كنت أسير فى صبيحة هذا اليوم عندما سمعت الصيحة "حاسب ياحاااج" أدرت رأسى فى سرعة لأرى المشهد الفظيع رأيت الرجل الكبير السن بجسده الضخم وهو يصطدم بالجانب الحديدى للسيارة الجيب الحمراء ويدور جسده نصف دورة ويسقط كالجبل ليرتطم رأسه بالأرض فى صوت اهتز له قلبى فرقاً... أظلم العالم بالنسبة اليه .. وسكن الوجود .. وانتهت الأحلام .. لم يعد للمشكلة التى واجهها أمس أى وجود .. لم تعد لضحكات النصف ساعة الماضية أى معنى .. لم يعد هناك أى وجود للشر الذى كان ينوى أن يقوم به .. وانتهت آراءه وذكرياته وأفكاره .. انتهت مشاكله مع الحياة وانتهت مشاكل الحياة معه. أسرعت اليه ضمن المسرعين لأجد الدماء تسيل من رأسه وسائل يسيل من أنفه لم أجرؤ أن أمد يدى لألمسه أو أحمله مع الحاملين. كانت صرخات زوجته تشق السماء الى رب العالمين
توجهت الى وقالت وهى تصرخ "هات لى صلاح" أدرت عيونى عنها فى ألم من لايملك لمن فى كل الحاجة الى أى شئ.
ووجدت ولد فى السادسة عشرة أو أقل يهبط مسرعاً مرتجفاً من السيارة ويقول لقد قلت له حاسب ياحاج .!!
نظرت الى الكيس الشفاف الذى كان يحمله الرجل وبه أرغفة العيش الساخنة التى لوثتها الدماء والجريدة التى أمتزج فيها الحبر الأسود بالدماء القانية.. نظرت الى جلباب الرجل الأبيض الذى تمزق وغيرت لونه الدماء والأتربة. رأيته وهم يحملونه الى سيارة الحادثة ويركبون معه وتنطلق السيارة الى المستشفى وواصلت النظر حتى أختفت السيارة فى الأفق البعيد.