بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي رسول الله
الأخت الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعود والعودة احمد مرة اخري للجلوس بقرب هذا المتصفح
الثري بما فيه
وسأحاول ان اكمل نقاشاتنا في بعض النقاط التي ذكرتيها
لنصل بفائدة وايضاً نتعلم حتي نخرج بفكرة
ربما تشج اخوتنا الاخرين في المشاركة ...
فوجود نقاط للنقاش والتباحث
لايجب تركها بدون مسح الغبار عليها
حتي يستوعب الملتقي أي القارئ
الموضوع المطروح للنقاش ...
وعلي هذا الأساس رجعت مرة اخري ...
فأنت قلتي ...
بما أنك قد ذكرت العقل هنا هل للذكاء علاقة
بالتخلف الفكري الذي نعاني منه؟
.نعم اختي الطيبة
كما قلت سابقاً الفكر هو العملية أو بدايتها التي تنشأ عنها نتائج
للوصول للهدف المنشود من اشتغالنا بتلك العملية
والتي تُسمي الفكر
فعملية الفكر بعد التفكّر والتدبّر تنشأ منها نتيجة وهذه النتيجة
هي كما نريدها كهدف وخُلاصة نهائية ...
لنبدأ بعدها بالتنفيذ العملي الفعلي
التطبيقي لهذه النتيجة والتي اتت خُلاصة تفكُرنا وتدبرنا في اساسياتها..
هنا عندما عملنا هذه العملية وهي التفكير والتدبر
بالطبيعي ستكون لدينا ادوات مساعدة ووسيلة دعم لنجاح عملية التفكر او التدبر ...
وهذه الوسيلة هي الذكاء او الفطنة او الكياسة ومُجمل
هذه المصطلحات نجمعها بأسم الفهم الكامل
فالذكي هو شخص يفهم ويستوعب
ويستنبط كل خيوط عملية التفكير
فينشأ عن ذلك نتيجة كان قد اعد لها مُسبقاً
لذلك المفكر بالمطلق يفترض ان يكون ذكي لمّاح ويفهم ويستوعب كل خيوط العملية ...
حتي يصل في النهاية للنتيجة التي يريدها
وليس بالضرورة ان يكون المفكر هو الذي يفكر في الاصلاح
او البحث عن نتائج تفيد الأنسان وتُصلح حاله
بل هناك من يفكر بذكاء لُيفسد ولا يُصلح
ويعبث بالأساسيات والمعتقدات
فقد لغاية في نفسه لا تبغي الأصلاح ...
فنجد الكثير من الأفكار الفاسدة والممارسات الخاطئة
والاحكام التعسفية
والقتل والتدمير وإحداث ( خربطة ) في المعتقدات
والثقافات الأنسانية الحقيقية
فتصبح فاسدة ....لانه فكر في تغيير نمطها وجوهرها ...
هنا نقول عن هذه النوعية من المفكرين انهم اذكياء
لانهم بالفعل هم كذلك ...
فأستنباطهم وتفسيراتهم حتي وان كانت خاطئة
الا انها اتت لهم بنتيجة وهدف منشود ارادوه مسبقاً ..
فلا نتوقع ممن قصُر عقله وكان فيه شيء
من الغباء او عدم الفهم
او الأستيعاب او الأستنباط ..
ان ننتظر منه ان يأتي بفكرة متكاملة الملامح
فحتي وان اتي بشيء ...لافائدة فيه ولا نتائج ولاتنسيق ....
فالذكاء نعمة من الله سبحانه وتعالي يودعها في نفوس عباده
فمنهم من يستغلها لفعل ما اراده الله له بها...
ومنهم من يحيد بها عن الطريق ويستغل
هذه النعمة في الفساد والأفساد
فمثلاً حينما ننظر للفكر النازي ...نجد مفكره وقائده
ذكي ومحنك ويستوعب كل الظروف المحيطة به ليصنع ما أراده من انشاء اُمة تسود الأمم
هنا هو مفكر وذكي ولكن فكره واستيعابه
استعمله في تدمير العالم ...
وهناك مثل اخر وهو موجود عندنا نحن العرب والمسلمين
ويعتبر من اسباب انحطاط فكرنا وتخلفنا ...
وهو وجود كُتاب ومفكرين عرب ومسلمين
( بالطبيعي اذكياء ) قاموا بتغيير هويتنا
ورزع افكار فلسفية وجدلية شاذة ...
واستنباطات واهية استطاعوا بها
ان يوهموا العقل العربي المسلم البسيط...
بأن اسباب تخلفنا هو الموروثات البالية والتاريخ ..
.ويجب عليهم ان يلتحقوا
بالأفكار الجاهزة والحياة الرغدة والأبهار الأوروبي الغربي ...
فتم لهؤلاء المفكرين ما ارادوا من احداث فساد
في فهم العقائد والأساسيات
حتي التشريعية منها ....
هنا نقول عنهم انهم اذكياء ....
بهذه النعمة ( الذكاء ) أفسدوا عقول اُناس بسطاء
لذلك اقول لك نعم ان ذكاء الفُسّاد من مفكرينا الذين لم يستغلوا نعمة الله في التفكر في احداث تقوية واصلاح
وبناء سوي للفكر العربي
والثقافة العربية والعمل علي الرفع بها حتي نصل
للتقدم المنشود.....
يعتبر من اسباب تخلفنا
فحينما نجد مجتمع نشط مثابر بسيط يتعلم ويبني ويصنع ويحاول ان يجتهد بوسائل بسيطة وبمجهود متواضع
يخرج عليهم من لديه ذكاء شيطاني وفكر ملوث منمق سلس
بالأضافة للأغراءات المساعدة له .
من بهرجة وتطلع وووو..
فيغير افكارهم ويرشدهم الي ماهو
افضل ليس لهم ولعملية التقدم والرقي
بل للحط من عزيمتهم وزرع افكاره وثقافته الملوثة
فيصل بهم وبذكاءه ان تخف اعتقاداتهم في موروثاتهم
وتاريخهم ودينهم
حتي يصل بهم ان يكونوا تابعين له في كل شيء
عندها نتخلف ونتوقف عن التفكير ...
ونتركه يعبث بثقافتنا كما يريد ...
وحينما يناقشه المفكرين السليمي العقيدة والثقافة
نجده يراوغ ويستعمل مصطلحات فكرية شاذة لاتنطبق
علي ثقافتنا العربية المسلمة....
فظهورا علينا بمصطلحات مثل المراجعة لكل شيء
والتدقيق في كل شيء حتي الشرع الأسلامي قالوا عنه يحتاج لمراجعة والقرآن الكريم يحتاج لوضعه في الرف ...
وتقليل من قيمته .....
وايضاً الذات اللآهية دخلوا في فهم حيثياتها.....
ونراهم في كتاباتهم يفتخرون بالأستشهاد بمفكرين
ومثقفين واحيانا ادباء وفنانين غربيين ...
وكان تاريخنا وثقافتنا وموروثاتنا الطيبة لم تخلق
من العلماء والجهابذه والمصلحين ...حتي نستشهد بهم ...
كل ذلك اتي من باب انهم يخالفون كل شيء ....
لأستبداله بلا شيء .....
لان خصمنا هذا له من الأدوات مالا نملك....
وعندما تأتي الصحوة نجد هذا المجتمع متخبط
لايعرف من اين يبدأ الأصلاح
فالذكاء اختي الفاضلة هو اساس المفكر
او المثقف سوي للأفساد او الأصلاح ...
بالطبيعي مجتمعاتنا العربية وبالتحديد مثقفينا ينقصهم الذكاء والفكر والثقافة السليمة الغير ملوثه بأفكار الفُسّاد الأذكياء ..
ولكن لا يمنع ان لا نعمم بل نقول ( الا مارحم ربي )
فليس كل المفكرين تنقصهم ادوات الفكر
السليمة والصحيحة والطيبة ...
فمن اساسيات الفكر والثقافة والتعلم ...هو العلم والدرس
ومجتمعاتنا معضمها ( أُميّة )
والامية تعني ليس عدم القرأة والكتابة فحسب
بل تعني امية في الفكر والثقافة وعدم وجود
وسائل مساعدة مثل الذكاء ...
إذن أنت ترى أن تخلفنا الفكري ناتج عن بحثنا في كل ما هو غث وسمين وعدم اقتصارنا على الأولويات وما يهمنا في اصلاح حالنا وأحوالنا..
بالرغم من أننا نملك المبادئ والأصول والقواعد الأساسية التي تساعدنا على التفكير بطريقة صحيحة.. لكننا رفضناها وقبلنا على أنفسنا أن نكون محل لتجارب الآخرين!!
نعم اختي الفاضلة ان تخلفنا الفكري ناتج
بالتأكيد عن عدم تمييزنا
للغث والسمين والذي فيه الفائدة من عدمها ...
وعدم وضع خطة تعني بأولويات احتياجاتنا ....
فمثلاً حينما نريد ان نرتقي بمجتمعاتنا وجب ان نفكر في كيفية ترشيدهم وتعليمهم وسد ثغرات النقص العلمية والبحثية لديهم
حتي يكونوا ارضية صالحة لكل فكرة صالحة ...
اما ان نقفز علي تعليم وترشيد ودعم المجتمع
بوسائل تعليمية تثقيفية
وزرع الأمل والثقة والتثبت والتمسك بشريعته ...
بدل هذا كله نقفز لأهداف وتطلعات متقدمة
لاتوجد اساسيات نجاحها في المجتمع
او نأخذ بتطبيق افكار وثقافات غريبة ومستهجنة
لاتصلح اطلاقاً لمجتمعاتنا
هنا يختلط الحابل بالنابل ولا نعرف الغث من السمين
والذي فيه الفائدة المطلوبة من لا فائدة فيه .....
