07-20-2013, 03:15 AM
|
|
المنقلبون على الشرعية بقلم : أبو عبيدة أمارة . (ملاحظة : المبحث طويل طويل ولو أردنا الوقوف على كل نقطة ونقطة والإتيان بالأمثلة والأدلة الوافية لطال المبحث كثيرا ... ثانيا نحن في مرحلة صعبة فبعد التضحيات والمكابدة وما وصلت إليه الناس من الحرية المسلوبة والانعتاق من الاستبداد ، ومن بعد ما استعمل الناس والمرشحون كل الوسائل الانتخابية النزيهة وحرية الاختيار ، وحرية واختيار الصالح بدل الفاسد ، جاء من ينقلب على الشرعية والأسباب ستذكر في المقال بإذن الله . ثالثا نرجو من القارئ الكريم أن يقرأ المقالة لأخرها لربما وقفنا على العثرات التي قد تقف في وجه تحقيق مشروعنا الإنساني السليم والعادل الكريم والحكيم وهو مشروع الإسلام العادل النظيف الحنيف النزيه والمقسط والمنصف وذا الخير للعالمين . رابعا نريد من المسلمين حقا الإنعتاق من التغني بكلمة الديموقراطية ، فالديموقراطية حقيقة ليست جزئية واحدة محمودة في آلية الاقتراع كما يظن البعض ، ولكنها شيء "مجمل ومركب ! وخطير!" . ولهذا ليكن المسلمون حصفاء في التعبير بالكلمات الصحيحة المناسبة والوصف المنصف الدقيق ، وذلك بمصطلحات مثل : الاختيار الحر النزيه ، صناديق الاقتراع والشرعية واحترام حقوق الناس العادلة ، وليس معاذ الله نأخذ الجمل بما حمل . وما عندنا من الإسلام خير من أي نظام غيره بكثير كثير. خامسا فأيها المسلمون إن تنصروا الله ينصركم ، وإن تنصروا شرعة الله وأصالتها فيُعزّكم الله . ولكن ! إن تنصروا الديموقراطية والتغني باسمها وتجعلونها شعارا أو تشركوها بغثها وسمينها مع حكم الله فانظروا إلى الحال ، ( ولسنا والله ضد أي شيء نافع أو حكيم حقا ، ولكنا ضد مصطلحات قد حوت الغث السمين معا ، وضد العبودية لمسميات شرها أكثر من خيرها ، أو نأخذها بغثها وسمينها ، ولكن نأخذ منه ما أفاد ونفع ونَذَر ما ضر وأفسد ) وليكن الله معنا على الحق الخالص السديد وهو نعم المولى ونعم والنصير ) . قد يَعْجب البعض من مصطلح "لعبة الديموقراطية" ، ولكن وحقيقة فأن مصطلح : "لعبة الديموقراطية" كثيرا ما يستعمله أصحاب الديموقراطية أنفسهم ، وهم يستعملون أيضا مصطلحات مثل : " إجادة أصول لعبة الديموقراطية " و"متطلبات اللعبة الديموقراطية" ..و..و.. ، وكثيرا مما يتباهون به ويفتخرون . وحقيقة وللأسف فقد تبين للعيان ، ولا يخفى على من يعلم الحقيقة ، ولم يكن خافيا على مستبصر ، أنه وقد أثبتت الأيام فعلا : أن الديموقراطية ما هي في كثير منها ما هي ألا مجرد لعبة ، لعبة للضحك على البسطاء والتخفي في ثياب الشرفاء لسلب حقوق المساكين ، وهي لعبة تحت مسمى الرقي الزائف تأتي وتقلب الطاولة والشرعية على رؤوس الصالحين والخيرين والمقسطين دون وجه حق (مع الأخذ بعين الاعتبار أننا مع آلية شمولية وحرية الاقتراع وصناديق الانتخابات ، ولا تنازل مع من يريدون سرقة الشرعية ولا عودة إلى الوراء البائس أبدا ، ولن يسلبنا أحد بإذن الله أي منجز طيب ، ولسنا حمقى حتى ندور في حلقة مفرغة أو في سفه الفاسدين ، والشرعية المختارة ستبقى إلى مدتها بإذن الله ) . (وللحقيقة فأيضا ، وللأسف ، فإن الحياة الدنيا كلها عند أصحاب الدنى والديموقراطيون ما هي إلا خوض ولعب) إلا ما رحم ربي . والديموقراطية وللتنبيه أيضا فهي إطار حياة شامل ، قد تحوي الكثير من المساوئ ، وليست نظام حكم وحسب كما يظن البعض ، والشيء الوحيد الذي