09-19-2013, 05:17 PM
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم تـقـديـم
الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله صل الله عليه وسلم ... وبعد: فهذه كلمات نافعة في الفِرَقِ والمعتقدات وأهلها جمعتها أختنا في الله الداعية إلى الله – ولا نزكي على الله أحداً – فإنها سائرة على نهج أهل السنة والجماعة متحرية للحق والصواب ملتمسة الدليل الصحيح، ألا وهي أختنا أم تميم. حفظها الله تعالى وبارك فيها وفي زوجها وذريتها، ونفع بها وبعلمها وبدعوتها إلى الله. فلقد قامت بجمع هذه الكلمات نصحاً وبياناً وتحذيراً للمسلمين عامة ولإخوانها وأخواتها من طلبة العلم خاصة حتى لا تتشعب بهم الطرق ولا تفرق بهم السبل عن سبيل الله فجزاها الله خيراً على ما جمعت وقدمت. هذا، وقد نظرت في كلماتها فألفيتها – ولله الحمد – نافعة مع إيجاز واقتضاب، ورأيت أن المادة الحديثية التي استدلت بها صحيحة وثابتة ولله الحمد، وكذا فقد كللت بحثها بنقولات عن أهل العلم، وإثبات لمصادر مادتها العلمية. فالله أسأل أن يتوج مساعيها بالنجاح والسداد، وأن يتقبل عملها بقبول حسن ويوفقها في مسيرتها العلمية الدعوية وصل اللهم على نبينا محمد وسلم والحمد لله رب العالمين. كتبه أبو عبد الله مصطفى العدوي مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وبعد: إن المسلم في هذا الزمان يجد نفسه أمام كم هائل من المعلومات يتلقى بعضها عبر الفضائيات وبعضها عبر الإنترنت وغير ذلك من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، ولا يستطيع أن يميز بين الحق والباطل ولا بين السنة والبدعة، ويرجع السبب في ذلك: الإعراض عن طلب العلم الشرعي، زد على هذا انقسام المسلمين إلى فرق وجماعات شتى، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما يحدث الآن من افتراق الأمة، وكثرة الخلاف؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"فإنه من يَعِش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ"([1]). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا إن مَن قبلكم مِن أهل الكتاب افترقوا على ثِنتينِ وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين ثِنتانِ وسبعونَ في النار وواحدةٌ في الجنةِ وهي الجماعة"([2]). هذان الحديثان من أعلام النبوة فلم يكن خلافاً ولا افتراقاً على عهد النبي -صل الله عليه وسلم -وإنما حدث الخلاف والافتراق بعد موته. وأكثر المسلمين الآن لا يكادون يفقهون شيئاً عن هذه الفرق الضالة، ولا عن الفرقة الناجية – أهل السنة والجماعة – والكارثة الكبرى أن كل فرقة من هذه الفرق تروج لمنهجها البدعي ويصدون أتباعهم عن طلب العلم الشرعي، وفي نفس الوقت تدعي كل فرقة أنهم يتبعون السنة، وأنهم يحبون النبي - صل الله عليه وسلم - وبهذا يختلط الأمر على كثير من المسلمين. فنقول لكل من ادعى أنه يتبع السنة، وأنه يحب النبي -صل الله عليه وسلم - قوله تعالى {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة:111) : ولا برهان لديهم ولا أدلة عندهم إلا أدلة واهية لا تنهض للاحتجاج بها كما سيأتي بيانه. ولذلك كان البحث في هذا الموضوع له أهميته لأن دراسته سوف تكشف لنا عقائد هذه الفرق الضالة والتي لا تزال بين ظهراني المسلمين، وقد تعتقد طائفة من المسلمين بعضاً من هذه العقائد، وهم لا يعلمون أنها من عقائد الفرق الضالة؛ لأنهم في الظاهر لا ينتمون إلى فرقة من الفرق ولا جماعة من الجماعات، على سبيل المثال نجد منذ نشأة فرقة المرجئة([3]) أن فئة من المسلمين لا يستهان بها يعتقدون بعقائدها فيقترفون أنواع الذنوب والمعاصي الظاهرة والباطنة ويحتجون بنصوص الرجاء التي جاءت في الكتاب والسنة، كقول الله تعالى {وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٢٢﴾} (النور:22) وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم : "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"([4]). وإلى غير ذلك، ويتجاهلون النصوص التي جاءت بالوعيد للفاجر والعاصي إن لم يتب فهذا إن دل على شيء دل على فساد المعتقد كما سيأتي بيان ذلك عند الكلام عن هذه الفرقة. ومن هذا المنطلق عزمت – بحول الله وقوته – على عمل كتاب ميسر يسهل على عامة المسلمين مطالعته – مع العلم بأن علماء المسلمين الربانيين منذ نشأة الفرق الضالة وهم يقفون لهم بالمرصاد في كل زمان ومكان باذلين جهدهم ووقتهم مسخرين أقلامهم للدفاع عن هذا الدين – فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير جزاء – . ولكن لغزارة علمهم كانت مطالعة كتبهم تثقل لحد كبير على طالب العلم المبتدئ فضلاً عن عوام المسلمين، وقد سُئلت كثيراً عن كتاب سهل يجمع عقائد هذه الفرق، فسألت وبحثت فلم أجد. أيضاً من سمات هذا الكتاب: "عقائد الفرق الضالة وعقيدة الفرقة الناجية" عقد مقارنة بين عقيدة كل فرقة من الفرق الضالة وعقيدة الفرقة الناجية فالأشياء تعرف بأضدادها، والصحيح يظهر ويتضح إذا ما قُرن بالفاسد، والله الموفق. هذا، وقد قمت بعرض الكتاب على العلامة المحدث الفقيه شيخنا الفاضل أبي عبد الله مصطفى بن العدوي – حفظه الله – فراجعه وقد له، فلا أملك رد جميله ولا أستطيع، لأن فضله علي – بعد الله تعالى – عظيم، فجزاه الله عني وعن المسلمين خير جزاء. وختاماً: أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرد الفرق الضالة إليه رداً جميلاً، وأن يوفق جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى العمل بكتابه واتباع سنة نبيه -صل الله عليه وسلم -على الوجه الذي يرضيه عنا، فإنه سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فنعم المولى ونعم النصير. وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. كتبته
أم تميم عزة بنت رشاد بن شاهين [1] ) صحيح سنن ابن ماجه (43) وصحيح سنن الترمذي (4607) ومسند الإمام أحمد (4/127).
[2] ) صحيح سنن أبي داود (4597) وأحمد (4/102)، والدارمي (2/241)، وصحيح ابن ماجه (3993)، وصححه العلامة ابن باز – رحمه الله – في فتاوى اللجنة الدائمة (2/221) قال شيخنا – حفظه الله -: الذي أراه – والله أعلم – أن زيادة "في النار وواحدة في الجنة" ضعيفة. [3] ) سيأتي الكلام على المرجئة تفصيلاً بإذن الله. [4] ) صحيح سنن أبي داود (4597) وأحمد (4/102)، والدارمي (2/241)، وصحيح ابن ماجه (3993)، وصححه العلامة ابن باز – رحمه الله – في فتاوى اللجنة الدائمة (2/221) قال شيخنا – حفظه الله -: الذي أراه – والله أعلم – أن زيادة "في النار وواحدة في الجنة" ضعيفة. يتبع |