ونصبح بتحصيل حاصل ك ( فئران تجارب ) ...
و لعلك سمعت بفكرة "قابلية الإستعمار" التي أطلقها مالك بن نبي -رحمه الله-.. والتي ذكر فيها اننا بضعفنا وتبعيتنا واستعدادنا لقبول الآخر -أو الغرب تحديداً- من شجعهم على غزونا في كل المجالات وبجميع الاتجاهات..
فتدهور أوضاعنا يعود إلى قصور ذاتي فينا قبل كل شيء
نعم اختي الفاضلة اعلم فكر مالك بن نبي
والذي تم انتقاده من قِبل معاصريه في زمن الموحدين
وانتقاده كان في نظريته التي تقول بقابلية الأستعمار
من قِبل الذين رأوا ان الأمة العربية لازالت بخير وفيها من المفكرين والمثفين ولم تصل لمرحلة
التي قال عنها مالك بن نبي ...
ان العقل العربي منذ زمن الي الآن يتمني الأستعمار
والقيادة من قِبل اخرين
لعدم امتلاكهم خصوصية فكرية ثقافية .
وعللوا انتقادهم بأن نظرية مالك بن نبي قالها
في وقت انحطاط كامل للثقافة والفكر العربي ...
ولا يتم قياسها لثقافتنا وفكرنا الحالي ....
وأقتبس لك جزء من نظريته والتي يقول فيها :
القابلية للأستعمار هي صفة لاتعني انتشار الأميّة وتخلف الزراعة والصناعة وحسب ، بل تعني أشياء كثيرة في اعماق النفس والفكر ، تقلب موازين القيم
وتصيب الذهن بالبلادة ، وتفكك الأواصر الأجتماعية ،
وتجعل الفرد يطالب بحقوقه ...ويهمل القيام بواجباته ، ويميل الي الترهل والدّعة ويكره معالي الأمور
ويحب سفاسها.......( انتهي الاقتباس )
والحقيقة اختي الفاضلة
بالنسبة لي اري والله اعلم ان نظريته
في القابلية للأستعمار هي حقيقية
وصحيحة وتنطبق علي مجتمعاتنا في هذا الزمن ...
فهذا ليس تشاؤم مني ولكن ما نراه الأن من
تغيير حتي وان كان قليل
في مفاهيمنا وثقافاتنا وفكرنا يندرج تحت سعينا الحثيث
للأستعمار ...ليس بالصورة المعروفة بالأسحله والعتاد والقوات
بل بالأستعمار الفكري الثقافي وهذا الذي يحصل حاليا
لأننا اصبحنا نطالب بحقوقنا
ولا نسعي جاهدين في واجباتنا وتطلعاتنا
واصبحت اهدافنا وقتية آنية
والتعايش مع الباطل والغير من اهدافنا
الوقتية السهلة ....فبالتالي اصبحنا ارضية خصبة لأستعمارنا من الداخل والخارج بثقافات وفكر يشد للوراء ويحطم اساس بنيان معتقداتنا وفكرنا وثقافتنا ...
لكن برأيك أخي الكريم كيف لنا أن نحصل على هذا التحصين الداخلي؟؟
اما الكيفية في تحصين انفسنا داخلياً
فيكون ببساطة بالرجوع للمنهج الرباني الحقيقي
ففيه كما قلت كل شيء
بدء من علاجات للمجتمع من سلوكيات وانتهاء
حتي بعلاقاتنا مع
الغير من مختلف الثقافات لنتعلم منهم وناخذ
منهم الصحيح لبناء المجتمع وتحصينه ...
والأمر الأخر هو النظر بعين الأعتبار لمثقفينا
ومفكرينا السليمي العقيدة والهدف
ونشجعهم ونأخذ بأفكارهم الطيبة والتي تخدم المجتمع ...
وهذا بالفعل لمسناه كلنا في هذا العصر او بالأحري
العقد الأخير ان هناك
طاقات شابة علمية واعية تفهم ما المطلوب منها
وساهمت مساهمة واعدة في خلق جو من التفاؤل للنجاح ....
جزاك الله كل خير أخي الكريم على هذه المداخلة المميزة
والتي تدل على وعي كاتبها وثقافته
جزانا الله واياك بكل خير اختي الكريمة
علي فكرك وقدرتك الطيبة علي المحاورة
وهذا دليل قطعي ان هناك
من قلبه علي المجتمع والأمة ويحاول ان يفهم ويستنبط
وايضاً يشخّص ...وفي الختام يساعد في الاتيان بالعلاج ...
هكذا تكون الفوائد ...في النقاش الهادف الطيب البنّاء ...
وبطريقتك هذه في النقاش ينبيء ان لنا اخوات مميزات
ويُفتخر بِهُنّ....
تحياتي لك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخيك...اندبها