عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 08-27-2013, 07:33 PM
 
البارت:

أثناء قيادتها,شعرت بدوار مفاجئ, استجمعت كل قواها لتركز فقد شارفت على الوصول,وعند وصولها تنهدت تنهيدة خرجت من أعماقها , صعدت إلى الأعلى نظرت إلى كل شيء بقي كما هو لم يتغير, سوى سماعها موسيقى
ذات ألحان فرحه وطبول قرعت بشكل غريب, لم تبالي بكل هذا, فتحت الباب ودخلت,هرعت إليها ساندي...
ـ: أهلا بك سيدتي هل أصبتي بمكروه قلقت عليك...؟
ـ: لا لم اصب بمكروه لكن منال...
نظرت خلفها وتساءلت ,ـ: أين هي لماذا لم تأتي معك..؟
ـ: لأنها قتلت أمامي..
صرخت ـ: ماذا..........
ـ: حين أوصتني بطفلتها كانت تشعر بأن موتها قريب جدا..
ـ: لكن كيف تم ذلك...؟
ـ: كنا خارج المصنع أثناء انتهاء العملية لم أجدها بجانبي, هرعت إلى الداخل ووجدت احدهم ممسك بعنقها وصرخ بكلمات
وقتلها بين يديه وبعدها فقدت الوعي..
ـ: مؤسف جدا ما حدث, وهل تم دفنها؟
ـ: نعم للأسف لم احضره لأنه قد تم الدفن وأنا غائبة عن الوعي, فقد ظهر فجأة أحد أقرباءها وهو تكفل بكل ذلك..
ـ: ماذا عن الطفلة..؟
ـ: سأعتني بها أنا,إنها وصية والدتها وسأنفذها حتى ترقد براحة حيث هي..
حل الصمت بينهما, ودخلت رحيق إلى غرفتها باحثة عن راحة باتت مفقودة بظل مسؤولية كبيرة وضعت على كاهلها

استبدلت ملابسها وانتبهت إلى الطفلة النائمة بسلام على سريرها, جلست تنظر إليها وعيونها تبرق بسحابة دموع,
أمسكت بها برقة, قبلتها ببطء, وانهمرت أمطار دموعها تتساكب بقوة, صورت منال وكيف قتلت تكاد لا تفارقها,
كلما حاولت النظر لشيء تجد صورت منال وهي مقتولة محفورة بذاكرتها, التمست أنامل الطفلة الناعمة,احتضنتها والدموع لا تكاد تفارقها...

همسة : صعب جدا أن تتعود على شخص دخل حياتك لبرهة تجده خارجا بلا عودة, بلا وقت محدد, بتساؤلات كثيرة
بغرابة من قدر كتب لنا البقاء لوحدنا..
......................................
استلقت على سريرها محتضنة الطفلة بحنان, نامت ودموع ترسم على خديها رسومات متعرجة...

خرج من سيارته, واضعا يديه بجيوب معطفه, نسمات هواء تحرك شعره القصير الناعم, استنشق كميات كبيرة من الهواء,وتنهد .................

"لآني لست أنا, ولدت بليلة خطف بها القمر,وكانت السماء غاضبة,ترعد وتبرق,لأني خرجت باكيا قاطعا صمت الليل بوسط طرقات حبات المطر على نوافذ مكسورة,بوسط روح تعارك من اجل البقاء,وصراخ ونحيب زعزع الجدران محطمة, بقيت وحيدا, لآني ليس لي ذنب, حكم علي بأن أحيا حياة شقاء وعناء,أدفيء نفسي من برودة قاسية ومن دفء لاذع, وزمهرير قاتل,اجمع قواي من جسدي المثقل, لاقف ثابتا حتى اثبت وجود إنسان أنكره المجتمع لأنه
......

صمت وتوقفت الرياح عن اللهو بأوراق الخريف,أنصتت العصافير لهمساته, نظر إلى السماء المبشرة بنزول المطر, انتقل بنظره إلى الأشجار الثابتة بكل شموخ,تمنى بداخله لو كان مثلها تعارك الرياح من اجل البقاء بكل اعتزاز...

أخذ يغني ببطء أغنية فيروز
"رجعت الشتوية
ضل افتكر فيّ
رجعت الشتوية

يا حبيبي الهوى مشاوير
وقصص الهوى متل العصافير

ماتحزن يا حبيبي
اذا طارت العصافير
وغنية منسية عَ دراج السهرية
رجعت الشتوية
يا حبيبي الهوى غلاب
عجل وتَعا
السنة ورا الباب
شتوية وضجر وليل
وانا عم بنطر على الباب
ولو فيي، بعيني
بخبيك بعينيّ

رجعت الشتوية
ضل افتكر فيّ
ضل افتكر فيّ
رجعت الشتوية"


خرقت كلمات قلب الزهور البرية المنتشرة بعشوائية,أخذ يحركها الرياح مستمتعا كأنه يتراقص معها..
توقف عن الغناء عائدا إلى سيارته...........

استيقظت بصعوبة, فتحت عيناها ببطء نظرت الى الطفلة التي تلهو بفرح, قبلتها, أخذت تبكي جوعا, نهضت محتضنة الطفلة متجه إلى المطبخ, أعدت لها الحليب, أخذت تتناوله بجوع جديد, نظرت إليها رحيق بكل حب,
بداخلها صممت ان تعوضها عن كل شيء, لن تشعرها بالوحدة القاسية التي مرت بها, لن تدع احد يؤذيها,
ستحميها من هذه الحياة المفترسة بكل قواها....
نامت بكل استسلام بأحضانها, وضعتها بسريرها,ونامت بجانبها منتظره يوم جديد مجهول بكل ما فيه...

أخذ الدخان الملوث يتصاعد بشقاوة منبعث من سيجارته, يقود سيارته مشوش الأفكار, يدخن واحده تلو الأخرى
وصل مكتبه فأطفأها ,وجد معاملات وصفقات بحاجة لدراسة, جلس يدرسها ربما تنسيه لو قليلا ما يدور حوله وتلك المقابلة اللعينة التي أخذت تقترب وتوتره أكثر,فرغ من أعماله, وقف أمام النافذة ينظر الى هذا وذاك, دولاب الحياة يسرع بهم, وكل شخص يدور خلف مصلحته,المباني الشاهقة تقف بكل ثبات, ابتعد عن النافذة, محدقا باللوحة التي اشتراها قبل أيام معدودة,شيء خفي شده إليها, لغز محير بها, ذاك القصر اللعين بشكله العجيب, وكآبته الغريبة, لكن هل هو حقيقة؟, فالرسام أكد لي وجوده,لكن السؤال أين هو..........؟
.................................................. ......................
أخذ ينظر إلى كتبه المفضلة, وروايات عشق قراءتها,إلى كتب قضى معها أوقات جميلة,أدهشته وعلمته, وجعلته يبتسم,إلى قصص استفاد منها وقضى بصحبتها أروع الأوقات, ابتعد عنها,أخذ مفاتيحه وخرج من مكتبه
متوجها إلى الخارج وجهه يكتسحه الغموض وتلك النظرة الغريبة..

بمكتب عصري يجلس به ثلاثة أشخاص, يريدون تدمير العالم لو بمقدورهم ذلك,يريدون تحطيم كل شخص ناجح ,
كل شخص ارتفع اسمه, كل شخص كان ذنبه صعود سلم النجاح ووصل قمته,يخططون باجتماع مغلق, بخططهم التي تفوح بالشر,تحدث رئيس العصابة...
ـ: الموعد أخذ بالاقتراب استعدوا جيدا كما خططنا..
أكمل مساعده الثاني,ـ: لا تقلق انه سيأكل طعم بسهولة, لكن تلك رحيق لم ندمرها حتى الآن فقد نجت من الحريق بسهولة..
ـ: فشلنا هذه المرة لان الضربة لم تصوب جيدا..بالمرة القادمة ستكون بقلب المرمى..
انضم إليهم, المساعد الثالث, ـ: أعددت خطة جهنمية ستحطمها الى حد بأنها لن تستطيع الوقوف..
وضحكوا جميعا, سنرى بالنهاية من سيضحك ومن.......

