عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 09-19-2013, 07:04 PM
 
الفصل الرابع والعشرين


ضغطت زر القبول... ووضعت السماعة على أذنها لتسمع صوته يقول باختصار شديد: يجب أن نتحدث.
استغربت طريقة كلامه فقالت متسائلة: هل هناك خطب ما؟؟
تنهد بهدوء وأجاب: فلنتقابل عند الشاطئ على الساعة الخامسة... فحسب علمي لديك موعد مهم على الرابعة.
شهقت دهشة... لكنها تمالكت نفسها وقالت بهدوء... يخفي اضطرابها: لا بأس... سأكون هناك.
أنهت الاتصال بهذه الجملة... لتغرق إثر ذلك في بحر مليء بالتساؤلات الحائرة والتي لم تستطع العثور على إجابات لها.
..
..
جلست سيما على سريرها دون أن تشعر بالنعاس... كان هذا حالها منذ ذلك اليوم... اليوم الذي تمنت لو أنه لم يكن...
يوم أخبرت هيرو الحقيقة... أجل... أخبرته أن يارا على علم بمرضه... مع أنها أكثر شخص يعلم كم يحز في نفس أخيها أن تشفق عليه الفتاة التي يحب...
كيف لا وقد رأت ما عاناه خلال أربع سنوات دون رؤيته لها... لئن لم يُظهر ذلك علنا... إلا أنها اكتشفت مدى تألمه عند رؤيتها لصورة يارا في درج مكتبه...
تنهدت بألم عميق ممزوج ببعض الندم وأخذت تستعيد شريط ذكرياتها.
..
..
وقفت فتاة شقراء –بدت في الثالثة عشر من عمرها- مواحهة لفتاة -في ذات سنها- ذات شعر بني...
قالت الفتاة الشقراء متسائلة: هل من خطب؟؟
فتلقت نظرات مرتبكة... ثم ما لبثت الفتاة الثانية أن قالت بصوت مرتجف: يارا؟؟ هل لي أن أطلب منك خدمة؟؟
هزت يارا حاجبها استغرابا... لكنها قالت بعد أن أطلقت تنهيدة صغيرة: لا بأس سيما... تفضلي...
ترددت سيما بعض الشيء... إلا أنها ما لبثت أن قالت بسرعة –كأنها تخشى أن تهرب الكلمات منها-: أرجوك لا تفوزي...
تجمدت يارا مكانها لدى سماعها طلب سيما... واتسعت عيناها دهشة... فهزت رأسها بعدم استيعاب...
فأردفت سيما في محاولة لإقناعها: لم أكن لأطلب منك التخلي عن اللقب... لولا...
صمتت لبرهة... ثم واصلت بعدما أحست أن يارا تشجعها: إلا أنني أخشى على هيرو...
ازدردت ريقها بصعوبة... لكنها صممت على إطلاعها بكل شيء... فأضافت: إنه مريض...
لم تستوعب يارا شيئا –أو بالأحرى لم تكن تريد أن تستوعب-... فنظرت إلى سيما بغباء وقالت: ماذا تقصدين؟؟


تنهدت سيما ثم قالت بهدوء: لقد اكتشف أن لديه شريانا مسدودا في قلبه...

