عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 08-24-2013, 07:20 PM
 
الثالثة والاخيرة



الكلب الأحمق



غالب مهنى




الديك يقف فوق سطح المنزل ويصيح:

كو كو كو كو *** كو كو كو كو
أيُّها النُّوَّامُ قُومُوا *** من منامٍ واستفِيقُوا
كو كو كو كو *** كو كو كو كو

الثعلب يقِف تحت البيت وينادي الديك:
سلامُ الحبِّ والخيْرِ*** عليْكَ مؤذِّنَ الفجْرِ
أَتَيْتُك زائرًا أسْعَى *** لِنقْضِي اليوْمَ في بِشْرِ

الديك يلتفتُ إلى الثعلب ويقول:
لماذا أتيتَ يا ثعلبْ؟

الثعلب:
أَتَيتُ اليوم كي نلعَبْ

الديك:
أَجِبْ حقًّا ولا تكذِبْ

الثعلب:
وَكَمْ في وُدِّكُم أرْغَبْ

الديك:
وَهَلْ سيكونُ في يوْمٍ *** سَلام بَيْنَنا يَجْرِي
وَأَنْتم دائمًا أبدًا *** عدُوٌّ وافر المكْرِ

الثعلب:
أَلم تسمع أَلم تدرِ *** بِما قد حلَّ مِن أمْرِ

الديك:
وماذا عساهُ أن يجري؟

الثعلب:
مَليكُ الغاب قد أمضى *** قرارَ السِّلْم في حكْمِ
ليحْيَا الكلُّ في أمنٍ *** بِلا غَدْرٍ وَلا ظُلْمِ
وُحوش الغابِ مِن توٍّ *** مَعَ الأطْيَارِ في سِلْمِ
وَأَوْصى اللَّيْثُ أن أَمْضِي *** أُحيطُ الكُلَّ بالعِلْمِ

الديك:
أَحقًّا ذاك يا ثعلبْ؟

الثعلب:
لعَمْرُ الدِّيك لا أكذب

الديك:
أراكَ بصادقٍ قولاً *** وإني بِذَاكَ في سعْدِ
فَذَا كَلْبٌ أَتَى يَسْعَى *** أرَاه هُنَاكَ مِنْ بُعْدِ
أَتَى يَقْضِي لَكُمْ حقًّا *** منَ التَّسْليمِ وَالوُدِّ


الثَّعلب يفرُّ عندما سمع هذا الكلام.

الديك:
لِماذا تفرُّ يا ثعلب *** أليس تُريد أن تلعب؟

الثَّعلب وهو يجري:
أَخاف الكلبَ يأكلُني *** لذاك فإنَّني أهرب


الديك:
غريبٌ أمرُكم هذا *** وإني منك في عجَبِ
لِماذا تفِرُّ من ذُعْرٍ *** لِماذا تلوذُ بالهرَبِ
أَلَسْت تقول في ثقةٍ *** بِلا زُور ولا كذبِ:
مَليك الغاب قد أمضى *** قرارَ السِّلم والحُبِّ

الثعلب:
أَخافُ الكلبَ أن يُبْدِي *** لنا حُمْقًا وَلا يحْلُمْ
فإِنِّي أراه لا يدْرِي *** بِأَمْرِ السِّلْم لا يَعْلَمْ


الكلْب الأحْمق يمرُّ في الطَّريق وهو يهوهو:
هوهو هوهو *** هو هو هو هو

الثعلب يختفي خلف البيت.
الديك ينادي الكلب الأحمق.

الديك:
أَلا يَا كلْبَنا هيَّا *** فذَا المكَّارُ يَتوارَى
تعجَّلْ قبلَ أَن يَمْضِي *** فَإِنِّي أَرَاهُ مُحْتَارَا
وَرَاءَ البَيْتِ مُستخفٍ *** بعيدٌ عنْكَ أَمْتَارَا

الكلب الأحمق:
سريعًا سوفَ ألحقُه *** وأنْهش فيه أَسْناني
أظَنَّ الضَّعفَ من طَبْعِي *** أوِ الغفَلاتِ من شانِي
فجاءَ يَطوفُ في حَرَمِي *** وكان الأوْلَى يَخشَاني

الثَّعلب يختبئ خلْفَ الحائِط حتَّى يتبيَّن الأمر، فيرى الكلب الأحمق فيحاول خديعتَه، فيتقدَّم إلى الكلب الأحْمق قائلاً:

الثَّعلب:
مرحبًا بكُمُ وأهلاً *** أيها الكلْب الهُمَامْ
كَمْ بِنَا شوقٍ وحُبٍّ *** كَمْ أُكِنُّ لك احتِرامْ
كنتُ أبحث عنْكَ يوْمِي *** كيْ أَسُرَّكَ بالكَلامْ
قَدْ أَحَطْتُ الدِّيك علمًا *** بالمحبَّة والوِئامْ
رُحتُ أسأَلُ عنْكَ قَالُوا *** قَدْ ذهبْتَ لِكَيْ تَنَامْ
قَدْ أَرَادَ اللَّيْثُ منِّي *** بَثَّ مَنْشُورِ السَّلامْ

الكلب الأحمق:

هَلْ علِمْتَ بِنَا غَبَاءً *** كَيْ أُصَدِّق ما تقُولْ
كَم تُزوِّر في كلامٍ *** لا تُصَدِّقُهُ عقولْ

الثعلب:
هَلْ أَمَامَ الكَلْبِ وَيْحِي *** قَدْ أُزَوِّر فِي كَلامْ

الكلب الأحْمق:
أَيُّها المكَّارُ فَاخْسَأْ *** هَلْ لِمِثْلِك مِن سَلامْ

يَسمَعُ الكَلب الأحمق والثعلب صوتًا قويًّا يشبه زئير الأسد.

الثعلب:
إِذْ تُكذِّبني فَهَيَّا *** للمَسيرِ إلى الزَّئِيرْ
حَيْثُ لَيْثُ الغَابِ يَقْضِي *** فِي المَهَام وَفِي الأُمُورْ
كَيْ تَرَى بِالعَيْنِ جَهْرًا *** مَا يَكُونُ وَمَا يَدُورْ

الكلب الأحمق تمضي عليه الحيلة، فينصت برهة ثم يقول

الكلب الأحمق:
هل تراك تقولُ حقَّا؟

الثعلب:
بل وتحقيقًا وصدقَا
الكلب الأحمق يُطْرق لحظة ثم يقول

الكلب الأحمق:
سوْفَ أَمْضِي حتَّى أَدْرِي *** مَا تَقُولُ وَكَيْ أُصَدِّقْ

الثعلب:
سَوْف تدْرِي صِدْقَ قوْلِي *** دائمًا بِالحَقِّ أَنْطِقْ


الثَّعلب يسير في خطَّته التي رسَمَها كي يَخْطَف الدِّيك

الثعلب:
لَوْ أَمَرْتَ الدِّيكَ يأْتِي *** صِرْتُ بَيْنَكُما فخورَا
كَي يرَى بالعَيْنِ جهْرًا *** ما يَكُونُ لَهُ سُرورَا

الكلب الأحمق:
انتظر وقتًا قليلاَ

الثعلب:
لا تَغِبْ عنِّي طويلاَ
الكلب الأحمق يذْهَب إلى مكان الدِّيك ويُناديه

الكلب الأحمق:
أَيُّها الصَّيَّاح هيَّا *** نَحوَ ربِّ الغَابِ نَمْضِي
كَيْ نَرَى بالعين ليثًا *** في أُمور السِّلْمِ يَقْضِي

الديك:
لا تصدِّقْ منْه قولاً *** إِنَّه يهْوَى الخِدَاعْ
لَوْ ذَهَبْنَا لَيْس نلْقَى *** غَير فشلٍ أَوْ ضَيَاعْ
الكلب الأحمق:
لَو نَرى شرًّا فَإِنِّي *** سَوْفَ أَنْهَشُهُ بِسِنِّي

الديك:
إِذْ أردتُم ذاكَ منِّي *** سوف أمْضِي غصب عنِّي

الكلب الأحمق:
لا تَخَفْ شيئًا وَهيَّا *** إنَّنا نَمْضِي سوِيَّا

يمضي الكلب الأحمق والديك إلى حيث يقف الثعلب ينتظر، فيخاطبُ الكلبُ الأحمق الثعلب. الكلب الأحمق:

جِئْتُ والصَّيَّاح نَسْعَى *** كَيْ نَسِيرَ إِلَى المَلِيكْ
قُم بِنا نَمضِي سريعًا *** لا أَفَضَّ الله فاك
ذَاكَ مِن عجَبٍ تَبَدَّى *** ثعْلبًا يَمْشِي وَدِيكْ

يسمع الجميع نباح كلب من بعيد.


