عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 09-19-2013, 06:26 PM
 
الفصل الحادي عشر
كان المطار مزدحما بالعديد من المسافرين، منهم من يودع أقرباءه وأحباءه ومنهم من يرحب بزواره. ولمحت يارا فتاة ملوحة من بين هذا الحشد المتجمع من الناس فلكزت هيرو بيدها لتنبهه. وما أن رأى الفتاة حتى أمسك يارا من يدها يسحبها متجها نحو الفتاة.
وما كادا يقتربان منها حتى تجهمت قسمات وجه الفتاة الشقراء. إنها هي. إنها كاتيا.
وما إن وصلا حتى ارتمت الفتاة ذات الشعر الأرجواني في حضن هيرو وهي تقول:
-لقد اشتقت إليك.
لم يكن هيرو قد ترك يد يارا بعد لذلك حاولت سحبها دونما فائدة. فقد ازدادت قبضته إحكاما عليها مع تزايد قسماته برودا. أبعد الفتاة الدخيلة عنه وهو يقول بجفاف:
-المعذرة... نحن هنا للعمل.
أحست كاتيا بالغضب يعتريها. كيف يجرؤ على رفضها؟ من يظن نفسه؟
وهنا تقدم رجل بدا في الأربعين من العمر وقال محييا:
-أهلا بكما، لقد كنا بانتظاركما.
فقالت كاتيا حينها بجفاف حاولت أن يكون مماثلا لجفاف هيرو:
-أقدم لكما مدير أعمالي.
فابتسمت يارا وانحنت محيية، ثم قالت:
-أهلا سيدي. أنا ميراندا وهذا سام، وسنؤمن حراسة الآنسة بكل ما لدينا من جهد.
فتدخل هيرو بقوله:
-لقد انطلق فريقنا منذ وصولنا لتحصين الفندق الذي تنزل به كاتيا حاليا.
أومأ الرجل برأسه إيجابا وسار مصطحبا كلا من يارا وهيرو إلى خارج المطار ليستقلوا بعدها سيارتان مختلفتان. سيارة هيرو والسيارة الخاصة بكاتيا.
كالعادة داخل السيارة الأولى كان الصمت سيد الموقف، ولكن يارا أحست بأن هناك شيئا ما بصدد الحدوث بينهما، فحاولت تلطيف الجو بأن قالت:
-أنت تجيد التنكر حقا. فلم يتمكن ذلك المدير من اكتشاف هويتك.
لكنها أخطأت باعتقادها، فقد نظر إليها بجفاف وبرود وأجابها سخرية قاتلة:
-هو لن يحاول الاستعلام عني ما دامت كاتيا تثق بي.
اصطنعت الابتسامة لتخفي ارتباكها، لكن نظراته الساخرة أكدت لها أنه اكتشف اصطناعها. فوجهت نظرها إلى خارج السيارة محاولة بذلك تجنب سخريته المستفزة.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------