قد يستفيد منه المسلمون من الديموقراطية هو صناديق الاقتراع وشمولية الاختيار . أما بالنسبة لنظم الحكم وعدالتها ونزاهتها فالإسلام هو القمة ، وهو القمة في العدل والإنصاف والقمة في توخي أقصى مقاصد الخير والفضيلة والنزاهة ونصرة المظلومين والمنافحة عن المساكين ومصلحة الناس جميعا وبسط الرغد والسعة لكل للناس . ووجب على المسلم أن لا يغفل على أن الديموقراطية هي مبنى (والذي قد حوى خلاله من الفاسد كثير) وعند الديموقراطيين إن لم يأخذ متبني الديموقراطية المبنى بمجمله كإطار حياة شامل ولم يمِع فيها مع المائعين فإنهم سينقلبون عليه ، (ولهذا لا نأخذ إلا ما صلح وننبذ الفاسد وليمت الخبثاء بغيظهم ، ولن نتنازل بإذن الله عن المنجز الطيب أبدا). فالديموقراطية في كثير منها هي لعبة تمويهية تتوشى بها بالمسميات الرنانة والزخرفات الجميلة والمُثل المبهرجة ، وقد يُمرر تحتها أحيانا من غشم لغاشمين ومن تجبر لمتجبرين (والغشم والتجبر هو على حساب المستضعفين داخليين كانوا أو خارجيين) ، والديموقراطية للممحص المدقق هي تمويه لخدمة أقلية بطرة باسم أكثرية نالت شيئا من المكتسبات ، نعم عامة الناس قد يحيون حريات معينة وحقوقا لا بأس ببعضها ، ولكن الغبن والظلم يبقى في أصل المتمكنين في النفوذ وساريا فيهم ولو في الخفاء . وقد لا ينطبق هذا على مجتمعات عاقلة تتوق لعدالة شريفة حميدة أرقى ما يكون مرتقاها هو الإسلام المنصف الحقيقي. وبعض دول بطرة قد يمرر تحت مسمى ديموقراطيتها من سياسات نرجسية وعترسات واستبداد ، هم متوشحون بمثل كثيرة ، كثير منها خادع ، أو بعضها رقي أجوف ، وهم في خارج بلادهم مستبدون أو مدمرون أو هم كمن تحكمهم شريعة الغاب . والديموقراطية في كثير منها لعبة تسويفية ، فهم يعطون الناس حقوقا كمن يعطي دواءا مخففا للآلام ،( ومنهم من هو سعيد بالديموقراطية لأنها ترخي لهم الشهوات المحرمة والعياذ بالله وتخدر المشاعر الصادقة ) ، فباسم التدمقرط تُسَوف معاضل وتعلق مشاكل ، وأما أصحاب النفوذ والإمكانات فيصولوا ويجولوا دون مراجعة حقيقية ، وأصحاب السياسات البطرة أو الشريرة فهم الممسكون دائما بخيوط اللعبة ، وإن سحبت من أيديهم خيوط اللعبة انقلبوا على الشرعية أو على اختيار الناس النزيه . نعم نحن لا ننكر أن الحياة السليمة يلزمها نظم سليمة وحُكميات عادلة وطلب للنزاهة ، ولكن مع وجود العلة والسقم في تغليب المصالح الذاتية والأهواء العليلة والرغبات الأنانية والرغبات البطرة مما يجعل كثيرا ما تفانوا به من نظم حكمية(والتي نكاد نجزم أن بعض الصالح منها أو جله مستقى من شرائع السماء) فيجعلها مخرومة العدالة وفيها كثير من الظلم أو التظلم أو الفساد . ومتى اخترمت المبادئ فكثير من الناس في خواء روحي وينشدون شيئا يضفي على وجدانهم رضا أو على ضمائرهم سكينة ، ومنهم من عرف الحقيقة فسكنت لها نفسه وقرت بها حياته ورضي بها جنانه . ونحن إذ نتحدث عن الديموقراطية فليس معناه أن النظم التي غير الديموقراطية من علمانية أو ليبرالية أو أي نظم غير الإسلام هي خير من الديموقراطية فكلها نظم ذات قرابة وهي نظم تتحلى بالمثل لتمرير الحياة الهابطة أو الظلم أو التجني أو الفساد أو الشهوات ، وعلل وإسقام هذه النظم بعضها أنكى من بعض . ولو علم هؤلاء ما في الإسلام وما كان في أساس كل شرع سماوي غير محرف من منبع للخير والعدل والإنصاف والنزاهة والصدق والإخلاص والاستقرار الهانئ لما طلبوا غيره قيد شعرة ، وشرائع السماء والتي سبقت ما يسمونه بالديموقراطية بقرون وكان فيها من العدل ومن الإقساط البديع ومن الأخلاق العالية ومن النظم الحكيمة التي هي قمة في الإنسانية الفاضلة ، كشرعة النبيان داوود وسليمان عليهما السلام وكانت حقبتهما قيل اليونان بقرون ، وذلك بشهادة القرآن الكريم . ثالثا كل حضارة بشرية كانت لها من منجزات علمية ومن وسائل حكيمة مفيدة كثرت أو قلت ، ولا عيب أن يستعين أبناء الأقوام الآخرين بالمنجزات المفيدة النافعة الغير ضارة من عند غيرهم . وللحقيقة فعن نفسي وعن كل عاقل مستبصر : لم أكن والله يوما مهللا للديموقراطية ولا منغرا بها ولا منخدعا ببريقها ، ليس فقط لأن وجداني قد تشرب الإسلام وقرت عيني وقلبي به وبعظيم وحكيم منهج الإسلام وبما فيه مما يوافق الفطرة السليمة والسجية الكريمة والأنفس الحكيمة والحياة السليمة والنظم المستقيمة ، ولكن أيضا لأن من عرف الحق والحقيقة والأمانة لا يخفي عليه المدلس أو الصالح جزئيا من الصالح الكامل الأصيل ، ولا يخفي على المستبصر العاقل ما اختل من نظم أو ما اعتور من عقائد ولا يغره البريق الخادع . ونحن كمسلمين وأهل الإسلام نحترم الحقوق العادلة والمؤسسات الخدماتية المنصفة والحريات الطيبة ، ونريد دولة العدل والإنصاف والخير والرخاء ونحن أهلها ، ونحن والله أهل النظم المدنية العادلة الأصيلة والمقسطة والحقوق المشروعة للناس جميعا ، وغايتنا الإقساط للعالمين . وللتدليل على عدل الإسلام وغايته في بناء المجتمع السليم فنقول أنه أول ما دخل رسول r يثرب بعد الهجرة سماها المدينة المنورة ، وذلك ليس عبثا ، ولكن لأن الإسلام حقيقة ما أرادها إلا الحياة الطيبة العادلة المتآلفة والحياة المتمدنة العاقلة المتنورة ، المتنورة بالخلق الرفيع والأدب النصيع ومتوجة بالقسط البديع ، فهي مدنية فاضلة عادلة مقسطة ومنصفة حقا ونزيهة كل النزاهة . وحقيقة ، ووالله ، فكلما سمعت أي مسلم كان ، إن كان مسؤولا أو غير مسؤول ، يتبنى كلمة "الديموقراطية" أو يتلفظ متحليا أو مداهنا بها قوم يظنهم يريدون الحق والخير ، أو مداهنا سفهاء عابدون لنزواتهم متسترون بمسميات رنانة ، فيشمئز قلبي وتصيبني غصة ، ولكن وحاشا والله أن يكون هذا كرها للعدل أو العدالة أو لأي أمر فيه فضل أو فضيل ، أو كرها للحقوق العادلة والحريات المشروعة والكرامة والإقساط ، أو كرها للتقدم والرقي في الوسائل المفيدة أو في الحداثة الطيبة التي أسس لها الإسلام أصلا وما زال يتوجها ويرشِّدها . ولكن في التودد للديموقراطية من حيث ندري أو لا ندري قد نخدم من يريدون هدم دين المسلم لكونه مسلما ، أو من حيث ندري أو لا ندري قد نخدم من يريدون خلع المسلمين -معاذ الله- من ثوابتهم الكريمة أو من قيّمهم العالية ، أو من حيث ندري أو لا ندري نهدي جهدنا ومكابدتنا لمن هم لا يريدون خيرنا أصلا وقد يسخرون منا . والآن حق علينا كما نظرنا إلى عيوب غيرنا أو قل لعيوبهم وعيوب مناهجهم ، وجب أن ننظر لبعض أخطائنا : 1 . فأول الأخطاء عندي والله هو : أن يُرْضي المسلم الناس _ولو بسلامة نية - أن يرضي الناس بسخط الله ، فمن أرضى الناس بسخط الله أوكله الله إليهم ، ومن أرضى الله بسخط الناس أرضى الله الناس منه وأعانه على الحق . أيها المسلمون لن يستقيم والله أمرنا ولا أمر غيرنا حتى لا نداهن أي أحد غير مسلم أو منافق على حساب دين الله ، وحتى لا نقول إلا كلمات