عرض مشاركة واحدة
  #60  
قديم 08-14-2013, 04:03 PM
 
البارت الرابع ( من هنا تشتعل الأحداث )

كانت مدينة بروجيريا تنبض بالحياة ,عكس قرية السياج الأبيض الرتيبة .
المباني الضخمة ,الأبراج العالية التي تعانق السماء ,المحلات التجارية الفاخرة, والشوارع المكتظة بالمارة .
كل شيئ فيها كان مختلفا !
صف ربيع العربة, وتأكد من اغلاقها جيدا, ثم طلب مني الترجل عنها .
كانت السماء ماطرة, وملبدة بالغيوم السوداء. شعرت بالبرد, وبدأ جسمي بالأرتجاف!
تنهد ربيع ونزع معطفه الجلدي ,ثم وضعه على كتفي برفق قائلا :
" قميص خفيف كهذا لن يقيك من البرد أبدا "
طفقت أتامل جسده الأسمر المفتول بالعضلات التي تظهر بارزة خلف قميصه الأسود الضيق .
أشحت بوجهي بعيدا بخجل فأردف قائلا :
"يجب أن نحتمي من المطر بسرعة "
وقبل أن تسنح لي الفرصة كي أجيب , جذبني من ذراعي وضمني الى صدره بقوة !
ليحميني من البرد ,ثم أخدنا نركض في الشوارع الزلقة والمكتظة.
ولأول مرة شعرت بالعطف ,والحنان الذين حرمت منهما في طفولتي!
شخص مستعد ليحتضنني ويضمني أليه عندما أكون في حاجة الى ذلك!
وكدت أنجرف في مشاعري ,لولا وصولنا أخيرا الى حانة تقليدية تقع في التقاطع الغربي لشمال بروجيريا .
كانت جدران الحانة مطلية باللون البرتقالي الدافئ , وكانت تحوي صالة واسعة ذات أرضية خشبية مغطاة بزربية يدوية الصنع ,
وتتوسط الصالة خمس طاولات, محاطة بكراسي من الخشب والقش ,
وفي الجانب المقابل للنوافذ العمودية الضيقة المطلة على الشارع, يوجد مكتب الأستقبال, وخلفه لائحة كبيرة معلقة ,تضم كل أصناف الطعام والخمور.
ومما زاد من هدوء المكان وسحره ,الأضواء الخافتة ,وخلوه من الأشخاص!
تقدمت نحونا نادلة رشيقة, ترتدي ثياب العمل ,وتربط شعرها الأشقر بشرائط ,
حيتنا بود, ورحبت بنا بحفاوة .لطالما كانت هذه عادة أهل بروجيريا الذين يتصفون بالطيبة والكرم وحسن الضيافة !
جلست على كرسي خشبي ,وضممت ساقاي الى صدري ,وأحطتهما بذراعي,
بينما جلس ربيع أمامي ,وطلب بعض المرطبات, ثم أخد يحدق بالنافذة .
- " أنت تكره المطر منذ طفولتك !"
ابتسم وقال : " انه يوترني ويجعل أعصابي مشدودة! لكن يسعدني أنك تذكرين شيئا بهذه البساطة عني !."
ضحكت قائلة :"أتذكر يوم كنا نلعب في بحيرة سينلا والمطر يهطل! ههه "
أما ربيع فحاول كبت ضحكته وأكتفى بالأبتسام قائلا :"في ذلك اليوم اغمي عليك بسبب الحمى, فأضطررت الى حملك من الغابة الى بيتك وتلقيت وابلا من العتاب والنصائح من جدتك !"
طأطأت رأسي وقلت بألم " ليت تلك الأيام تعود مجددا !
الأن تغير كل شيئ !
فقدت أبي, ثم أمي ,ثم فقدت نفسي, وقريبا سأفقد مزرعتي!
"
-لما لاتجربين الحديث مع فيكتور مانويل دي كورزيو! أطلعيه على حالتك المادية ,وأطلبي منه أن يؤجل فترة السداد !"
-"لا فائدة! نحن سلفا لم نسدد قيمة شهرين !من المستحيل أن يقبل بطلبي "
- "وأن قبل !"
-لن أتمكن من الدفع في المهلة المحددة !فهناك مصاريف أخرى كالكهرباء ,والماء ,وديون المنزل, أضافة الى تكاليف علاج جدتي ,وأدويتها الباهظة!
بأختصار مهما ناضلت سينتهي بي المطاف مرمية كالكلاب في الشارع بدون مأوى أو سقف يحميني!
"
صمت ربيع بأسف ,بينما جائت النادلة وهي تحمل في يدها صينية مرطبات
صبت لنا كأسين ,ثم غادرت والأبتسامة تعلو محياها!
أرتشفنا كأسينا بسرعة, ولملمنا حقائبنا .
لحسن الحظ أن الجو قد تحسن, وأن الغيوم أختفت, نادى ربيع النادلة, ودفع لها الحساب ,ثم حياها بلباقة فبادلته التحية بود !
غربت الشمس في سماء بروجيريا, وتلألأ اللون البرتقالي الزاهي في الأفق .
انتهينا من رحلة تسوقنا, و تمكننا من الظفر بربح وفير, بفضل ذكاء ربيع وفطنته !فقد كان مطلعا على أسرار التجارة وخباياها ,فكان يراوغ الباعة ويداهمهم ثم يقنعهم بمهارة !
بعد ان انتهينا من صف البضائع في العربة, أبديت أعجابي بذكاءه وفطنته فأجاب بغرور :
" أنت تستهينين بي !"
فأستطردت بعتاب :" لكن أين سأركب العربة الأن ممتلئة! "
أشار ربيع بسبابته الى حصانه وقال: " هنا! ستركبين خلف أخيك الكبير !لكن قبل ذلك أريدك أن تأتي معي لدقيقة! "
فأجبت بأقتضاب :" بربك يارجل! ماذا الآن! "
ماذا يدور في رأس هذا الماكر ياترى؟ لكني أثرت الصمت, وقررت اللحاق به .
وأخيرا وقفنا أمام محل فاخر, تعرض لوحته الزجاجية بعض الأثواب الرفيعة.
اضطربت, وترددت في الدخول ,لكن ربيع جذبني وقال " ثقي بي! "
دخلنا الى المحل الواسع ذي الارضية الأسفلتية اللامعة ,والجدران الجبصية المنقوشة!
أشار ربيع الى البائع بيده, فتقدم رجل بدين في أواخر الأربعين ,وعلى وجهه أبتسامة صفراء !
أبتسم ربيع بدوره, وحيا الرجل ,أما أنا فكنت كالبلهاء بينهما !
أخد ربيع زمام الحديث وقال بنبرة رسمية أثارت أستغرابي :
"احمم سيدي المحترم! لقد جئت أنا وأختي الى محلك لأختيار فستاان يليق بسهرة عائلية! راقية فبماذا تنصحنا ؟"
فرك الرجل يديه ,وصفق بنشوة !وأشار الينا لكي نرافقه الى الداخل.
حاولت الحديث, لكن ربيع نظر الي بعينين مخيفتين فألتزمت الصمت !
كان هناك الاف الموديلات, فساتين, وأثواب من كل الأنواع !
حتى أنني فتحت فمي ووقفت دون حراك ! بينما أخد ربيع يتفحصها وكأنه خبير !
وأخيرا وقع أختياره على فستان أحمر طويل ,عاري الكتفين بتطريزات أسفله!
رغم بساطته الا أنه كان بديع الجمال !
أستدار نحوي, وطلب منى بود أن أجربه. لكني تحججت قائلة :" الا ترى أنه باهض جدا!"
وضع ربيع سبابته على شفتيه, وقال بحزم :" ولا كلمة !أعتبريه هدية من أخيك الكبير أتفقنا ! ( ينظر الى هاتفه المحمول ) رباه! من يتصل في هذا الوقت ؟(ويلتفت نحوي)
جربيه مفهوم !
أومأت برأسي, وأخدت أحدق في الفستان الذي بين يدي !
عندما كانت أمي حية, كانت تتألق بمثل هذه الفساتين في السهرات والمناسبات, لكني لم املك حظها ,من الجمال والأنوثة! فكانت طباعي أقرب الى طباع الصبيان !
وقبل أن أخلع قميصي ,سمعت صوت ربيع وهو يصرخ !
" كيف حصل هذا ؟ "
ترى هل يتشاجر مع أحد زبائنه من أصحاب البطون البارزة !
قررت الذهاب لتفقد الوضع ,لكني لاحظت ان ربيع الواقف أمامي الان ليس هو الشاب الذي كان قبل ثوان من الأتصال !
كان جسمه يرجف! ووجهه مصدوم !وعيناه العسليتان مغروقتان بالدموع !
تملكني الرعب فسألته بلهفة: " من المتصل ؟ "
فأجاب بصوت مرتجف: " لقد ....احترق بيتك !...وقد نقلوا ......جد...تك الى المش...فى..... لأن وضعها........ حرج! "

الأحداث ستشتعل أبتداءا من هنا فأستعدوا

الاسئلة
ماتقييمكم للبارت '( أسفة ان كان مملا )
ملاحظاتكم وأنتقاداتكم
مارأيكم بربيع
ماذا سيحدث للجدة
أفضل مقطع
__________________