بالغرفة المحظورة على رحيق دخولها, هنا من يحرك فيها الأثاث, أصوات الحركة مسموعة بقوة, لان بعض الأشياء
تسقط,وأحيانا هدوء تام,كأن أحدهم يلهو, صوت الضحكات مسموعة,النافذة مفتوحة والستائر تتطاير منها, وهناك احدهم لكن اختفى,سمعت رحيق كل تحركات, لكن تذكرت التحذيرات, وشغلت نفسها بالطفلة القابعة بأحضانها,
وضعتها على سريرها, وهناك بداخلها رغبة ملحة تحثها على الرسم, دخلت المرسم باشتياق, أخذت الفرشاة بين يدها تتراقص على اللوحة بخفة, فقد رسمت لوحة للطفلة بألوان جميلة, ربما تغير بعضا من كآبتها التي لم تتغير منذ زمن بعيد........

سقطت الفرشاة من يدها على اثر سماعها بكاء الطفلة,بداخلها خوف من هذا القصر على هذه الطفلة البريئة, لا تعلم ماذا يحدث او ماذا يجري, بوقت خروجها,أخذت تهز الطفلة بين يديها حتى هدأت أخذت تنظر إليها بعنين مفتوحتين,لطفلة لم تجاوز الأربعة أشهر, جلست بها على الأريكة, كانت تواجهها تلك المرآة الكبيرة, نظرت الى نفسها وذهبت بفكرها بعيدا جدا, إلى حيث كانت بسن العاشرة من عمرها..
ـ: جدي دميتي هذه ستبقى معي وستنام معي..
ـ: أتمنى بأن أراك محتضنة أطفالك..
ـ: جدي ماذا تقصد..؟
ـ: حين تكبرين ستفهمين..
ـ: جدي أين هي جدتي...؟
ـ: ذهبت بعيدا عن هنا, تاركه وراءها لعنتها...
لم تدقق بأخر كلماته, بمرح: ألن نأكل الحلوى؟
ـ: بلى لكن بعد أن تتناولي الفطور..
ـ: لا أريده.. لا أريد الحليب..انه يذكرني...بــ
وجلست تبكي, اخذ الجد محتضنها بكل حب..
ـ: طفلتي أنسى تلك الأوقات القاسية, المستقبل دائما أجمل..
ـ: كلا لن أنسى, لماذا أحضرتني الى هنا, لماذا..............؟ أكملت, لتقول لي كل ما أراه هنا أوهام...
ـ: نعم يا صغيرتي إنها أوهام لا أكثر تتخيلينها..
ـ: وجورجيت التي كنت تذكرها وأنت نائم...
صعق حين سمع باسم جورجيت,ـ: ربما تفوهت بها هكذا...
جلست تبكي ...وحكم عليها منذ طفولتها حتى صباها البكاء والسبب جورجيت..
أغلقت عيناها , تجمع قواها, تزيل ذكرى الماضي من ذاكرتها تطردها بقوة, لأنها لم تعد تحتمل كل الإلغاز التي تدور حولها, وتجعلها كالعمياء عن كل شيء...
................................................

أخذ يحاكي عصفوره الصغير, بقفصه الجميل, وضع له الطعام والماء, انه الوحيد الذي يشكي إليه الالامه, ويستمع بإنصات تام,فقد اشتراه يوما وأعجبه ألوانه الهادئة فأراد الاحتفاظ به,يحب أن ينظر إليه حين يعود من عمله, يعطيه شعورا غريب, يجعله يبحر بعيد بزورق ذكرياته المنسي, ابتعد عنه صاعدا نحو غرفته باحثا عن راحة هاربة من بين جفونه..

يخططون بكل تركيز, وهدفهم تدمير ..التحطيم.., شعارهم" لا للنجاح ونعم للفشل", غريبون هم ,تفكيرهم عجيب
خططهم غريبة, وهدفهم المجنون سيلقي بهم إلى الهاوية,
تحدث رئيس العصابة,ـ: بعد يومين من الآن ستكون المقابلة مع البراء
ـ: سنعلمه اليوم, وسنشدد على أن لا يحضر معه أي شخص..
,ـ: سندمره ببطء حتى يتمنى بأنه لم يولد ولم يكن يتيما !!!!!!!!!
رئيس العصابة, بسخرية ـ: ابن الملاجئ يظن نفسه سينجح انه يحلم حتما...
بقسوة أكمل مساعده الثاني ,ـ: شهادته كاذبة حتى ان أسماء والديه غير حقيقية
ـ: كل قوته وتسلطه وغروره, وشخصيته القوية ستتحطم, سينكسر, لا يحق له ان يرفع رأسه..
ـ: نعم الأفضل له ان ينكسه للأبد لأنه لا يعد إنسانا في هذا المجتمع....
وأخذوا يقهقهون بجنون يكاد يثير أعصابك...

همسة: لأنه يتيم, لان القدر أراد ذلك, لأنه لم يكن ذنبه, حكم المجتمع عليه أن يكون هامشا مهشما لا وجود له من عقول مريضة لا وجود للانسانيه بداخلها مكان ...

رنين هاتفه الخلوي قطع صمت المكان,ابتسم بسخرية, فالمتصل معروف لديه...
ـ: كيف حالك يا براء..؟
ـ: لست بخير حين سمعت صوتك..
ـ: ماذا ؟؟ تريد أن تغضبني منك..فالمقابلة بعد يومين..
ـ: لا يهمني لا أنت ولا غيرك...
ـ: حسنا يا لا يهمك احد, سنرى بالمقابلة هذه الثقة كيف ستكون..
بسخرية,ـ: يهمك أمري كثيرا..
تحدث كما تتحدث الأفعى لتبث سمومها ,ـ: كثيرا فوق تصوراتك الى اللقاء..
أغلق الخط بلا لباقة ولا ذوق, لا تتوقع منهم سوى الغرائب...

ضغط بيديه بقسوة على هاتفه,لعنهم ألف مره بداخله, تمتم مع نفسه مهدئا أعصابه,خرج من قصره يقود سيارته
بسرعة ربما تخفف من حدة غضبه,أخذ يدخن واحدة تلوى الأخرى بلا وعي منه, المهم أن يهدأ هذا البركان الذي انفجر بداخله بلحظة غير متوقعة...

" تبا لهم جميعا, يعشقون اللعب بأعصابي, يريدونني ان أتخلى عن نجاحي بسبب عقولهم المريضة, لا إنها أمنية لن تتحقق, وأيضا يهددوني بأنهم سيغضبون, يظنون أنفسهم بأنهم ذا قيمة لكن هم لا شيء كما هو رماد سيجارتي الذي يسقط محترقا, سيكونون كما هو, إنهم جماعة حمقى وأغبياء, لديهم عقول لتخطيط فقط ولا يستغلونها بتحقيق نجاح يذكر,أتمنى معرفتهم هؤلاء * المدمرون الثلاثة* دمروا الكثيرين, بطريقة لا يشك بها مجنون, إنهم امكر من إبليس ذاته, لكن ألن يسقط إبليس بالنهاية بحفرة خبثه ومكره طريحا لا يساعده احد؟!"
................................................
خرجت رحيق خائفة بعض الشيء, بأحضانها الطفلة, مدثره بوشاح دافئ, تسير بجانبها ساندي, أخذن يتنزهن ببطء بهذه البقعة المعزولة نوعا ما, تحطمت أوراق الخريف تحت قدميها, تنظر إلى كل هذا بحيرة, استنشقت الهواء
و الغصات بداخلها حبيسة بأسوار قلبها, تحاول النسيان, تحاول الاستمتاع بالطبيعة, تحاول عبث, جلست على الصخور الحجرية, والهدوء مازال سيد الموقف,لم تقاطعها ساندي كأنها كانت تعلم بأعماقها ان سيدتها بحاجة للصمت بدلا من الكلام, أخذت تنظر إلى الأرض حيث الحشرات النشيطة تبحث عن غذاءها, تبسمت فالكل يبحث عن رزقه في هذه الأرض لكن فجأة دون مقدمات هناك شيء سقط على رحيق, نظرت إليه ووجدته رسالة مطوية بلا عنوان فتحتها وكانت.....
....
استمتعي بهذه الأوقات القليلة
فأمامك العذاب الكثير
لن تهنئي للحظة واحدة
لأنك خلقت فقط لتقتلي
على أيدينا
وداعا
* المدمرون الثلاثة*

سحقت الرسالة بين يديها بقسوة, نهضت وطلبت من ساندي النهوض,عادت إلى القصر وهي تفكر بحل لهذه المشكلة المعقدة...