ترضي الله إلا مثل : نزاهة ، عدالة ، حرية اختيار ، شرعية ، قسط ، إنصاف ، المظلومين ، إرساء العدل للعالمين ، إغاثة الملهوف وإعانة الكَلّْ ، والسعي للفاضل والفضيل والنافع ونشر الخير والبحبوحة للمسلمين وللناس أجمع . أيرضيكم أيها المسلمون أن تهدوا ثوراتكم وجهدكم وحسراتكم على طبق من ذهب لمن سلبكم الحرية والحقوق أصلا سنين طوال ، ونقصد بهم الظالمين الأصليين أولا ، وهم من ركّب على رؤوسنا الملك الجبري ، والذي خنق الأرواح قبل أن يعذب الأجساد ؟ يقولون الربيع العربي ! وقبلها ما كنا-معاذ الله -أكنا حميرا في الغاب ؟!!معاذ الله ثانية !! بل كنا وحقيقة تحت نير من ظلموا أنفسهم قبل أن يظلموا غيرهم ، وكنا مجرد اسم يدور في فلك تبعية المتجبرين ، وكنا اسما في تبعية من هم أذناب الغرب أصلا ، أفكرامتنا وتضحياتنا نهديها للتبعية وللتجمل لمن ظلمونا أصلا ؟! معاذ الله ثالثة . 2 . ثانيا نقول : نعم كل من يستمسك بدينه الإسلام ، والإسلام هو الخير والعدل والحياة الطيبة المنصفة ، فكل إنسان أو مجموعة التزمت الإسلام فهي مجموعة محمودة وهي جهة ذات ثقة وعدالة (مهما روج الظالمون وأصحاب النزوات غير ذلك ) ، ونحن نعلم كم كابد أولئكم المخلصون لدينهم وأمتهم وأهلهم ولوطنهم ولدار الإسلام عامة ، وكم لاقوا من صعوبات داخلية أو خارجية ، ولاقوا من صعوبات من جهات غرتها الأماني التافهة وغرها العاجل أو القميء أو السراب المخادع . نقول كم كابد أولئكم المحبين لدينهم لأنه الخير والفضيلة والإحسان للجميع والعدل والإقساط ، وتلقوا في سبيل ذلك صنوف التنكيل والقهر والإقصاء ، وهم من أجل الخير قد ائتلفوا في جماعات للتعاون والتضامن ونشر الفضيلة . وهم أناس فضلاء لا شك في ذلك ، ومطلوب الالتفاف حولهم ومناصرتهم على الحق والفضيل وأن نكون في ركبهم ، وهم من علِموا وعلّموا الخير والفضيل للناس واستمسكوا به وطلبوه للناس مخلصين راجينه لهم جميعا . ووجب منا التذكير -ليس إلا- أنه وجب منا كمسلمين أو من كل حركة إسلامية والتي همها فقط دين الله والحق ، ونحن نعلم أنه كم هو طيب مجهود المسلمين خلال الظروف العصيبة التي كانت تقاوم مشروع الخير المشروع الإسلامي الأصيل ، فإنه وجب منا التذكير أنه قد يتولد أحيانا من البعض من باب الحرص على أمانة الدعوة وسلامتها فقد يتولد أحيانا معاذ الله من بعض الناس من تقديس أشخاص كالمبدأ نفسه ، وهذا أمر غير حميد. وهذا ليس الله معاذ الله طعنا في تلك الأشخاص الطيبة الصابرة المثابرة على الخير التي هي منارة الخير والفاضل والكريم والفضيل ووجب الالتفاف حولها ، ولكن للتذكير فقط . والمسلم من الناس وللناس وليس به ذرة كِبر أو حب جاه ، والمسلم إنسان متواضع ، والناس يُنظرون إلى المسلم بنزاهة عالية وبمصداقية فائقة ، وعيون كثير من الناس على الصالحين حتى إذا ما رأوا منهم كمالا عاليا وخلقا رائعا ونزاهة عالية التفوا حولهم وتفانوا في حبهم ولم يروا حرجا في أن يكونوا أفراد مخلصين لله ورسوله ودينه وللمؤمنين ، والإسلام جاء كي يكون الناس أمة واحدة ومستوى واحد ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ، وليس أحد فوق المسائلة ولا أحد فوق القانون ولا أحد هو القانون نفسه . ونعلم كم هو كذب وتدليس المجرمين وافتراء وتزوير الحاقدين ، كذبهم وافترائهم على الصالحين وحتى على الإسلام نفسه ، فلنري لله من أنفسنا ما يحب ، وللنصر الله ولنخزي الكافرين والمنافقين . والمسلم الصالح حقا هو خير الناس وهو من الناس وفي الناس وهو للخير وهذا المُتحصِّل اليوم ، والحمد لله أن المسلم يقدم التضحيات الكبيرة من أجل الحق الحقيقة ، والمسلم هو أيضا الذي يضحي بكل لعاعة من الدنيا لا تعود بالفضل ولا بالخير على أحد ولا على الدعوة . 