الثعلب:
هَلْ سمِعْتُمْ ما سَمِعْتُ؟

الكلب الأحمق:
قدْ سمِعْنَا من نُبَاحْ

الديك:

إنَّهُ كلْبٌ صغيرٌ *** رَاحَ يبحَثُ عن طَعَامْ
ربّ يلْقَى بعضَ خبزٍ *** أو قليل مِن عظامْ

الثعلب:
لَوْ يَجيء الكلْبُ هَذَا *** صِرْنَا في جَمْعٍ كَبيرْ
إِذْ يَرَانَا اللَّيْثُ جَمعًا *** أَمْسَى منَّا في سُرورْ

الكلب الأحمق:
انتَظِرْ وَالدِّيك وقتًا *** سَوْفَ أُحْضِرُهُ سَرِيعًا
إِذْ أَقولُ لَهُ سيَأْتِي *** دَائِمًا عِنْدِي مُطِيعَا

الكلْب الأحْمَق ينطلق مسرعًا لكي يأتي بالكلْب الصغير.


الديك:
لا تَدَعْنِي لا تَدَعْنِي

الثعلب:
لا تَخَفْ ذا اليَوْمَ مِنِّي

الكلب الأحمق وهو يجري:
لَنْ أَغيبَ سِوَى ثَوَانِ *** ثُمَّ أَرْجِع فِي مَكَانِي

ينطلق الكلب الأحمق مسرعًا، حتى إذا توارى عنهما انقضَّ الثعلب على الدِّيك وانطلق به قائلاً.

الثعلب:
أيُّها الدِّيك النَّبيلْ *** صاحِبَ العُرْفِ الجَمِيلْ
لا تَخَفْ منِّي عَداءً *** قَدْ بَقِيتَ لَنَا خَلِيلْ

الدِّيك:
أَيْنَ تذْهَب بِي يَا ثَعْلَبْ؟

الثعلب:
عندَ جُحْرٍ لِي لِنَلْعَبْ

الديك:
فانتَظِرْ ذَا الكلبَ يأْتِي

الثعلب:
لَسْتُ فيهِ اليَوْمَ أَرْغَبْ

الديك:
أَلْقِنِي فِي الأَرْضِ أَمْشِي

الثَّعلب:
قَدْ أَخَاف عليْكَ تَتْعَبْ

الكلْب الأحْمق يصِل إلى الكلب الصَّغير ويقول له.

الكلب الأحمق:
أَلا يَا صَاحِ فلْتَأْتِ *** ثُعالَه هُناك منتظِرا
كذاك الدِّيكُ كَي نَمضي *** لنعْلَمَ ذلِك الأمرا


الكلب الصغير:
أيُّ أمرٍ سوفَ نعْلَم:

الكلب الأحمق:
في الطَّريق لسوْفَ تفْهَمْ

يمضي الكلب الصغير مع الكلب الأحمق فيحكي له في الطريق ما حدث.

الكلب الصغير:
ما رأيتُ اليومَ كلْبًا *** مثلَكم حمقًا وجهلا
هَلْ تُصَدِّق هذا يومًا *** هَلْ ظننْتَ الأمْرَ سهلا
هَلْ يُرَى بالغَابِ شرْعٌ *** للسَّلام يَكُونُ أَهْلا

الكلب الأحمق:
سَوْف ندْرِي بَعْدَ حِينْ *** ذَلِكَ الأمْرَ المُبِينْ
إِنْ يَكُنْ كِذْبًا فَوَيْلٌ *** لِلثَّعالِبِ أَجْمَعِينْ


الكلْب الصَّغير:
قَدْ خُدِعْتَ فَلَنْ تُلاقِي *** فِي المَكَانِ هُنَاكَ أَحدَا
لَيْسَ مِن ديكٍ سَتَلْقَى *** أَوْ تُلاقِي هناك أسدَا


يصِل الكلبان إلى مكان الثَّعلب والدِّيك، فلا يجِدان أحدًا.

الكلب الأحمق:
قَدْ أضعْتُ الدِّيك ويْلِي *** ذَاكَ مِن حُمْقِي وَجَهْلِي
أَفْلَتَ المكَّار يَجْرِي *** إِذْ تَغَيَّب عنِّي عقْلي
بعد ما قَدْ كانَ منِّي *** كيْفَ أرْجِع نَحْوَ أَهْلِي

الكلب الصغير:
كَمْ أُحاوِل فيكَ شتَّى *** أَنْ أُدَاوِي مِنْكَ حُمْقَا
لَم أَجِدْ لكُمُ دَوَاءً *** رَاح ينفعُ فيكَ حقَّا

الكلب الأحمق ينكِّس رأسَه، ويمضي مع الكلْب الصَّغير حتى يأتي قريبًا من القرية، ثمَّ يجلس حزينًا نادمًا على ما كان منه.

Brrb

__________________




مَآ أجمَل أن نعلَمَ ؛ أنِنآ لَن ↑ نرْتِفعَ
إلآ إذآ. . ~ إنخِفضنآ للـہ ↓ سَآجديّن


مدونتي الهبلة
رد مع اقتباس