شهقت يارا لا شعوريا من هول الصدمة، ونزلت الدموع من عينيها دون أن تقدر على منعها... وانهارت على الأرض باكية بصمت... فاقتربت منها سيما... واحتضنتها بلطف وهي لا تزال مستغربة ما حدث أمامها...
..
..
استلقت على سريرها... ونظرت إلى سقف غرفتها متمتمة: أعلم أنك تحبينه... فأرجوك ساعديه...
..
..
جاء الغد... باذلا جهده ليبعث نور الأمر في القلوب التي اكتساها الظلام... محاولا بذلك حفر أحلام جديدة ومحو أحزان قديمة...
تسللت أشعة الشمس إلى غرفة ذلك الصبي... لتدغدغ جفنيه... فيفتحهما بتثاقل...
نظر إلى المنبه الموضوع على الطاولة الصغيرة القريبة من فراشه...
لم تمض ثوان حتى قفز عن سريره ليقول بحدة: لقد تأخرت...
ثم أسرع نحو الباب المؤدي إلى الحمام... لكنه توقف فجأة... ليظهر الغباء جليا على وجهه...
تنهد بملل... واستدار ليعود إلى سريره... ويلقي بجسده عليه ويقول: هذا اليوم عطلة...
عاد ليغط في النوم... لكنه استيقظ فجأة على صوت تحطم شيء ما...
فنهض بسرعة ليكتشف الأمر...
فتح باب غرفته، ليرى أخته تقول معتذرة لإحدى الخادمات: أنا آسفة... فقد كنت على عجلة...
ففوجئت بصوت موري يقول بحدة: أنت على عجلة... وأنا أريد أن أنام...
نظرت إليه بغباء... ثم ابتسمت بارتباك وهي تقول: علي الذهاب...
وأسرعت تنزل الدرج وهي تفكر: يجب أن أرى يارا... يجب أن أجعلها تغيير رأيها... لا يمكنها أن تقابل المدعو وولف... ربما سيؤذيها...
..
..
رن الهاتف طاردا الصمت من تلك الغرفة... فضغط جاك على زر القبول... ثم قال بصوت ناعس: ما الأمر؟؟
قطبت سيما بغضب مصطنع وقالت: ألا يوجد... صباح الخير؟؟
تنهد بملل وأجاب: صباح الخير... ما الأمر؟ضحكت سيما قليلا... ثم قالت: نحن في طريقنا إلى المنظمة...
قفز عن سريره وقال بحد: ماذا؟؟
رفعت سيما حاجبها استغرابا وقالت: لقد انتهت مدة الإجازة... أم أنك نسيت؟؟
ازدرد جاك ريقه بصعوبة... وقال: سآتي حالا...
ثم أغلق الخط ليسرع ويجهز نفسه للمغادرة.
..
..
نزلت يارا الدرج مسرعة لتغادر المنزل... دون حتى أن تلقي التحية على والديها...
استقلت سيارتها دون انتظار جاك... فهي قد نسيت أن توقظه حتى...
..
..
في قصر الرئيس... نزلت لورا الدرج... –والتي كما يبدو قد قضت الليلة هناك-... وهي مقطبة... وتقول في نفسها: كيف يجرؤان على تركي هنا... لقد رحلا من دوني... الأحمقان... لن أستغرب إذا عرفت أنها فكرة هيرو...
أعلمتها الخادمة بوجود شخص ما بانتظار السيد هيرو... فهزت كتفيها بلا مبالاة وهي تقول: سأهتم بأمره... فهيرو غير موجود...
أومأت الخادمة.. ثم انحت احتراما... لتغادر على إثر ذلك متوجهة إلى المطبخ...
فتحت باب القاعة –غرفة انتظار الضيوف- لتلتقي عيناها بعينين أرجوانيتين... فقطبت حاجبيها محتجة... بينما قالت كاتيا وهي تبتسم ساخرة: كنت بانتظار هيرو يا عزيزتي...
فأجابت لورا بسخرية أكبر: أعلم... ولكنه مشغول قليلا... فقد غادر منذ مدة...
رفعت كاتيا حاجبها استغرابا... ثم أردفت: إذن... لم لم تعلمني الخادمة؟؟
فهزت لورا كتفيها يعدم اهتمام وأجابت: هذا لأنها لم تكن على علم بذلك...
ثم واصلت وهي تفتح الباب: من الأفضل أن تغادري... فلا أحد يرغب بوجودك هنا...
وابتسمت بمكر وهي تضيف: أنت ضيفة ثقيلة...
أحست العارضة بالإهانة... فغادرت المنزل وسط النظرات الساخرة للخادمات –اللواتي كن يتنصتن على حديث الفتاتين...
..
..


دخلت يارا إلى مبنى المنظمة... وسارت في الأروقة المتفرعة... لتقف أخيرا أمام باب عملاق...

