عرض مشاركة واحدة
  #349  
قديم 08-13-2013, 10:22 AM
 
البارت رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووعة
كنت أتخيل هذه اللحظة طول تلك السنين ههههههه أمزح
أفضل مقطع؟؟
نغمات غيثار متفرقة انسابت إلى مسامعها فجأة ، و جعلتها تتوقف أمام باب الغرفة عند نهاية الممر دون أن تدخل ..
تطلعت إلى داخل الغرفة تبحث ببصرها من خلال الباب الموارب عن مصدر ذلك اللحن الجميل ،
جالت عيناها في الغرفة الكبيرة المليئة بالآلات الموسيقية المنوعة .. قبل أن تحطا أخيرا على أليستر في الجانب الأبعد من الغرفة ،
يجلس على مقعد طويل دون مساند .. من النوع الذي يعزف عليه في المسرح عادة ،
إحدى قدميه مستندة على إحدى درجات المقعد .. ليحتضن بسهولة أكبر غيثارا كانت يده تداعب أوتاره لتصدر تلك الأنغام الجميلة ...

لم يكن ليراها وهو عاقد حاجبيه مغمض عينيه بإنسجام مع الألحان.
فوقفت تتأمله بصمت ... غير راغبة في تعكير تلك الصورة التي بدت لها خيالية على نحو ما ..

أشعة الشمس الغاربة كانت تنفذ من النافذة الزجاجية الكبيرة بجانبه ،
تضفي عليه هالة غموض ذكرتها بأول مرة رأته فيها يغني على المسرح و الأضواء تلفه
بتقاسيم وجهه الوسيم تعكس شجنا هادئ ، بعينيه ذات البريق الغامر بالغموض و الأسرار !

تشعر أنها لن تعتاد أبدا ذلك الإحساس الذي يموج داخلها كلما وقعت عيناها على هيئته ...

أجفلت حين بدأ يغني مع اللحن الهادئ ... رغم أنه بدا واضحا أن تلك الأنغام كانت تمهيدا لأغنية ،
و بصوت رخيم له صدى خاص في أعماقها .. أنشد أليستر :

_يهطل الثلج ..
ترن الأجراس ..
و ينتشر الفرح في الأجواء ..
هي ليلة عيد .. أجل !

تباطأ اللحن عذبا على نحو أنهض فيها حزنا مفاجئا .. و هي تسمعه يواصل :

_و لسبب أو آخر .. غاب عنه العلم ،، الليلة تلفني الظلمة !
تخبط و تيه .. يلبدان سمائي ،، و من بعدها تتسلل نغمة !
لكنها ليست كافية ... فحياتي لا تهزها وحدها هذه النغمة !


ثانية سكون ...
وقفة عن العزف و الغناء .. لثانية فقط كانت كل ما أحتاجته لتشعر بالألم في صدرها بدأ مصاحبا لتلك الكلمات ،
جعلها ذلك ترى الابتسامة الصغيرة التي ارتسمت على شفتي أليستر غير مفهومة ...

لكن فقط عند فكرتها الأخيرة .. عاد يعزف من جديد ، ذات اللحن العذب يداعب مسامعها بوتيرة أسرع ..
بعثت شيئا من البهجة المفاجئة إلى أعماقها ...
كان ما تحسه تناقضا تاما !
و صوته الرخيم برنة العمق خاصته يغني :

_يهطل الثلج ..
ترن الأجراس ..
و يعبق السحر في الهواء ..
إنها ليلة عيد .. أجل !
و ترشدني أمنية .. أن أقف و أدع من يرحل ،،
إن حل شتاء دائم .. فدفء اللحظات معه يظل ،،
يبقى الحنين يلون العيون ..
و روح الميلاد من حولنا تحوم ..
بنعومة تهمس لي .. لن تفقد السرور ،،


تسمرت ويلو ترقب بإنبهار صامت ...
كيف محى بأغنيته كل شيء من حولها عداه !
كيف أن الحزن الذي هيجه داخلها بادئ الأمر .. ترامى خلف ظهرها و كأن لا رجعة له !
تشعر بكلماته تناجي شيئا في أعماقها ...
و كأنه يغني لها هي ، أهذا جنون ؟!

نبرته غدت أكثر قوة ، تصدح بعذوبة سلسبيلية ... دون أن تفارقه تلك الابتسامة :

‏_يهطل الثلج ..
ترن الأجراس ..
و يعبق السحر في الهواء ..
ليست ليلة ،،
و لا أريدها مجرد ليلة ..
لا تعنيني فرحة لمرة واحدة ،،
ما انتظرته .. سحر يدوم حتى النهاية و ما بعدها !


الابتسامة الصغيرة على شفتي أليستر كانت تتسع بحبور ... لتأخذها و بريق العينين الشاردتين ، بعيدا .. إلى عالمه الخاص :

_فلسبب أو آخر .. غاب عنه العلم ،، الليلة تلفني الظلمة !
باتت ذكريات جلية تسرح بسمائي ،، و من بعدها تتسلل نغمة !
قد لا تكون كافية ... فحياتي لا تهزها وحدها هذه النغمة !
لكنها بداية .. بداية أنوار سعادة ،،
وعد روح الميلاد لي .. بالسعادة ،،

ذكرياتها راحت تتزاحم في لحظات قليلة .. متراقصة في ذهنها على ألحان و كلمات أغنيته ...
ذكريات عن الميلاد السعيد في الماضي ..
عن الضحكات في لمة عائلة باتت تنقص فردا ...
ذكريات يستثيرها ببراعة ، فيداعب روحها كما يداعب غيثاره ...


_يهطل الثلج ..
ترن الأجراس ..
و يعبق السحر في الهواء ..
هي ليلة عيد .. أجل ،،
لكن ليلة ... لا ينضب سحرها !!‏

شاركته ترنيمته الأخيرة .. و هي تشعر أنها صادرة من قلبها .. مرتبطة بها ، رغم أنها تسمعها الآن أول مرة ..
أهذا سحر السيلفري سبيرتيز الذي أنكرته دوما ؟!!

ببضع نغمات هادئة كما بدأ ... كان قد ختم أغنيته ...
و سكن اللحن الجميل تاركا آخر نغمة معلقة في الهواء ..

ظل أليستر ينظر أمامه شاردا ،
حتى دخلت ويلو إلى الغرفة بشيء من التردد ... فرفع رأسه بإتجاهها ،
لوهلة بدا لها متفاجئا .. كما لو أنه رأى شيئا يبعث على الاستغراب !
ثم كان يرد على تحيتها الخافتة بهدوء .. وهو يراقبها تخطو مقتربة منه حتى توقفت أمامه.
تحدثت ويلو قاطعة لحظة صمت لم تدم بينهما ، و تعابيرها مازالت تحمل شيئا من تأثرها بالأغنية التي سمعتها :
_ظننتك ... لا تحب الميلاد.

أرجع رأسه إلى الخلف ليقول مؤكدا :
_لا أحبه فعلا.

تمتمت ويلو بشيء من الحيرة :
_و لماذا إذا ... قد تكتب أغنية رائعة كهذه عن الميلاد ؟!

_لا نختار دوما مواضيع أغنياتنا ... لقد واجهت صعوبة في كتابة هذه الأغنية طيلة أسبوع ، حتى جاءني الإلهام هذا اليوم فجأة.

_الإلهام ؟!

‏استفسرت ويلو ... و في أعماقها استغراب من التلقائية التي يتحدث بها معها ، و التي أحستها شيئا لا يتسم به أليستر مع الجميع.
هل هو أيضا يشعر بهذه الإعتيادية الغريبة بينهما ، و كأنهما صديقان منذ زمن ؟!!

أراح ذراعيه فوق الغيثار الذي كان سطحه الخشبي المصقول يلمع إثر ضوء المغيب الذي يغمر الغرفة ،
كما كانت العينان التين بدتا داكنتين الآن تعكسان نور الغروب و هما ترمقانها على نحو غريب دافئ !

_أجل الإلهام ... في فتاة ترى في العيد ذكرى سعادة و أمان ، تؤمن أنه مهما حدث سيجلب لها الميلاد الفرح مرة كل عام ... صورتها وهي تتأمل شجرة الميلاد كانت حكاية تروي نفسها !

_أنت .. تتحدث عني ؟!!

أجاب ذهولها بابتسامة مرح صغيرة :
_أجل.

بقيت واقفة تحدق فيه بعينين متسعتين ... راقبها تبتلع دهشتها ، لتحمر وجنتاها و تبتسم ..
لم يتوقع ما فعلته تاليا ، إذ خطت لتجلس إلى جواره على المقعد الصغير الذي بالكاد اتسع لهما ،
و بتلقائية طريفة ذكرته بأختها الصغرى راحت تقول :
_هذا شرف كبير ، انتظر حتى أخبر الجميع أنني مصدر الهام إحدى أغنيات أليستر شون ، هل ستكتب لي اهداء ؟!

قالتها وهي تعتدل جالسة لتضع حقيبة ظهرها الصغيرة في حجرها ،
ثم تلتفت إليه و عيونها الزمردية تبرق سرورا و مرحا في وجهها المتورد ،
تساؤل لم يكن في محله مر بخاطر أليستر ... كيف قرر سابقا أنها ذات جمال عادي ؟!!

ضيقت عينيها تنظر من النافذة إلى لون الغروب الدافئ ينعكس على الأرض البيضاء المغطاة بالثلج خارجا ، قبل أن تعود ببصرها إليه :
_لديك قلب فنان .. مؤكد تعلم ذلك !

