بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي رسول الله
الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلمت وبارك الله فيك علي هذا الطرح الطيب
والذي ان تم مناقشته والتعامل معه بوعي وفهم
لنجحنا كلنا وانتِ اولنا في فهم مايحيط بثقافة مجتمعنا
ومدي العبثية التي استشرت في عقول مثقفينا وحتي العوام من
ابناء جلدتنا ....
فموضوع او بالاحري مصطلح التخلف الفكري ...
اعتبره مصطلح عاني منه الكبير والصغير والمرأة والرجل
والمثقف الحقيقي ..والمتبع لثقافات مستوردة غيرصحيحة
فلننظر اختي الفاضلة في مفهوم الفِكر
ولنحاول ان نقيسه بما لدينا وفهم مدي صلاحيته وسلامته
او بمدي زيفه ...عندها نعرف ونستنتج ونجيب علي التساؤل
الذي يقول ماذا حصل لنا ....؟
فكلمة الفِكر لغوياً هي تعني
: إِعمالُ العقلِ في المعلوم للوصَول إلى معرفة مجهول .
ويقال : لي في الأمر فِكْرٌ أي نَظَرٌ ورويَّةٌ .
وما لي في الأمْرِ فِكرٌ أي: ما لي فيه حاجة ولا مبالاة .
والجمع : أفكارٌ
ومن هنا نفهم اختي الكريمة ان الفِكر
هو إعمال العقل في امر معلوم
لدي غيرنا للوصول لمعرفة المجهول لدينا.
فأساسه هو عمل مفيد لنصل الي تحسين انماط حياتنا ومعيشتنا
وتنظيمها تنظيماً يكون التطور والرُقي اساسه ...
وكيف نصل الي هذا الأمر ..
هو البحث عن مصدر المعلومة او العلم
او المنهج المراد التفكير او التفكر فيه
حتي نأخذ منه مايصلح حالنا وحال مجتمعاتنا الي الأفضل
وفي وضعنا هذا وحالتنا هذه في مجتمعاتنا
لانحتاج ان نتفكر في ماليس
اساسي وضروري ومهم للأصلاح ذاتنا ...
فالخطأ الشائع هو اننا جعلنا من التفكر
وسيلة للولوج في الغث والسمين
ولم نحدد اولويات متطلباتنا واحتياجاتنا لنرتفي مثل
الذين سبقونا بتنفيذ اساسيات شريعتنا الأسلامية ...
فنراهم فكروا وتدبروا وعلموا مايحتاجونه من امور مادية ومعنوية وسلوكية
فأصبحت تعاملاتهم طبقاً لرغبتهم في العيش بكرامة وسعاده
ورفضوا أي فكر ناشز او شاذ من شأنه ان يسيء لمجتمعاتهم ...
هم كذلك ...
فطبقوا افكارهم العملية الملموسة والتي كان اساسها هو التقدم
والرقي والرفاهية وكل ذلك اتي بالعلم ...
فتم دعم افكارهم بالعلم والمعرفة وفهم مجريات الامور ...
ولم يتحصلوا او ينجحوا من اول وهلة ...
بل ضاقوا الأمرين من سوء فهمهم للأفكار الغير مفيده
واستمروا في التجارب حتي وصلوا لمرحلة ان تقدمهم ناشيء
عن افكار ابتدعوها ودعموها بالعلم ومعرفة
الاحتياجات الخاصة بهم
ولم يكن تركهم لها من مطلق ديني او عقائدي ...
لأنهم لايهتمون لأمر الدين...بل لأفكار مثقفيهم ....
من هنا اتت تجاربهم واخطأؤا مراراً وتكراراً ....
حتي وصلوا الي مايريدون ....
وهل لتآمر الأعداء والخصوم دور فيه أم أن الصدع من الداخل؟؟
نعم اختي الفاضلة
تآمر الأعداء والخصوم له دور في انحطاط فِكرنا وثقافتنا وتبعيتنا
ولكن لم يكن هذا التآمر ذو جدوة او فائدة
ان كُنّا محصنين من الداخل
لذلك لم نكن محصنين لتفادي نزواتهم الفكرية وحتي السياسية والأجتماعية
فتخبطنا وعدم فهمنا لما يجري وصراعاتنا علي توافه الأمور
وتلقيدنا لمراذلهم واقتداءنا بشخوصهم وشواذهم ...
كل ذلك جعل مننا ارضية خِصبة لتآمراتهم وافسادهم لثقافاتنا
وبالتالي لتأخرنا عن ركب مايفترض ان نكون عليه ...
أما نحن فكل السُبل مهيأ لنا لنتفكر ونتعلم ونطبق
لانه لدينا شريعة تحرضنا علي العلم والمعرفة والبحث والتطور
فيما يخص حياتنا ومعيشتنا ...
فضربنا كل هذه الميزات ...
وانطلق مفكرينا او بالاحري المدعين بالفكر
والثقافة للسعي واللهث خلف فتات فشل الدول المتقدمة ...
واستغلال خصائصنا وثقافتنا في تغييرها للأسواء ...
وليس بدعمها وتقويتها والعمل علي تطبيقها
في مجتمعاتنا من سلوكيات
وتعاملات حتي نصل الي الرُقي المطلوب ...
بل ارادوا لمجتمعاتنا ان تكون تحت التجربة في كل شيء
والأنفتاح الغير عقلاني في كل شيء
والممارات والتقليد في كل شيء
فقط ليوهمونا ان هذا هو التحضر والتقدم والأيجابية ...
فحصلت انتكاسة ثقافية اجتماعية تتخبط من غير هدي ...