استعملت بطاقة هويتها لفتحه... ودخلت إلى الوحدة التي تعمل بها... وهي لا تزال تفكر بقلق... بما يمكنه أن يحصل...
..
..
جلس هيرو في إحدى القاعات الواسعة –في المنظمة طبعا-... بدت قاعة للاجتماعات... فتح حاسوبه المحمول... وأخذ يضغط على المفاتيح بسلاسة وسرعة فائقة...
فظهرت على الشاشة الكتابة التالية: ”بطولة الكاراتيه“
ضغط على أحد الأزرار... ليبدأ بتفحص القائمة التي أمامه... قائمة المشاركين في البطولة العالمية...
بحث عن اسمها بينهم... لكنه لم يجدها...
استغرب ذلك...
فبادر بالبحث... إلى أن وجد ما يحتاجه...
(انسحبت اللاعبة ”يارا روسل“ من البطولة... بطريقة مفاجئة... دون ذكر السبب...)
لم يهتم كثيرا لمعرفة السبب... ولكنه استغرب انسحابها...
..
..
صوت طرق على الباب... رافقه دخول فتاة إلى مكتب كيفن وهي تقول بجدية عملية: لقد تم إعداد ملفات المهمة التالية... لم تبق سوى بعض اللمسات الاحترافية من هاناي...
أومأ كيفن برأسه... ثم وضع الأوراق أمامه... وأخذ بتفحصها... ثم قطب بإصرار ليقول بعدها: علينا اكتشاف مقر هذه الوحدة... وإلا سينتهي أمرنا...
رفع عينيه ليواجه شانا وهو يقول: سننطلق الليلة...
هزت شانا رأسها موافقة وغادرت المكتب لتهتم بما تبقى من عملها...
..
..
دخلت هاناي إلى المكتب حيث جلست يارا... لتقول –دون حتى إلقاء التحية-: يارا... لن أسمح لك بالذهاب...
رفعت يارا عينيها... ثم ابتسمت بهدوء... لكن هاناي واصلت: لا أثق بهذا الأمر... قد يؤذيك...
لم تنطق يارا فواصلت صديقتها: أرجوك...
تنهدت الفتاة الشقراء بهدوء وقالت: لن يمنعني شيء... سأفعل ما بوسعي لحمايته..
؟فأردفت هاناي بحدة قائلة: وكأنه يهتم لأمرك...
ظهر الألم في عيني يارا... ولكنها ابتسمت برقة وهي تقول: هذا لا يهمني... المهم أن يكون بخير...
تنهدت هاناي وهي تنظر لصديقتها... دون القدرة على قول شيء ما... فهي أكثر من يعرف كم هي عنيدة...
..
..
ركن جاك سيارته في المرآب... ونزل منها ليلاحظ وجود سيما بانتظاره...
اقترب منها... وقد رسم ابتسامة هادئة على شفتيه... ثم قال وهو يقف أمامها: أكنت بانتظاري...
نظرت إليه بهدوء... ثم ابتسمت... لكنها لم تتمكن من منع دموعها...
استغرب ردة فعلها... فقال بقلق ظاهر: هل أنت بخير؟.. هل...؟؟؟
هزت رأسها إيجابا ثم قالت وهي تحس بغصة في حلقها: لا عليك...
ثم واصلت وهي تبتعد: هيا لقد تأخرنا...
ولم تكد تخطو خطوتين... حتى أحست بيد جاك تمسك ذراعها بقوة... فالتفتت نحوه لتقابل نظراته الباردة –التي ما لبثت أن اختفت... لتحل مكانها نظرات حانية-...
اتسعت عيناها دهشة... وهي تراه يحتضنها بحنان... فلم تقدر إلا على الاستسلام تماما...
فأخذ جاك يتلاعب بخصلات شعرها البني وهو يقول: أنا لم أنه كلامي ليلة الأمس...
شهقت لا شعوريا... فواصل جاك وهو يبتسم: أنا أحبك كثيرا...
لم تصدق ما سمعته أذناها... لكنها لم ترغب بأن تصدق شيئا... المهم أنه نطقها... حتى وإن كان ما تعيشه حلما...
..
..
على الساعة الرابعة... خرجت يارا من المنظمة... لتتوجه نحو المكان المحدد للقاء... ولم تعلم أن هيرو كان يراقبها...
ركنت سيارتها في مرآب أحد الفنادق... ونزلت لتسير نحو أحد المطاعم القريبة...
أخذت تبحث بعينيها... إلى أن وقع نظرها على شاب ذو شعر أحمر طويل...
تقدمت باتجاهه... ثم قالت ببرود وهي تقف أمامه: مرحبا...
رفع عينيه باتجاهها... ثم قال وهو يبتسم بسخرية: أهلا...
ابتسمت بدورها... ثم جلست قبالته... فقال: ماذا أطلب لك؟؟
نظرت نحوه بسخرية ثم أردفت: لا شيء..


وعندما قدم النادل لمعرفة طلباتهما... أعلماه بأنهما يحتاجان لبعض الوقت للتفكير... فغادر مبتسما...

ما إن اختفى النادل... حتى ظهرت الجدية على ملامح وولف وهو يقول: لن أماطل... سأدخل في الموضوع مباشرة...
أحست يارا بقلبها يدق كالطبول... مع كل كلمة يقولها... لكنه واصل متجاهلا ارتباكها: أظنك تعلمين مبدئيا... أن ليس بإمكانك رفض طلباتي...
ثم واصل بمكر: أو بالأحرى أوامري... فلن يمنعني شيء من اغتيال هيرو... فحرسه لا يساوون شيئا أمامي... أو حتى هو...


نهاية الفصل

__________________
...
لا استطيع الرد على الدعوات فلا تحرجوني ارجوكم..
رد مع اقتباس