بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
روي في الخبر أن موسى عليه السلام قال : يا رب كيف لي أن أعلم من أحببت ممن أبغضت ؟ قال : يا موسى , إني إذا أحببت عبدا جعلت فيه علامتين , قال:
يا رب وما هما ؟ قال: ألهمه ذكري لكي اذكره في ملكوت السماوات والأرض . و أعصمه من محارمي وسخطي كي لا يحل عليه عذابي ونقمتي . يا موسى وإني إذا أبغضت عبدا جعلت فيه علامتين , قال: يا رب وما هما ؟ قال: أنسيه ذكري , وأخلي بينه وبين نفسه , لكي يقع في محارمي وسخطي , فيحل عليه عذابي ونقمتي . الذكر من علامات حب الله للعبد وهو منزلة العبد الكبرى التي منها يتزود , واليها دائما يتردد , وهو قوت قلب العبد , التي متى فارقه , صار الجسد له قبرا لذلك صور لنا الرسول صلى الله عليه وسلم الفارق بين الذاكر والغافل , فقال ' مثل الذي يذكر ربه , ومثل الذي لا يذكر ربه , كمثل الحي والميت ' رواه مالك في الموطأ . والذكر هو تذكير بالله وهو على عدة أوجه مثل : قراءة القرآن , التسبيح , .... يقول الله ' واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ' ( الجمعة 10) , وهو القائل ' فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ' . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :' قال الله تعالى : إذا ذكرني عبدي في نفسه, ذكرته في نفسي , وإذا ذكرني وحده , ذكرته وحدي , وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ أحسن منه وأكرم 'متفق عليه . وللذكر فوائد عظيمة , تعود على صاحبه بالنفع في الدنيا والآخرة وقد ذكر ابن القيم أن للذكر أكثر من مئة فائدة منها : 1- أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره , ( روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ' من شر الوسواس الخناس ' (الناس,4) قال: هو الشيطان جاثم على القلب, فإذا ذكر الله تعالى خنس , وإذا غفل وسوس ) 2- أنه يرضى الرحمن عز وجل 3- أنه يجلب الفرح والسرور . 4- أنه يزيل الهم والغم , قال الله ' ومن يبتعد عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ' . 5- أنه يقوي القلب والبدن . 6- أنه ينير الوجه والقلب . 7- أنه يجلب الرزق . 8- أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة . 9- أنه يورث المراقبة حتى يدخله في باب الإحسان . 10- أنه يحط الخطايا ويذهبها . 11- بالذكر يطمئن القلب , قال تعالى ' الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله إلا بذكر الله تطمئن القلوب ' 12- هو أفضل الأعمال , قال الرسول صلى الله عليه وسلم ) ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزهاها عند مليككم ,وأرفعها في درجاتكم , وخير لكم من إعطاء الذهب والفضة , وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم , ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال: ذكر الله ). 13- ترك الذكر يجعل الشيطان رفيق لتارك الذكر , قال تعالى ' ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين , وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون' وللذكر فوائد عديدة وهي تميز العبد المؤمن المتدين عن غيره , فكل ما يميز المؤمن الذاكر يعود للسبب الذي يميزه عن غيره من البشر ألا وهو ذكر الله , فتجد المرء المتدين أقوى على المصاعب وأكثر صبرا من غيرهم , ولا تجد بينهم من يصاب بأمراض نفسية ,ويدرك علماء النفس جيدا فظل الذكر على النفس والقلب , ونستشهد بقولين لأطباء نفس , قال الدكتور بريل ' إن المرء المتدين حقا لا يعاني قط مرضا نفسيا ', و قال العالم النفسي ديل كارنجي ' إن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوي والاستمساك بالدين كفيلان بأن يقهرا القلق والتوتر العصبي وان يشفيا من الأمراض ' . يقول الفضيل بن عياض رضي الله تعالى عنه : إن البيت الذي يذكر فيه اسم الله , يضيء لأهل السماء , كما يضيء المصباح لأهل البيت المظلم . وإن البيت الذي لا يذكر فيه اسم الله , يظلم على أهله . عباد الله أضيئوا قلوبكم وبيوتكم بذكر الله , وزينوا ألسنتكم به , واعلموا أن الله لا يضيع عمل احد أبدا وسوف يوفيكم إياه , عباد الله إن الله ينظر إليكم فاروه منكم خيرا , عباد الله أدعو الله لي وللأمة فإني أراها في أمس الحاجة للدعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .