للصغير الذي يأمْلها بترقُب سرعان ما تلاشى حين قالت ببساطَة.. _اعْذرني .. يمكِنك أن تلعب مع صوفيا مشى ببطء نحو غرفته ولم ينفك يلتفت إلى الخلف آملاً أن تُغير رأيها , في حِين تنهدت بيأس ثم قَالت بهدوء.. _يمكننا أن نَذهب للحَديقة العامة. التفت إيثان نحوها بسَعادة .. تمشّت بملامحٍ منزعِجة وهي تحمل أكياساً في يُمناها , وتُعدّل وضعية قُبعتِها بضيق لا مُبرّر له.. | الآن بدأتُ أقوم بدور ماري .. في الواقع هذه الحياة لا تحتمل!! | هذا ما حدّثت به نفسها , لامت نفسها للحظة مُستدّرِكة أن ما قالته يحملُ شيئاً من الظُلم , لكن يحقُ لها أن تتذمّر بين الحين والآخر .. و بينما هي في معركة تناقُضاتِها لمحت فتاة ذات شعرٍ بسوادٍ ليلة غابَ عنها القمر تجلس على احدى الأرائك الرخامية في الحدِيقة .. _يبدو أن الوضع مختلف هناك هذا ما قاله إيثان بعدما وضع ما أسماه -طوق الأزهار – على رأسِ سام , والتي كانت تحاول جاهِدة ألا تُظهر انزعاجها منه .. "كم هذا مزرٍ.. أنا أكره الأطفال.." رفعت رأسها إلى صاحبة الثوبِ الوردي التي رحّبت.. _ مرحباً إيملي , رؤيتك في الخارج أمر غريب.. _لم أكن سأفعل .. إلا أن والدتي كانت بحاجةٍ إلى هذه الأشياء.. انتبهت إيملي لنبرتها المستفزة التي لم يكُن لها داعٍ لتقول ضاحكة بتوتر.. _على كلٍ ماذا تفعلين هنا؟ الفتى الذي يجري بسعادة عانقها قائلاً.. اتسعت ابتِسامته وهو يشير نحو الأزهار _انظري لقد صنعت هذا لسام .. أليس جميلاً؟! _ منذ متى ونحن نرتدي الأعشاب على رؤوسنا إيثان؟.. أشاح بوجهه مصطنعاً الغضب.. ثم أردف بسعادة وهو يقرفِص .. _لا تشغلي بالك .. سأصنع لكِ واحِداً الفَتاة الجَالسة عَلى جَنب لاحَظت كيف أن لصَدِيقتها قُدرةً على جعل الصغِير يبتسم بعِبارة , شيء لم تكن هي قادرةً على فعله.. ليس من عادَتِها أن تُقارِن نفسها معَ الآخرين ..بل وقد كَانت تبغُض المُقارنات على الدوام.. لكن .. شيء ما مُختلف.. شيء هي لم تُدرك ماهيته بعد.. ليتها كانت تشتري الحاجيات كالعَادة , ليتها كانت تحْرص أن تعُود إلى المنزل قَبل عَودة والدتها مِن المشفَى حيث تعمَل.. _اعذرني سأعُود إلى المنزل هذا ما قالته إيملي وما لم يسمعه إيثان الذي كان جَالساً على الأرض يقطِف ما تَقع عَليه يدَاه مِن أزهَار وسرورٌ يغْمُره.. أخذت حقيبتها الصغيرة وهي تنظُر إلى ساعَتِها قائلة.. _إيثان! الشمس تُوشِك على الغروب, أظن أنه علينا العودة كذلك.. التفتت نحو إيثان الذي لم يُجب .. _أردت .. أردت أن أعطيها هذا.. قال بصوتٍ متهدِّج فواستُه وهي تحُثه على الذهاب.. _ عندما نأتي المرة القادمة سأحرص على أن تكُون معنا وعندها بإمكانك أن تصنع الكثير! لم يقتنع كفايةً بقولها إلا أنه أمسك يدها وسار بصمت.. هِي لا تستطيع أن تحل مكان شخص آخر .. تثاءبت الشقراء بملل وهي تنتظر صديقتها لتذاكِرا معاً كالعادة , وبطبيعة الحال فقد اعتذرت إيملي عن المجيء كونها قد انشغلت بتصوير الفلم.. توجهت إلى الباب الحديدي ما أن طرقته سام.. ابتسمت سام وألقت بحقيبتها بجانب خاصة ألِين ثم قالت .. قاسَمتها ابتسامة ثم قالت برسمية مُصْطَنعة.. _ يُسعدني العمل معك .. آنسة سام في الواقع .. كلمة " عمل " لم تكن الكلمة المناسبة لوصف ثرثرة الفتاتين .. والتي امتدّت أكثر من الدراسة نفسها .. _ أتعلمين أن المتوحش كان شرطياً في الماضي! أجابت سام وهي تدخل الكتب في حقيبتها .. _هذا يُفسِّر سبب تصرفاته القاسية.. لتكرر سام جملة قيلت مراراً في هذه الساعة.. _ كفا ثرثرة لـ نبدأ بحل الفروض المستعصية مشت بخطوات متمهلة وهي تمسك بثوبها السماوي الطويل .. توقفت عند طرف المنحدر وعيناها البنيتان تتأمل البحر الذي امتد إلى الأفق.. وأمواجه تتصادمُ بعنفٍ كما يحدُث بين أضلاعِها.. أخذت نفساً عميقاً , ثم نظرت إلى الخلف وكأنما تودّع أماكناً قد عُطرت بذكريات طُفولتها .. ألقت بجسدِها النحيل لتكتنِفه المياه بعُنف .. و قبل أن تغوص في الأعماق .. شعرت بيد تنتشلها بسرعة.. هكذا صرخ المخرج وهو يصفق بسعادة كانت غريبة على وجهه المتهكم عادةً.. _ أحسنتِ آنسة جونز , كنتُ واثقاً من قدرتك على فِعلها.. ابتسمت إيملي برقة وتوجهت لغرفة تغيير الملابس حتى تستعد للمشهد التالي.. جلس على الأريكة ينظر إلى شاشة التلفاز مُستغِلاً هدوء المنزل الغريب , إلا أن أحدهم قد وقف حائلاً بينه والشاشة.. رمق الفتاة بنظرة "ابتعدي" فزمّت شفتيها بتعجبٍ شديد ثم قالت .. رفع نظره إلى الشابة قائلاً.. جزّت إيملي على أسنانها بعصبية ثم أشارت إلى نفسها غاضِبة .. _أنا....في....المــنـــزل!! ردّ بعفوية بدت مصطنعة لإيملي.. _آه صحيح.. كيف لم ألحظ هذا؟ , إذاً ...ما الذي جاء بك؟ هُنا كَادت الفتاة تنفجر من الغَيظ ,و قد بدأت تردّد أمنية صُوفيا .. "أتوق إلى حين عودته إلى الكلية" _أمي تريدك , حتى تشارِكنا الجلوس في الحديقة , وأيضاً فريق أبي ناقص! _ما الذي تهذين به ؟ أيةُ حديقة ؟ , وأي فريق؟ أغلقت التلفاز والتفتت إليه .. مرّت الأسابيع بطيئة على الفتاتين , خلالها لم يجر بينهما أي حوار طبيعي , مجرد كلمات أشبه ما تكون بالرسمية , واليوم –يوم الفرج- كما تُسميه ألِين التي تمنت من أعماق قلبِها أن يمُر بشكل طبيعي على الأقل , دون هدوء غير مُحبب , وأجواء مشحونة تجرّدت من معاني الرّاحة.. سَارت سام نحو خِزانتها بعد وداعٍ ابتساماتٍ صامتٍ بينها واحدى زميلاتها , أخذت ما هو موجود من أقلام وكُتب من الخزانة .. ومرّة أخرى شعرت بتِلك النظرات , لا حاجة لتلتفت حتى تعرف صاحِبتها والتي كانت تنظر إليها بشرود وتقاسيم وجهها دلت على ضيق لم تعُد تحتمله إيملي, بدت وكأنها تريد أن تمحو سام من حياتها.. تنهدت بنفاذ صبرٍ وأغلقت خزانتها وهي تتجه نحو إيملي.. رفعت رأسها نحو سام التي وقفت أمامها .. قالت