07-29-2013, 06:42 PM
|
|
فمن فضائل شهر رمضان، وجوائزه العظام: تضمنه لليلة القدر، وهي ليلة شريفة القدر، ضاعف الله فيها ثواب العمل الصالح لهذه الأمة مضـاعفة كثيرة.
قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ( [القدر: 1-5].
شرح السورة
قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ( أي: القرآن، لأن القرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله (. قاله ابن عباس وغيره.
قوله: (فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(, قال ابن الجوزي: وفي تسميتها بليلة القدر خمسة أقوال:
أحدها: أنها ليلة العظمة. يقال: لفلان قدر.
قال الزهري. ويشهد له: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ( [الزمر: 67].
والثاني: أنه الضيق. أي: هي ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة الذين ينزلون. قاله الخليل بن أحمد، ويشهد له: (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ( [الطلاق: 7].
والثالث: أن القدر الحكم، كأن الأشياء تقدر فيها، قاله ابن قتيبة.
والرابع: أن من لم يكن له قدر صار بمراعاتها ذا قدر. قاله أبو بكر الوراق.
والخامس: لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر، وينزل فيها رحمة ذات قدر، وملائكة ذوو قدر، حكاه شيخنا علي بن عبيد الله ().
وذكر تعالى أن هذه الليلة ليلة مباركة تقدر فيها الآجال والأرزاق وحوادث العام، وذلك في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( [الدخان: 3-6].
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله: وصفها الله سبحانه بأنها مباركة؛ لكثرة خيرها وبركتها وفضلها.
ومن بركتها: أن هذا القرآن أنزل فيها.
ووصفها سبحانه بأنه يفرق فيها كل أمر حكيم، يعني يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة ما هو كائن من أمر الله سبحانه في تلك السنة من الأرزاق والآجال، والخير والشر، وغير ذلك من كل أمر حكيم من أوامر الله المحكمة المتقنة، التي ليس فيها خلل, ولا نقص, ولا سفه, ولا باطل().
وليلة القدر من شهر رمضان كما قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ( [البقرة: 185].
ثم قال تعالى معظمًا لشأن ليلة القدر التي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(؛ فهذا على سبيل التعظيم لها، والتشويق إلى خبرها.
ثم قال: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(.
قال مجاهد: قيامها والعمل فيها خير من قيام ألف شهر من هذا الزمان, وصيامها ليس فيها ليلة القدر، وهذا قول قتادة والشافعي، واختيار الفراء وابن قتيبة والزجاج.
وقال عمرو بن قيس الملائي: عمل فيها خير من عمل ألف شهر.
قال ابن كثير: وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر هو اختيار ابن جرير, وهو الصواب لا ما عداه.
قوله تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(.
قال أبو هريرة: الملائكة ليلة القدر في الأرض أكثر من عدد الحصى.
وهذا يدل على كثرة الرحمة والبركة في هذه الليلة، فإن الملائكة ينزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيمًا له.
أما (وَالرُّوحُ( فقيل: المراد به هاهنا جبريل عليه السلام، فيكون من باب عطف الخاص على العام.
وقيل: هم ضرب من الملائكة.
قوله (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(: قال ابن قتيبة: أي: بكل أمر.
قال المفسرون: ينزلون بكل أمر قضاه الله تعالى في تلك السنة إلى قابل.
قوله تعالى: (سَلَامٌ هِيَ( وفي معنى السلام قولان:
أحدهما: أنه لا يحدث فيها داء، ولا يرسل فيها شيطان؛ قاله مجاهد.
والثاني: أن معنى السلام الخير والبركة؛ قاله ابن قتيبة.
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله: يعني أن ليلة القدر ليلة سلام للمؤمنين من كل مخوف؛ لكثرة من يعتق فيها من النار، ويسلم من عذابها.
قوله: (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ( يعني: أن ليلة القدر تنتهي بطلوع الفجر لانتهاء عمل الليل به.
لحد يرد
__________________ نبذتي الشخصية
طآلبة .. أعشق الالقاء وأبحر في النِثر .. أحببت التصوير ..
سأصل الى الثُريا باذن الله .. |