تفاجأ أليستر لثانية ثم قال مبتسما :
_تقولين أغرب الأشياء على الإطلاق.

حملقت أمامها في اللاشيء .. و يداها مبسوطتان إلى جانبيها فوق المقعد العديم المساند ،
تؤرجح ببطء إحدى قدميها التين بالكاد لامستا الأرضية الخشبية لإرتفاع أرجل الكرسي.

تململت بعدم ارتياح متأخر لهذا القرب الشديد بينهما .. فذراعاهما كانتا تتلامسان ، و لا يبدو عليه أنه يلاحظ ذلك حتى ، غارقا بصمته الغريب و مسترخيا بهدوء رغم وجودها بجانبه !


تحدثت ويلو بعد قليل .. بتردد واضح ، غير متأكدة إن كان سيجيبها ،
فحتى اللحظة لم يكن بوسعها تصنيف المودة التي بينهما لشيء معين :
_أليستر .. هل أستطيع أن اسألك ... لما تكره أعياد الميلاد ؟!

كانت واثقة أن لمحة الشجن الخفي في عيونه لها علاقة ما بكرهه للعيد ،
و إن كانت تتوقع أيضا أن لا يجيبها و يعتذر عن ذلك بلباقة ...
هل كان تطفلا أن تسأل و لم تمضي فترة على تعارفهما ؟!
لكن هما بظروف تقابلهما الغريبة قد تجاوزا هذه الرسميات بكثير من المراحل !!


_إنها حادثة قديمة ...

بدأ أليستر يقول بنبرة لا تعكس شيئا ، فالتفتت تنظر إلى وجهه علها تقرأ شيئا من الأفكار التي تدور بخلده ...
الهدوء فقط ما كان يطغى على تعابيره وهو يواصل :
_قتل أبي عشية الميلاد ...

توسعت عينا ويلو بصدمة :
_قتل ؟!

_أجل ..

أرجع رأسه إلى الخلف قليلا ليحدق بتركيز في فراغ الغرفة ، كما لو أنه يستذكر شيئا :
_تلك الليلة ... كنا نجول قرب الأسواق في مركز المدينة ، بطريقة ما أصبحنا فجأة وسط مطاردة بين مجموعة مجرمين و رجال الشرطة ... حدث إطلاق للنار ، و أصابت طلقة طائشة والدي ..

‏انعقد حاجبا أليستر وهو يضيف :
_لا أذكر أيا من ذلك مع أني كنت برفقته وقتها ... كنت أصغر من أن أتذكر ، لكن صورة مبهمة عن هذه الحادثة بقيت عالقة في رأسي حتما و جعلتني أبغض كل ما له علاقة بالميلاد ...

رغم أن تعابيره لم تدل على أي شعور بحزن تبعثه فيه تلك الذكرى ، إلا أنها لم تستطع أن لا تشعر بالسوء لإثارتها موضوعا كهذا .. همست :
_أنا آسفة ..

_لا بأس .. ليس بالمعضلة الكبيرة حقا ، لكن مازال الميلاد شيئا منفرا غير بهيج بالنسبة لي !

ثم و كأنه لم يلقي للتو بحقيقة جعلتها تصدم من هولها ،
ابتسم ينظر إليها :
_حسنا ... و الآن دوري لأسألك ، لما كنت تسترقين السمع ؟!

احتاجت دقيقة لتستوعب ما يقصده ، قبل أن تجيب بنفي بالغ :
_لم أكن استرق السمع ... لقد كنت أبحث عنك ، ثم وجدتك هنا و أنت تغني ... لم أرد أن أقاطعك .. أنا ..

_ويل .. اهدئي أنا أمزح.

عبست حين ضحك و احمر وجهها :
‏_حسنا .. و أنا لست معتادة على مزاحك ... ليس شيئا مضحكا على أي حال !

راقبت ضحكته بإنتباه كامل ، أمر ما أنبأها بأنه من النادر أن يضحك أليستر ... ندرة شيء جميل كالحلم !
في رأسها تباين بوضوح الفرق بين صورته ضاحكا و بين هيئته ملتفا بهالة من الشجن الغامض ،
هل كان قلبها يزداد خفقانا ؟!

أخذت نفسا عميقا :
_أردت أن أعيد لك هذه.

قالتها وهي تمد إليه ظرفا أخرجته من حقيبتها ،
فتناوله أليستر ليجده يحوي نقودا ... شرحت له بابتسامة ممتنة :
_أبي إستطاع أن يتدبر المبلغ .. شكرا لك.

رد لها الابتسامة بأخرى هادئة ..ـ
يلا انا أريد العيدية الأن
في انتظارك أختي
سلمت يداك
رد مع اقتباس