بينما تعابير الغضب لا تنوي مغادرة وجهها.. _أريد أن أحادِثَكِ في الخارج! تأففت إيملي بانزعاج , لتسير جنباً إلى سام نحو الباحة الخلفية .. جلست على كرسي وهي تضع رجلاً على الأخرى قائلةً بجفاف.. تقدمت سام ناحيتها واتكأت على الطاولة المستديرة.. _ لنواجه الأمر إيملي .. أنتِ تتجنبين الحديث إلي , ولا أستطيع القول أن الأمر يُشعِرني بالرّاحة.. _أووه أحقاً لم ألحظ هذا .. تحدثت سام وقد فاتتها نبرة الحزن في صوت إيملي.. صمتت إيملي محاولة تجميع كلِماتها , أصبحت كالتائهة يُخِفُيها كل شيء , تحاول أن تتقبل واقعها المرير , إلا أن الأمر أصعب مما تتخيل.. أما سام فقد أغمضت عينيها بفتور.. وأخيراً جلست قائلةً باستسلام.. _كيف .. كيف تتصرفين بهذا البرود؟ فتحت سام عينيها مُتعجِبة , في حينِ أرّدفت إيملي وهي تتنفسُ بعُمق.. _وكأنكِ .. لا تكترثين للأمر! لا تزال سام صامِتة تحاوِل محو تقاسيم وجهها الدّالةِ على الانزعاج , نَظرت إلى إيملي التي تتحدث بانفعال .. كلمات مفهومة وأخرى ليست كذلك .. بدأ صوتها يعلو شيئاً فشيئاً .. _ ألا يُهِمُكِ الأمر ؟! .. أم أنّ لا مبالاتكِ المقِيتة قَد وصلت بكِ لهذا الحد ؟! , أتروقُ لكِ الحياة في منزلي أكثر من البقاءِ قرب والِدتك؟ هنا صرخت سام وقد فاضَ بها الكيل.. اضطربت إيملي في حينِ أردفت سام بحدة.. _حقاً؟ .. تحسبين أنني سعيدة "هُناك" , وكأن بيدي حيلة تُخَلِصُنا من هذا .. هذا ليس بيدِ أحد .. أنتِ تُدركِين هذا .. صحيح؟ تنفست إيملي بعمق وملامح حزن كسيرة قد ارتسمت على وجهها بوضوح .. وجلست الأخرى مُقابلها ليعم الهدوء لثوانِ معدودة.. _أخيراً وجدتكما .. لقد بحثت طويلاً قالت عبارتها الأخيرة وهي تقلب نظرها بين الفتاتين بشك .. لتقول سام بضيق وهي تهم بالمغادرة.. _ لم يحدث شيء , سأعود إلى المنزل نظرت ألِين إلى سام التي ابتعدت عنهم .. لتهتف قائلة.. _انتظريني , سام .. إلى اللقاء إيملي ثم أشارت إلى إيملي بما معناه "أريد محادثتك لاحقاً" أومأت إيملي برأسها بينما لحقت ألين بـ سام , تارِكةً إيملي في دوامة من الحزن واليأس.. محت ابتسامتها الزائفة بعد ذهاب ألِين , تنهدت بحزن وهي تتقدم نحو البوابة , تساقطت عبراتها , لتبدأ بالجري وقد ارتفع نحيبها .. أسرعت الِين بالخطى لتلحق بسام والتي بدت وكأنما لم تشعر بها أو تسمَعها وهِي تسألها ما إن كانت بخير ..
قالت مُتفهمة أن إيملي و سام قد تحدثتا عن أمرٍ قد أُطْبِقت عنه الأفواه مُنذ أشهر.. توقفت سام ثم قالت بصوت حاولت بيأس ألا يبدو منكسِراً.. عقدت ألِيْن حاجِبيها وهي تقول باستنكار.. كعادته استيقظ في السادِسة .. نزل الدرج وهو يعدّل معطفه , لمح سام التي تتحدّث بهاتفها بنبرة مُحتدّة قليلاً.. _ما الذي تعنيه؟ , الأمرُ ليس بيدي.. _أنت تُبالِغ في قلقك , لستُ فتاة صغيرة ... شهقت بفزع وهي تلتفت نحو شقيقها الذي يقف جانباً .. لم يبد منتبهاً لوجودها إلا أنه التفت إليها قائلاً بهدوء.. أومأت برأسها وهي تعيد هاتفها إلى جيبها.. في حين جلست على الأريكة تحدّق بلا شيء .. وملامح حائرة ظهرت على وجهها.. لفَتَ نظرها كتاب كبير على الطاولة , وضِعت به الكثير من الصور العائلية.. أغلبها كانت لإيملي وصوفيا.. هذه لشابين أحدهما شاهين والآخر كان ذو شعرٍ أشقر مبعثر , عينان زرقاوتان وملامحه طغى عليها الحزن رغم الابتسامة العريضة على وجهه.. نظرت إلى الشاب الذي كان هاماً بالخروج.. جلس على الأريكة وهو ينظر إلى الصورة.. أخذ منها الألبوم وأعاده إليها بعدما أخرجَ الصورة, لاحظ تعجبها من تصرفه لذا برره بابتسامة مريرة.. _لقد توفي قبل عام .. وأفَضِّل الاحتفاظ بصوره حتى لا تضِيع.. شعرت بأنها أيقظت ذكريات ليست بالسارة على الإطلاق , لذا سألت قائلة.. _أتعلم ! ذهبت إلى غرفة أمي عِدّةَ مرات لأجِدها منغمِسةً في الكتابة .. أتساءل هل تكتُب قصصاً؟ أجابَ وقد فهم المغزى الحقِيقي من سؤالها .. _تعلمين أن أبي كثيرُ السفر , هذا هو السبب.. _لم أفهم .. ما علاقة هذا بالكتابة؟ _عندما يغيب أحدنا , تكتب له أمي وتتركُ له ما كتبت حتى يقرأه حين عودته _هذا لطيف! , والدي كان يسافر كثيراً أيضاً فقد كان يعمل طياراً.. _الجميع كان يتحدّث عنه حينها.. _صحيح.. والآن لا أحد يذكره.. استطاع سماعها ثم قال بتمهُلِ راوٍ يقصُ ماضياً عاشه.. _هو ميت .. لكنه حي في قلب من يحبونه.. _جميل.. سأذهب الآن .. وداعاً دفنت وجهها بين كفيها ومكالمة صغيرة مزعِجة أعادتها سنوات عديدة إلى الخلف , حنين إلى أيام بيضاء مع أناسٍ لم يعودوا هنا .. حنين إلى ابتسامتها التي لم تكُن تفارِقها .. حين كان يؤنِبها فتبدأ مشاحناتٌ طفولية بينهما.. وفي النهاية كان يعتذر وإن لم يخطئ.. صُبِغَت السماء بلون برتقالي مائل إلى الحمرة , فقد غربت الشمس لتوها .. حينها عَلمت طفلة العاشِرة أنه لا يجب عليهما البقاء بالخارج أكثر.. بابتسامة ودودة دعت سام " فيكو " للدخول إلى المنزل حتى يلعبا في الداخِل , ألقت التحية على عمِها ماركوس الذي كان جالساً على الأريكة برفقة والدها.. جلس فيكو على الأرضِ بضجر .. _ منزلكم ممل للغاية , أفضِل البقاء في الخارِج.. قالت سام وهي تزُم شفتيها .. _حسنٌ يمكنك أن تكف عن المجيء إليه كل يوم .. يا ناكِر الجميل.. _أنتِ كذلك مُملةٌ للغاية , أخبريني .. ماذا تفعلين عندما تشعرين بالملل؟ _لا تقل هذا .. سام لا تستطيع البقَاء في مكان بدون والِدها.. _إياك أن تقول هذا مرّة أخرى.. أخرجت هاتِفها لترى رسالة قصيرة وصلت قبل ثوانٍ.. "أعتذر .. لن أستطيع منعك.. " [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________ وأنا على عَهدِك ووَعدك ما استَطَعت، حتَى آتيك بقلبٍ سليم و نفسٍ مُطْمئنة..
التعديل الأخير تم بواسطة Angelic ray ; 07-20-2013 الساعة 12:00 PM |