هل المؤمن يحب الجنة للمصلحة؟ تحليلات الماديين غير منطقية ، لماذا غير منطقية ؟ لأن منطق المصلحة من حيث هي مصلحة مرتبط بالعاجل ، ولم تـُسمى مصلحة إلا لارتباطها بالعاجل ، وعلى قدر قرب الثمرة يسمى الأمر مصلحة ، فهذا هو منطق المصلحة ، مثل لو عرضتَ أرضاً للبيع و أعلنت انها سوف تكسب ضعف ثمنها بعد خمس سنوات لكـَثـُرَ الزبائن لطلب شرائها ، فإذا قلت أنها ستكسب بعد 15 سنة فسوف يقلـّون تبعاً لقانون المصلحة ، و إذا قلت بعد 40 سنة سيكونون أقل ، و إذا قلت بعد 70 سنة فسوف يضحكون ، وإذا قلت بعد الموت فسوف يصفونك بالجنون..!
هذا هو منطق المصلحة وهو غير منطبق على جنة يدخلها المؤمن بعد أن يكون تراباً وعظاما وينقضي العالم كله ..
لاحظ أن ربط فكرة دخول المؤمن الجنة بالمصلحة ربط ضعيف جداً لا يجعل الصورة قابلة للاقناع ، كعادة التحليلات المادية البعيدة عن الإقناع، ثم بعد دخول المؤمن الجنة والنجاة من النار ، فتبعاً لهذه الفكرة فلا قيمة لمحبة الله ! بل سينصبّ الحب كله لمحبة الجنة ، فهل يقبل العقل هذا الشيء؟
المؤمنون و هم في الجنة : ألا يحبون ربهم لأنهم ضمنوا أنه لن يخرجهم منها؟ فهل هذا شيء يـُتصور؟! ألا يجعلنا هذا نتشكك في التحليل المادي كله و أنه غير منسجم مع العقل؟! أم أن العقل أصبح لا قيمة له؟
إذن ليس قانون المصلحة المادية هو من يحرك المؤمن ، بل أمر معنوي آخر هو محبة الله و محبة أن يوجد هذا الإله لأنه رمز الخير ، إذن المؤمن الحقيقي آمن لأنه يحب الخير ويستعد لتقديمه على المصلحة ، و قانون المصلحة عرفناه ، فكلما قربت الثمرة كلما استحق كلمة مصلحة ، بل إن المؤمن الحقيقي مستعد للتضحية بما يسمى بالمصلحة المضمونة ، فهل في المنطق المادي أن تضحي بمصلحة مضمونة لأجل مصلحة بعد نهاية العالم والكون وهي غير مضمونة أيضاً؟؟!
البعض من المؤمنين يحاولون أن يجمعوا بين الفكرتين ولا أقول كلهم ، فلا يريدون التفريط بالعصفور الذي في اليد و يرمون شباكاً على العشرة التي في الشجرة ، وهذا تناقض يفيد أنهم رجّحوا فكرة المصلحة ، إذن فكرة المصلحة تفسد الإيمان ، والشيء لا يُبنى على ما يُفسده ..
((كتبه الورّاق، وجزى الله خيراً من نقله دون اقتباس مع ذكر المصدر: مدونة الورّاق)) |