حكمة اليوم الحمد لله الواحد المعين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد .عن علي بن داود الكاتِب قال:
لما افتتح هارون الرشيدُ هِرَقْلة وأباحها ثلاثة أيّام، وكان بِطْرِيقها الخارج عليه بَسِيل الرُّوميّ، فنظر إليه الرَّشيدُ مُقْبِلاً على جِدَار فيه كتابة باليُونانية، وهو يُطِيل النظَر فيه، فدَعا به وقال له:ِ لمَ تركتَ النظرَ إلى الانتهاب والغَنيمة وأقبلت على هذا الجدار تنظر فيه؟ فقال: يا أمير المؤمنين، قرأتُ في هذا الجدار كتابًا هو أحبُّ إليّ من هِرَقْلة وما فيها؛ قال له الرَّشِيد: ما هو؟
قال: بسم اللهّ المَلِكَ الحقِّ المُبين. ابن آدم، غافِص الفُرْصة عند إسكانها، وكِل الأمور إلى وَليِّها، ولا تَحْمِل على قلبك هَمَّ يوم لم يأتِ بعدُ،
إِنْ يَكُن من أجَلِكَ يأْتِك الله بِرزْقك فيه، ولا تَجعَلْ سَعْيَك في طلب المال أسوة بالمَغْرُورين، فرُبَّ جامع لِبَعْل حَليلته،
واعلم أنّ تَقْتير المرء على نَفْسه هو تَوْفيرٌ منه على غيره،
فالسعيدُ من اتعظ بهذه الكلمات ولم يُضَيِّعها.
قال له الرَّشيد: أَعِدْ عليَّ يابَسِيل، فأعادَها عليه حتى حَفِظها. |