لاتعرف الصالح من الطالح والحسن من السيء
فظهرت موجة انصاف مثقفين يشدون مجتمعاتهم الي الوراء
من ابناء جدلتهم ..
بحجة الفهم المطلق الذي لايقبل الجدل او المراجعة
فأنعكس ذلك علي سلوكيات الفرد البسيط فأصبح ينظر للأخرين
بمنظار القدوة في كل شيء ...فضاع الهدف المطلوب ...
فنتجت عن ذلك تخلف فكري بالرغم من
وجود من يمتلك طاقات اكاديمية
صحيحة نقية طيبة تسعي للرفع
من وتيرة الحياة العامة للمجتمع
فأصبح الرجل العربي المسلم الذي يمتلك الشريعة
والقانون الرباني الصحيح ...
يسعي لتقليد غيره ويرفض ما شرّعه الله سبحانه وتعالي
حتي وصل الأمر ان جعل من هذه الأيقونه الربانية هي تخلف
وشد للوراء ومقارنتها بما عاشته اوروبا في عصور الظلام ...
فتاريخنا يقول في الوقت الذي
كانت اوروبا وعواصمها بشوارعها
مليئة بالقاذورات والطين والبلل والفقر المدقع...
وكانت ثقافتهم بالية غبية ترفض حتي التفكر والعلم ...
في الوقت نفسه كانت عاصمة الخلافة الأسلامية في بغداد متقدمة
وشوارع بغداد مرصوفة ونظيفة ....
كان ذلك اختي الفاضلة عندما
فكّرنا جيداً وجعلنا من مورثنا الثقافي الصحيح
منهج ومرجع ووسيلة للرقي بمجتمعاتنا ...
ووثقنا في مورثنا وثقافتنا وبالتالي في انفسنا ..
فتقدمنا وتأخروا ...ونجحنا وفشلوا ...
الي أن وصل بنا الأمر في هذا الزمن ان نسينا
واهملنا ثقافة الفكر الصحيح
الذي يعني بتقدم مجتمعاتنا والعمل علي
ايصالها لمصاف الدول المتقدمة
فلم نأخذ منهم مايفيدنا ....
بل تسابقنا لنكون مُثار سخريتهم وضحكم علينا
لأننا اردنا ذلك طواعية ....
فتخلفنا واخذنا منهم فُتاب فسادهم وانحطاطهم
فلم نبحث بفكرنا في وسيلة لتقدمنا ومعرفة
المجهول ليكون لدينا معلوم
بل اخذنا فضلات تجاربهم وعكسناها علي انفسنا ...
فتقدموا هم ...وتأخرنا نحن ....
ماذا عن اقتراب أبناء الأمة الإسلامية من الرؤية الغربية للأمور هل يعد ذلك تخلفاً فكرياً في صورة جديدة؟؟
نعم يعتبر تخلفاً فكرياً إن تم قياس كل شيء ...
نعم كل شيء دون التثبت
من رؤيتهم الصحيحة من عدمها ...
فكل مجتمع له خصائصه سوي الفكرية او
الأجتماعية او حتي السياسية
فلا يوجد فِكر موحد يجمع الكل علي الصحيح
فنحن لدينا منهج جاهز للتطبيق والعمل به
بصورة صحيحة وليس
بالصورة التي انبري أنصاف مثقفينا بتغييرها وجعلها
اساس التخلف والرجعية ووووو
مثل هذه الكلمات التي
يلوكها كل من ادعي الثقافة المبنية علي اتباع
الغير بدون التثبت من صحة المُتبع
اختي الفاضلة
وعندما اقول منهجنا اقصد به ديننا وشريعتنا
ففيها كل مانريد حتي التفكر في
الكيفية التي تُصلح لنا حالنا ...فيها
والعمل علي تقدم مجتمعاتنا ...فيها
وتنظيم امورنا وسلوكياتنا ...فيها
ولايمنع اطلاقاُ من ان ننظر لتجارب الأخرين الصحيحة السليمة
لنرتفع ونتقدم ونتألق مثلهم بأتخاذ الوسائل
العلمية الصحيحة التي يملكون ....
فديننا لايمنع من التعلم والأخذ بأسباب التقدم حتي من غيرنا
فقط وجب التثبت ممن نأخذ وما ذا نأخذ ...
هل هناك علاقة طردية بين تخلفنا العام على مختلف الأصعدة -السياسية والاجتماعية والحضارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والصناعية- وبين تخلفنا الفكري؟؟
نعم اختي الفاضلة
هناك علاقة وطيدة بين تخلفنا الملموس سوي سياسياً او اجتماعياً او اقتصادياً
أو علمياً ....
وبين تخلفنا في كيفية الفكر في مايُصلح حال مجتماتنا ...
فالأمم لاترتقي الا بشحذ كل الأسلحة الضرورية واقصد بالأسلحة
الثقافية الفكرية العلمية البحثية التطبيقية للرفع من وتيرة
تقدم المجتمع ....
والفِكر كلمة فضفاضة يجب ان نحدد اهداف احتياجاتنا
لنتفكر ونفكر ونعمل عقلنا في الوصول لهذه الأهداف ...
اما المفهوم الخاطيء والذي يقول حرية الفكر مطلوبة
هنا في الختام اقول ...
نعم مطلوبة ولكن ليس حرية مطلقة في البحث في كل شيء
واقصد رمي الأخطاء والترهل والضِعف
علي موروثنا الثقافي الصحيح
والديني والتشريعي....
بل المطلوب هو انتقاد فِكرنا البائس التابع
للأفكار الغير صحيحة....
والمستوردة السيئة سوي من الداخل او الخارج.....
تحياتي لك اختي الفاضلة
واعتذر عن الأطالة ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخيك...اندبها