كاد القلم ان يحطم من بين يديه, يفكر بعمق, وكل تفكيره منصب على اقتراب الموعد المحتم, مع المدمرون الثلاثة,
نظر إلى اللوحة التي احضرها من مكتبه لمنزله, والتساؤلات لا زالت تدور بذهنه, هذه الغموض الذي يلفه بكل سرية, لما وما السبب, هل حقا هناك شيئا كبيرا جعله هكذا,لا ادري كل أفكاري مشوشة,نهض خارجا إلى حيث يقبع عصفوره ربما يريحه الجلوس والنظر إليه....

في القصر صوت غريب شابه بمعزوفة حزينة,ألحانها تخترق أعماقك, الذي يعزفها يعبر عن حزنه العميق وألمه الدفين, كانت تجلس رحيق بالطابق السفلي لوحدها, لم تخف من كل ما يحدث, لا يهمها شيء,كانت تنظر إلى الفراغ بكل عمق وحواسها كلها مشدودة,كأنها بسرها كانت تتبع الحان المعزوفة, استمرت الألحان تعزف بحزن اكبر,
كأن الذي يعزف يتذكر أحداث مؤلمة حصلت معه, وقلبه النازف لا زال يحترق وجعا, اعتراها حنين إلى غرفتها القديمة, نهضت متجهه إليها, فتحت النور, رأتها كما هي لم يتغير شيء سوى أن طفلة المثقلة أصبحت أنثى واعية وناضجة,تذكرت شيئا برق بذاكرتها كلمح البصر, ولكن ذهب, أخذت تفتح الأدراج بحثا عن شيء نسته تماما,
بحثها دون جدوى لم تجد شيئا...

" كيف لي أن أنسى, لا يعقل أنني أضعته, أين اختفى..!, انه كاشف أسرار هذا القصر, هو من سيجيب عن تساؤلاتي,لكن أين اختفى يا الهي, إنني أتذكر انه هنا بأحد الأدراج لكنه غير موجود, لا يعرف به احد سواي, أوصاني جدي بأن افتحه حين اكبر وانضج, حين افهم هذه الحياة الصعبة,لكن يال لحماقتي فرطت من بين يدي معرفتي الحقيقة التي كتبت بمذكرات جدي...!
..............................

في غمرة أفكارها تذكرت أنها لم تتابع إعادة بناء المصنع من جديد, بعد أن احرق والتهمته النيران الجائعة التقطت هاتفها وتحدثت مع المسؤول عن كل شيء, بعد ان اتفقت معه, وطمئنت انه كل شيء على ما يرام, أمسكت أوراقها وقلم الرصاص, وبرقت فكرة بذهنها
جعلتها تبتسم........

خرج المدمرون الثلاثة كل على حده , منطلقا بسيارته مشعل النار بها من سرعتها,فموعد التدمير, أصبح قريبا جدا, اقرب من الروح إلى الجسد...

