قصة دكتورة
الصائعة !!
قد تتعجبون من أحداث هذه القصة !
قد تقولون أنها ضرب من الخيال !
والحقيقة أنها من نسج المعاناة والبؤس
هي قصة حقيقية ، أحببت سردها ليتعض الجاهل ، ويتنبه الحيران ، فلا حاجة أن تعانقوا اليأس في هذه الحياة ، ولا بد من التوكل على الله ،،، وتفويض الأمر إليه سبحانه ، كي يمنحنا القوة في الإيمان ، ويضيء لنا طريق الأمل .
قصتي هي :
عشت طفولة الحرمان والكآبة والبؤس والشقاء والمر والقهر !
عشت في أكناف أسرة فقيرة ، ومعدمة ، ولاتكاد تجد ما يسدُّ رمق أطفالها من شدة العوز !
لم أكن أعرف طعم الحلويات في صغري ؛ كما باقي الأطفال .
في طفولتي البائسة تلك ،،، ما زلت أتذكر كيف كنا نتنظر الأعياد ، ومناسبات أفراح من حولنا من الجيران ،،، وعلى أحر من الجمر ، ومن أجل ماذا ؟ فقط من أجل أن نتذوق اللحم والفاكهة التي ننحرم منها طوال العام ! فلم نذق شيء من لذات الدنيا .
أما عن أفراد أسرتي !
فجميع أفرادها لا يشعر بعضهم بوجود الآخر ! وكل منهم يعيش عالمه الذي يخصه .
كل فرد من أفراد أسرتي لديه ما يشغله من الخصوصيات القبيحة والقذرة ، والتي يخجل قلمي من ذكرها هنا !
والدي !
كان أبي يعمل فرَّاش في أحد معارض السيارات .
كان راتبه قليل جدا ، ولا يكاد يكفي طعام أسرتي - الكثيرة العدد - إلى منتصف الشهر ، وكثير ما كانت تتوقف بنا سفينة الطعام في منتصفه .
كان والدي سلبي ، ميِّت الإحساس ! ربما سبب ذلك تعاطيه للمخدرات ، ودخوله المتكرر للسجن في بدايات حياته . كما كان لا يبالي بشيء من مشاكل الحياة ، بل إنه لم يكن يبالي بأولاده .
كنت أشفق على والدي ، فكثير ما أراه كثير الصمت ، كثير الشرود .
اخواني !
اخواني عددهم عشرة ، وكلهم صغار ، وكان الشارع مأواهم ، ومكان تشردهم ، ووالدي لايسأل عنهم أبدا ، ولا يبالي بمن غاب أو تأخر منهم ، أو بات ! لا ذكرهم ولا أنثاهم !
والدتي !
أما والدتي ! – أرجوا أن لا تلموني إن تكلمت عنها بهذه الطريقة المؤلمة ، فالحقيقة أشد ألماً - كانت والدتي وطوال يومها تتنقل بين بيوت الجيران ؛ ونست أن لها بيت وأطفال وزوج .
كانت - دائما - تنظر إلى ما في يد الآخرين ، بل كانت تحسدهم ، وكثير من الأحيان كانت تستجديهم ، ولا تمانع في أن تريق ماء وجهها من أجل الحصول على بعض الفتات الذي في أيدي الغير .
شقيقاتي !
شقيقاتي ، وما أدراك ما شقيقاتي ، فكنَّ يعيشن في الأزقة والشوارع ، وقد انحرفن عن جادة الصواب ،،، والشرف !
كانت أعلى شهادة حصلن عليها هي شهادة الصف الرابع .
أنا !
كنت كارهة لهذا الوضع الأسري المأساوي الذي تعيشه أسرتي ، كما كنت أنقم على والداي اللذان تجردا من مسؤلية الأسرة .
كنت متمسكة بمواصلة دراستي وبقوة ،،، وكنت من الطالبات المتفوقات في المدرسة ، وعلى الرغم من قسوة ظروف الحياة التي تعيشها أسرتي ، وتفككها وانحراف أفرادها جميعا !
الفاجعة الأليمة !
حدث أمر غير مسار حياتي ! وفيه بدأت مأساتي الحقيقية ، ولولا إيماني بالله لما تجاوزتها إلا إلى القبر ، فما إن أنهيت المرحلة المتوسطة - أنا الوحيدة من أسرتي التي وصلت إلى هذا المستوى الدراسي ! – حتى تقدم لخطبتي رجل كبير السن !
كان عمري حينها خمسة عشر سنة ، أمَّا الزوج فكان عمره ستون عاما ، كما أنه مصاب بأمراض منها ؛ الضغط والسكر ، وكان مدمن ، أما عمله فهو " مروِّج مخدرات " !
السبب الوحيد الذي جعل لعاب أبي وأمي يسيلان ، ولم يستطيعا مقاومته هو حالة المادية الممتازة ، وجعلهما يوافقان على تزويجي منه ، ودون تردد .
لم يسألاني عن رأيي ، ولم يأخذا إذن مني !
صرخت في وجهيهما ، وقلت : لا أريده !
أريد أن أكمل دراستي .
لماذا لا تزوجوه من أختى الكبرى ؟!
ولكن لاحياة لمن تنادي .
تم زفافي له وسط جو كئيب .
لم تبالي أمي بصرخات الألم التي كانت تصدر مني .
رضخت للأمر الواقع ، وضعت كتبي الدراسية في حقيبتي .
وأخذتها معي لمنزلي الجديد ، بل لسجني الجديد .
وما إن أغلق الزوج باب البيت بعد زفافي عليه ؛ حتى هجم علي بوحشية ، وافترسني ، وأصبحت كالحمل بين فكي الذئب .
بعد أن أنهى افتراسه لي ، تناول الخمر ، ثم استلقى على فراشه كالثور ، فانسللت كي أضمد جروحي ، وأحاول وقف نزفي .
يتبع
|