نصر الله اقترب.. فأين أنت؟
تمر أمتنا بمرحلة تمحيص واصطفاء.. قد تكون مرحلة قاسية ومؤلمة، لكنها سنة الله تعالى ان لايمكن للحق ورجاله الا بعد تمحيص واصطفاء، فراية النصر لا يحملها الا من اكرمه الله بالجهاد والمجاهدة او اصطفاه للشهادة.. سنة الله واضحة في قوله تعالى: {وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله..} فحين اشتدت الأزمة وأخذ الصحابة يجلسون الى رسول الله يسألونه أن يدعو الله لهم بالنصر لشدة ما مسهم من الاذى وبعد ان قتل من القراء سبعين رجلا.. وبعد أن تمحص الصف وانكشف المنافقون.. جاء الجواب {ألا إن نصر الله قريب} إنها مرحلة تمحيص للأفراد والجماعات، للشعوب والحكومات.. تمحيص واصطفاء لمن يصلح أن يواصل المسير ولمن يستحق أن يكرم ببذل المزيد، واختيار للصادقين في السراء والضراء.. إنها كشف عن معادن الرجال، ليميز الله الخبيث من الطيب، ليجلو خبث النفوس وران القلوب.. رجال طالما تغنوا بإمجاد الأمة وصفقوا لتاريخها وظهروا في لبوس الناصحين المشفقين.. وماهي إلا غمسة يسيرة في الفتنة حتى انكشفت خفاياهم وظهر مكنون قلوبهم وانزلقت بهم السنتهم في بحر الهوان.. أيها الصادقون مع ربهم ولدينهم لا تهتموا بنهاية المرحلة ونتيجة المعركة.. فالغلبة والنصر لكم وان طال الزمن.. ولكن الذي يجب أن تلتفتوا له وتجعلوه نصب أعينكم هو تأهيل أنفسكم وإصلاح قلوبكم وإتقان أعمالكم وإخلاص أقوالكم، فهذه المرحلة الحرجة كمفازة موحشة من لم يتزود ويستعد لعبورها فيوشك أن يهلك عند أول منعطف فيها.. إنها مفازة لا يجاوزها الجبان ولا المتكاسل ولا المسوف.. صحراء جافة إلا من رطّب قلبه بذكر ربه. صحراء موحشة إلا من استأنس بكتاب ربه.. صحراء طويلة لا يقصرها إلا الاتصال بالله.. حددوا هدفا واحدا، وكونوا صفا واحدا، والتزموا برأي واحد، فعدوكم قد عقد العزم على فرقتكم وراهن على شق صفكم.. ضاعفوا الجهد وزيدوا البذل، وأكثروا العطاء وجودوا بكل غال ونفيس في سبيل نصركم وتحقيق مطلبكم ومرادكم الأسمى.. وكونوا على ثقة ويقين أنه مهما اشتدت الفتنة وقست في قبضتها وطالت في زمنها فإنها ستشرق بفجر أبلج ينسي الليل المظلم.. أيها الأحرار الأبرار ؛ دونكم النصر فاسلكوا سبيله.. تلكم هي القمة تنتظركم فاستبقوا إليها.. هاهي الشهادة تناديكم فمن يظفر بها.. وتلكم الجنة تتزين للقياكم وتفتح لكم أبوابها وتعرض عليكم حورها فسارعوا لدخولها فقد أعدت لكم.. وفيها ستنسون كل هم أو غم وتنسون كل نصب أو تعب أو جهد أو سهر.. وينادى عليكم: {وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون}