عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 08-18-2013, 07:52 AM
 
فقال فونسكا بشيء من سخرية رجل في منتصف العمر:
" أن عواطف الشباب يا صغيرتي قليلة القيمة في نظر الذين لم يعرفوا العواطف أبدا , كان من الطبيعي للثراء في عائلة جوان أن يتزوج الثراء , ولأصحاب االمراكز مصاهرة أصحاب المراكز , وقد حطّم والد جوان القاعدة , وأجدني أحيانا.......".
" نعم يا سيدي؟".
" بالنسبة الى جوان , أنه إبن نبيل ثائر وغجرية ساحرة , لا أظن أنه كان ليحافظ على لقبه ومركزه هنا , لو لم يكن الحادث هدّأ من الروح القلقة في نفسيته. يكفي أن تتأمليه على حين غرّة فتجدين في عينيه الأسد السجين في قفصه , أما في أوقات أخرى فتجدين فيهما سخرية الأسباني الذي يتقبّل قدره المكتوب".
كانت الباحة دافئة ومع ذلك أرتعشت أيفين قليلا , أن القدر قد يقسو على بعض الناس , ولاح لها أمل بأن تجد السعادة طريقها اليه حتى تعوّضه عن الألم الذي عاناه ورسم خطوطه على وجهه , وأشاع الفضة في شعره , وحرمه القدرة على أن يمتطي جواده أو يمارس رياضة التنس , أو ينعم برقصة مع فتاة , وجدت نفسها تسأل فونسكا:
" كم هو عمر دون جوان ؟".
" إنه في الثانية والثلاثين".
" حسبته أكبر من ذلك بكثير وهو يعاملني كطفلة !".
ضحك مدرّسها وقال:
" بالنسبة الى جوان أنت صغيرة وبريئة , أعتقد أنه عاش في ليما أسما على مسى , وهي مدينة تزخر بسيدات المجتمع".
وهمست:
" دون جوان , العاشق الكبير الذي ظل قلبه بغير جراح".
" يقال أنه وقع في الحب مرة واحدة".
" حقا؟".
ومرة أخرى خطرت لها راكيل وهي ممسكة ذراعه بأصابعها ذات الخواتم الماسية , وهو يتأمل تلك الفتاة بعيني مجرب فيهما أعجاب بجمالها , ولعلّ قلبه أصبح أخيرا على أستعداد للأستسلام , وقف فونسكا وقال:
" حان الوقت لنبدأ درسنا , وغرفة الجلوس في الداخل ليست حارة وفيها كتب وبعض قطع فنية جديرة بالدراسة".
كان أثاث الغرفة , التي ستصبح فيما بعد مألوفة لها , من طراز عهد أيزابيلا , قاتما وغنيا بالنقش الجيد , ولهذا بدت مجموعة فونسكا الفنية رائعة.
ولاحظت أيفين على الفور بعض تماثيل صغيرة لأطفال بثياب أسبانية , وقد سمح لها المدرس أن تمسكها بعناية , وقال لها:
" عليك أن تحبي القطع الفنية حبا نابعا من القلب".
قالت : هذه جميلة , وما أن أمسكت بالتماثيل الصغيرة حتى لم تشعر بأي شيء آخر غير الأهتمام الفني , ونظرت الى لوحات الرسم المعلقة على الجدران المكسوة بألواح الخشب , ورأت فيها عيون أناس حقيقيين بدلا من عيون مرسومة , شعرت بالتأثر , أن الأشياء المجسّدة أيا كان جمالها لا يتحرك لها قلبها , الناس وحدهم هم الذين يقدرون على ذلك, والغضب أو الشفقة أو السرور فقط.
ومرة أخرى قالت : جميلة , ثم شعرت بعيني مدرّسها تستقران عليها بعنف , وأخذ فونسكا كتابا كبيرا من فوق أحد الرفوف وقال:
" سنبدأ بحكاية تيتيان , وأعتقد أنك ستتعاطفين مع شخصيته على نحو أكثر ....... وبعد ذلك ستكونين جاهزة لدراسة الفنان المعلم".
وتساءلت بعينيها الكبيرتين العسليتين.
فقال وهو يبتسم:
" ليوناردو دافنشي ".
ولكن بدا لأيفين أنه إنما يقصد شيئا يختلف كل الأختلاف!




♪♪♪
__________________

قل عني ماتشاء..لكن انضر الى كتفك الشمال هناك حقي محفوظ ☺' )! #جمهور_خالد_اليوسف #البيت_يجمعنا2 #بداية ˘(˘.˘ )♥

*خالد اليوسف ! فالك التوفيق يَ مبدع* ♥