حكمة اليوم الحمد لله الذي أحلنا محلة الفهم وحلانا حلية العلم وصلى الله على المبعوث بجوامع الكلم إلى أعقل الأمم وعلى جميع أتباعه والسائرين في منهاج أتباعه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد . مقام ابن السمَّاك عند الرشيد
دَخل عليه، فلما وَقف بين يديه قال له: عِظْني يابن السمَّاك وأوجز. قال: كفي بالقُرآن واعظاً يا أميرَ المؤمنين، قال الله تعالى: " بِسْم الله الرحْمن الرحيم. وَيلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الّذين إذا اكتالوا على النَّاس يَسْتَوْفُون: " إلى قوله " لِرَبِّ العَالمين " . هذا يا أمير المؤمنين وَعيدٌ لمن طَفّفَ في الكَيْل فما ظَنُّك بمن أخذه كُلّه؟
وقال له مرة: عِظْني وأتي بماء ليشرَبه، فقال: يا أَمير المؤمنين، لو حُبِسَتْ عنك هذه الشرْبةُ أكنتَ تَفدِيهاَ بمُلْكك؟ قال: نعم؛ قال: فلو حُبِس عنك خُروجُها أكنت تَفديها بمُلْكك؟ قال: نعم؛ " قال " : فما خيرٌ في مُلْك لا يُسَاوي شرْبة ولا بَولَة.
قال: يابن السماك، ما أَحْسن ما بَلَغنِي عنك! قال: يا أمير المؤمنين، إنَ لي عيوباَ لو اطّلع الناسُ منها على عيب واحد ما ثبتتْ لي في قَلب أحد موِدّة، وإني لخائفٌ في الكلام الفِتْنة، وفي السرّ الغِرّةً، وإني لخائفٌ على نَفْسي من قِلّة خوْفي |