وبمكان الموعود وقف براء ينظر إلى هذا المكان الموحش فظلام بدأ يسدل ستارته ببطء, نظراته الهادئة تربك الصمت بهذه اللحظات العاصفة,دخان سيجارته يتصاعد بكل شقاوة,اخذ يستمع للحن حفيف الأشجار بكل إنصات, إلى أن حلت زوبعة كشفت عن المدمرون الثلاثة...
هبطوا معا بكل دقة, خطواتهم مدروسة كما خططوا لهذه اللحظة المجنونة,كل شخص منهم ملامحه ماكرة مصحوبة بنظرة شيطانية...
تحدث رئيس المدمرون...
ـ: ها قد أتيت على الموعد , فقد ظننت بأنك لن تأتي..
بكل هدوء يثير جنونك, ـ: لست أنا من يوعد ولا يوفي..
بسخرية,ـ:ياه أيوجد مثل هؤلاء الأشخاص في هذا الزمن..
نفث سيجارته وقال ,ـ: لست أدري أنت اعلم..
ـ:حان وقت لنكشف الاقنعه..
باستهزاء,ـ: اكشفها فهي مزيفة كما هو تمثيلك الغبي..
ـ: لا تحاول أن تخطأ على سيدك, لأنني باشاره سأدمرك..
قهقه ساخرا,ـ: يا الهي أنا ارتجف خوفا منك, يا سيدي الفاشل والمدمر..
ـ: أنت لا تعلم بعد مع من تتحدث..
بقسوة,ـ: بلى, أتحدث مع عقل مريض, عقل يفكر فقط ليدمر, عقل غبي, لا يستطيع التفريق بين الصح والخطأ..
ـ: كل هذا مدح لي شكرا, مهما تحدثت لن تغير موقفي من تدميرك بثلاث خطوات..
بكل استهزاء,ـ: الخطوة الأولى ما هي..؟
لم يكمل سؤاله, حتى انهالوا عليه أشخاص كان يقفون خلف الشجر,أخذوا يضربوه بكل قسوة, وهو يقاوم بكل مهارة وثبات, حركاته المدروسة, ضرباته القاضية, التي تعلمها حتى يقاتل من يدمره,وبشدة هذه المعركة الطاحنة, والدماء تنزف منه, غرز خنجرا في كتفه, وآخر بساقه وآخر ما سمعه,,,هذه هي الخطوة الأولى يا ابن الملاجئ...!!!....
وغاب عن الوعي, مغلقا عينيه الدماء تنزف من جميع أنحاء جسده المتعب,ترك حفيف الشجر يرثيه بصوته الشجي..
............................
ابتسمت برضا حين انتهت من رسم التصميم الذي خطر لها وهي بقمة تفكيرها أن تزيد عليه أشياء أخرى, نظرت إليه وتخيلت الفستان الجميل حين تصممه وترتديه الطفلة, حتما ستزيده جمالا, أمسكت قلمها ورسمت قبعة جميلة تتناسب مع نموذج الفستان, وأكملت رسم الجوارب التي بدأت برسمها وتركتها, في حين انتهائها نظرت إلى تصاميم نظرة أخيره, ستطلب منهم ان يسرعوا في العمل, لان موسم الخريف لصبح ببدايته, وحتما المشتريين بانتظارها كما كل مرة...

أغلقت عيناها, وشكرت جدها بسرها, الذي حفزها على نمو بهوايتها وإبداعها فيها, كان يشجعها, متيقنا بأعماقه بأنها ستكون النافذة الوحيدة التي ستخرجها من حزنها,وتجعلها تستنشق هوائها الذي سينعشها..

صاحت قائلة: لا تبتعد..
قال بكل هدوء: قدرنا من أراد ذلك..
نهضت متجه إليه وهمست: لكنني احبك..
صاح بها: وما ذنبي..؟
صرخت: ذنبك انك جعلتني أحيا بوهم اسمه الحب..
نطق بهدوء: ضعي اللوم على ماضيك..
خاطبته قائلة: أي ماضي تتحدث..انه طي النسيان..
خاطبها قائلا: لا سيبقى الماضي عقبه بطريقنا ...الوداع
صرخت وهزت جدران المسرح: لا ترحل, اكره الوداع..
صاح بقسوة: ماضيك هو من كان سبب افتراقنا..
جثت على ركبتيها على ارض المسرح وبكت بكاء مرير وأسدلت الستارة...

لم تتذكر أين قرأت هذا المقطع وبأي كتاب, فقد تذكرته بلحظة غريبة,اخذت تبحث بأدراج كتبها عن الكتاب المفقود بطي النسيان..........

ارتدت ملابسها الرياضية, وحذائها الرياضي, ارتدت حجابها المتناسق مع ملابسها, نظرت إلى المرآة نظرة أخيره خرجت من القصر بهدوء, منذ كونها طفلة لم تركض لمسافات طويلة,استنشقت الهواء النقي, استعدت جيدا , وآخذت تركض, وبذهنها العديد من الأفكار التي لا تحصى, أمور لم تفكر بها, وأخرى فكرت بها ولم تجد حل لها,لم تعلم كم قضت وقتا وهي تجري لكن الذي صدمها هو ما رأته, شهقت شهقة تردد صداها بلا توقف..
..................................
__________________