سلوكيات العزاء -1
إن الحمد لله
نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا ومن سيئـات
أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله
إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا نـدّ له، جلّ ربي لا يشبه
شيئًا ولا يشبهه شىء، ولا يحلّ في شىء ولا ينحلّ منه شىء، ليس كمثله شىء
وهو السميع البصير. وأشهد أنَّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة
أعيننا محمّدًا عبد الله ورسوله وصفيّه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى كل
رسول أرسله، الصلاة والسلام عليك يا رسول الله يا علم الهدى يا أبا
الزهراء يا أبا القاسم يا محمد، يا محمد ضاقت حيلتنا وأنت وسيلتنا أدركنا
يا رسول الله، أدركنا بإذن الله.
أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في
محكم التنْزيل: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ
أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ
الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ
الْغُرُورِ﴾ ءال عمران/185 .
وروى مسلم والطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه
راجعون اللهمّ أْجُرْني في مصيبتي وأخلِفْ لي خيرًا منها إلا ءاجره الله
تعالى في مصيبته وأخلَفَ لـه خيرًا منها". اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا
يا ربّ العالمين.
إخوة الإيمان، إن الله تعالى خلق الخلق وقدّر لهم ءاجالاً فطوبى لمن استعد لِما بعد الموت وتزوّد من دار الفناء لدار البقاء.
وكلامنا اليوم إخوة الإيمان عن الوارد في الشرع بشأن الميت المسلم من أمر
تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وتلقينه حتى إذا ما أصابتك مصيبة بفقد
حبيب لك، بفقد قريب لك اتبعبت الشرع ولم تكن مجرد مقلّد لعادات قد توافق
الشرع وقد لا توافقه.
ولنبدأ أخي المؤمن منذ سماعك خبر الوفاة ماذا تقول وماذا تفعل. قل : "إنا
لله وإنا إليه راجعون" وإياك والاعتراض على الله، وإياك والتسخّط على الله،
وكم هو عظيم قول النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاة ولده إبراهيم: "إن
العين لتدمع وإنّ القلب ليحزن وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون ولا نقول
إلا ما يرضي ربّنا".
وروى مسلم عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: "دخل رسول الله صلى الله عليه
وسلم على أبي سلمة وقد شقّ بصره فأغمضه، ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه
البصر فضجّ ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة
يؤمِّنون على ما تقولون" ثم قال: "اللهمّ اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في
المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا ربّ العالمين وأفسح
له في قبره ونوّر له فيه".
ثم الواجب يا أحبابنا في غسل الميت هو تعميم جسده شعره وبشره بالماء
المطهّر مرة واحدة وما زاد على الغسلة الواحدة فهو سنّة، ومن السنن أن يبدأ
بغسل رأسه ثم إفاضة الماء ليغسل شقّه الأيمن ما أقبل منه أي من جهة الوجه
ثم شقّه الأيسر ثم شقّه الأيمن من خلف ثم شقّه الأيسر من خلف هذا الترتيب
أفضل. وأن يُجعل في مائه سدر أو نحوه وذلك لأمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم للنساء اللاتي تولين غَسْلَ ابنته زينب أن يجعلن في غَسْلها سدرًا.
وأقل واجب في تكفين الميت ما يستر جميع بدنه لكن يستثنى رأس محرم بحجّ أو
عمرة مات قبل التحلّل من الإحرام فإنه لا يستر رأسه بل يترك مكشوفًا حتى
يُبعث يوم القيامة بهيئة الإحرام ملبيًا أي قائلاً: "لبيك اللهمّ لبيك،
لبيك اللهمّ لبيك" .
أما صلاة الجنازة يُشترك فيها شروط الصلاة الواجبة من استقبال القبلة
والطهارة عن الحدثين وعن النجاسة التي لا يعفى عنها وغير ذلك من الشروط،
ولا بدّ فيها أيضًا من تجنّب المبطلات للصلاة، فما أبطل الصلاة أبطلها.
ويُحمل بعد ذلك إلى المقابر.
فتخيّل نفسك أخي المؤمن وأنت على المغتسل، وأنت محمول على الأكتاف إلى
المقابر. فهنيئًا لمن هيّأ الزاد ليوم المعاد، هنيئًا لمن جمع من هذه
الدنيا الزائلة الفانية لِما بعد الموت، فإنّ التقيّ الصالح لَما يحمل إلى
المقابر روحه تكون فوق الجسد من شدّة فرحه واشتياقه للقبر الذي هو ذاهب
إليه، يقول: "قدّموني قدّموني".
اللهمّ اجعلنا منهم يا ربّ العالمين
ولنا معكم موعد ءاخر إخوة الإيمان بإذن الله لاستكمال هذا الموضوع عن التلقين والدفن وغير ذلك.
اللهمّ ثبّتنا عند نزول المصائب والبلايا يا أرحم الراحمين .
هذا وأستغفر الله لي ولكم