3 . ثالثا نقول لأخوتنا في الحركة السلفية التي نحب المخلصين فيها كثيرا ونحب منهم حب الأصالة الطيبة للإسلام وترك كل بدعة سيئة ، وحرصهم أن يبقى للإسلام رونقه ونصاعته ، وأن يعطى الأصل الطيب والحكم الصحيح لكل مستجد في حياة الناس . ولكن هناك جزء من السلفية –قد- يتحجر في نصوص وينغلق في مفاهيم ضيقة ، والنصوص الشرعية يؤخذ بكلها وليس جزئية منها ، والنصوص الشرعية والتي أساس مقصدها وتشريعها التأصيل الحكيم والحكم الحسن الطيب لكل موجود في الحياة ، وأيضا إعطاء الحكم الصحيح السعيد العادل المناسب لكل مستجد في حياة الناس . ونعلم أن كثيرا من إخوتنا السلفيين قد تجاوبوا كثيرا مع مستلزمات الحياة ومتطلباتها العادلة الخيرة ، ولمع منهم أسماء ونرجو لهم من الله التسديد الطيب والتوفيق على الخير والفلاح والعمل الصادق المخلص لدين لله وللحق وللحقيقة ، فكل مخلص لدين الله يصل إلى شريحة عريضة طيبة من الناس ، وهو أمين للحقيقة والعدل وليس محبوسا في أفكار جمدت النصوص الشرعية أو في خنوع –معاذ الله- أو في تعطيل دور المسامين الفاعل لتغير حال الناس إلى الأحسن والأصوب والأحكم والأرحم والأعدل . ولكن بعض السلفية في تمسكهم الشديد على الأصول الأساسية صاروا كأنهم في واقع أخر (وأقول بعضهم) أو قد صاروا في وضعية كأنهم ليسوا من النسيج الحالي من المجتمع المسلم وكأنهم يعيشون على كوكب آخر لا يهمهم إلا النصوص الجامدة وقلعة التعبد . والإسلام حقيقة من الحياة وللحياة ولعرض سماحة الإسلام على كل الناس كافة وليس حصنا ننأى به عن كل شيء ، وللوهلة وأحيانا والعياذ بالله قد تتصور بعض السلفية كأنهم الصوفية المنحرفة التي ضاعت في القشور المقيتة ، والحركة السلفية أصلا جاءت لطرد بدع الصوفية ، وتلك الصوفية المنحرفة التي ارتضت مقولة بعض الرومان "ما لله هو لله وما لقيصر هو لقيصر" ، ولربما هذا هو سر رضا بعض الحكام عن الطرق الصوفية المعتزلة . وللحقيقة ففي الأحداث ألأخيرة وما فعله الحزب المنتمي للسلفية وحسبناه السلفية المصرية كلها _ ولكن الحمد لله أنه جزء يسير منها _ وهذا يدل إن دل على أن هؤلاء القوم منعتقون من واجباتهم الخلقية والإسلامية ، وكأنهم على كوكب آخر لا يهمهم هموم المسلمين ولا آلامهم ، وربما لا يهمهم إلا نص أولوه خطئا أو تجاهلوا عن نصوص هي الحياة نفسها . وقد ينطبق على بعضهم المقولة " ما لقيصر فهو لقيصر وما لله فهو لله " ، والحقيقة فأن كل شيء لله ، وكل شيء فقط هو حسب ما قضى الله ، وليس أي شيء هو تابع لتأويل من يريد أن يرى فقط ما يريد أن يرى، ولا يريد أن يرى من شرع الله الحكيم والذي لو حادوا عنها لكانت الفتنة والفوضى والهلاك . وعلى هذا فكل شيء يخرج عن مشيئة الله وعن حكمه وعن حكمته وعدله فهو ضار ويجب التنصل منه وعدم موافقته ، وإن خرج هذا الشيء عن الطوْر والعدل والإنصاف والخير والقسط للناس جميعا وجب الوقوف في وجهه . وأخير نقول أن الديموقراطية في كثير منها (أن لم يكن جلها) لعبة ومتى لم يتحقق هدفها (الشرير) وهدف الأشرار انقلبت على الشرفاء وسوقت للرذلاء ووطدت للعملاء . |