-إذن؟


التفتت هاناي إلى صاحب القول فرأت على شفتيه ابتسامة مرحة فقالت بملل:
-لقد كان يومي مملا.
فقال الشاب الأشقر بسخرية مصطنعة:
-حقا؟.... ألم تستمتعي بالتسوق؟
تنهدت بملل عميق فقال محاولا إبعاد الحزن عنها، فهو يعلم مدى اشتياقها لرؤية أخته:
-لا بأس....... ما رأيك بدعوة على العشاء؟
نظرت له باستغراب وتعجب وقالت:
-أتعني ما تقول؟
-بالطبع.
ثم لم يلبث أن سلك طريقا جانبية بسيارته ليعود إلى قلب المدينة حيث أفخر المطاعم وأضخمها. وتوقف أمام مطعم la rose الذي اشتهر بأكلات السوشي اللذيذة. فهو أحد أشهر المطاعم اليابانية (ملاحضة: هذا المطعم موجود بالفعل في فرنسا).
فقال جاك بصوت لطيف ممزوج ببعض السخرية:
-هل يعجبك هذا المطعم؟... أم أنك تريدين الذهاب إلى مكان آخر.
لم يسمع جوابها لأنها غادرت السيارة قبل فوات الأوان. فقد كانت تخشى أن يغير رأيه. ابتسم لموقفها وأسرع للحاقها متجاوزا الباب الكبير المؤدي إلى داخل الفندق.
اختارا إحدى الطاولات المخصصة لرجال الأعمال والزبائن المهمين لهذا المطعم. فهما يرتادانه دائما كونه مطعم العائلة المفضل كما أن جميع صفقات الشركة تعقد فيه.
ابتسم النادل محييا وقدم لهما قائمة الطلبات لكنهما قاما باختيار ما يريدانه دون حتى النظر إليها. فأومأ الشاب وغادر ليحضر طلباتهما والابتسامة لم ترافقه.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-آآآآآآآآآآآه.... إن الحياة مريحة حقا من دون ذلك الهيرو.
قالت سيما هذا ورمت جسدها بقوة على السرير ثم وجهت نظرها نحو ابنة عمها التي كانت مستغرقة في العمل على حاسوبها. فواصلت بسخرية:
-ألم تشتاقي إليه؟
فأجابت لورا وعيناها لم تفارقا شاشة الحاسوب:
-ليس كثيرا. كما أنه مع يارا، فلا خوف عليه.
فأردفت سيما والسخرية لم تفارق صوتها:
-أنا لم أكن أقصد هيرو.
وأخيرا رفعت لورا عينيها عن الحاسوب ونظرت لصديقتها مستغربة، ثم لم تلبث أن تغيرت نظرتها إلى الحزن وقالت:
-هو لا يهتم لأمري. فلم أهتم له؟

لاحظت سيما حزن صديقتها فقالت محاولة تدارك فعلتها:
-أنت لم تبعد عينيك عن الحاسوب. ما الذي تفعلينه بالضبط؟
فهمت لورا فعل صديقتها فقالت وهي تعيد نظرها إلى الشاشة:
-لقد أنهت هاناي مخطط العمل لمهمتنا القادمة وطلبت مني مراجعته.
-تلك الفتاة رائعة حقا. ومجتهدة أيضا.
-صحيح...
ثم تحولت نبرتها إلى الحزن والندم وهي تضيف:
-لقد أخطأت في حقها كثيرا.
فابتسمت سيما بحنان محاولة إزالة بعض الضيق عن صديقتها.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
نزلت من السيارة فتاة ذات شعر وردي طويل يصل إلى وسط ظهرها يرافقها شاب بني الشعر يصل إلى كتفه، فقالت مشيرة:
-ها قد وصلت سيارة كاتيا.
التفت الشاب إلى حيث توقفت سيارة سوداء طويلة نزلت منها كاتيا. فقالت وهي تدخل الفندق:
-يمكننا التناقش في أمور العمل فيما بعد. فأنا الآن متعبة.
عقد الشاب حاجبيه محتجا لكنها تجاهلته مواصلة طريقها، فقد رغبت برد الصاع له صاعين.
فقالت الفتاة التي ترافقه:
-هيرو؟ هل هي دائما هكذا؟
نظر لها لفترة قصيرة من الوقت بعينين خاليتين من التعابير ثم قال وهو يدخل الفندق:
-هيا علينا أن نرتاح أيضا.
فتبعته متذمرة بصمت.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
دخلت الفتاة إلى غرفة شاسعة جميلة، فابتسمت برقة وتوجهت نحو السرير بعد أن أغلقت الباب، ثم خلعت شعرها المستعار ذو اللون الوردي. وأخذت حماما ساخنا لتهدئ من توترها. فبقاؤها مع هيرو ليوم كامل يعتبر كارثة بالنسبة لها. وفي الغرفة المجاورة لغرفتها استلقى شاب على السرير بعدما خلع بدوره شعره المستعار ونظر إلى سقف غرفته بشرود. وظل يفكر طول الوقت بسر ردة فعلها. لكنه هز رأسه محاولا إبعاد كل فكرة مزعجة عن رأسه.
نهاية الفصل الحادي عشر
__________________
...
لا استطيع الرد على الدعوات فلا تحرجوني ارجوكم..
رد مع اقتباس